مجلس الأزمات الكبرى 2018-2022 (4): تقييم نشاط اللجان النيابية

المفكرة القانونية

09/11/2022

انشر المقال

نشر المرصد البرلماني تقريرا عن أعمال المجلس النيابي للولاية السابقة ما بين 2018-2022، قيّم فيه نتاج المجلس النيابي من جوانبه المختلفة. وقد حاولنا في هذا التقرير الذي يجسّد مرحلة متقدّمة من عملنا الرصدي الإضاءة على عمل الهيئة العامة واللجان والكتل والنواب. وفي حين نشرنا سابقا التقرير كاملا بنسخة PDF، ننشر تباعا فصولا منه بهدف الإضاءة على جزئيات العمل البرلماني وتسهيل الوصول إليها، وهي جزئيات قد لا يتنبه إليها القارئ في سياق تصفّحه التقرير في شموليته. وفي حين نشرنا 3 حلقات حول أداء الهيئة العامة لمجلس النواب، ننشر هنا الحلقة الرابعة منه، وهي تتصل بتقييم نشاط اللجان النيابية، يتبعها حلقات أخرى عن أداء والكتل والنواب. 

القسم الثاني: تقييم نشاط اللجان النيابية

نعمد في ما يلي إلى تقييم نشاط البرلمان على صعيد اللجان النيابية. ولهذا الغرض، عمدنا إلى دراسة معايير عدّة، تحديداً:

  • عدد اجتماعات اللجان النيابية الدائمة والمشتركة؛
  • الحضور ضمن اللجان (مدى جاذبيّة اللجان لحضور من خارج أعضائها، ومدى التزام النواب الأعضاء في اجتماعاتها)؛
  • نسبة أعمال اللجان الدائمة والمشتركة والفرعية التشريعية وغير التشريعية؛ 
  • حجم نتاج اللجان؛
  • أبرز أعمال اللجان. 

1. على صعيد اجتماعات اللجان النيابية الدائمة والمشتركة

نستعرض من جهة أولى عدد الاجتماعات المعقودة في كل لجنة نيابية دائمة. وقد عقدت اللجان النيابية الدائمة 830 اجتماعاً خلال ولاية المجلس النيابي، إضافة إلى 82 اجتماعاً للجان المشتركة، ما يرفع مجموع اجتماعاتها إلى 912 اجتماعاً (أي ما يعادل متوسّط 53.6 جلسةً لكلّ لجنة طول مدة الولاية، أي ما يصل إلى 1.1 اجتماع فقط شهرياً).

ويمكن إبداء الملاحظات التالية انطلاقاً من الأرقام الواردة أعلاه:

