اقتراح لإضافة درجات لبعض الأساتذة: "مكافأة" ب 7 دولارات
05/07/2024
قدّم عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب إيهاب حمادة اقتراح قانون معجّل مُكرّر يرمي إلى إعطاء درجات تدرّج إضافيّة للمعلمين والأساتذة في الملاك (درجتان لحملة الماجستير وأربعة لحملة الدكتوراه) وزيادة قيمة الساعة للمتعاقدين في التعليم الرسمي، من حملة شهادات الماجستير والدكتوراه اللبنانيتين أو ما يعادلها. يهدف هذا الاقتراح وحسب ما جاء في الأسباب الموجبة إلى إنصاف "المعلمين والأساتذة من حملة شهادة الماجستير أو الدكتوراه والتي تتطلب منهم جهدا وعمرا" وإلى تغذية "عمليّة التنافس لدى المعلّمين لتحصيل شهادات عليا ما سينعكس على المستوى التعليمي وعلى نوعية التعليم"، فضلا عن "تعزيز الارتباط بالمدرسة الرسميّة". إلّا أنّ هذه الأهداف، وحسب ما كرّر أساتذة ومعنيون لـ "المفكرة"، لا يمكن أن تتحقّق في ظلّ عدم إقرار سلسلة رتب ورواتب جديدة، إذ إنّ قيمة هذه الدرجات بحدّها الأقصى (4 درجات) لن تتجاوز 7 دولارات طالما أنّ الدرجة تمثّل 5% من الراتب الذي فقد قيمته والذي بات يساوي بأفضل حالته 35 دولارا.
ويؤكّد من تواصلت معهم المفكرة من أساتذة ونقابيين على أنّ ما ينصّ عليه الاقتراح هو مطلب قديم ومحقّ للأساتذة ولكنّ تحقيقه من دون إصلاحات ترتبط بقيمة رواتبهم تُفرغه من مضمونه وتحول دون تحقيق الأهداف المرجوّة منه ولا سيّما تعزيز الارتباط بالمدرسة الرسميّة.
ويُشار إلى أنّ اقتراح قانون معجّل مكرّر للهدف نفسه كان قدّم في العام 2022 من النائبين فادي علامة ومحمد نصرالله، شمل حينها التعليم المهني والتقني واستثنى المتعاقدين ولم يعرض هذا القانون على الهيئة العامة ولم يُناقش حتى في اللجان.
درجات إضافيّة للملاك وزيادة أجر الساعة للمتعاقدين
ينصّ الاقتراح الذي جاء في مادة واحدة على أن يُعطى المعلمون في ملاك التعليم الأساسي والأساتذة في التعليم الثانوي ممّن يحملون شهادة الماجستير اللبنانية أو ما يعادلها، درجتين مضافتين إلى درجاتهم المحققة شرط أن تكون المادة التي يدرّسونها هي موضوع الشهادة .
كما نصّ على أن يُعطى المعلمون في ملاك التعليم الأساسي والأساتذة في التعليم الثانوي ممن يحملون شهادة الدكتوراه (دولة) أو ما يعادلها PHD أو فئة ثالثة، أربع درجات مضافة إلى درجاتهم شرط أن تكون المادة التي يدرسونها هي موضوع الشهادة أو شهادة دكتوراه في العلوم التربوية.
ولحظ نصّ الاقتراح الأساتذة والمعلمين المتعاقدين في التعليم الأساسي والثانوي، فنصّ على إعطاء من يحمل منهم شهادة الماجستير اللبنانية أو ما يعادلها 10% من قيمة أجر الساعة شرط أن تكون المادة التي يدرّسها موضوع شهادة الماجستير. كما نصّ على إعطاء من يحمل من هؤلاء شهادة الدكتوراه (دولة) أو ما يعادلها PHD أو فئة ثالثة 20% من قيمة أجر الساعة على أن تكون المادة التي يدرّسها موضوع شهادة الدكتوراه أو شهادة دكتوراه في العلوم التربوية.
خطوة إيجابيّة شرط تصحيح الرواتب
يُشير عدد من المعنيين الذين تواصلت معهم "المفكرة" إلى أنّ مطلب الدرجات لحملة الماجستير والدكتوراه هو مطلب قديم طالما كان حاضرا في التحركات النقابيّة منذ التسعينيات كما يقول النقابي والأستاذ المتقاعد جورج سعادة مشيرا في اتصال مع "المفكرة" إلى أنّ إعطاء حملة الماجستير والدكتوراه من أساتذة التعليم الرسمي درجات إضافيّة يُزيل إجحافا لهذه الفئة من الأساتذة. إذ كان أُعطي في السابق (1997) درجة للأستاذ حامل الكفاءة في كليّة التربية بينما لم يُعط من درس سنوات لتحصيل ماجستير ودكتوراه أيّ درجة إضافيّة تميّزه.
وفي الإطار نفسه، يُشير سعادة إلى أنّ إعطاء هذه الدرجات لحملة الدكتوراه في التعليم الرسميّ أيضا يُنصفهم كون أبواب الجامعة اللبنانيّة مقفلة بوجههم لحسابات تتعلّق بالمحاصصة الطائفيّة وعدم التفريغ في الجامعة.
ولكنّ تحقيق هذا المطلب المحقّ بعدما فقد الراتب قيمته وبعدما أصبح لا يتجاوز 35 دولارا ما جعل قيمة الدرجة والتي تشكّل 5% من الراتب لا تصل إلى الدولارين، يُعدّ "لزوم ما لا يلزم" حسب سعادة الذي أشار إلى أن منح الزواج والولادة لا تزال تُحتسب على قيمة الراتب الأساسي، ما يرجّح أنّ الدرجة ستُحتسب على الراتب الأساسي (ليس على أساس الرواتب السبع) مُشدّدا على أنّه كان الأولى العمل على سلسلة رتب ورواتب تعيد قيمة الراتب للأستاذ.
