ماذا في جلسة 31/7/2025 التشريعية؟ عناوين إصلاحيّة لترميم النظام السائد

المرصد البرلماني

30/07/2025

انشر المقال

 دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة تشريعية يوم الخميس في 31/7/2025، وذلك لمناقشة 5 مقترحات على جدول الأعمال.  وعليه، ستكون هذه الجلسة هي الثانية في العقد التشريعي الاستثنائي الذي دعا إليه رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة.

على رأس جدول الأعمال مقترحان "إصلاحيان" فائقا الأهمّية هما اقتراح قانون تنظيم القضاء العدلي وإصلاح أوضاع المصارف وتنظيمها. وبالتدقيق بجدول الأعمال وطريقة الدعوة للجلسة، يتبيّن أنّ المجلس النيابي قد تحرّك بشكل سريع ومفاجئ لإقرار قانونيْن إصلاحييْن مطلوبيْن دوليا، ما يعكس حركة سياسية وضغوطات معيّنة فرضت على إدارة المجلس ذلك، تماما كما حصل في استعجال إقرار وإصدار قانون رفع السرية المصرفية. فاقتراح استقلالية السلطة القضائية بدأ نقاشه في المجلس النيابي منذ العام 2018، ومشروع إصلاح أوضاع المصارف وتنظيمها الذي أُرسل إلى لجنة المال والموازنة في نيسان الماضي وعُلّقت مناقشته قرابة شهر بين 18 حزيران و10 تموز قبل أن يعود إلى الواجهة بسرعة ويُقر في اللجنة في تاريخ 28/7/2025 في جلسة استمرّت لأكثر من 6 ساعات عكست الاستعجال في إقراره.

إلى ذلك، يتضمّن جدول الأعمال اقتراحات قوانين بقيت عالقة من الجلسة السابقة بعد أن فُقد نصابها. الأول، اقتراح قانون مقدّم من النائب جورج عدوان لتعديل قانون الإيجارات غير السكنية الذي ما برح أن صدر في 12 حزيران الماضي، مع ما يعكس ذلك من تذبذب تشريعي. والثاني، اقتراح لمنح مديري المدارس الرسمية ما يسمّى تعويض إدارة. والثالث يتعلّق بإجازة عرض إعلانات لمستحضرات طبية.

وفي إطار رصده لأعمال البرلمان، يقدّم المرصد البرلماني في "المفكرة القانونية" تعليقاته حول بنود جدول الأعمال المُفترض مناقشتها خلال الجلسة، مرفقة بنسخة عنها لتمكين الرأي العام من الاطّلاع والتّعليق عليها. كما سيحيل القرّاء إلى تغطيات منفصلة نشرها حول أبرز المقترحات المتعلّقة بهذه الجلسة.

لكن قبل عرض الجدول والتعليقات عليه، لا بدّ من إيراد فقرة حول طريقة وضع جدول الأعمال.

توزيع جدول أعمال مكثّف قبل ساعات من الجلسة

دعا رئيس المجلس النيابي للجلسة ظهر يوم الثلاثاء، ووُزّع جدول الأعمال على النواب بعد ظهر اليوم نفسه، أي قبل حوالي 42 ساعة من موعد الجلسة يوم الخميس.

وعلى الرغم من أنّ الدعوة لا تشكّل مخالفة للنظام الداخلي لمجلس النواب (المادة 8 منه) الذي يفرض نشر جدول الأعمال وتبليغه إلى النواب مع نسخة عن المقترحات قبل 24 ساعة على الأقل من موعد الجلسة، إلّا أنّ هذه الممارسة بتبليغ جدول أعمال دسم قبل حوالي 42 ساعة تؤدّي عمليّا إلى تعطيل قدرة النواب في دراسة جدول الأعمال بشكل وافٍ يمكّنهم من مناقشة بنوده وإبداء الرأي الوافي فيه وتاليا كيفية التصويت عليه. ومؤدّى ذلك أيضا هو إبعاد النوّاب الذين لم يشتركوا في تقديم الاقتراح أو لديهم معرفة مسبقة فيه أو درسوه في اللجان عن النقاش وحصره بفئة صغيرة من النواب، بينما يلعب الباقون دور المتفرّج، نظرا لحجم المشروعيْن وكثافتهما وأهمّيتهما.

