قانون تنظيم زراعة القنب للاستخدام الطبي
06/11/2021
في جلسة 21-22/04/2020 [1]، صدّق البرلمان اقتراح القانون الرامي إلى تنظيم زراعة القنب (النبتة التي يستخرج منها الحشيش) للاستخدام الطبّي المُقدّم من النواب ميشال موسى ومصطفى الحسيني وبولا يعقوبيان ومحمد مصطفى خواجه وسليم عون وهنري حلو وأكرم شهيب ونقولا نحاس وألبير منصور وجهاد الصمد بتاريخ 30/8/2018، والذي جرى إقراره في اللجان المشتركة بتاريخ 26/2/2020.
ملاحظات: وضع المرصد البرلماني ملاحظاته الموّسعة [2]على الاقتراح الأساسي (كما يمكن الاطّلاع على تلك التي وضعها المرصد على الاقتراح في صيغته المعدّلة[3] في اللجان المشتركة). وأبرز الملاحظات على القانون في الصيغة المصادق عليها:
- تشريع زراعة القنب من دون أي إشارة إلى وضعية مستهلكيه: في حين يُعلن القانون أن الغاية الأساسية منه هي تمكين الدولة من مراقبة وتنظيم زراعة القنب ومشتقاته للوصول إليها بشكل قانوني ولأهداف صحية وعلمية، وتحقيق التنمية المستدامة للمناطق المتضررة جراء زراعة القنب غير المشروعة، كما وتخفيف عبء نظام العدالة الجنائية من خلال الحدّ من الجريمة المنظمة، فهو يحصر تدخله في وضع المزارعين المرخص لهم بمنأى عن الملاحقة القانونية، من دون إبداء أي اهتمام لفئة واسعة جداً من الأشخاص المعنيين به وهم مستهلكو القنب (والمخدرات بشكل عام). لا بل أنّ القانون ينصّ صراحةً على معاقبة من يزرع بهدف الاستهلاك الشخصي أو لاستهلاك الغير بعقوبة قد تصل إلى الإعدام.
- عقوبات الإعدام والأشغال الشاقة مجددا، وعدم التناسب بين الفعل وخطورة الجرم: يحدد القانون في المادة 39 منه عقوبات مختلفة على من يخالف أحكامه على نحو يتعارض مع المبادئ الإنسانية فيما يتصل بالعقوبات ومع مبدأ تناسب العقوبة مع خطورة الجرم.
- تضمن القانون عدة إشكاليات تتعلق بالهيئة المشرفة: إذ ينصّ على إنشاء هيئة إدارية ناظمة لزراعة القنب للاستخدام الطبي والعلمي تخضع حصراً لوصاية وزارة الزراعة دون سواها وتتمتع بشخصية معنوية مستقلة وباستقلالية مالية وإدارية. وتقتضي الإشارة إلى أن خطورة المهام الموكلة إليها (مراقبة والإشراف على زراعة القنب وحصاده وإنتاجه وتخزينه وتوزيعه وبيعه ومنح التراخيص اللازمة بهذا الأمر والذي طالما كان مرتبطاً بعصابات إجرامية منظمة) تقتضي تنظيماً يضمن مناعة أعضائها وحصانتهم إلى أكبر قدر ممكن. إلا أن التدقيق في القانون يكشف استهتاراً في هذا المجال، على نحو قد يشرّع على العكس من ذلك تماماً، الأبواب أمام مخالفات كثيرة، تزيد من أزمة الفساد في لبنان.
