نواب يحولون خلافًا عقاريًا إلى صراع طائفيّ

رازي أيوب

01/07/2025

انشر المقال

في تاريخ 25 حزيران، صدر قرار عن قاضية الشؤون العقارية في الشمال تيريز غسان مقوّم بتطبيق الحدود الفاصلة بين بلدتي بقاعصفرين (في الضنّية) وبشرّي بالاستناد إلى الحدود المبيّنة لمنطقة بشرّي والمُسجّلة في سجلّ مساحة لبنان القديم تاريخ 1863. 

وعلى الرغم من كون القرار إعداديا وغير نهائي، تحوّل الأمر أولاً إلى خلاف مناطقيّ باحتفاء أهالي بشري واعتراض أهالي الضنيّة. وفي حين كان يؤمل من النواب أن يبتعدوا عن التدخّل في قضيّة ما تزال عالقة أمام القضاء وبأيّة حال الحؤول دون تحوّل النزاع إلى صراع طائفي، سجّلنا كمرصد للأسف تماهي النّواب بشكل عامّ مع مطالب المناطق التي انتخبوا عنها ومشاعرهم، والتي عجّت بها وسائل التواصل الاجتماعي، بما يكاد يشكل تذكية للخلاف فيما بينها. 

يُشار إلى أن العديد من الأطراف عملت على إذكاء هذا الخلاف، سواء من خلال قرع أجراس الكنائس كأنه انتصار لطائفة، أو من خلال مقالات على موقع حزب القوات ومواقع أخرى، أو من خلال موقع تابع لجماعات إسلامية، وتصريحات لمسؤولين سابقين. وكانت أصدرت الجماعة الإسلامية في الضنية بياناً في 25 حزيران اعتبرت فيه أنّ صّلاحية القاضي العقاريّ لا تشمل النّزاعات بين الأقضية، وأنّ ترسيم الحدود بين الأقضية هو من صلاحية مجلس النّوّاب حصرًا، وليس من مهامّ القضاء العقاريّ. ورأت أن النزاع ليس بين بلدتين إنما بين قضاءين. وحذّرت من أنّ"أيّ قرار يُبنى على هذا الأساس الخاطئ سيكون بمثابة صبّ الزّيت على النّار، ويحمّل من أصدره المسؤوليّة الكاملة عن أيّ توتّر أو فتنة قد تنشأ". 

ومن أبرز مواقف النواب التي تمّ رصدُها: 

ستريدا جعجع تؤكد الانتصار 

أثنت في بيان على مجلس بلدية بشري السابق والحالي لمتابعة الملف واعتبرت أنّ القرار القضائيّ "وضع الأمور في نصابها التاريخي" وأنه أظهر "حقّ مدينة بشري في أن القرنة السوداء تقع ضمن نطاقها الجغرافي". وبدما هنّأت أهالي بشري، عادت وربطت مآل القضية بمقتل شابين من آل طوق في 2023، موحيةً أنهما ضحيّا بأرواحهما "صونًا لكرامة أهالي مدينة بشري وشرفهم وحقوقهم".

​وقد عادت وردّت في بيان على مواقف أشخاص شككوا في مآل القرار أو نهائيّته: "إنني بصفتي نائبة عن الأمة أهيب بكافة الفاعليات السياسية مجدداً احترام السلطة القضائية وعدم محاولة تفسير القرارات خلافاً لمضمونها الواضح والأكيد والذي لا لبس فيه بأنّ القرنة السوداء تقع ضمن النطاق العقاري لبلديّة بشري".

جهاد الصمد وفيصل كرامي

ردّ النائب الصمد في بيان على كلام النائبة جعجع معتبراً أنه يفتقد للدقة القانونية "سيما لجهة اعتبار أنّ القرنة السوداء تقع ضمن النطاق الجغرافي لقضاء بشري". وقال أنّ "القرار الصادر عن القاضي العقاري في منطقة لبنان الشمالي هو قرار إعدادي وليس نهائيا، علماً أنّ هذا القرار قابل للاعتراض أمام القاضي العقاري ذاته سنداً لما جاء في القرار". وأضاف أنه "سبق لأمين السجل العقاري في لبنان الشمالي أن أصدر في العام 2014 قراراً أكد فيه، بعد الكشف وتكليف مسّاحين، أنّ القرنة السّوداء تقع ضمن النّطاق العقاريّ لبلدية بقاعصفرين في الضنية". وأردف أن القاضي العقاري غير ذي صفة وليس له صلاحية للنظر في حدود الأقضية بل أنها صلاحية مجلس النواب.

أما فيصل كرامي، فقد ذهب إلى حدّ الجزم "أن القرنة السوداء جزء لا يتجزأ من بلدة بقاعصفرين"، وكأنّما المسألة مسألة سياسية، ومن دون أي مراعاة لكون القضية ما تزال عالقة أمام القضاء. وبعد إعلانه هذا الموقف الجازم بما يتماهى مع المواقف المتشنجة التي عبر عنها أهالي الضنية، عاد وانتقد ْ"من عاش نشوة النصر" داعيا إياهم إلى التمهّل قليلاً والانتظار، طالما أن هذا القرار ليس قرارا نهائيا. ورغم استباقه حكم القضاء، عاد كرامي وأكد احترامه القضاء اللبناني وأنه سيتعامل "بالطرق القانونية للاعتراض على هذا القرار أو استئنافه أو تمييزه وإعادة الحق إلى أصحابه، باعتبار أن هذا القرار هو قرار مبدئي ويعتريه الكثير من الثغرات القانونية والفنية والهندسية". ودعا أخيراً إلى "الكفّ عن استخدام دماء الناس في هذه المسألة التي ليست أكثر من نزاع عقاري"، معتبرًا ضمنًا أن الشابين اللذين ذكرتهما جعجع لا يرتبط مقتلهما بهذا النزاع العقاري.

مارك ضو   

أدلى بتغريدة رافضاً التجييش الطائفي من كلا الطرفين، "القرنة السوداء لبنانية، وكل تجييش طائفي عشائري مناطقي هو للأذى، ولا يفيد أحدا بشيء، ومهما حكم القضاء على الجميع الالتزام به دون افتعال عراضات عشائرية وطائفية للشرخ والاستغلال".