وما يزيد من قابلية ذلك للانتقاد هو ما تسرّب عن نية رئيس المجلس النيابي التصويت على مقترحي القضاء والمصارف بمادة وحيدة، أي من دون الدخول بنقاش النصوص مادّة مادّة وتاليا تضييق إمكانية إدخال أي تعديل على أي مادّة من مواد المقترحيْن.

للاطلاع على ملاحظاتنا على البنود المدرجة على جدول أعمال الجلسة:

البند 1: تعديل قانون الإيجارات غير السكنية

على جدول أعمال الهيئة العامة، اقتراح القانون الرامي إلى تعديل بعض أحكام القانون رقم 11 الصادر في تاريخ 12/6/2025 (الإيجارات غير السكنية).

وقد تقدّم بالاقتراح النائب جورج عدوان في تاريخ 23/6/2025، باعتبار أن واقع الإيجارات غير السكنيّة يتطلب وضع قانون يراعي ويوازن بين حقوق ومصالح طرفيْ العقود. وفي معرض تبرير اقتراح تعديل قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية، تبرز الأسباب الموجبة مجموعة من الاعتبارات التي تستدعي تعديلات، هي التالية:

أولًا، ينطلق الاقتراح من أن قوانين الإيجارات غير السكنية، لا سيّما تلك التي تنظّم العقود المبرمة قبل 23 تموز 1992، كانت ولا تزال حلولًا استثنائية ومؤقتة، ريثما يصدر قانون جديد يُعيد التوازن إلى العلاقة التعاقدية على غرار ما جرى في الإيجارات السكنية (قانون 2014 والمعدل في 2017). فالاختلال الواضح في هذه العقود القديمة يمسّ شريحة واسعة من المتعاقدين، ويستوجب تصحيحًا تدريجيًا قبل الانتقال الكامل إلى حرية التعاقد.

ثانيًا، يشدّد الاقتراح على أن الطبيعة القانونية لعقود إيجار الأماكن غير السكنية، بخاصة تلك المرتبطة بالمؤسسات التجارية أو بأشخاص القانون العام، تستوجب مقاربة قانونية مغايرة لما هو معتمد في الإيجارات السكنيّة، نظرًا لما لها من تبعاتٍ مباشرة على النشاط الاقتصادي وعلى استمرارية الإدارات العامة والخدمات العامة. وبالتالي، رفع الاقتراح المدة الزمنية لتحرير العقود من أربع إلى خمس سنوات على الأقل، تبعًا لنوع العقد وتاريخه. كما لحظ مدّة أطول للعقود المرتبطة بالمؤسسات التجارية (ستّ أو سبع سنوات) طبقا للسنوات التي تمّ فيها التفرّغ عن المؤسسة التجارية أو إبرام العقد المتعلّق بها، وخصّص مدة أقصاها ثماني سنوات لتحرير العقود المرتبطة بأشخاص القانون العامّ والمؤسسات المرتبطة بمهنة حرّة منظّمة.

ثالثًا، يلفت الاقتراح إلى أنه يسعى لتحقيق توازن عادل بين الطرفين، إذ خفّض بدل المثل من 8% إلى 5% ويراعي بدل المثل المعتمد في الإيجارات السكنية (4%).

وفي حين يستدعي هذا الاقتراح ملاحظات عدة تم نشرها على حدة، تجدر الإشارة إلى أنّ المجلس الدستوري ردّ الطعن المقدّم لإبطال هذا القانون بموجب القرار رقم 15 بتاريخ 22 تموز 2025 مع الاكتفاء بإبطال فقرة وحيدة بسبب عدم وضوحها تتعلق بالتعويض الذي يستحق للمستأجر كونها لا تميّز بين الذين يستفيدون من تمديد عقد الإيجار لأربع سنوات وأولئك الذين سيتمّ تمديد عقودهم لسنتين فقط. وإذ لم يُعالج نصّ الاقتراح هذا الفراغ الذي تركه إبطال المجلس الدستوري لهذه الفقرة، يُتوقّع أن تُثار هذه النقطة خلال الجلسة مع إمكانية إضافة تعديل بخصوصها في الاصتراح الذي سيُناقش.

للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل على الاقتراح:

الإيجارات غير السكنية مجددًا أمام الهيئة العامة: اقتراح تعديل قانون عالق أمام المجلس الدستوري 

للاطّلاع على اقتراح القانون

اقتراح قانون تعديل الإيجارات غير السكنية

البند 2: إتاحة إمكانية الإعلان لدى الصيدليات لبعض المنتجات

على جدول أعمال الهيئة العامة، اقتراح قانون مقدّم من النائب أديب عبد المسيح بتاريخ 6/5/2025 يرمي إلى تعديل الفقرة ب من المادة 37 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة (367/1994) بما يتيح الإعلام والإعلان التجاري عن الأعشاب الطبية وغيرها من المستحضرات التي لها صفة علاجية، وذلك بعدما كان القانون يحظر الإعلان عنها. ويشترط الاقتراح قبل الإعلان وجوب الاستحصال على موافقة مسبقة من الوكالة الوطنية للدواء عند تشكيلها، على أن تُعطى مؤقتا قبل تشكيل الهيئة من مصلحة الصيدلة في وزارة الصحة.

تبرر الأسباب الموجبة تقديمه بأن "الإعلان التجاري بهدف الترويج للمتممات الغذائية وحليب الرضع والأدوية التي يجوز بيعها من الصيدليات بدون وصفة طبية لا يشكل أي خطر على صحة المواطن بل إن المادة 36 من قانون البث التلفزيوني والأذاعي قد وضعت ضوابط للإعلانات تمنع الخداع وإلحاق الضرّر والإساءة للأخلاق العامة قد لا تتوفر في الإعلانات القادمة من خارج الحدود". وتشرح الأسباب أن "وسائل الإعلام قد شهدت تطوراً كبيراً، بحيث تجاوز البث الفضائي حدود الدّول وأصبح عالمياً. وبالتالي "أصبحت القوانين المحليّة خاصة المتعلّقة بمسائل حظر بعض الإعلانات لا يمكن تطبيقها خارج حدود لبنان، وبالمقابل لا يمكن حجب الإعلانات التي تُبث على قنوات فضائية أجنبية". وبالتالي فإن "الإعلان عن بعض الأدوية والمستحضرات الطبية لا سيما تلك المنصوص عنها في الاقتراح المرفق قد أصبح مباحًا في غالبية دول العالم وبالتالي يصل إلى المواطن اللبناني عبر المحطات الأجنبية والعربية".

نشير إلى أنه بتاريخ 19/6/2025، وبعد الاطلاع على أسبابه الموجبة والاستماع إلى رأي رئيس لجنة الصحة النيابية حوله، أقرّت اللجان النيابية المشتركة الاقتراح معدلاً، مُحدّدة في الفقرة ب من المادة 37 بالنسبة لحليب الأطفال أن يكون ل "فوق عمر السنة"، مع إضافتها للمادة المتعلّقة بوجوب الاستحصال على موافقة مسبقة قبل نشر الإعلان، وأن يتوافق الأخير مع القواعد الأخلاقية لترويج الإعلانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية مع تضمينه عبارة "يباع فقط في الصيدليات" باللغة العربية وبلغة الإعلان". 

البند 3: اقتراح منح مديري المدارس تعويض إدارة

على جدول أعمال الهيئة العامة، اقتراح قانون وقّعه 9 نواب منذ أيلول 2023 وذلك بغاية منح مديري المدارس الرسمية تعويض إدارة، وقد أقرّ في لجنتيْ التربية والإدارة والعدل، حيث أضافت الأخيرة ما مفاده أنّ هذه التعديلات تسري إلى حين إقرار سلسلة رتب ورواتب جديدة. بنتيجة هذا الاقتراح، سيُمنح المديرون المعيّنون وفق الأصول تعويض إدارة قيمته 20% من الراتب ومضاعفاته والتعويضات المؤقتة وتعويضات المثابرة، بعدما كان يحصل على نسبة من أساس الراتب لم تعد تعادل أكثر من 5 دولارات.