- بعض الإشكاليات المتعلقة بالمستفيد من الترخيص: يضع القانون بعض الشروط لمنح رخصة زراعة القنب، منها ما يطرح علامات استفهام حول كيفية ترجمتها عملياً تبعاً لنفاذه. فهو من جهة، يفتح مجالاً واسعاً أمام الاستنسابية، كونه يشير إلى تحديد النطاق الجغرافي المسموح به زراعة القنب بقرار إداري يصدر عن مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الزراعة والمسند بتوصية من الهيئة المشرفة من دون وضع أي معايير لتحديد هذا النطاق الجغرافي. ومن جهة أخرى يفرض ضمن شروط الأهلية للحصول على ترخيص ألا يكون طالب الترخيص محكوما بجناية أو بتبييض أموال. وهو أمر يبدو متعارضاً مع روحية القانون ومع السعي إلى تعزيز التنمية في المنطقة، كما أنه يتجاهل واقعة أساسية مفادها تورط العديد من المزارعين وأصحاب الأراضي في ملفات قضائية على خلفية تجريم زراعة القنب. وعليه، كان يقتضي هنا التنصيص على فترة انتقالية يتم تحديدها في موازاة إصدار قانون عفو عن الملاحقات المتصلة بزراعة القنب.
- كما يتضمّن القانون إشكاليات متصلة بتحديد رسم الترخيص. فيعطي صلاحية تحديد تعريفات ورسوم وبدلات تراخيص الزراعة للهيئة المشرفة، على ألا تصبح نافذة إلاّ بعد صدورها بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير الزراعة ووزير المالية والوزير المختص عند الاقتضاء. وعليه، يكون القانون قد أناط تلك الصلاحية للحكومة (السلطة التنفيذية) خلافاً لصلاحية مجلس النواب (السلطة التشريعية) الدستورية. فتحديد الرسوم هي من صلاحيات السلطة التشريعية حصراً، والتي في حال ارتأت تفويض الحكومة القيام بهذا الأمر، فلا يحصل ذلك إلا بناء على ضرورات معينة ولفترة محددة (مثلا: الاجازة للحكومة بتعديل رسوم الجمارك). أما أن تفوض السلطة التنفيذية بتحديد هذه الرسوم بشكل مطلق ومن دون أي ضوابط، فذلك يتعارض بشكل تام مع المادة 81 من الدستور.
المناقشات النيابية: واستهلت النقاشات بشرح النائب إيلي الفرزلي، أنه تم تكليف لجنة فرعية لدرس هذا القانون وتمّ الاتفاق على هذا الاقتراح الذي له طابع علمي وتقني ودعا إلى التصويت عليه بمادة وحيدة. وهذا ما أكّد عليه النائب محمد خواجة، الذي اعتبر أن الاقتراح استغرق نقاشا مطوّلا مع الخبراء، الذين يعتبرون أنه قد يشكل "رافدا لاستنهاض اقتصادنا ويوفر فرص عمل لا سيما الصناعة الطبية كما يوفر عوائد مالية للخزينة".
أما النائب ميشال معوض، فأكّد أن لديه مجموعة من الملاحظات وطالب بمناقشته مادة مادة.
أما النائب ماريو عون، فاعتبر أنه على الرغم من وجود ثغرات في هذا الاقتراح، إلا أن له مردود على الخزينة اللبنانية. وأضاف أن "هناك نقطة تتعلق بعملية التراخيص" أي المادة 20 وقدم ملاحظات تتعلق بالتراخيص مشدّداً أنه يجب على الهيئة الناظمة أن تعطي جوابا سلبا أو إيجابا خلال الستين يوما.
أما النائب طوني حبشي، فاعتبر أن المشروع دُرس جيدا ويجب الاعتماد على المعايير الدولية لجهة مسألة التصنيع الطبي. أما النائب الياس بو صعب، فتناول المادة 27 التي توجب "على الهيئة اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع الإغراق والاحتكار في السوق".
