حماية المنطقة المتضررة بنتيجة الانفجار في مرفا بيروت ودعم إعادة إعمارها (194/2020)

المرصد البرلماني

10/11/2021

انشر المقال

بتاريخ 30/9/2020[1]  صدّق المجلس النيابي – من خارج جدول الأعمال – على النسخة الموحدة من اقتراح القانون[2] الذي يرمي إلى "حماية المناطق المتضررة نتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها وتجميد بيع العقارات المبنية الواقعة في المناطق المتضررة جراء إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020". للتذكير، أقرّت اللجان المشتركة في 28/9/2020 هذه النسخة بعدما دمجت 7 اقتراحات قوانين مقدمة من قبل نواب كتلة لبنان القوي بصيغة المعجل المكرر (والتي تهدف إلى تحديد بعض الإعفاءات لمتضرّري وضحايا الانفجار أكانوا من الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين[3]، وتجميد بيع العقارات المبنيّة الواقعة في المناطق المتضررة من جرّاء الانفجار، وتمديد عقود الإيجارات السكنية وغير السكنية لمدة سنة واحدة للمتضررين من الانفجار، وفتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة لعام 2020 بقيمة ألف مليار ليرة لبنانية يخصص لمتضرري الإنفجار[4]، وآخر بقيمة خمسمائة مليار ليرة لبنانية يخصص لدور العبادة والمستشفيات والمؤسسات التربوية من مدارس وجامعات خاصة والمؤسسات السياحية والتجارية المتضررة من الانفجار وإعطاء مساعدة لعائلات شهداء الانفجار،  وأخيرا، منح ذوي الشهداء الذين قضوا في الانفجار حق الاستمرار في الاستفادة من التقديمات الصحية للضمان الإجتماعي[5]) مع اقتراح مقدم من كتلة الجمهورية القوية[6](والذي يهدف إلى "حماية المناطق المتضررة نتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة اعمارها").

ملاحظات: في 16/9/2020، تم تشكيل لجنة فرعية منبثقة عن اللجان النيابية المشتركة[7] لدرس وإعداد اقتراح قانون موحد يرمي إلى "حماية المناطق المتضررة نتيجة الإنفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها وتجميد بيع العقارات المبنية الواقعة في المناطق المتضررة جراء إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020"[8]، لكي يصار إلى إقراره في اللجان المشتركة. وبعد جلستيْن[9] من النقاشات، أقرّت اللجنة الفرعيّة قانوناً مُوحّداً جرى فيه دمج اقتراح تكتّل الجمهورية القويّة مع اقتراحات تكتّل لبنان القويّ.

أبرز ما تضمّنه اقتراح الجمهورية القوية هو إنشاء لجنة لمسح الأضرار تضم أطرافاً عديدة أهمها ممثلين عن عدّة وزارات وقيادة الجيش وبلدية بيروت، والهيئة العليا للإغاثة، تكون مهمتها وفي مهلة شهر من تشكيلها، مسح كل الأضرار الناجمة عن انفجار 4 آب وتوثيقها، على أن تتخذ اللجنة إجراءات مختلفة يحدّدها القانون من معاينة وتلقّي الطلبات والوثائق المتعلقة بالأضرار وتخمين كلفة إعادة الإعمار وتقدير التعويض المناسب لكلّ عقار، ورفع تقرير بنتائج المسح إلى رئاسة مجلس الوزراء. كما يعمد الاقتراح إلى وضع المنطقة المتضرّرة من الإنفجار “تحت الدرس” (مما يمنع منح رخص البناء وإجازات الضم والفرز) ووضع قيود على الحق بملكية الأبنية المتضرّرة من جهة، والأثرية (والمقصود من دون شكّ التراثية) من جهة أخرى ونظاماً شديد الهشاشة في حماية الأبنية التراثية هذه. كما تضمّن المقترح سلسلة من الإعفاءات الضريبيّة تستفيد منها الأبنية المتضرّرة[10].

في 28/9/2020 (أي قبل يومين من انعقاد الهيئة العامة لمجلس النوّاب في جلسة تشريعية)، أقرّت اللجان المشتركة الاقتراح مع إدخال العديد من التعديلات إلى النصّ مع إلزام مصرف لبنان بتأمين الدولار لأصحاب الإيداعات المصرفية بالدولار بهدف ترميم ممتلكاتهم.