وعليه، يأتي هذا الاقتراح كأسلافه التي أقرّت في الجلسة السابقة المتعلّقة بقطاعات مختلفة كالقضاة والعسكريين، حيث تُعالج مشاكل القطاع العام بمنح ومساعدات "بالمفرّق" بدل أن تُعالج بشكل شامل عبر سلسلة رتب ورواتب جديدة.

للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني حول اقتراحات تتعلّق بقطاعات معينة في القطاع العام ضمن السياق نفسه:

منح أميريّة للقضاة وأساتذة الجامعة والعسكر: ترقيع أم تسهيل لمواصلة هضم الحقوق؟

للاطّلاع على اقتراح القانون:

تعديل بعض أحكام القانون رقم 73 تاريخ 23/9/2009 وتعديلاته (تحديد شروط إعطاء مديري المدارس الرسمية تعويض إدارة)

البند 4: استقلالية القضاء العدلي

من أبرز بنود جدول أعمال الجلسة التشريعية، مشروع قانون تنظيم القضاء العدلي، أو ما يُعرف بقانون استقلالية القضاء العدلي. وإذ بدأت رحلة المقترح عن طريق اقتراح قانون أعدّته المفكّرة القانونية وقُدّم إلى المجلس النيابي في العام 2018، بقي الموضوع رهن المراوحة في المجلس النيابي وخارجه طيلة السنوات الماضية، حتّى أتى مشروع القانون الذي وضعته الحكومة في أيار 2025 ليُعيد الزخم إلى القضية. وعليه، طالب ائتلاف استقلال القضاء لجنة الإدارة والعدل بتطوير مشروع الحكومة وملء بعض الثغرات فيه لتمكين القانون العتيد من تحقيق الغاية منه. وبعد شهرين من درسه من قبل هذه اللجنة، سجّل ائتلاف استقلال القضاء تراجعًا من اللجنة في أكثر من مضمار، على نحو زاد من هناته وثغراته وجعله أكثر بعدًا عن تحقيق استقلالية القضاء أو ضمان حسن سير المرفق العام.

وقد نشر ائتلاف استقلال القضاء بيانا فنّد فيه الثغرات في المقترح الذي سيُدرس وعمليًّا لإعادة وضع قطار الإصلاح على السكّة قبل بلوغه محطّته الأخيرة، وهي الملاحظات التي نتبنّاها بشكل كامل وهي:

1. انتهى الاقتراح إلى زيادة عدد القضاة الحكميين المعيّنين من الحكومة من 3 إلى 4 مقابل تخفيض عدد القضاة المنتخبين من 5 إلى 4، على أن يكون للقضاة الحكميين والمنتخبين انتخاب عضوين إضافيين بالأكثرية المطلقة وإلّا النسبية، كلّ ذلك بحجّة صون التوازن الوطني (الطائفية). في السياق نفسه، جرّد الاقتراح المستشارين لدى محكمة التمييز ومحاكم الاستئناف من حق الترشح خلافًا لمبدأ المساواة. ومن شأن كلّ ذلك أن يضعف استقلالية مجلس القضاء الأعلى وصفته التمثيلية.

تصحيحًا لذلك، يتوجّب زيادة عدد أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنتخبين إلى 6 بحيث يصبح المجلس مكوّنًا على الشكل الآتي: 4 حكميّين يعيّنون من الحكومة بناء على قوائم مرشحين من مجلس القضاء الأعلى + 6 منتخبين على أساس 2 عن كل درجة وعلى أن يكون لمستشاري الغرف التمييزية والاستئنافية الترشّح أسوة برؤسائها + 2 يعيّنهم المنتخبون والحكميون،

2. أعلنت اللجنة مجدّدًا مبدأ عدم جواز نقل القاضي من دون رضاه مع تجريده من مفاعيله، من خلال حصر العمل به خارج التشكيلات القضائية. ومن شأن ذلك أن يمسّ بإحدى أهم ركائز استقلالية القضاء.

تصحيحًا لذلك، يتوجّب التأكيد على مبدأ عدم جواز نقل القاضي ينطبق من باب أولى على التشكيلات القضائية، طالما أنّها هي الأداة التي ينقل فيها القاضي عادة من مركز إلى آخر.

3. وضعت اللجنة مجدّدًا مجموعة من الشروط للترشّح إلى أيّ منصب قضائي. إلّا أنّه عند مراجعة الشروط، يتبيّن أنّها بكلّ معنى الكلمة شروط تعجيزية لا تنطبق في أغلب الحالات على أي قاضٍ، ممّا يجرّد آليّة الترشّح والتنافس من أيّ فعالية. ويتفاقم هذا الوضع من خلال تمكين مجلس القضاء الأعلى من التحرّر من كلّ هذه الشروط في حال عدم وجود عدد مرشّحين كاف.

تصحيحًا لذلك، يتوجّب إرساء آليات ترشيح فعلية وصولًا إلى إجراء التعيينات بصورة شفافة وعلى أساس الكفاءة والاختصاص،

4. منح الاقتراح مجددًا مجلس القضاء الأعلى إمكانية حسم الخلاف بينه وبين وزير العدل بشأن مشروع التشكيلات القضائية. إلّا أنّه ورغم زيادة عدد القضاة المعيّنين تخفيض عدد القضاة المنتخبين، فإنّه اشترط من أجل ذلك اتخاذ قرار الحسم بأكثرية 7 من أعضاء المجلس، وهي غالبية يبدو من العسير بلوغها في ظلّ التركيبة الحالية للمجلس.

تصحيحًا لذلك، يتوجّب التأكيد على إمكانية حسم الخلاف بين مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل بشأن التشكيلات القضائية بأكثرية أعضاء المجلس. 

5. عمد الاقتراح إلى تعقيد إجراءات الدخول إلى معهد الدروس القضائية من خلال فرض خضوع المرشح لثلاث مباريات قبل بدء تدرّجه في المعهد، مع منح جهات عدة إمكانية استبعاده في كلّ منها من دون تبرير. من شأن ذلك أن يطيل أمد الدخول إلى القضاء من 3 إلى 4 سنوات على الأقلّ وأن يزيد من إمكانية المسّ بمبدأ المساواة في تولّي الوظيفة العامّة لأسباب غير موضوعية، خلافًا للمادة 12 من الدستور.  

تصحيحًا لذلك، يتوجّب إلغاء إلزاميّة السنة التحضيرية لدخول معهد الدروس القضائية وحصر إمكانية استبعاد المرشحين على أساس معايير موضوعية.

6. حصر الاقتراح الطعن بالقرارات التأديبية الصادرة عن المجلس التأديبي المعيّن من مجلس القضاء الأعلى بالهيئة العليا للتأديب المكوّنة هي الأخرى من أعضاء مجلس القضاء الأعلى، على نحو يحرم القضاة من إمكانية استئناف القرارات أمام مرجع مغاير عن المرجع الذي أصدر الحكم الابتدائي وتاليًا من إمكانية ممارسة حقهم في التقاضي أمام القاضي الطبيعي، على نحو يخالف الدستور عملًا بقرار المجلس الدستوري رقم 5/2000 تاريخ 27/06/2000.

تصحيحًا لذلك، يتوجّب التأكيد على حق القضاة في الطعن في القرارات التأديبية الصادرة في حقهم أمام القاضي الطبيعي أيّ مجلس شورى الدولة.

7. جرّد الاقتراح هيئة التفتيش القضائي من أهمّ صلاحياتها وهي التفتيش على المحاكم، ليحصر عملها في الملاحقات التأديبيّة والمسلكيّة. كما أعاد التنصيص على خضوعها لإشراف وزارة العدل.

تصحيحًا لذلك، يتوجّب التأكيد على صلاحيات هيئة التفتيش واستقلاليّتها، والعمل على تفعيل دورها في الرقابة والإشراف على المرفق القضائي برمّته.

8. أنشأ الاقتراح هيئة جديدة هي هيئة التقييم القضائي وقد أناط بها مهمّة تقييم المحاكم وتقييم القضاة الأفراد. ورغم أنّه نصّ على وجوب عملها تحت إشراف مجلس القضاء الأعلى، فإنّ جميع أعضائها يعيّنون بمرسومٍ يصدر من الحكومة، مع حصر دور مجلس القضاء الأعلى بإبداء الرأي من دون أيّ سلطة تقريرية. وما يفاقم من ذلك هو أنّ الاقتراح لا ينص على حقّ القضاة في الطعن أمام القاضي الطبيعي في نتائج تقييمهم.

