كامل نتائج جلسة 25/4/2024: "الحرب" تعطّل الانتخابات البلدية للمرة الثالثة
25/04/2024
عقدت الهيئة العامة للمجلس النيابي جلسة تشريعية صباح 25/4/2024، لمناقشة اقتراحيْن معجّليْن مكرّريْن هما اقتراح يتعلّق بتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية للسنة الثالثة، والآخر يتعلّق بضمان استفادة مُنتسبي الدفاع المدني المثّبتين من أحكام نظام الموظفين. وقد انتهت الهيئة العامة لإقرارهما. رافق الجلسة المقتضبة نقاشات حول شكل الجلسة ودستوريتها وجدول أعمالها ومحاولة بعض النواب إدخال تعديلات على اقتراح التمديد للبلديات، وهو ما نناقشه أدناه.
شكل الجلسة ودستوريتها
دار نقاش حول عدّة نقاط تتعلّق بشكل الجلسة ودستوريتها وجدول أعمالها وتشريع الضرورة. وقد تجاهل رئيس المجلس النيابي نبيه بري جلّ الملاحظات والنقاشات التي وردتْ في هذا الصدد ولم يأخذْ بها، وهي الملاحظات التي سنناقشها تباعا.
بين انتخاب رئيس الجمهورية وتشريع الضرورة
افتُتحت الجلسة بمداخلة للنائب ملحم خلف، الذي ذكّر بتواجده منذ 462 يوماً في المجلس النيابي معتصما حتّى انتخاب رئيس للجمهورية، معتبرا أنّ الدستور دعاه للقيام بذلك. وقد اعتبر نقيب المحامين السابق أنّ ما يحصل من تعطيل للاستحقاقات هو تعليق للعمل بالدستور، بخاصة بحقّ "أهلنا في الجنوب الذين هم بحاجة ماسّة للمؤسسات ورئيس للجمهورية لنتحدّى به العدو إضافة إلى سائر وسائل الدفاع". ومن بعدها، أعلن انسحابه وبعض نواب التغيير من الجلسة تبعا لموقفه بعدم دستوريّة التشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي. ومن اللافت أنّ النائبة بولا يعقوبيان صرّحت قبل خروجها بعدم وجود نصاب طالبةً التثبّت منه. وقد انسحب بمعية خلف ويعقوبيان كلا من سينتيا زرازير وحليمة القعقور اللتين عادتا للمشاركة في المناقشات بعد التثبّت من توفر النصاب بحضور أكثر من 72 نائبا بحسب إدارة الجلسة.
وعند اقتراح بعض النواب مناقشة بعض البنود من خارج جدول الأعمال، أعاد النائب جبران باسيل التأكيد على أنّ كتلته متواجدة حصرا من أجل تشريع الضرورة، وأنّ أيّ تشريع عادي لا يجوز، وأنّ كتلته تحاول المواءمة بين المبدئية المتعلّقة بعدم جواز التشريع عند وجود فراغ رئاسي وبين الواقعية التي تقتضي تشريع الضرورة.
مقابل ذلك، برزت مواقف أثناء النقاش من كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائبيْن علي حسن خليل وحسن فضل الله تؤكد على حق المجلس بالتشريع لا بل واجبه القيام بذلك.
تفرّد برّي بتحديد جدول الأعمال يحدّ من المبادرة التشريعية
أشارتْ النائبة حليمة القعقور في مداخلتها إلى أنّ النظام الداخلي للمجلس النيابي يسمح بتقديم اقتراحات معجّلة مكرّرة لتُعرض على أوّل جلسة بعد تقديمها. وعليه، أبدتْ استغرابها لوجود بنديْن باقتراحيْن معجليْن مكرّريْن في الجلسة دون سواهما، متسائلة عن المعايير لوضع البنود على جدول الأعمال في حين أنّ عشرات الاقتراحات التي تحمل نفس الصفة لم توضع على جدول أعمال أي جلسة. وعليه، طلبت النائبة قعقور إدراج اقتراح القانون المعجل المكرر لتعديل المادة 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية وذلك للمخاطر التي تعتري إبقاء المادة على حالها من دون تعديل لما تُتيحه من إمكانية تعطيل أي دعوى قضائية كما هو حاصل في قضية المرفأ.