  • متوسّط عدد الاجتماعات الشهري للّجان الثلاث الأكثر انعقاداً بلغ 2.4 اجتماعَيْن شهرياً فقط. ويُلحَظ أنّ أيّاً من اللجان لم تُسجِّل أكثر من اجتماع أسبوعياً كمتوسّط سنوي، إلّا لجنة المال والموازنة في العام 2019 حيث اجتمعت 60 مرّة؛
  • تكاد بعض اللجان (أربع) أن تكون مُعطَّلة بالكامل حيث سجّلت معدّلات أقلّ من ستة اجتماعات سنوياً، كشؤون المهجرين والزراعة والسياحة وتكنولوجيا المعلومات والبيئة. هذا مع العلم أنّ تسع لجان من أصل 16 لجنة دائمة عقدت متوسّط اجتماعات يقلّ عن اجتماع واحد شهرياً؛
  • من البَيِّن أنّ وتيرة اجتماعات اللجان خلال فترة ما بعد الانهيار قد تراجعت عمّا كانت عليه من قبله. ففي حين وصل عدد الاجتماعات في العام 2019 إلى 298 اجتماعاً، انخفض هذا العدد إلى 213 في 2020 (تراجع 30.5%) وتواصل انخفاضها إلى 194 في 2021 (تراجع 11.9%). وفي حين قد يُبرَّر هذا الانخفاض بتدابير الوقاية من فيروس كورونا، إلّا أنّ ذلك يصعب تفسيره بالنظر إلى تزايد مسؤولية النواب من حيث المبدأ في ظلّ الجائحة والانهيار وتوفُّر الإمكانات لعقد اجتماعات عن بُعد (وهو ما كانت هيئة مكتب المجلس قد بادرت إليه في نيسان 2020 ولجنة الاقتصاد في أيلول 2021)، ولا سيما أنّ عدد الاجتماعات هبط بشكل دراماتيكي بين 2019 و2021. ويوحي هذا التراجع بالواقع بحصول تَخَلٍّ من المجلس النيابي عن مسؤولياته، خصوصاً مع اشتداد الأزمة الاقتصادية وغياب حكومة فاعلة في ذلك الوقت بعد استقالة حكومة حسان دياب وعدم تشكيل حكومة جديدة حتى أيلول 2021؛
  • وقد بدا ذلك جليّاً عند النظر في هبوط عدد جلسات لجنة المال والموازنة من 60 في سنة 2019 إلى 10 في سنة 2020. ويتبدّى من جرّاء ذلك أنّ لجنة المال والموازنة برئاسة النائب إبراهيم كنعان قد ارتأتْ تقليص اجتماعاتها في خضمّ اشتداد الانهيار من دون أن تتحمّل مسؤولياتها الرقابية والتشريعية، كإقرار قانون للكابيتال كونترول مثلاً. لا بل أكثر من ذلك، يتبدّى أنّه تم تشكيل لجنة برئاسة كنعان نفسه تحت مسمّى "لجنة توحيد الأرقام وتقصّي الحقائق"، حيث نسفت خطة التعافي المالي التي أقرَّتْها حكومة حسان دياب متماهية مع مصالح المصارف وأصحابها، تاركةً لبنان من دون أيّ خطة، وذلك في منتصف العام 2020. وبذلك، يؤشّر انخفاض وتيرة العمل في لجنة المال والموازنة التي تؤدّي دوراً محورياً في صوغ السياسات المالية إلى نية بترك الانهيار يأخذ مجراه من دون أيّ مجهود لكبحه؛
  • انخفض أيضاً، وبشكل كبير، عدد اجتماعات لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه من 28 في 2019 إلى 21 في 2020 إلى 10 فقط في 2021، على الرغم من الانهيار الكبير في كافة القطاعات التي يشملها اختصاص اللجنة؛
  • كما يتجلّى التخلّي عن المسؤولية في تقاعس اللجان المعنية بالنشاطات الاقتصادية، بخاصة النشاطات المُنتِجة، عن تفعيل أدوارها استجابة مع شعار تعزيز الاقتصاد المُنتِج الذي رفعه معظم القوى السياسية بعدما كان أحد شعارات انتفاضة 17 تشرين الأساسية. وعليه بقيت لجنة الزراعة والسياحة من أقلّ اللجان نشاطاً، وهو الأمر نفسه الذي ينسحب على لجنة تكنولوجيا المعلومات. كما أنّ اجتماعات لجنة الاقتصاد في الفترة ما بعد الانهيار لم تتجاوز متوسّط 1.1 شهرياً.

2. على صعيد الحضور ضمن اللجان

نتطلّع هنا إلى قياس معطيَيْن متعلقَيْن بحضور النواب ضمن اللجان. المعطى الأوّل هو مدى جاذبيّة اللجان، أي عدد النواب الحاضرين من أعضائها أو غير أعضائها في اجتماعاتها، علماً أنّ عدد أعضائها يتراوح بين 9 و17 تبعاً للجان. ويجدر التذكير هنا أنّه يكون لأيّ نائب حضور اجتماع أيّ لجنة دائمة أو مشتركة وإبداء الرأي والملاحظات والمقترحات فيها، على أن ينحصر حق التصويت على النواب الأعضاء (المادة 33 من النظام الداخلي لمجلس النواب). 

وعليه، لن نكتفي بالنظر إلى حجم الحضور عددياً، بل يقتضي الأمر النظر إلى معيار نسبة الحضور (أي عدد الحضور بالنسبة إلى عدد الأعضاء المنتسبين قانوناً). وهو ما سنعمد إليه في المرحلة الثانية، حيث نتوقّف عند مدى التزام النواب المنتسبين في اجتماعات لجانهم وعدم تغيُّبهم عنها. وفي كلتا الحالتَيْن، سنعمد إلى المقارنة فقط بين اللجان التي عقدت على الأقلّ 40 جلسة خلال الولاية، لأنّ اللجان التي عقدت اجتماعات أقلّ من ذلك يكون الالتزام بحضورها أو جاذبيتها ضعيف الدلالة، فهي تكون مناسبة للقاء أكثر منها اجتماع للعمل. كما استبعدنا اللجان المشتركة عن هذا الرسم لعدم وضوح اللجان المدعوة لكل اجتماع في البيانات التي أمكننا الوصول إليها. 

