إعفاء ضحايا المروحية الإيطالية من رسوم الانتقال: تعويضات باهظة للأغنياء ولا شيء للفقراء
24/07/2022
من أهم البنود الواردة على جدول أعمال الجلسة التشريعية المزمع عقدها في 26 تموز 2022، اقتراح قانون معجّل مكرّر يرمي إلى إعفاء ورثة اللبنانيين الذين قضوا في كارثة المروحية الإيطالية من رسوم التقاضي والفراغ والانتقال المقدّم من النواب ندى البستاني وسيمون أبي رميا ونعمة إفرام. وللتذكير، تُوفي صاحبا أعمال لبنانيان في حادثة تحطّم مروحية في مونتي كوسنا في إيطاليا في 11/6/2022، بينما كانا في رحلة عمل. وفي تفاصيل الاقتراح، هو يرمي إلى إعفاء أصول وفروع وإخوة الضحايا من رسوم ونفقات التقاضي والانتقال على جميع حقوق الضحايا وأموالهم المنقولة وغير المنقولة، مع تعليق مفعول أي نصّ مخالف (قانون الرسوم القضائية وقانون رسم الانتقال) لمدّة سنة.
هذا الاقتراح يأتي ليستعيد توجها تشريعيا عند حصول كوارث أو أحداث يذهب ضحيتها عدد من اللبنانيين، وقد تمّ فعلا اعتماد هذا التوجّه في القوانين الآتية:
- القانون 115/2010 الرامي إلى إعفاء ورثة اللبنانيين الذين قضوا في كارثة الطائرة الأثيوبية من رسوم التقاضي ورسوم الفراغ والانتقال.
- القانون 257/2014 الرامي إعفاء تركات شهداء الجيش والأجهزة الأمنية المسلحة من رسوم الإنتقال.
- القانون 66/2016 الرامي إلى إعفاء ورثة اللبنانيين الذي قضوا في كارثة الطائرة الجزائرية من رسوم التقاضي ورسوم الفراغ والانتقال.
- القانون 185/2020 الذي مدّد بعض المهل وأعفى من بعض الضرائب والرسوم ومن بينها رسوم الانتقال والفراغ والتقاضي لضحايا تفجير المرفأ.
ومع التأكيد على التعاطف الدائم مع الضحايا والوقوف الدائم إلى جانبهم، إلّا أنّ هذه القوانين التي تُعفي من ضريبة الانتقال ذوي ضحايا الكوارث يُمكن انتقادها من جهات عدّة أبرزها:
- أنّها تمسّ مباشرة بمبدأ المساواة، وهو مبدأ دستوري، ففي حالة إعفاءات كهذه، سيحصل ذوو الضحايا الأثرياء على “منفعة” ماديّة كبيرة، فيما يحصل ذوو الضحايا من أصحاب الثروات المحدودة على لا شيء أو على القليل. أي أنّ "التعويض" الذي تقدّمه الدولة لهؤلاء الأشخاص سيختلف حكما وفق حجم ثروة الضحية.
- إنّها تخلق تمييزا واضحا بين المواطنين، وهو أيضا مخالفة دستورية. وهنا يجدر السؤال حول معيار المبادرة التشريعية في هذا الخصوص والقاعدة العامة في اختيار الحوادث والضحايا الذين يعفى ذووهم من رسوم الانتقال. فقد مرّت حوادث كثيرة توفي جرّاءها لبنانيين ولم يتم إعفاؤهم من هذه الرسوم، علما أنّ بعض هذه الحوادث تتحمّل فيها الدولة مسؤولية فعلية يتوجّب على إثرها التعويض كالوفيات جرّاء حوادث السير التي تتسبّب فيها وضعية الطرقات السيئة.
- تفويت على الخزينة مداخيل هي بأمس الحاجة لها. فهذه الرسوم ما زال يتم تقاضيها على سعر صرف 1500 ليرة لبنانية للدولار، ما يعني أنّ قيمتها الفعلية تراجعت بشكل كبير ولا تُشكّل أي عبء فعلي على الورثة.
خلاصة: يقتضي رد هذا الاقتراح لعدم دستوريته.