أما أبرز التعديلات التي أدخلت على النص فهي:

  • استبعاد وضع المنطقة المتضرّرة من الإنفجار “تحت الدرس” وإجازة الاستحصال على رخص بناء في المنطقة؛
  • تجميد وكالات البيع أو الوعود بالبيع أو عقود البيع الممسوحة المعقودة بين 5 آب 2020 وتاريخ نشر القانون وإنشاء لجنة خاصة في وزارة العدل للنظر بصحتها؛
  • إلغاء المهل المفروضة على اللجنة للتعويض الفعلي على المتضرّرين؛
  • تعديل طريقة إنشاء اللجنة التنسيقية الجديدة لمسح الأضرار والإغاثة والتعويض ووضعها تحت رئاسة ممثل الجيش.

وتقتضي الإشارة إلى أنه لم تُوزّع النسخة المعدّلة على النواب إلا مع بدء الجلسة التشريعية التي انعقدت بتاريخ 30/9/2020، كما لم يكن الاقتراح وارداً على جدول الأعمال، مع العلم أن النظام الداخلي لمجلس النواب يفرض تبليغ النواب نسخة عن الاقتراحات والمشاريع قبل 24 ساعة على الأقل من الجلسة. و"بالطبع، إن كانت مفهومة بعض توجّهات المبادرين إلى وضع القانون بالنظر إلى ضرورة حماية أصحاب العقارات المتضرّرة من استغلال حاجاتهم تبعا للانفجار وحماية الإرث التراثي لمدينة بيروت، إلا أنه تمت صياغته بشكل متسرّع ومن دون أي نقاش مجتمعي من  دون أن يتسنَّى لا لأصحاب الاختصاص ولا للمجتمع أو النوّاب حتى الإطلاع عليه"[11]، على الرغم من خطورة مضامينه وتأثيراتها الواسعة على إعادة تأهيل مدينة بيروت وتعافي أحيائها وحقوق المتضرّرين.

وخلال الجلسة التشريعية، تمّ التصديق على القانون تحت عنوان "حماية المناطق المتضررة بنتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها". وكان المرصد البرلماني في "المفكرة القانونية" و"أستديو أشغال عامة" قد قدّما تعليقاتهما[12] على القانون أبرزها:

  •  أنه يمنع التصرّف والبيوعات العقارية في مناطق المرفأ والصيفي والرميل والمدوّر وحصراً لاعتبارات طائفية وللمضاربة العقارية، إذ يعفي من المنع العقارات التابعة للمقاولين العقاريين ولشركة سوليدير؛
  • أنه لا يحمي الأبنية التراثية ولا الأحياء التراثية بشكل كافٍ؛
  • أنه يفتقد أي حماية خاصة للنسيج السكّاني، دون الاستفادة من دروس الماضي حيث أدّى ما يسمى ب"إعادة الإعمار" ما بعد حرب 1975-1990 إلى موجات واسعة من هدم المباني والتهجير؛
  • أنه يتضمّن العديد من التقديمات المتفرّقة التي تفتقد لأي رؤية أو دراسة أثر اقتصادي واجتماعي. فمن جهة أولى لا يبدو تأمين التغطية الصحية بالأفضلية لذوي ضحايا انفجار المرفأ مع العلم أن البلاد تواجه أسوأ الأزمات الصحية نتيجة جائحة Covid-19 وأسوأ الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تفرض التفكير بشبكة أمان اجتماعية بشكل أشمل، خطوة موفقة. كما يبدو تأمين الدولارات بالأفضلية للمتضرّرين أصحاب الودائع المصرفية بالدولار يخرق مبدأ المساواة لمصلحة الفئات الأقل هشاشة على حساب الأكثر هشاشة (الذين لا يملكون الحسابات المصرفية أو الودائع بالدولار) إلخ.
  • أنه استكمال لعسكرة مواجهة الكوارث في لبنان، مع العلم أن أنظمة مدنية كافية لذلك أبرزها التعبئة العامة المعلنة أصلاً. فبعد إقرار حالة الطوارئ وتمديدها بشكل مخالف للقانون أتى القانون هذا ليضع اللجنة التنسيقية – غير المبرّر إنشاؤها أصلاً – تحت رئاسة قيادة الجيش.