وبعد التمعُّن في الرسم البياني، يمكن تقديم الملاحظات التالية:

  • اللجنة الأكثر جاذبية (إذا احتسبنا متوسّط عدد حضور النواب المنتسبين وغير المنتسبين إلى اللجنة) هي لجنة المال والموازنة، بمتوسّط عدد حضور 24.8 نائباً في الاجتماع (مع العلم أنّ عدد النواب المنتسبين إليها قانوناً يبلغ 17 نائباً)، وهي اللجنة الوحيدة التي يفوق معدّل الحضور فيها عدد أعضائها المحددين قانوناً،
    تليها لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه بمتوسّط عدد حضور 16 نائباً في الاجتماع (مع العلم أنّ عدد النواب المنتسبين إليها قانوناً يبلغ 17 نائباً)، 
  • اللجنة الأكثر استقطاباً للحضور من النواب غير المنتسبين إليها هي لجنة المال والموازنة بمتوسّط 13 نائباً من غير الأعضاء في كل اجتماع.
  • في المقابل، نادراً ما كانت لجان حقوق الإنسان والتكنولوجيا والمرأة والطفل والبيئة والشباب والرياضة وشؤون المهجرين تستقطب أيّ نائب من النواب غير المنتسبين إليها، حيث كان متوسّط حضور هؤلاء أقلّ من نائب في الاجتماع، وهي لجان لم ندرسْها في الرسم لكونها اجتمعت أقلّ من 40 مرّة.

مدى التزام النواب أعضاء اللجنة بنشاطها

في هذه الفقرة، سنسعى إلى تحديد مدى التزام النواب باجتماعات اللجان التي هم أعضاء فيها. وتكتسي هذه الفقرة أهمية خاصة طالما أنّ حضور اللجان من قِبَل أعضائها هو إلزامي، ويُعَدُّ مستقيلاً حكماً أيُّ عضو يتغيَّب عن حضور ثلاث جلسات متوالية من دون عذر مشروع (المادة 44 من النظام الداخلي). وإذ تشير المعلومات المتوفّرة لدينا عدم تطبيق هذه المادة رغم عدم مراعاتها من قِبَل عدد كبير من النواب، فإنّنا نحاول هنا قياس حجم هذه المخالفة بالأرقام. ويهمّنا التنبيه هنا أنّنا طرحنا من ضمن هذه الدراسة، كما فعلنا أعلاه، اللجان التي اجتمعت أقلّ من 40 مرة خلال الولاية، أي أقلّ من 10 مرات سنوياً.

كما يهمّنا توضيح أنّ عدداً من محاضر جلسات اللجان المنشورة (25) تبقى خالية من أسماء النواب الحاضرين، ما جعلنا نطرح هذه الجلسات من احتساب النِّسَب.

وعلى ضوء الرسم أعلاه، أمكن إبداء الآتي:

  • إنّ معدّل حضور النواب لاجتماعات اللجان التي هم أعضاء فيها ضمن اللجان التي عقدت أكثر من 40 اجتماعاً (أكثر من 10 اجتماعات سنوياً) هو 61%، وهو معدّل ينخفض إلى 60.08% عند الأخذ بعين الاعتبار جميع اللجان، حتى تلك التي لا تدخل ضمن المعيار المذكور. وهذا يعني أنّ النواب قد تخلّفوا بالمتوسّط عن حضور 40% من الاجتماعات.

3. بمَ اهتمّت اللجان؟

بالإضافة إلى المهام التشريعية التي تتولاها اللجان، يدخل ضمن مسؤولياتها أيضاً القيام بأعمال غير تشريعية، سواء في مجال الرقابة أو تنظيم أوضاعها الداخلية أو وضع خطط أو إعداد توصيات للحكومة أو ما شابه. وعليه، سنعمد هنا إلى تحديد المساحة التي أَوْلَتْها للمجالَيْن التشريعي وغير التشريعي. 

ولهذه الغاية، عمدت غالبية اللجان إلى إدراج بنود مختلفة على جداول أعمالها، منها ما هو تشريعي ومنها ما هو غير تشريعي. وبالتدقيق في عدد هذه البنود وماهيتها، نتبيَّن أنّ مجموع هذه البنود بلغ 1557 بنداً، تنقسم إلى 1105 بنود تشريعية (وهي البنود المتصلة بمناقشة مقترح قانون)، أي ما تعادل نسبته 70.9% من هذا المجموع، و452 بنداً غير تشريعي، أي ما يقارب 29.1%. وهذا الأمر إنّما يؤشِّر إلى الأهمية التي توليها اللجان إلى العمل التشريعي من مجموع عملها على حساب وظائفها الأخرى وتحديداً الرقابية منها، علماً أنّ هذه النسبة تختلف بين لجنة وأخرى كما يظهر من الرسم أدناه.

وقبل الغوص في كل ذلك، نُذكِّر بصعوبة الإحاطة بعمل اللجان النيابية لأسباب عديدة، أبرزها سرية اجتماعات اللجان حيث لا يُمكن الاطّلاع على نتاج الجلسات إلّا من خلال التصاريح الإعلامية أو محاضر الجلسات. إلّا أنّ هذه المحاضر نادراً ما تكون كافية، حيث لا معايير ثابتة في بياناتها والتعابير المستخدمة فيها سواء لجهة نوع البنود التي تمّتْ مناقشتها أو مآلها أو حتى لجهة هوية الحاضرين في هذه الجلسات الذين تم الاستماع إليهم.

