اقتراح لإخضاع MEA والكازينو لقانون الشراء العامّ: التشريع بقواعد فردية وإسمية؟

فادي إبراهيم

13/05/2025

انشر المقال

ورد على جدول أعمال جلسة الهيئة العامة للمجلس النيابي في 15/5/2025، اقتراح قانون معجّل مكرّر من النائب جورج عدوان يرمي إلى إخضاع كل من شركة كازينو لبنان وإدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية وشركة طيران الشرق الأوسط لأحكام قانون الشراء العام ورقابة ديوان المحاسبة. وقد برّر عدوان اقتراحه في الأسباب الموجبة له بأنّ هذه الجهات تقوم بعمليات تؤثّر على المالية العامة، وأنّ نصوص تنظيم ديوان المحاسبة وقانون الشراء العام أتت شاملة لتطال رقابتها هذه الجهات، وأنّ الاقتراح يأتي ليمنع أيّ التباس أو تناقض في التفسير.

إذ بشأن الكازينو، طلب رئيس هيئة الشراء العامّ د. جان العلّية ملاحقة الكازينو على خلفية رفضه الخضوع إلى أحكام قانون الشراء العام. إلا أن ديوان المحاسبة أصدر خلافا لرأي العليّة رأيا استشاريا رقم 23/2023 في تاريخ 3/10/2023، بناء على مراسلتيْن من رئيس الحكومة ووزير المالية السابقيْن حول صفقة كان يُعدّ لها الكازينو، خلُص فيه إلى اعتبار كازينو لبنان شركة مساهمة خاصة تنفق مالاً خاصاً ولا يمكن اعتبارها من الجهات الشارية وفق منطوق قانون الشراء العام، وقد خالف هذا القرار حينها القاضي إيلي معلوف معتبرا أنّ "النص قد تقصّد إخضاع كل الهيئات العامة لأحكامه وشمل كذلك الشركات التي تملك فيها الدولة. وبالتالي إن الخروج عن تطبيق هذا القانون يقتضي أن يفسر بالمعنى الضيق ولا يجوز التوسع فيه أو استنتاجه دون وضوح." وقد أكّد معلوف في قراره المخالف على أنّ "غموضاً وتناقضاً أحاط الأحكام الخاصة بالخضوع بالنسبة للامتيازات وجعل القول بالخضوع من عدمه مسألة غاية في الصعوبة"، مؤكدا على وجوب توضيح النص القانوني.

أما بشأن MEA، قد رأت هيئة الشراء العام أنها غير خاضعة لقانون الشراء العام على اعتبار أنها غير مملوكة من الدولة بل من مصرف لبنان، كما أنّها لا تعمل في بيئة احتكارية، مما يجعل شروط إخضاعها لهذا القانون غير متوفرة. 

أمّا إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي)، فقد استندت إلى استشارة قانونية سابقة من هيئة التشريع والاستشارات تفيد أنّها ليست من أشخاص القانون العام، للتهرّب من الخضوع. 

وعليه، وإزاء التناقضات في الآراء بين مراجع رقابية مختلفة لجهة خضوع هذه الجهات للشراء العامّ أو أيضا عدم وضوح نص القانون، يأتي هذا الاقتراح ليحسم النقاش بشأنها من خلال إخضاعها صراحة لهذا القانون.

هذا الاقتراح يستدعي الملاحظات الآتيّة:

  • إنّه يعكس التوجّه العامّ نحو إخضاع الشّركات المملوكة من الدّولة أو من القطاع العامّ لأحكام الشراء العامّ. وهذا أمر إيجابيّ لضمان التنافسية ومكافحة المحاباة والفساد وترشيد توظيفات المال العامّ. 
  • بالمقابل، يستغرب أن الاقتراح انتهى إلى حسم الخلافات بشأن تفسير قانون الشراء العام ليس من خلال تعديل القواعد العامة لهذا القانون على نحو يضمن شمولية هذا القانون ويزيل أي التباس في هذا الخصوص (مثلا من خلال إخضاع الشركات المملوكة من القطاع العام بنسبة معينة أو إزالة شرط العمل في بيئة احتكارية)، إنما من خلال إخضاع هذه المؤسسات صراحةً وبالاسم لأحكام قانون الشراء العام. وهذا الأمر مدعاة للاستغراب طالما أنّه يؤدّي إلى تجريد القاعدة التشريعيّة من طابعها العامّ التنظيمي في اتجاه جعلها مجموعة من القواعد الفردية الإسمية. ولكان من الأجدى أن يؤكّد الاقتراح على شموليّة تطبيق قانون الشراء العامّ على المؤسّسات والشركات المملوكة من الدولة والقطاع العامّ، على أن يكون له ذكر بعض الشركات أو المؤسسات على سبيل المثال وليس الحصر منعا لأي التباس.
  • أخيرا، نسجل أن اقتراح القانون ذكر في عنوانه إخضاع هذه المؤسسات الثلاث لرقابة ديوان المحاسبة اللاحقة. إلا أن نصّ الاقتراح ذكر خضوعها لرقابة الديوان من دون تحديد طبيعتها.