اعتمادات إضافية في احتياطي الموازنة: 10000 مليار تصرف وفق نظام "الموافقات الاستثنائية"

فادي إبراهيم

23/07/2022

انشر المقال

من أهم البنود الواردة على جدول أعمال الجلسة التشريعية المزمع عقدها في 26 تموز 2022، مشروع قانون يقضي بفتح اعتماد إضافي في باب احتياطي الموازنة بقيمة 10,000 مليار ليرة، علما أن لجنة المال والموازنة رفعت المبلغ الوارد في النص الأساسي لمشروع القانون (والذي كان 6500 مليار) بناء على طلب وزارة المالية التي اعتبرتْ أن المبلغ لم يعد كافيا. وقد خُصّص فتح هذا الاعتماد لغايتيْن: (1) تغذية احتياطي مختلف بنود الموازنة وقد تمّ رفع المبلغ المخصص لها من 4000 إلى  7400 مليار و(2) منح مساعدات اجتماعية للموظفين العامين (عطاءات مخصصة في النفقات المشتركة بين الوزارات) وقد تمّ رفع المبلغ المخصص لها من 2500 إلى 2600 مليار.

وكان مشروع القانون قد رفعته الحكومة إلى البرلمان  بموجب المرسوم الصادر في 18/3/2022 أي في وقت سابق لاعتبارها مستقيلة حكما، إلّا أنّ لجنة المال والموازنة لم تنجز دراسته إلّا في 14/7/2022، في مخالفة للمادة 38 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي تفرض إنجاز لمشاريع والاقتراحات الواردة إلى اللجان النيابية خلال مهلة شهر.

ويهدف هذا المشروع إلى معالجة الإشكالية المتأتية عن تأخر السلطات السياسية في إقرار قانون موازنة في العام 2022 وتاليا عن حصر الإنفاق الحكومي في ما تجيزه موازنة العام 2020 عملا بالقاعدة الإثني عشرية، وهي موازنة لم تعد أرقامها صالحة بفعل التضخم الحاصل بنتيجة انهيار العملة الوطنية. ويلحظ أن البرلمان كان أُقرّ سابقا وللغاية نفسها مشروع قانون  في تشرين الثاني 2021 بفتح اعتمادات لتغذية احتياطي الموازنة بقيمة 1200 مليار. وبذلك، وفي حال إقرار هذا الاقتراح يكون الإنفاق المجاز للحكومة قد بلغ ما يزيد عن نصف مجموع الإنفاق الذي أجازته موازنة  2020 (حوالي 20 ألف مليار ليرة).

وتجدر الإشارة إلى خطأ ورد في القانون الصادر في 2021 وفي المشروع الحالي، وهو أنّ الاعتمادات الإضافية فُتحت في موازنة 2021 والمشروع الحالي يقترح فتحها في موازنة 2022، علما ألّا وجود قانوني لهاتيْن الموازنتيْن، وما يُفتح هو اعتمادات إضافية على بند الاحتياطي في موازنة العام 2020 التي ما زالت سارية على أساس القاعدة الإثني عشرية.

10,000 مليار ليرة بيد 3 أشخاص

بموجب هذا المشروع، سيكون لوزير المالية دور أساسي في صرف المبلغ المخصص للعطاءات، حيث أنّ قانون المحاسبة العمومية (م. 26) ينصّ على أنّ الاحتياطي المشترك بين عدّة وزارات لا يُصرف إلا بقرار من وزير المال. وما يفاقم من خطورة هذا التحكّم هو أن القانون خلا من تحديد ماهية هذه المساعدات الاجتماعية أو على الأقل المعايير التي يقتضي أن تحدد على أساسها. 

أمّا مبلغ 7400مليار ليرة والذي سيذهب لتغذية النفقات الطارئة والاستثنائية في احتياطي الموازنة، فإنّ نقله لبنود مختلفة في الاحتياطي عند الحاجة يحتاج من حيث المبدأ لمرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء عملا بالمادة 9 من قانون موازنة 2020 التي ما تزال سارية المفعول. إلا أنه واقعيا، وبفعل اعتبار الحكومة مستقيلة حكما تبعا لبدء ولاية جديدة للمجلس النيابي، فإنه يرجّح أن تحدّد وجهة إنفاق احتياطي الموازنة بموجب موافقات استثنائية صادرة عن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وبمشاركة الوزير المختص من دون عرضها أو التداول فيها في مجلس الوزراء، وذلك بفعل ممارسة اعتباطية فرضتها تعاميم خاصة لرؤساء الحكومات المستقيلة منذ نيسان 2013. وعليه، يكون التصرّف بهذا المبلغ قد حُصر بعدد محدود من الأشخاص دون غيرهم. تجدر الإشارة إلى أنّ المفكرة القانونية تقدّمت بمعيّة النائبيْن حليمة قعقور وإبراهيم منيمنة بطعن لإبطال تعميم تصريف الأعمال والموافقات الاستثنائية.

مساعدة اجتماعية لثلاثة أشهر

في حين يبتبدّى أنّ مبلغ ال7400 مليار ليرة غير محدّد الوجهة بعد، فإنّ مبلغ ال2600 مليار ليرة يُفترض أن يذهب إلى المساعدات الاجتماعية التي تُعطى من الخزينة إلى الموظفين العامين والمتقاعدين، وإن خلا المشروع هنا أيضا من تحديد ماهية هذه المساعدة. وإذ يبيّن آخر تقرير شهري من وزارة المالية حول المخصصات والرواتب وملحقاتها الصادر في تشرين الأول 2021 أنّ المخصصات والرواتب تُكلّف الخزينة حوالي 800 مليار ليرة شهريا، يفترض  وبعملية حسابية بسيطة، أنّ يسهم الاعتماد المفتوح (2600 مليار) إلى تسديد هؤلاء مبالغ تزيد قليلا عن رواتب ثلاثة أشهر، يُرجّح أن تسدّد على دفعات متتابعة.

مزيد من طبع الليرات

السؤال الأبرز الذي قد يُطرح هو حول كيفية تأمين الإيرادات لهذا المبلغ الذي يُساوي حوالي 339 مليون دولار وفق سعر الصرف الحالي في السوق والتي تُضاف إلى أعباء الموازنة العامة. أمّا الإجابة على ذلك فتكمن في المادة الرابعة من المشروع التي تُحدّد أنّ الإيرادات ستكون من قروض داخلية، ويفهم من ذلك أنها ستكون من مصرف لبنان الذي يرجح أن يلجأ لهذه الغاية إلى طباعة العملة وزيادة الكتلة النقدية المتداولة مما سيؤدي إلى تدهور أكبر في سعر الصرف وتاليا إلى تراجع أكبر في القيمة الشرائية لرواتب الموظفين والمساعدات الاجتماعية التي قد تمنح لهم.

خلاصة:

من أجل ضمان شفافية أكبر في صرف الأموال العامة، من الضروري تضمين مشروع القانون تفاصيل توضح وجهة إنفاق الاعتمادات الإضافية، ضمانا لوصولها إلى مستحقيها ومنعا لأيّ استنسابية في هذا الخصوص. كما من الضروري تضمين مشروع القانون بندا مفاده أن نقل بنود الاحتياطي يتمّ حصرًا بموجب مراسيم تتخذ في مجلس الوزراء منعا لإعمال آلية الموافقات الاستثنائية غير الدستورية.

لتحميل وقراءة مشروع القانون: إضغط هنا