يُلحَظ من الرسم أعلاه يأتي: 

  • أنّ العمل التشريعي استحوذ على 70.9% من مجموع عمل اللجان، أمّا الأعمال غير التشريعية فاستحوذت على 29.1% منها؛
  • لم تعقد اللجان المشتركة أيّ جلسة بشأن عمل غير تشريعي باستثناء مرة وحيدة لـ "درس وضع الدعم والاحتياطي الإلزامي"، حيث تم الاستماع حينها إلى أحد نواب حاكم مصرف لبنان، سليم شاهين؛
  • على الرغم من تفوُّق البنود التشريعية على البنود غير التشريعية بصورة عامة، فإنّ عدد البنود غير التشريعية كان غالباً في تسعٍ من اللجان الـ 16 الدائمة؛
  • يُلحَظ أنّ لجنتَيْ المال والموازنة والإدارة والعدل اللتَيْن كانتا الأنشط في عقد الجلسات المتعلقة بمقترحات القوانين والتشريع، لم تكونا كذلك في المجال غير التشريعي، ضِمناً الرقابة، علماً أنّ الرقابة في هذَيْن المجالَيْن كان يُفترض أن تكون في أوجها، في ظلّ الانهيار المالي وفي ظلّ التجاوزات التي تحصل بحق السلطة القضائية، والتي وصلت إلى حدّ تعطيلها أو تعطيل بعض الأجهزة القضائية خلال ولاية المجلس الحالية. وكذلك الأمر بخصوص اللجان المشتركة التي ورد على جداول أعمالها بند غير تشريعي أوحد؛
  • إنّ أربع لجانٍ فقط ورد على جدول أعمالها أكثر من بند غير تشريعي شهرياً (الأشغال، والاقتصاد، والصحة والإعلام).

اللجان الفرعية 

بينما درسنا أعلاه توزيع الأعمال داخل اللجان الدائمة والمشتركة، نعرض في ما يلي رسماً باجتماعات اللجان الفرعية للجان الدائمة والمشتركة، التي بلغ عددها 377 اجتماعاً موزَّعاً على ثماني لجان دائمة، فضلاً عن اللجان المشتركة. 

وبحسب النظام الداخلي، لكل من اللجان الدائمة، أن تنتخب من أعضائها لجنة فرعية لدرس مواضيع معيَّنة (المادة 24).

وسنعمد في هذا الرسم إلى تحديد عدد اللجان الفرعية لكل من اللجان الدائمة والمشتركة، فضلاً عن عدد اجتماعاتها وكيفية توزيع بنودها ما بين العمل التشريعي وغير التشريعي.

وعلى ضوء الرسم أعلاه، أمكن إبداء الملاحظات الآتية:

  • أنّ اللجان المشتركة أنشأت أكثر من نصف اللجان الفرعية خلال الولاية، حيث بلغ عدد اللجان الفرعية المُنشَأة داخلها 33 من أصل 61؛
  • كانت لجنة الإدارة والعدل من بين اللجان الدائمة الأكثر لجوءاً إلى تشكيل لجان فرعية حيث أنشأت 12 لجنة فرعية. وقد برز ذلك بخاصة في موضوع اقتراحات القوانين المتعلقة بالقضاء العدلي والتي تتعلق مبدئياً باقتراحات قانون استقلال القضاء، حيث بلغ عدد الاجتماعات اللجنة الفرعية المعنية بذلك 32 اجتماعاً؛
  • في حين يفسَّر إنشاء لجان فرعية بتعقيدات اقتراح قانون ما أو بالجهد الخاص الذي يتطلبه، أمكن تفسير إنشاء لجان فرعية أخرى باشتمال اختصاص لجنة دائمة ما على اختصاصات متعددة ومتباينة. مثالٌ على ذلك: إنشاء لجنة فرعية لتعديل قانون البلديات وذلك ضمن لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات. كما يُلحَظ أنّ لجنة المال والموازنة أنشأت لجنة فرعية بهدف معالجة إحدى المسائل ذات الحساسية السياسية الفائقة، وهي دراسة خطة التعافي المالي التي أعدّتها حكومة حسان دياب وعارضتها جمعية المصارف؛
  • أنّ عدد اجتماعات اللجان الفرعية يزيد قليلاً عن 40% من عدد اجتماعات اللجان الدائمة، في حين أنّ مجموع البنود الموضوعة على جداول أعمالها قارب 44% من مجموع البنود المُدرَجة على جداول أعمال جلسات اللجان الدائمة؛
  • أنّ نسبة البنود التشريعية الواردة على جداول أعمال جلسات اللجان الفرعية والمشتركة (54.7%) تجاوزت نسبة البنود التشريعية الواردة على جلسات اللجان الدائمة، علماً أنّ البنود التشريعية الواردة على جداول أعمال اللجان الفرعية بلغت (37.6%) من مجمل البنود التشريعية؛
  • أخيراً، يُسجَّل أنّ الغالبية الكبرى للبنود الواردة على جداول أعمال اللجان الفرعية هي بنود تشريعية، في حين لم تتجاوز البنود غير التشريعية ما نسبته 2%.

