تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه

المرصد البرلماني

06/11/2021

انشر المقال

بتاريخ 21/12/2020[1] صدّق اقتراح [2] القانون المقدم من النائبة عناية عز الدين في 19/8/2019، والرامي إلى معاقبة جريمة التحرّش الجنسي لا سيّما في أماكن العمل[3].

مسار القانون: نذكر أنه بتاريخ 10/11/2020، أنجزت لجنة الإدارة والعدل النيابية هذا الاقتراح بعد دمج عدد من الاقتراحات المقدمة في هذا الخصوص، وبخاصة اقتراحَي النائبة عناية عز الدّين والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية. وعليه، أحالت اللجنة الصيغة النهائية إلى الهيئة العامّة في مجلس النوّاب، بغية مناقشته وإقراره. وبذلك، يُشكّل هذا الاقتراح الثالث من نوعه في سلسلة مشاريع واقتراحات قوانين رسميّة تهدف إلى معالجة إشكاليّة التحرّش في لبنان تبعاً لمشروع القانون الذي تقدّمت به وزارة الدولة لشؤون المرأة سابقاً (برئاسة الوزير السابق جان أوغاسابيان) سنة 2017 ولاقتراح القانون المُقدم من النائب السابق غسان مخيبر[4] في السنة نفسها بصيغة المعجّل المكرّر والذي سبق للمرصد البرلماني أن وضع ملاحظاته عليهما.[5]

ملاحظات: يعرّف القانون التحرّش الجنسي على أنّه "أي سلوك سيّئ متكرّر خارج المألوف غير مرغوب فيه من الضحيّة" وهذا التعريف يشكّل مقاربة أخلاقيّة للتحرش تهدف إلى حماية فهم معين للأخلاقيات (قد تكون الأكثر محافظة) وليس الضحيّة، كما أنّه يحصر الملاحقة بالقانون الجزائي ويقحم السلطات العامّة بالحياة الخاصّة، ويغرق في دهاليز الأخلاقيّات، ما قد يؤدي إلى تأويل النصّ القانوني، كما يمكن استغلاله لاستبعاد حالات التحرّش الجنسي التي قد تقع في أطر الحياة الزوجيّة مثلا. كما أنّ النصّ لا يميّز بين الأجير وصاحب العمل في حال وقع التحرّش في إطار العمل دون الأخذ بعين الاعتبار طبيعة علاقات العمل الهرميّة وغير المتساوية في لبنان، ويفتح بابا واسعا أمام إستغلال هذا النصّ من قبل أصحاب العمل ضدّ أجرائهم. كما لم يذكر النصّ ماهيّة عقوبة صاحب العمل المتحرّش أو الذي أخلّ بموجبه في حماية أجرائه.

يتبيّن من البيانات الرسميّة أن القانون هدف إلى إجراء توليفة بين مختلف الاقتراحات ومشاريع القوانين المطروحة سابقاً في هذا الشأن، سرعان ما تُظهر قراءته أنه مشوب بثغرات وإشكاليات مُشابهة لإشكاليات المقترحات السابقة في هذا الإطار، والتي قد تؤدّي إلى تعطيل فعاليّته في حماية ضحايا التحرّش.

 

المناقشات النيابية: للتذكير، كان شهد النقاش البرلماني (في جلسة 18و19/1/2017) حول اقتراح القانون المُقدم من النائب السابق غسان مخيبر في 14/5/2014 ورغم شرح النائب مخيبر لأهمية الاقتراح، نوبات سخرية واستهزاء من النوّاب. ووحدها كتلة الوفاء للمقاومة أيّدت بشكل مباشر هذا الاقتراح.

وبعد دمج الاقتراح بمقترح وزارة الدولة لشؤون المرأة (وكان الوزير حينها جان أوغاسابيان) خلال الجلسة، جرى التصديق على النسخة الموحدة المدمجة.

غير أن تكرار الأسئلة حول عدة مواضيع أبرزها "كيفية التثبت من ادعاء المرأة بتعرضها للتحرش" والتي لم تخلُ من الحرص والدراية المغلفة بطابع السخرية والذكورية، كما طلب وزير الشباب والرياضة آنذاك محمد فنيش أن يشمل الاقتراح آلية للمحاسبة، تم التراجع عن التصديق. وأحيل الاقتراح إلى اللجان لدراسته، والمشروع إلى الحكومة التي أعطيت مهلة 10 أيام لدراسته وإرساله الى مجلس النواب.

أما في جلسة 21/12/2020، وبعد المصادقة أوّلا على صفة العجلة، تمّ التصويت على الاقتراح مادّة مادّة. فطلبت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم إستبدال كلمة "السجن" بكلمة الحبس في المادة 4 (وهي متعلقة بمعاقبة المتحرّش الجنسي) لأنّها الكلمة الصحيحة التي تشير إلى العقوبة، ووافقها نائب رئيس مجلس النوّاب إيلي فرزلي على ذلك وصدّق الاقتراح.


[1] المفكرة القانونية-المرصد البرلماني لبنان، "كامل نتائج الجلسة التشريعية 21 كانون الأول 2020: المجلس النيابي يقارب السرية المدمّرة بخفر"، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 23/12/2020

[2] المفكرة القانونية-المرصد البرلماني لبنان، "ماذا سيناقش البرلمان اللبناني غداً؟ دليلك إلى جلسة 21 كانون الأوّل 2020"، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 20/12/2020

[3] كريم نمور، "اثنتا عشرة ملاحظة على مقترح تجريم التحرّش في لبنان: مقاربة أخلاقية تحجب التعسّف في استغلال السّلطة"، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 8/12/2020

[4] رانيا حمزة، "سحب قانون التحرّش في المجلس النيابي: شماتة واستهزاء وخوف من فتح الأبواب"، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 20/1/2017

[5] كريم نمور، "التحرش الجنسي يربك المُشرعين"، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 19/4/2017. ونذكّر بوجود مقترح قانون آخر (غير رسمي) بشأن التحرش الجنسي والمعنوي (داخل أماكن العمل وخارجها) طُرح في إطار مشروع "مغامرات سلوى" الذي نظمته جمعية “المجموعة النسوية” سنة 2012.