تشديد عقوبة التدخل بالقضاء

المرصد البرلماني

06/11/2021

انشر المقال

بتاريخ 21/4/2020[1] ، صدّق مجلس النوّاب على اقتراح النائب جورج عقيص بتشديد عقوبة التدخل بالقضاء من غرامة بسيطة ليصبح الحدّ الأقصى للعقوبة ثلاث سنوات حبس وغرامة تصل إلى مائة ضعف الحد الأدنى للأجور.

ملاحظات: يشكّل هذا القانون تقدّماً على صعيد منع التدخّل بالقضاء وصون استقلاله:

  • أولاً، لأنّه يعيد تعريف الفعل المشمول بالمادة 419 الحالية، على نحو يشمل الممارسات الأكثر رواجاً. ففيما تتحدث المادة 419 الحالية عن فعل "استعطاف القاضي"، وسّعت الصيغة التي تمّ إقرارها من قبل لجنة الإدارة والعدل تعريف الفعل الجرمي ليشمل "كل طلب متعلق بدعوى أو بمراجعة قضائية" موجّه إلى جانب القاضي أو إلى أي "محكم أو شخص يقوم بمهمة قضائية أو بمهمة تحكيمية". وكان الاقتراح الأساسي قد أدخل ضمن الأفعال الجرمية "التدخل مع قاض" أو استعطافه كتابة مشافهة أو "بأي شكل آخر" لمصلحة أحد المتداعين أو ضدّه. وعليه، وفيما انتهت لجنة الإدارة والعدل (وهي النسخة المصادق عليها) لتوسيع إطار التجريم ليشمل التدخل مع المحكّم، أبقت على حصر التدخل بالمراجعات القضائية؛
  • ثانياً، لأنّه يؤكّد على الطابع الردعي لعقوبة التدخل في القضاء، بما يتناسب مع خطورته، وفق ما ورد في الأسباب الموجبة للقانون. فالمقترح يفضي بالصيغة التي أقرّتها لجنة الإدارة والعدل (كما الصيغة الأساسية) إلى معاقبة الجرم بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة تتراوح بين عشرة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور ومئة ضعفه فيما أن عقوبة استعطاف القضاء تقتصر عقوبتها حاليا على غرامة تساوي مئة ألف ل.ل. (وطبعاً، تعود وتنسحر فعالية الغرامة مع التدهور المتسارع لليرة اللبنانية)؛
  • ثالثاً، لأنّه يشدّد العقوبة، برفع الحدّ الأعلى الذي يمكن أن يصل حتى 4 سنوات ونصف حبس، مع مضاعفة قيمة الغرامة، متى كان الفاعل أو الشريك أو المتدخل أو المحرض موظفاً وفق المادة 350 من القانون نفسه (موظفو الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات والقضاء وكل شخص انتخب أو عيّن لأداء خدمة عامة وهو تعريف يشمل الوزراء والنواب والقضاة)؛
  • يلحظ بالمقابل أن لجنة الإدارة والعدل ألغتْ أحد البنود الواردة في اقتراح عقيص والذي كان ينصّ على إفادة كل شخص يقوم بكشف المعلومات عن التدخّل في القضاء من الحماية والحوافز المنصوص عنها في قانون حماية كاشفي الفساد[2](83/2018). إلا أنه يبقى لكاشفي التدخّل القضائي أن يستفيدوا في كلّ الأحوال من هذه الحوافز، في حال نجحوا في إثبات ارتباط هذا التدخّل بالفساد وفق التعريف المعطى له في قانون حماية كاشفي الفساد.

المناقشات النيابية: كان للنائب جميل السيّد مداخلة لافتة اعتبر فيها أنّ هذا الاقتراح يشكّل "لزوم ما لا يلزم"، معتبرا أنّ "القاضي الذي يحترم نفسه لا أحد يجري معه اتصالات". ووافق النائب إيلي فرزلي على هذه الفكرة. وعارضت النائبة بولا يعقوبيان من جهتها هذا الطرح معتبرة أن من شأن وضع عقوبة الحبس وتشديد الغرامة المقترحة أن تحصّن النصّ الموجود في ظلّ ثقافة التدخل في القضاء السائدة حاليا. وللتذكير، كان قد علّق رئيس مجلس النواب نبيه بري على الاقتراح عند إدراجه للمرة الأولى على جدول أعمال جلسة 26/06/2019[3]،  بما معناه أن مقدمه يرغب “بوضعنا جميعا في الحبس”، ليضاف تعليقه إلى سلسلة الإعترافات السابقة الصادرة عن أعلى المسؤولين في الدولة اللبنانية بمدى شيوع التدخل في القضاء.

 


[1] المفكرة القانونية-المرصد البرلماني لبنان، "كامل نتائج الجلسة التشريعية نيسان 2020 (2): ضجيج مكافحة الفساد يتخلله تعزيز لفساد الزبائنية؛ المحاسبة تحت راية العفو العام"، الموقع الالكتروني للمفكّرة القانونية، 25/4/2020

[2] نزار صاغية، جاسم شاهين، "قانون حماية كاشفي الفساد: هل تغلب الضمانات القانونية مشاعر الخوف من الانتقام؟" العدد 59، نيسان 2019، ص 28

[3] المفكرة القانونية، " إقرار من رئيس المجلس النيابي بتدخل نواب لبنان في القضاء: حبس من يستعطف القضاء يضعنا كلنا بالحبس"، الموقع الالكتروني للمفكّرة القانونية، 28/6/2019