4. نتاج عمل اللجان 

في هذا المجال، سنعمد إلى تحديد نتاج عمل اللجان على الصعيدَيْن التشريعي وغير التشريعي. كما سننظر إلى تأثيرات التحوُّل الحاصل في 17 تشرين الأوّل 2019 على هذا النتاج. 

وفي حين أمكن قياس حجم نتاجها التشريعي بعدد الاقتراحات المُنجَزة منها أو قيد الدرس، فإنّ قياس حجم نتاجها غير التشريعي يعتمد أساساً على عدد البنود في ظلّ ندرة لجان التحقيق أو التقارير المنظَّمة منها.

أ. نتاج عمل اللجان التشريعي 

نعمد هنا إلى قياس معطيَيْن لتقييم حصيلة نتاج اللجان على الصعيد التشريعي. أوّلاً، عدد المقترحات (اقتراحات ومشاريع) التي أُدرجَت على جدول أعمال كل لجنة. وثانياً، مآل هذه المقترحات، أي تحديداً عدد المُنجَزة منها وعدد التي لا تزال قيد الدرس لديها. كما سنسعى لاحقاً إلى تحديد الفترة التي تستغرقها عادة أعمال اللجان التشريعية، ضمناً مدى التزامها بالمهلة المنصوص عليها في النظام الداخلي وهي شهر.

  • عدد الاقتراحات المنجزة وقيد الدرس 

حتى تاريخ 19/4/2022، يتبيّن أنّه قد ورد 406 مقترحات مختلفة على جداول أعمال جميع اللجان، الدائمة والمشتركة. ويتبيَّن أنّ 326 مقترحاً من أصل 406 اقتُرحَتْ ضمن الولاية الحالية مقابل 80 مقترحاً قُدِّم في ولايات سابقة. وفي حين كان يُتوَقَّع أن تُسرِّع اللجان النيابية من وتيرة مناقشة هذه المُقترحات قبل انتهاء ولاية المجلس، فإنّها عمدت على العكس من ذلك إلى تخفيض عدد اجتماعاتها خلال السنتَيْن الأخيرتَيْن من عمر المجلس كما رأينا أعلاه، ما أدّى إلى تراكم هذا العدد الكبير من المقترحات غير المُنجَزة. ففي المحصّلة، أُنجز 265 مُقترحاً من أصل الـ 406 مقترحات المُدرَجة على جداول أعمالها أي بنسبة إنجاز 65.2%، فيما بقي 141 مُقترحاً قيد الدرس. ويُلحَظ أنّ عدد المُقترحات المُنجَزة بلغ 227 نصاً بعد دمج العديد من المقترحات بعضها ببعض.

في ما يلي تفصيل عمل اللجان النيابية:

في هذا الصدد، يُلحَظ الآتي:

