الحكومة تتبنّى مشروع المالية للموازنة: لا إصلاح ولا إنقاذ

فادي إبراهيم

06/10/2025

انشر المقال

أقرّ مجلس الوزراء في تاريخ 22/9/2025 مشروع قانون موازنة العام 2026، والتي أُحيلت في تاريخ 2/10/2025 إلى المجلس النيابي لدراسته. وبالاطّلاع على النص الذي انتهت وزارة المالية من تنقيحه، يتبيّن أنّ مجلس الوزراء تبنّى بشكل كامل مع تعديلات طفيفة مضمون المسودّة التي أعدّتها وزارة المالية. وكانت المفكرة القانونية قد علّقت بشكل مفصّل على مسودّة وزارة المالية، والتي تبيّن ألّا إصلاحات جوهرية فيها، بل المزيد من التخلّي عن إيرادات مُحتملة ما ينعكس على أولويات الإنفاق العام ويمنع الدولة من القيام بوظائفها.

وعليه، وإذ شكلت هذه الموازنة الأولى التي عملت حكومة الرئيس نواف سلام على دراستها وإقرارها، يتبيّن أنّ رؤية حكومة "الإصلاح والإنقاذ" للمالية العامة ليست سوى استمرارية للنهج المالي السابق من دون وجود نيّة واضحة لأيّ تعديل عليه، خصوصا وأنّ مضمون المشروع أشبه بموازنة تشغيلية لتصريف الأعمال، من دون أن تحمل معها إجابات على العديد من الأزمات والمشكلات الراهنة، مع تأكيد مجلس الوزراء ألّا تصحيح لرواتب القطاع العام. أبعد من مضمون الموازنة، لم تتمكّن الحكومة حتّى من ضمان مبادئ الشفافية والمحاسبة المالية أو من تأكيد صدقية أرقام الموازنة التي وضعتها، بحيث امتنعت وزارة المالية عن وضع حسابات العام 2024 لدى ديوان المحاسبة لإقرار قطع الحساب عن هذا العام، من دون أن يكون للحكومة أيّ موقف في هذا الصدد.

وإذ اقتصرت التعديلات الحكومية على عدد قليل من المواد وبشكل هامشي، تقتضي الإشارة إلى أنّ التعديل الأبرز الذي أجرته الحكومة يتعلّق بالمادة الأكثر إثارة للجدل فيها المتعلّقة بالطلب من إدارة الجمارك اقتطاع نسبة 3% من قيمة البضائع المستوردة من المكلّفين وتوريدها إلى الخزينة كأمانة على حساب ضريبة الدخل أو الضريبة على القيمة المضافة. فقد عُدّلت المادة حيث حُصر هذا الاقتطاع بمن لم يقدّم تصاريح لضريبة على الأرباح أو ضريبة القيمة المضافة خلال 3 سنوات السابقة، كما منح وزير المالية صلاحية تحديد دقائق هذه المادة بقرار يصدر عنه منفردًا. ويُمكن انتقاد هذا التعديل ومن خلفه المادة ككل من جهات عدّة حيث (1) إنّ الغاية من هذه المادّة هي تفعيل الالتزام الضريبي وضمان جباية الضرائب غير المستوفاة، إلّا أنّها حُصرت بمن لم يُصرّح ضريبيًا أي أنّها لا تشمل من صرّح ضريبيًا ولم يقم بتسديد موجباته الضريبية، ما يتعارض والغاية منها، (2) رُبطت الآلية التنفيذية بقرار منفرد من وزير المالية، ما يمنحه سلطة من استنسابية واسعة في هذا الصدد تزيد من ضبابية هذه المادّة.

أمّا التعديل المهم الآخر، فيتعلّق بالتراجع عن طلب الحكومة منحها صلاحيات تشريعية في الحقل الجمركي.

وعليه، نُذكر النواب بملاحظاتنا حول مسودّة مشروع الموازنة، والتي لا تزال سارية تبعا لانتفاء التعديلات الجوهرية عليها، أملين أن يتم الأخذ بها عند مناقشة المشروع في لجنة المال والموازنة والهيئة العامة للمجلس النيابي.