الاقتراح الثالث لتعليق المهل بسبب الحرب: تقصير المهل المعلّقة دون حرمان "المتعدّين" من الاستفادة منها

حلا نجّار

21/11/2024

انشر المقال

إثر الأوضاع الاستثنائية التي تمرّ بها البلاد نتيجة العدوان الإسرائيلي على لبنان، تقدّمت كتلة تحالف التغيير (أي النواب مارك ضو، وضاح الصادق وميشال دويهي) بتاريخ 20/11/2024 باقتراح قانون معجّل مكرّر يرمي إلى تعليق المهل القانونية، القضائية والعقدية بين تاريخ 20/9/2024 و19/3/2025 ضمناً، على أن تعود المهل المذكورة إلى السّريان مجدداً بانقضاء مهلة التعليق. نشير أنه الاقتراح الثالث الذي يقدّم خلال هذا الشهر، وتحديدًا بعد اقتراحي النائبين بوليت يعقوبيان وإبراهيم كنعان  واللذين سبق وعلّق المرصد البرلماني عليهما. 

وقد بررت الأسباب الموجبة الاقتراح بتعذّر الالتزام بالمهل التعاقدية والقانونية والقضائية بسبب نشوب حالة القوة القاهرة الناتجة عن الحرب التي فتحت في 8/10/2023 "بين العدو الإسرائيلي من جهة وحزب الله من جهة ثانية" وتدهورها بتاريخ 17/9/2024، إلى جانب الظروف السابقة التي لا تزال على حالها. وتشرح الأسباب الموجبة أن الاعتداءات على كافة المناطق اللبنانية تسبّبت بتدمير مناطق بأسرها في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع بشكل همجي وكامل، كما تسبّبت بموجة من النزوح الشامل.

وفي المضمون، استعاد اقتراح كتلة تحالف التغيير اقتراح النائب إبراهيم كنعان مع تعديليْن هما: 

أولاً، ذهب الاقتراح إلى تعليق المهل بين 20/9/2024 و19/3/2025 ضمناً، خلافاً لاقتراح كنعان الذي عمد إلى تعليقها بين تاريخ 8/10/2023 و31/3/2025 ضمناً.

وبالتالي يكون هذا الاقتراح قد أخذ بعين الاعتبار ملاحظة المرصد السابقة لجهة عدم وجوب تعليق المهل على كافة الأراضي اللبنانية من دون مبرر، وعمد فقط إلى تعليقها منذ توسّع العدوان إلى جميع المناطق اللبنانية. ولكن تبقى سارية ملاحظتنا حول عدم فهمنا المغزى من وراء توسيع تعليق المهل حتى تاريخ 19/3/2025 ضمناً فيما الأصح تعليقها لغاية صدور القانون.  

ثانياً، لم يستثنِ الاقتراح من التعليق المهل القانونية (التي يفضي انقضاؤها إلى تحرير الإيجارات) الواردة في قانون الإيجارات، على غرار اقتراحيْ يعقوبيان وكنعان. ومن شأن هذا الأمر تأمين "حماية" الحق بالسكن للعديد من المواطنين في ظلّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة والنزوح الهائل للأهالي، وانعدام أي حلول بديلة تقدّمها الدولة. وقد أخذ الاقتراح هنا أيضا بإحدى ملاحظات المرصد.  

بالمقابل، تبقى ملاحظات المرصد سارية، لجهة وجوب إضافة استثناءات على تعليق المهل من وحي التجربة السابقة أهمها الآتية:

  • إنه لم يستثنِ اقتراح القانون المهل القانونية المعطاة لتسوية وضعية غير قانونية أو تعدّ معيّن على الأملاك العامة (الأملاك العامة البحرية أو النهرية، شبكة الإنترنت..)، وذلك درءًا لتحوّل المهلة من مهلة لحفظ الحقوق إلى مهلة لتأبيد الاعتداء. وكان قانون تعليق المهل استخدم سابقا لتطويل أمد المهلة لتسوية المخالفات في إشغال الأملاك العامة البحرية، على نحو عرّض ملكية الدولة والمصلحة العامة لمزيد من الاستباحة دون أي مبرّر، وبشكل مخالف للدستور (المادة 15). وقد آل تمديد المهل آنذاك إلى تطويل الاعتداء تحت غطاء الحفاظ على الحقوق.
  • لم يستثن الاقتراح أيا من المتعاقدين مع الدولة لاستئجار أبنية أو إدارة مرافق عامة، مما قد يؤدي إلى انعكاسات سلبية على الخزينة العامة ومخططات إدارة الأملاك والمرافق العامة. وهنا يجدر التنبيه إلى أن أصحاب الامتيازات (وضمنا كازينو لبنان وشركة طيران الشرق الأوسط) كانوا استفادوا من قوانين تمديد المهل لتمديد التعاقد معهم انطلاقا من قوانين تعليق المهل السابقة.
  • لم يستثنِ الاقتراح مهل تصاريح الموظفين العامين بموجب قانون الإثراء غير المشروع أيضا.
  • لم يستثن الاقتراح مهل تسديد الضرائب. وبذلك، نكون قد أصبحنا أمام تهرّب ضريبي مقونن يستفيد منه من لم يسددوا الضرائب خلال الفترة المنصرمة. كما وسيجعل الدولة عاجزة أكثر فأكثر عن مواجهة المتطلبات المالية ومن أبرزها ضرورة رفع رواتب الموظفين العامين على اختلاف فئاتهم.