ماذا يناقش المجلس النيابي في جلسة 29 آذار 2021؟ محاربة العتمة بحلم "استرداد المال المنهوب"  

المفكرة القانونية

28/03/2021

انشر المقال
لا شيء تبدّل تحت سماء البرلمان. فلا الإفلاس، ولا الجوع الذي يدقّ الأبواب، ولا تفكّك الدولة وانحلالها، ولا الأزمات التي تتوالى من كل صوب تستدعي تحريك أيّ ساكن. فمن دون بروز أي مبادرة لإصدار تشريعات هادفة للخروج من الانهيار الحاصل ضمن رؤية واضحة، يلتئم المجلس النيابي يوم الإثنين 29 آذار 2021 لتأمين سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان تجنبا للعتمة. أما "بالنسبة لبكرا شو؟"، فلا شيء سوى البند الثاني الموضوع على جدول الأعمال والذي لا يعدو كونه وعودا وهمية بإقرار اقتراح قانون استرداد الأموال المنهوبة. وهو وعود وهمية لأنه لا يترافق مع أي إجراء لجعل هذا الاستحقاق ممكنا. وكان شكّل مطلب "استرداد الأموال المنهوبة" أبرز الشعارات التي حملتها انتفاضة 17 تشرين، في ما فيه من تعبير عن يقين المجتمع لما قامت به المنظومة المهيمنة منذ 3 عقود من نهب ممنهج لمقدّرات هذا المجتمع. في إطار رصده لأعمال البرلمان، يقدّم هنا المرصد البرلماني – لبنان في المفكّرة القانونية أبرز تعليقاته على المقترحين المفترض مناقشتهما خلال الجلسة، مرفقة بنسخة عنهما لتمكين الرأي العام من الاطلاع والتعليق عليهما.  
  1. اقتراح معجّل مكرّر لتأمين سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان: انهيار الدولة والاقتصاد لا يستدعي أي تبديل في السياسات العامة
  على جدول الأعمال اقتراح قانون معجّل مكرّر تقدّم به النواب سيزار أبي خليل، حكمت ديب، زياد أسود وفريد البستاني في 3/3/2021، بمنح مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة لشراء المحروقات رغم عدم إقرار موازنة 2021 ضمن المهل الدستورية. وكانت اللجان النيابية المشتركة عقدت جلسة في 16/3/2021 لمناقشة هذا الاقتراح (ضمت كل من لجنة المال والموازنة، الإدارة والعدل، الأشغال العامة والنقل)، برئاسة نائب رئيس مجلس النوّاب إيلي الفرزلي، وبحضور وزيري المالية والطاقة، انتهت بإجراء تعديلات على الإقتراح الأساسي. يأتي إذاً هذا الإقتراح – وعقد الجلسة العامة لمجلس النوّاب – ضمن مسعى لإبعاد شبح العتمة عن لبنان ولو مؤقتا، بعد قرب نفاذ السلفة المقررة في السنة الماضية والتي أمّنت الفيول لمؤسسة كهرباء لبنان حتى آخر شهر آذار. وقد شدّد وزير المالية غازي وزني في جلسة اللجان المشتركة على ضرورة إقرار هذا الاقتراح بأسرع وقت لأن الصرف وفق القاعدة الإثني عشرية لا يسمح بإصدار سلفة خزينة بموجب مرسوم، خاصة أن احتياطي الموزانة  للسنة الماضية يبلغ 317 مليار ليرة أي 27 مليار ليرة شهريا كحد أقصى وهو ما لا يغطي القيمة المطلوبة عدا أن السلفة تكون عادة من خارج الموازنة. أما أبرز التعديلات التي أقرّتها اللجنة على صيغة الإقتراح الأساسية فهي تخفيض سقف قيمة سلفة الخزينة إلى 300 مليار ليرة بعدما كانت 1500 مليار ليرة. وقد بدا من هذه الوجهة بمثابة تخدير موضعي حيث يكتفي بتأمين 1/5 السلفة الأساسية الضرورية لتأمين العجز في شراء المحروقات لسنة 2021 في انتظار إقرار مشروع الموازنة أو، في حال لم تقر، إقرار سلف أخرى مواردها غير متوفّرة وهي تكون ربما فرصة لبعض القوى السياسية لمزيد من المساومة لانتزاع أثمان سياسية من قوى أخرى. كما اكتفى الاقتراح بالصيغة التي صدر بها عن اللجان بتخصيص السلفة لسد العجز في  شراء المحروقات في موازنة العام 2021 حصرا في حين أن الصيغة الأساسية شملت بالإضافة إلى ذلك تسديد فوائد وأقساط القروض لصالح مؤسسة كهرباء لبنان. كذلك عدّلت في اللجان دقائق التسديد حيث كانت الصيغة الأساسية قد حدّدت أن السلفة تسدّد عبر الاقتطاع من المستحقات المتوجبة على الإدارات والمؤسسات العامة والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة لصالح مؤسسة كهرباء لبنان وهو ما حذف في الصيغة الصادرة عن اللجان. على عكس ذلك فقد حددت الصيغة النهائية أن تسديد السلفة يكون نقدا. وقد قدّم وزير الطاقة شرحا عن مسار المفاوضات مع العراق  للاستحصال على 3000 طن من المحروقات على أن تشكل الدفعة الأولى 500 طناً، مفسّرا أيضا أن نفقات التشغيل لا تقتصر فقط على تأمين المحروقات بل تطال قطع الغيار والصيانة الدورية والتي يؤمن معظمها من الخارج بالدولار. وتجدر الإشارة هنا إلى أمر شديد الأهمية وهو أن مصدر تأمين أموال هذه السلفة لا يزال غير واضح، وهو ما يخالف كل قواعد المحاسبة العمومية. وقد عبّر نواب كتلة الجمهورية القوية واللقاء الديموقراطي في اللجان عن رفضهم لهذا الإقتراح إزاء تخوّفهم من المساس بأموال المودعين لتغطية السلفة، وهي الأموال المتبقيّة في مصرف لبنان على شكل الاحتياطي الإلزامي. ويأتي ذلك في ظل إقرار خطة ترشيد الدعم المرسلة من الحكومة إلى البرلمان في أواخر كانون الأول 2020 والتي جاء فيها أنه لم يتبقَّ من احتياطات مصرف لبنان سوى 590 مليون دولار خارج الاحتياطات الإلزامية، وهو مبلغ يوازي تقريباً كلفة تأمين استيراد المواد الأساسية الشهرية، مما يعني استنفاذها في شهر كانون الثاني 2021، وبدء المساس بالاحتياطات الإلزامية مذ ذاك الحين. وتبدو السلطة ماضية في سياسة الانكار، وعاجزة تماماً عن إعادة النظر بالمسارات التي اعتمدتها خلال العقود الثلاثة الماضية، ولو بات الوصول إلى تصفير كامل احتياطات الدولة أمراً وشيكاً. فتستمر هذه السلطة رغم خطورة الواقع بأدائها السيئ في قطاع الكهرباء، القائم على الاستدانة والإنفاق من دون أي رؤية، في قطاع يعاني عجزاً بنيوياً استغرق 40 مليار دولار (43% من الدين العام) منذ التسعينيات بدون أي أفق، وكان أحد أسباب إفلاس الدولة، بدل العمل على تحويل مؤسسة كهرباء لبنان إلى مؤسسة استثمارية خدماتية رابحة وحل أزمة الكهرباء جذرياً. وللتذكير، تكمن أبرز إشكاليات القطاع الكهربائي وأسباب عجزه البنيوي في[1]:
  • نقص في إنتاج الكهرباء حيث تبلغ حاجة لبنان 3600 ميغاوات، في حين لا تصل قدرة شركة كهرباء لبنان الإنتاجية سوى إلى 2000 ميغاوات.
  • ارتفاع كلفة إنتاج الكهرباء بسبب استخدام الفيول عالي الكلفة والأكثر تلويثاً، عوض استخدام الغاز الأقل كلفة وتلويثاً والذي كان ليوفّر حوالي مليار دولار على الدولة. ويأتي ذلك بسبب المحاصصة الطائفية والخلاف على تحديد المكان الجغرافي لمعامل توليد الطاقة على الغاز. ومن جهة ثانية يفيد ذلك مصالح كارتيل استيراد المحروقات والتي فضحت بعض معالمه قضية سوناطراك والفيول المغشوش، وكارتيل أصحاب مولدات الكهرباء الذين كانت عائداتهم تقدّر بما بين 1.8 و1.95 مليار دولار سنويا[2].
  • عجز بنيوي في تسعيرة الكهرباء يقدّر ب1.6 مليار دولار سنوياً يغطيه مصرف لبنان، عملياً من أموال المودعين، حيث أن احتياطاته تشكّل أساساً من إيداعات المصارف الخاصة.
  • 43% هدر من إنتاج الكهرباء بسبب قدم شبكة التوزيع، والتعديات عليها، وعدم تحصيل الفواتير.
 
  1. اقتراح “استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد”: مراكمة حلميْ استرداد المال المنهوب ومكافحة الفقر
الاقتراح الثاني على جدول أعمال الجلسة هو اقتراح قانون "استعادة الأموال المتأتيّة من جرائم الفساد". وهو الإقتراح الذي أقرّته اللجان المشتركة بعد إجتماعها بتاريخ 23/02/2021، انطلاقاً من اقتراح القانون الذي كانت تقدّمت به كتلة  لبنان القوي (من خلال النوّاب جبران باسيل، سليم عون، نيقولا صحناوي، ألان عون، سيمون أبي رميا، سيزار أبي خليل، فريد البستاني، إدقار طرابلسي، روجيه عزار وميشال معوّض) بتاريخ 24/07/2019. وقد أدخلت اللجان المشتركة تعديلات عدّة هدفت لأقلمة الصيغة الأساسية للاقنراح مع تعديل قانون الإثراء غير المشروع الحاصل في جلسة 30/09/2020، حيث تم تضمين القانون الجديد آلية لاسترداد الأموال المكتسبة بطريق الإثراء غير المشروع، قوامها أنّ الحكم نفسه الذي يقضي بوقوع إثراء غير مشروع، يقضي بردّ الأموال المتأتية عنه إلى الجهات المعنية (مع تحفّظنا على هذا الشق) أو المتضرّرة إن وجدت وإلا مصادرتها لحساب الخزينة العامة. وكان المرصد البرلماني تساءل حول الجدوى من اقتراح "استرداد الأموال المنهوبة" الأساسي (صيغة كتلة لبنان القوي) في ظل وجود آليات لاسترداد هذه الأموال في قانوني الإثراء غير المشروع ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب (44/2015). وعليه، ألغت الصيغة الجديدة للاقتراح كما أقرتها في اللجان المشتركة البنود المتعلّقة باستحداث آلية لاسترداد الأموال لتنظّم الجهاز المسؤول عن استعادة هذه الأموال من ضمن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والعمليّات التي يجب أن تواكب إجراءات هذه الاستعادة.   دائرة استعادة الأموال المتأتيّة من جرائم الفساد تنشأ هذه الدائرة لدى الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد، ويترأسها رئيس الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد ويعاونه إثنان من أعضاء الهيئة. وتكون مهام هذه الدائرة إستشاريّة بشكل عام. فيناط بها حسب نصّ الاقتراح مع الأجهزة المعنيّة (القضائيّة والرقابيّة والأمنيّة وهيئة التحقيق بجرائم تبييض الأموال) كل ما خصّ الملاحقات والإخبارات والإعلامات المتعلّقة بجرائم الفساد في الشقّ المتعلّق باسترداد الأموال المتأتيّة من هذه الجرائم، ومتابعة عمليّات الاستعادة، وإعداد الاستراتيجيّات والخطط بشأن التنسيق، واقتراح استراتيجيّات وآليّات تفاوض، وتحديد العقبات التي تواجه استعادة الأموال المنهوبة وتوجيه التوصيات إلى الجهات المعنيّة بما يلزم من نصوص تشريعيّة أو تنظيميّة لمعالجتها، وإعداد تقرير سنويّ مفصّل عن أعمالها. ويعزّز الاقتراح وصول الدائرة إلى المعلومات، حيث لا يكون للإدارات التي تقدّم إليها الدائرة طلب معلومات أو مستندات أن تجابه اللجنة بالسرّ المهني. وهذا ما نستشفه بوضوح من النصّ الذي أشار إلى أنّه "لا يترتّب على تلبية طلبات اللجنة أيّ مسؤوليّة بالنسبة للمؤتمين بهذا السرّ". لكن أبرز الإشكاليات هنا أنه لم يتمّ تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد حتى الساعة بالرغم من أهميّتها، وبالرغم من دورها المحوري في نفاذ عدد من القوانين الأساسية كقانون حماية كاشفي الفساد، وقانون حق الوصول للمعلومات وقانون الشفافية في القطاع النفطي وقانون الإثراء غير المشروع الجديد، وإعمال آلية استرداد الأموال الناتجة عن الإثراء غير المشروع إن صدّق الاقتراح الحالي. وتبقى هنالك إشكالية جدية حول استقلالية الهيئة وفعاليتها، بالنظر إلى آلية تشكيلها. كما لا بد من الإشارة إلى أن النص المقترح منع مواجهة الدائرة بالسر المهني، في حين لم يذكر قط السرية المصرفية التي تبقى الخاتم السحري لإخفاء الكثير من جرائم الفساد.   إنشاء صندوق وطني لإدارة واستثمار الأموال المُستعادة: هبات ومشاريع إنمائيّة لمكافحة الفقر إلى جانب الدائرة المسؤولة عن الإجراءات السابقة لإستعادة الأموال، ينشئ الاقتراح "صندوقاً وطنياً لإدارة واستثمار الأموال قيد الإستعادة أو المستعادة" يتمتّع بالشخصيّة المعنويّة والاستقلالين المالي والإداري، ولكن يرتبط في نفس الوقت بالهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد لجهة موازنته. ولا يتضمّن نصّ الاقتراح أيّة إشارة إلى إدارة المجلس أو تكوينه، بل يُحيل في ما خصّ شروط العضويّة في المجلس وطريقة تسمية وتعيين أعضاء مجلس إدارته ونطاق الاستثمارات وقواعد المساءلة والشفافية، إلى مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على إقتراح وزيري الماليّة والعدل وإنهاء هيئة مكافحة الفساد عند إنشائها، باستثناء إشارة الاقتراح إلى ضرورة انسجام هذه القواعد مع “مبادئ سنتياغو” بشأن صناديق الثروة السيادية (وهي المبادئ والممارسات الفضلى للحوكمة الرشيدة والإدارة الشفافة لهذه الصناديق). ويعدّ ذلك امراً مقلقاً بالنظر إلى انعدام الثقة المجتمعية ب ”الصناديق” المختلفة المنشأة في لبنان والتي تعتبر أحد مزاريب الفساد الأساسية (صندوق المهجرين، صندوق الجنوب، مجلس الانماء والإعمار إلخ...). ويخضع الاقتراح الصندوق لرقابة ديوان المحاسبة اللاحقة، ويفرض تدقيق حساباته من قبل مدقّق خارجي معترف به دوليا يعيّنه وزير الماليّة. يمنح الاقتراح الصندوق صلاحيّة ممارسة الحقّ في استعمال الأموال المتأتيّة من جرائم الفساد  والمتحصلات ذات الصلة واستثمارها والتصرف بها. وفيما يوضح الاقتراح أن الأموال المستردّة هي الأموال المحصلة بموجب أحكام مبرمة، فإنه يعود ليضيف النص الأموال التي "هي قيد الاستعادة أي في مرحلة التجميد أو الحجز” مما يخشى معه تمكين الصندوق من عقد نفقات تبقى مصادرها وهمية. وفيما كان الاقتراح في نسخته الأساسية (كتلة لبنان القوي) قد حصر استخدام الأموال المصادرة لغايات خدمة الدين العام، مما استتبع مخاوف من إعادة تدوير واستخدام الأموال المستردة في أروقة الفساد والمنظومة الاقتصادية السياسية التي أدّت إلى الانهيار الخطير الذي يشهده لبنان (فمن المعلوم أن “خدمة الدين العام” تعني الفوائد الفاحشة المترتّبة على الدولة لقاء الاستدانة بشكل رئيسي من خلال استخدام إيداعات المصارف الخاصة اللبنانية في مصرف لبنان)، فإن نصّ الإقتراح المعتمد من اللجان المشتركة يخصص استخدام الأموال المحصّلة لوجهتين:
  • أولا: تغطية نفقات الصندوق ونفقات الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد، ومكافأة وتعويض كاشفي الفساد وحمايتهم.
  • ثانياً: استخدام الأموال المتبقية كهبات لمشاريع إنمائيّة ترمي لمكافحة الفقر وتحقيق التنميّة المستدامة. ويبدو الاقتراح من هذه الوجهة وكأنه يهدف إلى مراكمة الأحلام، حيث ينثر بذار حلم استرداد المال المنهوب إلى جانب بذار مكافحة الفقر.
وما يزيد من غرابة الاقتراح هو أنه نصّ على إمكانيّة تلقي الصندوق هبات أو مساعدات داخليّة أو خارجيّة، من دون أي مبرر.   تنظيم طلبات المساعدة القضائيّة الدوليّة على عاتق وزارة العدل أخيراً، وفي سياق تسهيل وإجراءات إستعادة الأموال المتأتيّة عن جرائم الفساد، يضع الاقتراح على عاتق وزارة العدل موجب وضع أنظمة وإجراءات تفصيليّة تسمح بإرسال وتلقي وتنفيذ طلبات المساعدة القضائيّة الدوليّة المتبادلة بالسرعة الممكنة وضمان أوسع نطاق ممكن. ومن المعلوم أن التعاون الدولي في هذا المجال هو مفتاح أساسي لفعالية آلية استرداد الأموال، وأن ذلك ثغرة أساسية في قانون مكافحة الفساد وإنشاء الهيئة.   وللتذكير، كانت “المفكّرة” قد سلّطت الضوء على الإشكاليات في القوانين المقترحة لاسترداد الأموال المنهوبة (هنا، وهنا)، كما رصدت بعض الحالات التطبيقية في بعض الدول. ختاما، يجدر لفت الأنظار إلى المسائل الآتية:  
  • أن شعار استرداد المال المنهوب يصطدم بفشل التدقيق الجنائي وتحفظ المجلس النيابي حيال إلغاء السرية المصرفية أو تمكين الهيئات القضائية من رفعه. وعليه، ما تزال هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان والتي يرأسها حاكم مصرف لبنان تحتكر سلطة صونه أو رفعه،
  • أن استرداد المال المنهوب يعني أن ثمة أجهزة قضائية مستقلة قادرة على مواجهة الجهات والمافيات النافذة ومحاكمتها وإصدار أحكام مبرمة بوجهها تمهيدا لتنفيذ الأحكام ضدها. وهذا أمر ما يزال بعيد المنال وبخاصة بعد تلكؤ المجلس النيابي عن إنجاز اقتراح استقلالية القضاء وشفافيته والذي أعدّته المفكرة القانونية. كما يبقى بعيد المنال في ظل ترؤس النيابات العامة قضاة معروفين بانخراطهم في شبكات المصالح كما هي حال النائب العام التمييزي غسان عويدات والنائب العام المالي علي ابراهيم،
  • أن مآل قضايا الفاسد القائمة اليوم أمام المحاكم يبقى مقلقا. ومن أهم القضايا ذات الدلالة قضية سوناطراك وهي قضية احتكار وامتياز وفساد دام 15 سنة، قضية انتهت إلى الادعاء على عشرات الموظفين العامين (غالبهم من صغار الموظفين) من دون شركة سوناطراك نفسها. وعليه، باتت هذه القضية تعرف بقضية سوناطراك بالاسم فقط. كما من الأدلة الفاقعة في هذا الخصوص، تلكؤ الأجهزة القضائية ووزارة الداخلية عن استرداد الأملاك العامة البحرية والتي هي الأملاك العامة المنهوبة على مرأى من الناس جميعا من دون أي مبرر. فكيف يمكن لدولة لا تضع حدا لنهب مكشوف أن تنجح في إماطة اللثام عن نهب غالبا ما يضع ألف قناع؟
    [1] هذه الأرقام مستقاة من تقرير لقناة الLBCI حول أبرز اشكاليات القطاع بتاريخ 4 شباط 2021. أنظر https://twitter.com/lbcilebanon/status/1357425491821625346?s=24   [2] جاء في مقالة ""لوبي المولدات".. قطاع كهرباء رديف بأمر النافذين خارج الضوابط القانونية" للكاتب مازن مجوز على موقع مهارات 26/8/2020:  ما بين 1.8مليار دولار و 1,95 مليار دولار سنوياً هي عائدات قطاع المولدات، يقتطع منها كلفة المازوت حوالي 950 مليون دولار حاليا ( قدرها الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة بحوالي  850  مليون دولارسنويا أواخر العام 2016 ) واستبدال المولدات في مهلة اقصاها 6 سنوات وأجرة اليد العاملة، فيتضح أن الإستثمار في هذا القطاع هو من الاكثر ربحاً في لبنان في الظروف المحيطة به حالياً، في ظل "الفلتان" الذي عاد ليرخي بظلاله على هذا القطاع.