  • تتصدّر اللجان المشتركة لائحة اللجان من حيث عدد المقترحات التي ما زالت عالقة لديها بـ 36 مُقترحاً على رأسها اقتراح قانون الكابيتال كونترول. تأتي من بعدها لجنة الصحة العامة بـ 32 مُقترحاً، ثمّ لجنة الإدارة والعدل التي ما زالت تدرس 29 مُقترحاً (على رأسها اقتراح قانون استقلالية القضاء العدلي وشفافيته وقانون استقلال القضاء الإداري وشفافيته)، مقابل 21 مُقترحاً أمام لجنة المال والموازنة و12 أمام لجنة الدفاع والداخلية والبلديات.
  • تعود كثرة المقترحات العالقة لدى اللجان المشتركة لعدم وجود أُطُر واضحة للعمل فيها، خصوصاً مع تبدُّل اللجان التي تشترك في اجتماعاتها. وفي حين أنّ المُقترحات تُحال إلى اللجان المشتركة بحسب النظام الداخلي، إمّا في حالة دخول المقترح في اختصاص أكثر من لجنة أو في حالة التباين عند درس المقترح من قِبَل كل لجنة على حدة (المادة 39)، يتبيَّن أنّ 137 من 148 مُقترحاً أُحيلَتْ مباشرة إلى اللجان المشتركة قبل أن تنظر فيها أيُّ لجنة أُخرى. ويُمكن تفسير هذه النسبة المرتفعة من الإحالة المباشرة إلى اللجان المشتركة بِنِيّة تسريع إقرار بعض المقترحات أو بإرداة الإعلان عن هذه النية أو أيضاً إرادة التحكُّم بوتيرة درسها من قِبَل رئاسة المجلس، حيث أنّه يدعو إليها ويرأسها رئيس المجلس أو نائبه (وهذا ما حصل خلال هذه الولاية حيث ترأّس إيلي الفرزلي مجمل الجلسات). وبالنظر إلى المقترحات الواردة إلى اللجان المشتركة، يتبيَّن أنّ القسم الأكبر منها يُعَدُّ من المقترحات "الدسمة" والحساسة، كاقتراح العفو العام ومعظم الاقتراحات المتعلقة بمكافحة الفساد.
  • من اللافت، في المقابل، أنّ ثماني لجان (أي نصف اللجان الدائمة) أنتجت بالمتوسّط أقلّ من 1.25 مقترحاً سنوياً، وهي: البيئة (0 اقتراحات منجزة)، تكنولوجيا المعلومات (1)، حقوق الإنسان (3)، الشباب والرياضة (4)، المرأة والطفل (4)، الاقتصاد الوطني والصناعة والتجارة (5)، الإعلام والاتصالات (5)، الزراعة والسياحة (5). 
  • على صعيد الإنجاز، يتبيَّن أنّ لجنتَيْ الإدارة والعدل والمال والموازنة هما الأكثر إنجازاً حيث أنجزت الأولى 52 مقترحاً والثانية 49. وهذا يعني أنّ حتى اللجان الأكثر إنجازاً لم تتجاوز نسبة الإنجاز لديها أكثر من اقتراح كل شهر إلّا بقليل (1.08 و1.02). 
  • يتبيّن أنّ لجنة المرأة والطفل كانت من بين الأقلّ إنجازاً. يُمكن تفسير ذلك بعدم وجود النية لدى الكتل النيابية المختلفة لتغيير الواقع الحالي status quo بالنسبة إلى المواضيع التي تُعنى مباشرة بالمرأة والطفل وهي مواضيع الأحوال الشخصية. ويتأكّد ذلك عبر محاولات إيلاء السلطات الدينية والشرعية حق التشريع في هذا المضمار.
  • مدة إنجاز دراسة المقترحات 

وأخيراً، رأينا من المهم في هذا الصدد التدقيق في الزمن الذي تستغرقه دراسة المقترحات في اللجان، ضمناً مدى التزامها بالمادة 38 من النظام الداخلي لمجلس النواب الذي يفرض عليها إنهاء الدراسة خلال مهلة أقصاها شهر من تاريخ ورودها. ويجدر هنا التنبيه إلى أنّه لا تتوفَّر لدينا معطيات موثوقة على تاريخ ورود المقترحات إلى اللجان، إنّما فقط تاريخ وضعها لأوّل مرة على جدول أعمال إحدى جلساتها. وتالياً، فإنّ المُهَل التي استغرقتها دراسة المقترحات والمشار إليها في الرسم أدناه هي أقلّ من المُهَل الحقيقية حيث اضطررنا بفعل نقص المعلومات أن نحسم منها المُهَل ما بين إحالة المقترح إلى اللجنة ووضعه على جدول أعمال إحدى جلساتها.

كما نشير إلى أنّ عدد المقترحات التي تأخّرت اللجان في دراستها خلافاً لما يفرضه النظام الداخلي، هو مجموع المقترحات التي تخطّى زمن إنجازها مهلة الشهر مضافاً إليها المقترحات التي ما زالت قيد الدرس رغم انقضاء هذه المهلة. في المقابل، لا نحتسب ضمنها المقترحات التي قد تكون أحيلت إلى اللجان من دون أن تُوضَع على جداول أعمال أيٍّ من جلساتها وذلك لنقص المعلومات لدينا في هذا الخصوص.

بناء عليه، أمكن إبداء الملاحظات الآتية:

  • أنّ اللجان خالفت المادة 38 من النظام الداخلي للمجلس بدرجة كبيرة، حيث بلغت المقترحات الثابتة مخالفتها نسبة 58.8% من مجموع ما عُرِض على جداول أعمالها بأقلّ تقدير. هذا مع العلم أنّ اللجان المشتركة ولجنة الإدارة والعدل سجَّلت العدد الأكبر من المخالفات، إذ تجاوزت المدة القانونية في دراسة المقترحات الواردة على جداول أعمالها، تباعاً، 69 و52 مقترحاً؛
  • أنّ متوسّط عدد الأيام لإنجاز المقترحات في اللجان بلغ 58.2 يوماً، أي حوالي ضعف المدّة المحدَّدة، وذلك بالنظر إلى المقترحات المُنجَزة من دون احتساب ما هو ما زال قيد الدرس. وقد سجَّلت لجنة الشباب والرياضة أطول مدة متوسّطة في إنجاز مقترحات القوانين المعروضة عليها، حيث بلغت هذه المدة 152.2 يوماً (أكثر من خمسة أشهر) لكل مقترح، تليها لجنة الإدارة والعدل بمتوسّط 141.4 يوماً لإنجاز كل مقترح. وقد سجَّلت لجنة التربية والتعليم المدة الأطول لإنجاز مقترح قانون بحيث بلغت 1260 يوماً. 
  • مآل المقترحات التي أُنجِزَت في كل لجنة