وفي السياق نفسه، ترى أستاذة التعليم الثانوي النقابيّة سهام أنطون أنّ تخصيص درجات إضافيّة لحملة الشهادات العليا خطوة إيجابيّة شرط تحسين سلسلة الرتب والرواتب مشيرة أنّ الأمران مطلوبان وأن أحدهما لا يُلغي الآخر. وترى أنطون في اتصال مع "المفكرة" أنّ اقتراح القانون يلحظ مبدأ غائبا كليّا في التعامل مع الأساتذة، وهو مبدأ التحفيز المطبّق في عدد من الدول ومنها فرنسا مثلا حيث تُتيح النظم التي ترعى الأساتذة فرص ترقية للأساتذة بعد عدد معين من تقارير المفتشين عن حسن أدائهم وبعد عدد سنوات معيّنة مشيرة إلى أنّ إقرار الاقتراح قد يكون بداية على طريق مبدأ تحفيز الأساتذة. بالإضافة إلى الجانب التحفيزي، تعتبر أنطون أنّ إقرار الاقتراح سيساعد في الحفاظ على قطاع التعليم الرسمي عبر الحفاظ على كوادره إذ يشهد التعليم الرسمي ومنذ العام 2019 هجرة للأساتذة ولاسيّما من حملة الشهادات والكفاءات العالية إمّا إلى خارج القطاع وإمّا إلى خارج لبنان.
ويُشار إلى أنّ نسبة حملة شهادة الدكتوراه في التعليم الرسمي في الهيئتين الإدارية والتعليمية بلغت 0.84% في حين بلغت نسبة حملة الماجستير 7.41% للعام الدراسي 2022-2023 وذلك حسب النشرة الإحصائية للمركز التربوي للبحوث والإنماء.
وفي حين تُشير أنطون إلى أنّ تحقيق هاتين الإيجابيتين مشروط بتحسين الرواتب تُلفت أيضا إلى نقطة أخرى وهي عدم لحظ نص الاقتراح للمهارات الأدائية في التعليم معتبرة أنّنا بحاجة إلى لحظ التجريب والتطوير حتى يتمكن حامل المعارف من إيصالها وترجمتها تطبيقيا.
من جهة أخرى، يرى منسّق "حراك المتعاقدين الثانويين" حمزة منصور أنّ لحظ المتعاقدين باقتراح القانون هو أمر إيجابي ولا سيّما في ظل غياب التثبيت في التعليم الرسمي مشيرا إلى أنّ إيجابيّة هذا الأمر لا تتعارض مع الحاجة إلى تصحيح أجر ساعة الأساتذة المتعاقدين كمطلب محق.
الاقتراح لا يُسمن ولا يُغني من جوع
"أساس راتبي حاليا 3 ملايين و560 ألف ليرة، يعني قيمة درجتي هي 130 ألف ليرة، أربع درجات يعني 520 ألفا، وحتى لو احتُسبت على أساس 7 رواتب التي نأخذها حاليا، كم ستبلغ قيمة ما سأتقاضاه شهريا؟" يقول أستاذ ثانوي يحمل دكتوراه مضيفا في اتصال مع "المفكرة" :"إعطاء الدرجات مكافأة معنوية ولكنها لا تسمن ولا تغني عن جوع".
ويُشير هذا الأستاذ إلى أنّ المطلوب حاليا للحفاظ على التعليم الرسمي من خلال المحافظة على كوادره ليس مكافآت معنويّة بل إعطاء الأساتذة حقّهم براتب يضمن لهم العيش الكريم أقلّه مضيفا: " تصوري بعد 15 سنة تعليم، وإذا قررت أن أترك تعويضي سيكون 800 دولار".
ويعتبر أستاذ آخر تواصلت معه "المفكرة" أنّه في ظلّ سلسلة الرتب والرواتب الحالية لن يكون لهذه الدرجات أيّ أثر على إبقاء الأساتذة من حملة الشهادات في التعليم الرسمي قائلا: "على العكس تماما منّا من يسعى من خلال تحصيل الشهادات العليا إلى ترك التعليم الرسمي والبحث عن فرص تضمن العيش الكريم".
كلّ هذه الملاحظات لم تمنع الأساتذة الذين تواصلت معهم "المفكرة" من حملة الشهادات من الإشارة إلى أنّ تخصيص درجات لهم هو أمر إيجابي وقد يشجّع أساتذة آخرين على تطوير أنفسهم والحصول على تعليم عالٍ ولكن تصحيح الرواتب شرط أساسي لذلك.
ويُشار إلى أنّ ما يتقاضاه أستاذ الملاك في المدارس الرسمية حاليا من سبع رواتب وحوافز (بدل إنتاجية يصل إلى 300 د.أ) لا يتجاوز 600 دولار.
أساتذة التعليم الخاص مشمولون أيضا
على الرغم من أنّ الاقتراح هو مخصّص لأساتذة التعليم الرسمي إلّا أنّ مفاعيله في حال تحوّل إلى قانون ستطال أساتذة التعليم الرسمي انطلاقا من مبدأ وحدة التشريع كما يؤكّد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض مشيرا في اتصال مع "المفكرة" إلى أنّه من المستغرب أن يعمل المعنيون على اقتراح قوانين تتعلّق بالدرجات في وقت بات الراتب كله بلا قيمة وفي حين أن الحاجة الماسة هي لإصدار سلسلة رتب ورواتب جديدة.
للاطّلاع على اقتراح قانون .