المناقشات النيابية: سألت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم عن المدة التي تسري خلالها مفاعيل القانون، خاصة أنه يمسّ بحقّ أساسي وهو الحقّ بالملكية ولأنه يوجد التباس في النسخة المعدلة من قبل اللجان المشتركة حولها، حيث تمّ تحديدها بسنتين في محلّ وبسنة في محلّ آخر. ونتيجة لذلك تم التوافق على توحيد هذه المدة واعتماد مدة السنتين. من جهة أخرى، اعترض وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني على مبلغ ال1500 مليار المرصود للتعويضات والذي يشكل 20% من الإيرادات إذ لا يمكن تأمينه، لأنه يتسبب بتدهور أكبر للعملة الوطنية. عندها سأله رئيس مجلس النواب نبيه بري عن إمكانية طلب مساعدات لهذا الغرض من البنك الدولي، فأجابته وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر سلباً إذ أنه وبعد التواصل مع البنك الدولي أفيدت أنه لا يقدم إلا قروضاً. فأكّد لها الرئيس بري من جهته أنه بعد التواصل أيضاً مع البنك الدولي في الأيام السابقة، هنالك إمكانية أن يعطي الأخير مساعدات للبنان في هذا المجال. وختم الرئيس بري النقاش بالطلب من وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال إيجاد مصادر لتأمين المبلغ المرصود. وعلى أثره تم التصويت على صفة العجلة التي صدقت وتم التصويت بعدها على الاقتراح الذي صدق.

يلحظ أنه حتى الآن لم يتم تأمين المبلغ المرصود.

 

 


[1] المفكرة القانونية-المرصد البرلماني لبنان، "كامل نتائج الجلسة التشريعية 30 أيلول 2020: الإثراء غير المشروع في ظلال الحصانات وسريةالثروة”، الحق بحضور محام في المخفر مقابل تشريع جناية الاحتجاز الطويل في الزنازين، والآبار غير الشرعية الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 5/10/2020

[2] المفكرة القانونية-المرصد البرلماني لبنان، ميريم مهنا، "قانون لحماية المناطق المتضررة بنتيجة إنفجار المرفأ يمرّ من خارج جدول الأعمال: التفرغ عن ملكية العقارات في المنطقة المتضرّرة وقف على إذن إداري مسبق"، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 1/10/2020

المفكرة القانونية-المرصد البرلماني لبنان،ستوديو أشغال عامة، "ملاحظات حول قانون حماية المناطق المتضرّرة ودعم إعادة إعمارها: تشجيع الاحتكار العقاري باسم الطائفية"، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 3/11/2020

[3] مقدم بتاريخ 17/8/2020 من النواب نقولا صحناوي، ادكار طرابلسي، ادكار معلوف، انطوان بانو والكسندر ماطوسيان.

[4]  والثلاثة مقدمة بتاريخ 27/8/2020 من النواب نقولا صحناوي،إدكار طرابلسي،أنطوان بانو، حكمت ديب، الكسندر ماطوسيان، سيزار أبي خليل.

[5] والثلاثة مقدمة بتاريخ 17/9/2020 من النواب نقولا الصحناوي، ادكار طرابلسي، أنطوان بانو، سيزار ابي خليل، الكسندر ماطوسيان وهاغوب ترزيان

[6] المقدم بتاريخ 24/8/2020 من النواب عماد واكيم، جورج عقيص وفادي سعد.

[7] برئاسة النائب جورج عقيص وعضوية النواب السادة: نقولا صحناوي، نزيه نجم، أمين شري، نقولا نحاس، فيصل الصايغ، وغازي زعيتر،

[8] اللجان المشتركة، محضر جلسة اللجان المشتركة التي انعقدت بتاريخ 16/9/2020، الموقع الالكتروني لمجلس النواب،16/9/2020

[9]بتاريخ 21/9/2020 و 23/9/2020

[10] أنظر ميريم مهنا، "قانون لحماية المناطق المتضررة بنتيجة إنفجار المرفأ يمرّ من خارج جدول الأعمال: التفرغ عن ملكية العقارات في المنطقة المتضرّرة وقف على إذن إداري مسبق"، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 1/10/2020

[11] ميريم مهنا، "قانون لحماية المناطق المتضررة بنتيجة إنفجار المرفأ يمرّ من خارج جدول الأعمال: التفرغ عن ملكية العقارات في المنطقة المتضرّرة وقف على إذن إداري مسبق"، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 1/10/2020

[12] المرصد البرلماني لبنان و استوديو أشغال عامة، "ملاحظات حول قانون حماية المناطق المتضرّرة ودعم إعادة إعمارها: تشجيع الاحتكار العقاري باسم الطائفية"، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 3/11/2020