تصحيحًا لذلك، يتوجّب حصر مهام هيئة التقييم بتقييم أداء القضاة على أن تبقى مهمّة تقييم المحاكم مناطة بهيئة التفتيش القضائي، كما يتوجّب ألّا تتدخّل الحكومة في تعيين أعضائها، وذلك ضمانًا لاستقلالية أعضاء هذه الهيئة عملًا برأي لجنة البندقية. كما يتوجّب منح القضاة حق الطعن في تقييم أدائهم أمام القاضي الطبيعي.

يُضاف إلى ذلك أمرٌ لا يقلّ خطورة وهو منح النائب العام التمييزي. فقد أتاحت الاقتراح للنائب العام التمييزي إضافة إلى صلاحيته بإصدار التعليمات الفردية بتحريك الدعوى العامة وتسييرها، إصدار تعليمات بكف التعقّبات. ويحمل ذلك خطورة كبيرة لجهة منح شخص واحد وهو النائب العام التمييزي هامشاً واسعاً جداً في التحكّم بسير الدعوى العامة، وعمليا في تحصين من يشاء إزاء الملاحقة. وهذا ما تبدّى بوضوح في مناسبات عدّة وأسهم بشكل كبير في حماية منظومة الحصانات والإفلات من العقاب. 

تصحيحا لذلك، يقتضي حصر صلاحية النائب العام التمييزي بإصدار تعليمات فردية متعلّقة بتحريك الدعوى العامة وتسييرها، شرط أنّ تكون هذه التعليمات خطيّة ومعلّلة، بعد شطب العبارة المضافة: "إصدار تعليمات بكفّ التعقبات".

وعليه، يأمل الائتلاف أن تلقى مطالبه أوسع قبول داخل مجلس النوّاب، أملًا في تصحيح مسار القطار قبل محطته الأخيرة، داعين في الوقت نفسه رئيس الجمهورية والمجلس الدستوري إلى ممارسة أدوارهما عند الاقتضاء. وفي مطلق الأحوال، يتعهّد الائتلاف بمواصلة نضاله من أجل إنجاز قوانين استقلالية القضاء العدلي كما الإداري والمالي، ضمانًا لحقّ المجتمع في بناء مؤسّسات ضامنة وحق المواطنين كافة في العدالة والمساواة من دون أي تمييز.

للاطّلاع على كامل بيان ائتلاف استقلال القضاء وملاحظاته على المقترح:

بيان ائتلاف استقلال القضاء بشأن القضاء العدليّ: كي لا ينحرف القطار قبل محطته الأخيرة

للاطّلاع على كامل مقترح تنظيم القضاء العدلي كما عدّلته لجنة الادارة والعدل:

تنظيم القضاء العدلي

البند 5: إصلاح وضع المصارف

من أهمّ البنود على جدول الأعمال، مشروع القانون الذي أعدّته الحكومة لإصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها، وقد أفردنا لهذه الغاية مقالا مفصّلا حوله.

 ومنذ بدء مناقشته في مجلس النواب، برزتْ مؤشّرات مُقلقة على أن طريق إقراره لن تكون معبّدة، وأنّه سيواجه كما العديد من الخطوات الإصلاحية، ممانعةً من قبل قوى وازنة، يخشى أن تنجح في الإطاحة به أو تفريغه من جوهره أو فعاليته، وبخاصة لجهة فعالية أو استقلالية الهيئة المصرفية العليا التي ينتظر أن تنظر في أوضاع المصارف المتعثرة. 

ومن أوّل هذه المؤشرات المقلقة، إعلان حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، المُعيّن من الحكومة نفسها، عن دراسةٍ غير موقّعة حول مشروع القانون تحت عنوان: "دراسة قانونيّة حول استقلالية مصرف لبنان وضرورة المحافظة على تجانس التشريع المصرفي"، ومؤدّاها وجوب التسليم أن الحاكم هو الشخص المحوري الذي يختزل بشخصه استقلالية مصرف لبنان والذي يجدر أن تدور مجمل الهيئات العاملة داخله في فلكه وأن لا تعدو كونها أذرعا له، بمنأى عن أي ضوابط أو توازنات. 