من جهته، سأل النائب محمد الحجار عن مهام الهيئة الواردة في الاقتراح وأبدى ملاحظة على المادة 9 المتعلقة بالسلطة التنفيذية، فاعتبر أن "مدير الهيئة الناظمة يتم تعيينه بناء على سلطة الوصاية بينما يخضع أعضاء الهيئة لموضوع التخصص، فلماذا لا تكون كل التعيينات خاضعة للكفاءة؟"
أما النائب سمير الجسر، فاعتبر أن هذا الاقتراح يقوم على قاعدة الضرورة والأثر الاحتمالي، ولبنان دولة من دون هيبة. وقال: "لما كانت لنا هيبة لم نمنع زراعة الحشيش وغدا تحت سقف القانون تصبح الأمور فلتانة. هناك موبقات تأتي علينا بالمال". فرد عليه النائب علي حسن خليل، بالقول أننا "لسنا أول دولة تقدم على هذه الخطوة بل نحن ننظم هذا الموضوع". وعن الجدوى الاقتصادية، قال خليل "نحن نضع الإطار القانوني ولا أحد يجبر أحداً على هذه الزراعة ونحن نضع الإطار لهذه الزراعة وعلينا التفريق بين القانون والإطار الذي نضعه".
أما النائب بلال عبد الله، فأعرب عن تأييد كتلة الاشتراكي للاقتراح، لأنه "يحاكي المعايير الدولية وحاجات الناس وهو يصب في الإطار الصحيح".
من جهته، عبّر النائب أغوب بقرادونيان عن رفض كتلة الأرمن للاقتراح، معتبرا أن "شرعنة المحظور هي فقط لقبول الفشل بتطبيق القانون وحماية صحة الشباب وأخلاقهم، والذين هم في الشارع يطالبون بدولة القانون". وأضاف أنه سبق وطلب من الحكومة اللبنانية تلف الزراعات المتعلقة بالمخدرات وطرح زراعات بديلة. وذهب في الاتجاه نفسه كل من النائب وليد سكرية الذي عبر عن رفضه للاقتراح، والنائبان جميل السيد وحسين الحاج حسن بالنظر إلى انعدام الجدوى منه.
ونكتفي بالإشارة ختاماً إلى الاقتراح المقدم بتاريخ 15/5/2019 من النواب ماريو عون، ميشال معوض، سليم الخوري، ألكسندر ماطوسيان، والرامي إلى الترخيص لزراعة القنب بهدف استعمالها في صناعة المواد الأولية للاستعمال الطبي والصيدلاني والمستحضرات والعقاقير الطبية والصيدلانية. وكان قد أحيل بتاريخ 22/5/2019 أمام اللجان المشتركة المؤلفة من لجنة الإدارة والعدل، الزراعة والسياحة، الصحة العامة، والمال والموازنة. ومن غير المعلوم ما إذا كان قد أخذ به لدى دراسة اقتراح 2018 وإقراره ضمن صيغته المعدّلة[4] في اللجان المشتركة بتاريخ 26/2/2020.
[1] المفكرة القانونية – المرصد البرلماني لبنان، كامل نتائج الجلسة التشريعية نيسان 2020 (5): آلدورادو القنب وطريق البقاع السريع، الموقع الالكتروني للمفكّرة القانونية، 26/4/2020
[2] المفكرة القانونية، ملاحظات حول اقتراح تشريع زراعة القنب في لبنان: هيئة الترخيص يموّلها المرخّص لهم و”المشنقة” لمن يزرع دون ترخيص، الموقع الالكتروني للمفكّرة القانونية، 11/10/2018
[3] كريم نمور، ملاحظات حول اقتراح تشريع زراعة القنب في لبنان: الاستهلاك لا يزال مجرّما وتشريع الزراعة يعزز المحاصصة والاستنسابية، المفكرة القانونية، الموقع الالكتروني للمفكّرة القانونية، 2020/3/10
[4] كريم نمور، ملاحظات حول اقتراح تشريع زراعة القنب في لبنان: الإستهلاك لا يزال مجرّما وتشريع الزراعة يعزز المحاصصة والإستنسابية، الموقع الالكتروني للمفكّرة القانونية، 012020/3/