اقتراح في اتجاه استعادة استقلالية الجامعة الوطنية؟

إيناس شرّي

25/07/2022

انشر المقال

من أبرز البنود الواردة على جدول أعمال جلسة مجلس النوّاب المقرّرة في 26 تموز 2022، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من نواب من كتلة الوفاء للمقاومة (وتحديداً حسن فضل الله وعلي فيّاض وإبراهيم الموسوي وحسن عزّ الدين) يتعلّق بالجامعة اللبنانيّة. ويرمي اقتراح القانون إلى إعادة صلاحيات رئيس ومجلس الجامعة اللبنانية كاملة وفقاً للقوانين المنصوص عليها ولاسيّما القانون 75/1967 والقانون رقم 6/1970. وقد ورد في الأسباب الموجبة للاقتراح أنّ مصادرة صلاحيات الجامعة "بموجب مرسوم اتخذه مجلس الوزراء تحت رقم 42/1997 والمخالف لقانون الجامعة" أدّت إلى "تسلّل السياسة إلى البنية الأكاديميّة للجامعة، فسيطرت المحسوبيّات والتوصيات والسياسة والمناطقيّة والطائفيّة في الجامعة، كما أدّت إلى تعطيل عمليات التفرّغ وفق المعايير الأكاديميّة وظهور أزمات في بنية الأقسام الأكاديميّة وازدادت الحاجة إلى أساتذة متفرّغين وكفوئين".

عدنان الأمين

ويرى الخبير التربوي د. عدنان الأمين أنّ اقتراح القانون هذا بظاهره جيّد لأنّ قرار تفريغ الأساتذة يجب أن يكون عائداً بالضرورة إلى الجامعة اللبنانيّة، إلّا أنّ الاقتراح يبدو سياسيّاً ومفخّخاً يظهر أنّ هدفه هو إلغاء المحاصصة خلافاً للحقيقة. ويشرح الأمين في حديث مع "المفكرة" أنّ الجهة التي تقدّم الاقتراح هي جهة سياسية تشارك في الحكومة والمجلس النيابي منذ سنوات وكانت جزءاً من المحاصصة الحاصلة في الجامعة اللبنانيّة. وعليه، يخشى أن يكون التقدّم بهذا الاقتراح اليوم مجرّد مسعى لزيادة حصّتها طالما أنّ مجلس الوزراء يعطل حالياً ملفّ التفرّغ على خلفيّة غياب التوازن الطائفي. ويشدّد عدنان الأمين على أنّ اقتراح هذا القانون لن يلغي المحاصصة إذا لم يترافق مع سلّة من القرارات توضّح وتنظّم موضوع التفرّغ في الجامعة اللبنانية على أساس قواعد سليمة، مستغرباً طلب إلغاء المرسوم بقانون، فالمرسوم يمكن أن يُلغى بمرسوم من مجلس الوزراء ولا يحتاج إلى قانون.

وفاء نون

من جانبها، ترى الأستاذة في كلية العلوم وفاء نون أنّ هذا الاقتراح جيد وضروري من أجل استقلالية الجامعة أقلّه أكاديميّاً ولكن تشوبه بعض المغالطات، أوّلها أنّ الجامعة بحاجة إلى أساتذة في الملاك وليس إلى أساتذة متفرّغين، أي متعاقدين بالتفرّغ تجدّد عقودهم سنوياً، فيصبحون تحت رحمة الإدارات بدل الأحزاب. وإذ تلفت وفاء نون في حديث مع "المفكّرة" أنّه ورد في أكثر من مرة في اقتراح القانون عبارة "إرجاع الصلاحيات أو إعادة الصلاحيات إلى رئيس ومجلس الجامعة"، توضح أنّ ما تمت مصادرته هي صلاحيات مجلس الجامعة من دون أي مسّ بصلاحيات رئيسها إلا باعتباره عضواً في مجلس الجامعة.

وتضيف نون أنّ الإصرار على وضع عبارة "رئيس ومجلس الجامعة" يبدو وكأنّه يُعطيه صلاحيات تسمح له بتخطّي مجلس الجامعة، يعني تماماً ما ورد في قانون تنظيم الجامعة من أنّ من يدير الجامعة رئيس ومجلس الجامعة، وأتبع لاحقاً بأنه في حال تعذّر ذلك يديرها رئيس الجامعة ووزير الوصاية، وهذا ما سمح بتسيّب الأمور أكثر من حيث التفرّد بالقرارات.

وتشير نون إلى أنّ منع التفرّد بإدارة الجامعة من قبل جهة معيّنة هو ما دفع رابطة الأساتذة المتفرغين سابقاً بعدم أخذ موقف حازم من موضوع مصادرة الصلاحيات لاعتقادها بأنّه من الأفضل أن تكون القرارات موزعة على مختلف الأحزاب (مجلس الوزراء) من أن تبقى في يد حزب واحد (من يعيّن رئيس الجامعة).

المفكرة القانونية

من جهته، ذكر المدير التنفيذي لـ "المفكرة" المحامي نزار صاغية، بأنّ المسّ باستقلالية الجامعة لا يبدأ بمرسوم 42/1997 إنما بدأ منذ بدايات الحرب في السبعينيات مع انهيار الاتّحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية وفقدان تمثيله في مجلس الجامعة واستمرّ مع التعيينات السياسية التي حوّلت مجلس الجامعة إلى مجلس ممثل للقوى السياسية وفق الكوتا المعهودة. ولا يزال المس باستقلال الجامعة متواصلاً بأشكال وممارسات مختلفة، يجدر أن تتم معالجتها لإعادة تفعيل دور هذا الصرح الوطني. ومن هنا، اعتبر صاغية أن هذا الاقتراح يذهب في الاتجاه الصحيح وإن يبقى غير مكتمل بالنظر إلى الغاية المعلنة منه. وقد دعا بالنتيجة إلى التعامل معه ليس كمنتهى الإصلاح بل كمناسبة لمباشرة نقاش وطني وتوحيدي حول استقلالية الجامعة في اللجان النيابية يشارك فيه الأساتذة والطلاب والرأي العام.

لتحميل وقراءة اقتراح القانون: إضغط هنا

للمزيد عن تأثير المحاصصة في الجامعة اللبنانيّة يمكن قراءة:

https://bit.ly/3ct0ttq

وعن ملف التفرّغ وواقع الجامعة يمكن قراءة:

https://bit.ly/3PzCE1U

https://bit.ly/3BfumYL