في هذه الفقرة، سنسعى إلى تحديد مآل المقترحات المُنجَزة من اللجان، وتحديداً نسبة إقرارها من قِبَل المجلس النيابي وتحوُّلِها إلى قوانين نافذة، وذلك بهدف استشراف مدى فعالية هذه اللجان. ويجدر التنبيه هنا إلى أنّ بعض المقترحات قد عُرضَت وأُنجِزَت من أكثر من لجنة. وعليه، فإذا جمعنا، وفق الرسم، عدد المقترحات المُنجَزة من اللجان والتي لم تُحَلْ إلى الهيئة العامة - في مخالفة واضحة للنظام الداخلي - يكون المجموع 77 مقترحاً في حين أنّها تمثّل فقط 53 مقترحاً مختلفاً، طالما أنّ بعض المقترحات تم إنجازها في اثنتين أو أكثر من اللجان الدائمة أو المشتركة.

يتبيّن من هذه الأرقام ما يلي:

  • أنّ 53 مقترحاً مختلفاً أُنجزت في اللجان من دون أن تُعرَض على الهيئة العامة. وسبب ذلك إمّا أنّ هيئة مكتب المجلس لم تضعه على جدول الأعمال، وإمّا أنّها أُحيلَت إلى لجنة أخرى أو للجان مشتركة لم تباشر درسه بعد؛
  • في حين يُفترَض أن تكون اللجان المشتركة جامعة للجان والكتل في آن واحد، ما يعني أنّ ما يصدر عنها يُفترَض أنّه مرّ بموافقة أغلبية هؤلاء، رفضت الهيئة العامة إقرار 15 مقترحاً سبق إنجازها في اللجان المشتركة؛
  • أنّ الاقتراحات المُنجَزة من لجنتَيْ الشؤون الخارجية والصحة العامة سجَّلت أعلى نسبة نجاح في الهيئة العامة التي أَقرَّت 27 من 27 مقترحاً مُنجَزاً من الأولى و15 من 16 مقترحاً مُنجَزاً من الثانية. ومن الممكن تفسير هذا النجاح بأنّ أغلب مقترحات الخارجية متعلقة بعلاقات واتفاقيات دولية سبق وأن وافقت عليها الحكومة ومن ثمّ اللجنة. وقد جرت العادة أن تُصادق الهيئة العامة للمجلس النيابي على هذه الاتفاقيات من دون نقاش طويل. أمّا بالنسبة إلى لجنة الصحة العامة، فيعود ذلك إلى جائحة كورونا وضرورة إصدار قوانين تتعلق بمواجهتها كالسماح باستعمال اللقاح. وقد يجد هذا الأمر تفسيره في الطابع التقني لبعض هذه المقترحات، علماً أنّ لجنة الصحة قد ضمّت أطبّاء ومختصّين مثل عاصم عراجي وفادي علامة وبلال عبدالله وغيرهم. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّه، وعلى الرغم من النسبة المرتفعة لإقرار المقترحات المُنجَزة من هذه اللجنة من قِبَل الهيئة العامة، يبقى أنّ نصف المقترحات المُنجَزة منها لم تُعرَض على الهيئة العامة؛
  • أنّه يُلحَظ عند التدقيق في الاقتراحات المُوَقَّعة من ثلاث كتل أو أكثر أنّ تسعة منها فقط (من أصل 69) قُدِّمَت بمبادرة من نواب ينتمون إلى اللجنة نفسها، علماً أنّ خمسة منها قُدِّمَت بمبادرة من لجنة الصحة واثنين بمبادرة من كُلٍّ من لجنتَيْ الإعلام والاتصالات. يُضاف إليها اقتراح صدر عن نواب لجنة حقوق الإنسان والأشغال العامة وهذا ما سنعود إليه في القسم الثالث من هذا التقرير. ويؤشّر هذا الرقم إلى محدودية المبادرة التشريعية الحاصلة بدفع من اللجان النيابية.

ب. نتاج العمل غير التشريعي 

على الرغم من تعدُّد البنود والمواضيع غير التشريعية التي طُرحَت، لم تُفضِ هذه الأعمال إلى أيّ نتيجة ملموسة ما عدا استثناء واحد، تقرير لجنة المال والموازنة حول التوظيف غير القانوني في القطاع العام الذي كشف عن أكثر من 10 آلاف حالة توظيف في مخالفة فادحة. وهو تقرير لم تترتَّبْ عليه أيّ نتيجة ولم تستتبعه أيّ خطوة من المجلس. فضلاً عن ذلك، فإنّ التقرير بقي سرِّيّاً ولم يُنشَر حتى اللحظة رغم أهميته.