وعليه، نجح الحاكم في استبعاد رئيس لجنة الرقابة على المصارف، بحجة أن عضويته تؤدّي إلى خلق منافس للحاكم داخل مصرف لبنان. كما نجح في استبعاد ثلاثة خبراء كان يفترض أن يعينوا من الحكومة بناء على اقتراحات ثلاثة من وزرائها، بحجة أن من شأن تعيين هؤلاء أن يمس استقلالية الهيئة وتاليا مصرف لبنان. 

وعليه، أدخلت لجنة المال والموازنة تعديلات عدة على مشروع القانون، سنناقشُها أدناه في سياق عرضها. وأهمها الآتية: 

1- إنشاء غرفتين داخل الهيئة المصرفية العليا بدلا عن الغرفة الحالية. وقد تمّ تبرير ذلك أن ثمة حاجة في التمييز في كيفية تكوين الغرفة الناظرة في مخالفات المصارف في الظروف العادية وكيفية تكوين الغرفة التي ستتولى النظر في أوضاع المصارف المتعثرة. 

2- أجرت لجنة المال والموازنة تعديلات واسعة على كيفية تشكيل هذه الهيئة، بالنسبة إلى ما كان تضمنه مشروع القانون. فقد تم استبعاد رئيسة لجنة الرقابة على المصارف بناء على إصرار الحاكم ومنعا لخلق منافسة له داخل هيئات مصرف لبنان. كما استبعدت ثلاثة خبراء كان يفترض أن يتم تعيينهم من قبل الحكومة في الهيئة. وبعد نقاشات مطوّلة، رست اللجنة على تعيين أعضاء الهيئة على النحو الآتي: الحاكم ونائبه الأول، عضوان يتم تعيينهما بناء على اقتراح وزير المالية من ضمن قائمتين ترفعان إليه أولهما تشمل أسماء قضاة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى وثانيهما تشمل أسماء خبراء ترشحهم "الهيئات الاقتصادية"، يضاف إلى ذلك المدير العام لوزارة المالية وممثل عن المؤسسة الوطنية للودائع على أن يكون من أعضاء مجلس إدارة المؤسسة الذين لا يمثلون المصارف التجارية. 

وعليه، نلحظ أن وزارة المالية تحوز حصة الأسد في هذه التركيبة أي أربعة من أصل ستة. فبالإضافة إلى كون مديرها العام عضوا حكميا في الهيئة، فهي التي تحسم اسم القاضي والخبير من ضمن القوائم المقدمة إليها. أما العضو الرابع الذي تتحكم في تعيينه فهو أحد أعضاء مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للودائع: فبالتدقيق في قانون تصديق النظام الأساسي للمؤسسة الوطنية لضمان الودائع (1968)، يتبين بوضوح كلي أن مجمل الأعضاء الذين لا يمثلون المصارف إنما هم أعضاء يعينون بناء على اقتراح وزير الماليّة. وما يزيد من قابلية للانتقاد هو أن الخبير يعين من ضمن أسماء ترفعها الهيئات الاقتصادية. فعدا عن أن هذه الهيئات لا تتمتع بالصفة الرسمية العامة ولا يصح تاليا الإحالة إليها، فإنه من البين أنها تضمّ جمعية المصارف مما يولد تناقضا جسيما للمصالح داخل الهيئة. 

وإذا نظرنا إلى العضوية من المنظار السياسي، فإنه يتبين أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيكون له هامش واسع في التحكم في خمسة من أعضاء الهيئة، بالنظر إلى تمتعه بولاء وزير المالية والنائب الأول للحاكم. 

من هذه الزاوية، يرجح أن تعمل الهيئة تحت السقف السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري.

للاطّلاع حول تعليق المرصد البرلماني على المشروع:

نحو تكريس هيمنة برّي على هيئة إصلاح المصارف؟

للاطّلاع على مشروع القانون كما عدّلته لجنة المال والموازنة:

إصلاح أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها