ماذا يناقش المجلس النيابي في جلسة 29 آذار 2021؟ محاربة العتمة بحلم "استرداد المال المنهوب"
28/03/2021
لا شيء تبدّل تحت سماء البرلمان. فلا الإفلاس، ولا الجوع الذي يدقّ الأبواب، ولا تفكّك الدولة وانحلالها، ولا الأزمات التي تتوالى من كل صوب تستدعي تحريك أيّ ساكن. فمن دون بروز أي مبادرة لإصدار تشريعات هادفة للخروج من الانهيار الحاصل ضمن رؤية واضحة، يلتئم المجلس النيابي يوم الإثنين 29 آذار 2021 لتأمين سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان تجنبا للعتمة. أما "بالنسبة لبكرا شو؟"، فلا شيء سوى البند الثاني الموضوع على جدول الأعمال والذي لا يعدو كونه وعودا وهمية بإقرار اقتراح قانون استرداد الأموال المنهوبة. وهو وعود وهمية لأنه لا يترافق مع أي إجراء لجعل هذا الاستحقاق ممكنا. وكان شكّل مطلب "استرداد الأموال المنهوبة" أبرز الشعارات التي حملتها انتفاضة 17 تشرين، في ما فيه من تعبير عن يقين المجتمع لما قامت به المنظومة المهيمنة منذ 3 عقود من نهب ممنهج لمقدّرات هذا المجتمع.
في إطار رصده لأعمال البرلمان، يقدّم هنا المرصد البرلماني – لبنان في المفكّرة القانونية أبرز تعليقاته على المقترحين المفترض مناقشتهما خلال الجلسة، مرفقة بنسخة عنهما لتمكين الرأي العام من الاطلاع والتعليق عليهما.
- اقتراح معجّل مكرّر لتأمين سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان: انهيار الدولة والاقتصاد لا يستدعي أي تبديل في السياسات العامة
- نقص في إنتاج الكهرباء حيث تبلغ حاجة لبنان 3600 ميغاوات، في حين لا تصل قدرة شركة كهرباء لبنان الإنتاجية سوى إلى 2000 ميغاوات.
- ارتفاع كلفة إنتاج الكهرباء بسبب استخدام الفيول عالي الكلفة والأكثر تلويثاً، عوض استخدام الغاز الأقل كلفة وتلويثاً والذي كان ليوفّر حوالي مليار دولار على الدولة. ويأتي ذلك بسبب المحاصصة الطائفية والخلاف على تحديد المكان الجغرافي لمعامل توليد الطاقة على الغاز. ومن جهة ثانية يفيد ذلك مصالح كارتيل استيراد المحروقات والتي فضحت بعض معالمه قضية سوناطراك والفيول المغشوش، وكارتيل أصحاب مولدات الكهرباء الذين كانت عائداتهم تقدّر بما بين 1.8 و1.95 مليار دولار سنويا[2].
- عجز بنيوي في تسعيرة الكهرباء يقدّر ب1.6 مليار دولار سنوياً يغطيه مصرف لبنان، عملياً من أموال المودعين، حيث أن احتياطاته تشكّل أساساً من إيداعات المصارف الخاصة.
- 43% هدر من إنتاج الكهرباء بسبب قدم شبكة التوزيع، والتعديات عليها، وعدم تحصيل الفواتير.
- اقتراح “استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد”: مراكمة حلميْ استرداد المال المنهوب ومكافحة الفقر
- أولا: تغطية نفقات الصندوق ونفقات الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد، ومكافأة وتعويض كاشفي الفساد وحمايتهم.
- ثانياً: استخدام الأموال المتبقية كهبات لمشاريع إنمائيّة ترمي لمكافحة الفقر وتحقيق التنميّة المستدامة. ويبدو الاقتراح من هذه الوجهة وكأنه يهدف إلى مراكمة الأحلام، حيث ينثر بذار حلم استرداد المال المنهوب إلى جانب بذار مكافحة الفقر.
- أن شعار استرداد المال المنهوب يصطدم بفشل التدقيق الجنائي وتحفظ المجلس النيابي حيال إلغاء السرية المصرفية أو تمكين الهيئات القضائية من رفعه. وعليه، ما تزال هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان والتي يرأسها حاكم مصرف لبنان تحتكر سلطة صونه أو رفعه،
- أن استرداد المال المنهوب يعني أن ثمة أجهزة قضائية مستقلة قادرة على مواجهة الجهات والمافيات النافذة ومحاكمتها وإصدار أحكام مبرمة بوجهها تمهيدا لتنفيذ الأحكام ضدها. وهذا أمر ما يزال بعيد المنال وبخاصة بعد تلكؤ المجلس النيابي عن إنجاز اقتراح استقلالية القضاء وشفافيته والذي أعدّته المفكرة القانونية. كما يبقى بعيد المنال في ظل ترؤس النيابات العامة قضاة معروفين بانخراطهم في شبكات المصالح كما هي حال النائب العام التمييزي غسان عويدات والنائب العام المالي علي ابراهيم،
- أن مآل قضايا الفاسد القائمة اليوم أمام المحاكم يبقى مقلقا. ومن أهم القضايا ذات الدلالة قضية سوناطراك وهي قضية احتكار وامتياز وفساد دام 15 سنة، قضية انتهت إلى الادعاء على عشرات الموظفين العامين (غالبهم من صغار الموظفين) من دون شركة سوناطراك نفسها. وعليه، باتت هذه القضية تعرف بقضية سوناطراك بالاسم فقط. كما من الأدلة الفاقعة في هذا الخصوص، تلكؤ الأجهزة القضائية ووزارة الداخلية عن استرداد الأملاك العامة البحرية والتي هي الأملاك العامة المنهوبة على مرأى من الناس جميعا من دون أي مبرر. فكيف يمكن لدولة لا تضع حدا لنهب مكشوف أن تنجح في إماطة اللثام عن نهب غالبا ما يضع ألف قناع؟