وقد أيّد النائب طوني فرنجية ما أدلتْ به النّائبة حليمة القعقور في هذا الصدد، مذكّرا أنّ اللجنة التي يرأسها (لجنة تكنولوجيا المعلومات) قد أنهت عددا من الاقتراحات من دون أن توضع على جدول الأعمال، وأنّه تقدّم باقتراح معجل مكرر يقتضي إقراره على عجل وذلك لمنع المراهنات وألعاب الميسر الإلكترونية بسبب ما تسبّبه من مخاطر اجتماعية آخرها كان انتحار شاب. وقد أيّد النائب سجيع عطية ذلك.
وتعليقا على كلام القعقور، ردّ بري قائلا "ما عم يخلونا نشرّع، علمًا أنه بحقلنا نشرّع". وعليه، تجاهل طلب مناقشة اقتراحيْ القعقور وفرنجية. إذ ذاك، يتأكد مرّة جديدة بلسان رئيس المجلس النيابي أنّ جدول أعمال الجلسات النيابية يفتح في كلّ مرّة بازارا سياسيا يؤدّي إلى إقصاء البنود التي لا يوجد توافق مسبق حولها، بما يكبح أيّ نقاش تشريعي فعلي في المجلس لمصلحة توافقات مُسبقة.
البند الأول: التمديد الثالث للبلديات
أقرّت الهيئة العامة للمجلس النيابي من دون أي تعديل اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدّم من النائب جهاد الصمد الذي يرمي إلى "تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025"، وهو تمديد سيُطيل من مدّة ولاية البلديات الحالية من 6 مفترضة (كان يُفترض أن تنتهي العام 2022) إلى 9 سنوات. وعلى الرغم من إقرار الاقتراح بنفس الصّيغة التي قُدّم فيها، فإنّ نقاشاتٍ طويلة ومحاولات عديدة لتعديله قد وردتْ خلال الجلسة من دون أن تفلح أيّ منها، وهي نقاشات واقتراحات نناقشها أدناه.
تجدر الإشارة قبل ذلك إلى أنّه لم يتمّ مراعاة أصول التصويت على الاقتراح حيث صوّت عليه مباشرة من دون التصويت على صفة العجلة، كما أنّه لم يتم التصويت بالمناداة الفعلية عليه وهو الأمر الذي أثارته النائبة حليمة القعقور من دون أن تلقى أي تجاوب.
تباين حول مدّة التمديد
افتتح النائب هادي أبو الحسن باسم كتلة اللقاء الديمقراطي النقاش، حيث تحفّظ باسمها على التأجيل لمدّة عامّ. وعليه، اقترحتْ الكتلة التمديد لمدّة أقصاها 30 أيلول من العام الجاري، حيث يُفترض أن يكون قد توضّحت الظّروف الأمنيّة حينها، كما يكون قد أُتيح المجال لتبديد أيّ هواجس متعلّقة ببلديّة بيروت (ضمان المناصفة بين أعضائها). كما طالب أبو الحسن بتعديل قانون البلديات لجهة عدد أعضاء المجالس البلدية. إلّا أنّ هذا الاقتراح سقط لاحقا بالتصويت حيث لم يؤيّده سوى أعضاء كتلة اللقاء الديمقراطي.
حول مدّة التمديد أيضا، تقدّم النائب جميل السيّد باقتراح يُلزم الحكومة بالقيام بالانتخابات في أي تاريخ تراه مناسبا بعد هدوء الأوضاع في الجنوب وذلك في مهلة أقصاها 31/5/2025، أي أنّه يربط تأجيل الانتخابات البلدية بظروف الحرب في الجنوب حيث تُلزم الحكومة بإجراء الانتخابات عند انتهاء الأعمال الحربية. وعلى الرغم من إعلان النواب طوني فرنجية والياس بو صعب ومروان حمادة (اعتبر أنّ هذه الصيغة تحفظ كرامة المجلس) تأييدهم لهذا الاقتراح، إلّا أنّه لم يتم الأخذ به أيضا.
مسؤولية الحكومة ووزارة الداخلية
رفض النائب جميل السيد مبدأ أن يتمّ إقرار التمديد بموجب اقتراح قانون، حيث قال أنّه كان يتوقّع أن تقوم الحكومة بالمبادرة وإرسال مشروع قانون للتمديد. وعليه، اعتبر النائب السيّد أنّه بهذه الطريقة تظهر الحكومة بأنّها متمسّكة بمبادئ الديمقراطية وأنّ المجلس النيابي يقف على المقلب الآخر، وهو الأمر غير الصحيح. فقد اعتبر السيّد أنّه لو أن الحكومة متمسّكة فعلا بإجراء الانتخابات لكانت قد قامت بالإعداد الجدّي لإجرائها في المناطق الآمنة وأجّلته في الجنوب، إلّا أنّها ليست كذلك.
في هذا الصدد، أفاد مقدّم الاقتراح النائب جهاد الصمد أنّ مشروع موازنة 2024 المرسل من قبل الحكومة لم يتضمّن أيّ اعتماد لإجراء الانتخابات البلدية، وأنّ المجلس النيابي هو من أضاف اعتماد بقيمة 1000 مليار ليرة لبنانية لهذا الغرض، في دلالة على عدم جدّية الحكومة. وقد أضاف أنّ وزارة الداخلية تقول أنّها جاهزة لإجراء الانتخابات بينما فعليا لم تجرِ الوزارة ولا أيّ اجتماع يتعلّق بالانتخابات لا مع المحافظين ولا مع القائمقامين، ولا يوجد ترشيحات حتى اللحظة. وقد أكّد النائب طوني فرنجية على ذلك بحيث قال أنّه نسمع عن جاهزية الداخلية من دون أن نرى أي ترشيح أو أي شيء ملموس.
إلى ذلك، أكّد النائب جبران باسيل أنّ لوزير الداخلية والبلديات نية واضحة لإجراء الانتخابات، إلّا أنّ النية السياسية لم تكن متوفرة فلم يقمْ الوزير بأي عمل للتجهيز الفعلي للانتخابات. وقد أضاف النائب باسيل أنّ موضوع الجنوب عامل إضافي، لكن هذا العامل لم يكن موجودا منذ سنة وهو ليس السبب الرئيسي للتأجيل، أمّا السبب الرئيسي هو عدم الجهوزية.
يُذكر أنّه لم يردْ أي ردّ أو تعليق من رئيس الحكومة أو وزير الداخلية على هذه النقاط على الرغم من حضورهما الجلسة ومشاركتهما الفاعلة في نقاشات جانبية.
سقوط ربط التمديد بدعم البلديات ماديا
اقترح النائب طوني فرنجية إضافة بنود على الاقتراح المنوي إقراره وذلك لتغذية صناديق البلديات التي سيُمدّد لها من أجل أن تتمكن من القيام بأعمالها. وعليه، اقترح فرنجية فرض رسم مقطوع قوامه 300 ألف ليرة شهريا عن كل وحدة سكنية مساحتها أقل من 200 متر مربّع، و600 ألف ليرة عن الوحدات السكنية الأكبر، وذلك تحت عنوان رسم لمعالجة النفايات، ويتراوح هذا الرسم على المؤسسات التجارية بين مليون و80 مليون ليرة. كما اقترح فرنجية فرض رسم على الأجانب القاطنين في نطاق كل بلدية قدره مليون ليرة شهريا.
وقد اقترح النائب جبران باسيل أيضا فرض رسوم لتغذية الصناديق البلدية وذلك عبر رفع القيم التأجيرية التي تُجبى على أساسها الرسوم البلدية (وهو ما سبق وأن رُفض في قانون الموازنة)، إضافة إلى فرض رسوم على العمالة الأجنبية الشرعية في كل نطاق بلدي.
بالمقابل، اقترح النائب علي حسن خليل أن يُتاح للبلديات فرض وزيادة الرسوم إنّما من دون تحديدها أو تحديد المبالغ في هذا القانون لأنّ الأمر يتطلّب دراسة أوسع. وقد أيّد النائب سجيع عطية فرض رسوم جديدة لمصلحة البلديات مع إبدائه بعض الملاحظات على ما ومن ستستهدف.
إلّا أنّ جميع هذه الاقتراحات عادت لتسقط بالتصويت عليها دفعة واحدة بخاصة بعد اعتراضات عليها من النائبيْن حسن فضل الله وفيصل كرامي كما نبيّن أدناه.
محاولة حل أزمة البلديات المنحلّة
اقترح النائب جبران باسيل إفساح المجال للبلديات المنحلّة بالعودة عن استقالاتها وذلك إذا تمّ تأمين عودة نصف أعضائها على الأقلّ. أمّا البلديات التي لا تؤمّن عدد النصف، فيجب أن تُقام انتخابات فرعيّة لها. وقد أيّد النائب علي حسن خليل هذه الفكرة مع اختلاف حول بعض التفاصيل انتهى بحديث جانبي مع النائب جبران باسيل، قبل أن تنتهي الفكرة نهائيا مع التصويت لإسقاط جميع التعديلات على الاقتراح الرئيسي.
وقد عارض النائب أكرم شهيب هذا الطرح معتبرا أنّ الاستقالات حصلت لأسباب وخلافات معينة، وأنّ فتح هذا الباب سيفتح الباب أمام مشاكل عديدة في القرى ونصبح بما يُشبه التعيين بدل الانتخاب.
ممانعة التعديلات المقترحة
رفض عدد من النواب والكتل جميع التعديلات المقترحة أعلاه. وقد تُرجم ذلك بإسقاط جميع اقتراحات التعديل. أوّل الرافضين كان النائب فيصل كرامي الذي أكّد أنّه تفاجأ بجميع هذه الملاحظات والتعديلات غير المدروسة، معتبرا أنّ هناك مطبخا يحاول تعديل الاقتراح المتّفق عليه وأنّ المجلس النيابي غير جاهز لذلك. وقد تبعه في ذلك النائب حسن فضل الله حيث أكّد أنّ أي تعديلات إضافية بحاجة إلى نقاش طويل متمنّيا حصر النقاش باقتراح النائب جهاد الصمد الأساسي فقط. وقد استتبع ذلك التصويت على هذه الاقتراحات وإسقاطها دفعة واحدة.
معارضة التمديد
في ظلّ تسليم أغلب الكتل بضرورة تأجيل الانتخابات بسبب الحرب في الجنوب ولعدم الجهوزية التقنية واللوجستية، إلّا أنّ أصوات ممانعة قليلة صدرت في الجلسة.
أوّل هذه الأصوات كان من قبل النائب عماد الحوت الذي أكّد باسم كتلة لبنان الجديد امتناعها عن التصويت لمصلحة التمديد، وذلك على اعتبار أنّ المجلس معني بعدم الاعتياد وتعويد المواطنين على ثقافة التأجيل، مؤكدا على مسؤولية الحكومة في هذا الصدد. من جهته، أفاد النائب أحمد الخير بأنّه سيمتنع وكتلته (الاعتدال الوطني) عن التصويت على التمديد، مقترحا تمديدا تقنيا لأسابيع فقط مقابل تأجيل الانتخابات في الجنوب لحين جلاء الوضع الأمني.
إلى ذلك، اعترضت النائبة حليمة القعقور على التمديد الثالث مؤكّدة أنّ اعتراضها ينبع من الوقوف مع الجنوب الذي هو الآن بأمسّ الحاجة للمؤسسات ولدولة قوية وقادرة. وقد أشارت قعقور أنّ العديد من البلديات ستستقيل بعد التمديد وهو ما سيفاقم المشكلة. وقد ذكّرت بما حصل في العام 1997 لجهتيْن: الأولى تتعلّق بالقانون الذي أكّد على إقامة الانتخابات البلدية في كلّ لبنان باستثناء المناطق الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، والثانية بقرار المجلس الدستوري رقم 1 تاريخ 12 أيلول 1997، وذلك لجهة عدم دستورية تنازل المجلس النيابي للحكومة عن صلاحية تحديد التاريخ الذي تجري خلاله هذه الانتخابات في الوقت الذي تراه وبالتالي تحديد موعد نهاية ولاية هذه المجالس. وهما نقطتان قد أشار إليهما "المرصد البرلماني" في إطار نقده للتمديد الراهن.
وفي المحصّلة، أسقطت جميع الصيغ والإضافات واقتراحات التعديلات، وتمّ الاكتفاء والتصويت بالمصادقة على الصيغة المقدّمة من النائب جهاد الصمد.
البند الثاني: ضمان استفادة منتسبي الدفاع المدني من نظام الموظفين
صُدّق من دون أي نقاش يُذكر اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النواب جهاد الصمد، حسن مراد، إبراهيم كنعان، علي حسن خليل، أمين شري وطوني فرنجية يرمي إلى ضمان استفادة المتطوّعين المثبّتين في الدفاع المدني بموجب المرسوم 11966/2023 (وعددهم: 2124 عنصراً) من أحكام نظام الموظفين لجهة رواتبهم وتعويضاتهم ومنافعهم الاجتماعية، وذلك خلافًا لأحكام قانون نظام وتنظيم الدفاع المدني.
وقد اقتصر النقاش على تعديل طفيف اقترحه النائب جميل السيد يتعلق بشطب كلمة رتيب وفرد أينما وجدت في القانون وهو ما تمّ الموافقة عليه. بينما أوضح النائب علي حسن خليل ضرورة إقرار الاقتراح لأنّ هؤلاء لم يتقاضوا رواتبهم منذ أكثر من ثمانية أشهر، معتبرا الاقتراح تصحيحا للخطأ الوارد في المرسوم 11966/2023.