3. حجم نتاج اللجان ما قبل الانهيار وما بعده

في هذه الفقرة، سنعمد إلى قياس مدى تأثُّر عمل اللجان بالتحوُّل الحاصل في 17 تشرين الأوّل 2019 بنتيجة الانتفاضة والانهيار الاقتصادي والمالي. وهذا ما نحاول تبيانه من خلال البيانات الواردة في الرسم أدناه. 

على ضوء هذا الرسم، أمكن إبداء الملاحظات الآتية:

  • بلغ عدد البنود التشريعية قبل 17 تشرين 590 بنداً، أي بمتوسّط 34.7 بنداً شهرياً، مقابل 1185 بنداً بعد 17 تشرين، بمعدّل 38.2 بنداً شهرياً، أي أنّ دراسة البنود التشريعية ارتفعت بعد ذلك، وإن كانت الحصيلة متقاربة في الفترتَيْن، حيث أنّ متوسّط عدد المقترحات المُنجَزة في اللجان ترواحت بين 6.9 و6.7 في كلٍّ منهما.

وفي حين انخفض متوسّط عدد البنود التشريعية كما عدد الاجتماعات في اللجان المشتركة واللجان الدائمة بين الفترتَيْن، فإنّ متوسّط عدد البنود التشريعية لدى اللجان الفرعية للجان المشتركة أو اللجان الدائمة قد ارتفع بنسب مُعتبَرة.

  • بلغ عدد البنود غير التشريعية قبل 17 تشرين 230 بنداً، أي بمتوسّط 13.5 بند شهرياً، مقابل 240 للفترة اللاحقة بها، أي بمتوسّط 7.7 بنود شهرياً. بمعنى أنّ نشاط اللجان الدائمة والفرعية انخفض في هذا المجال بحدود 43%.
  • إنّ زيادة العمل التشريعي مقابل تراجُع العمل غير التشريعي بين الفترتَيْن إنّما يشير إلى أنّ المجلس النيابي آثَرَ أن يعطي للأزمة إجابات تشريعية للمستقبل أكثر مما هي إجابات على ما حصل في الماضي وما يستتبعه من رقابة وتحديد مسؤوليات. 

5. أهم أعمال اللجان 

هنا، سنحاول إلقاء الضوء على أهم ما تناولته اللجان خلال ولاية المجلس 2018-2022 سواء من الناحية التشريعية أو غير التشريعية وبخاصة الرقابية، بدءاً من أكثرها نشاطاً من حيث عدد الاجتماعات. 

اللجان المشتركة

لا بُدّ من التذكير أوّلاً بأنّ اللجان المشتركة تجتمع إذا كان المشروع أو الاقتراح يدخل في اختصاص أكثر من لجنة، وذلك عبر دعوة يوجِّهُها رئيس المجلس النيابي، على أن يرأس جلساتِها بنفسه أو بواسطة نائبه وهو ما جرت عليه العادة خلال هذه الولاية حيث ترأّس إيلي الفرزلي جميع جلسات اللجان المشتركة. وبذلك، يكون قرار إحالة المقترحات إلى اللجان المشتركة واجتماعها محصوراً بِيَدِ رئيس المجلس النيابي.

في التشريع، كانت اللجان المشتركة أكثر اللجان التي دُرسَتْ فيها مقترحات قوانين حيث ورد على جداول أعمالها 148 مقترحاً، 137 منها وردت إليها مباشرة. وقد تم إنشاء لجنة فرعية خاصة بدراسة قوانين مكافحة الفساد داخل اللجان المشتركة إثر انتفاضة 17 تشرين. وقد أُنيطَ بها دراسة اقتراحات مكافحة الفساد كاقتراح قانون مكافحة الفساد في القطاع العام ومقترحَيْن حول "استعادة الأموال المنهوبة" وقانون الإثراء غير المشروع ومقترحات لتعديل قانون السرية المصرفية. وبشكل عام، وجدت المقترحات الهامة خلال هذه الولاية دائما طريقها إلى اللجان المشتركة. ومنها اقتراحات قوانين العفو العام والكابيتال كونترول وتعديل قانون الانتخابات والبطاقة التمويلية واللامركزية الإدارية، بالإضافة إلى مقترحات مكافحة الفساد المذكورة أعلاه. كما تولّت اللجان المشتركة دراسة اقتراحَيْ قانونَيْ الشراء العام والمنافسة، ضمن لجنتَيْن فرعيَّتَيْن منشأتَيْن لهذه الغاية قبل إقرارِهما.

وفي حين تم إنجاز أغلب هذه القوانين التي تُعتبَر من أهم قوانين ولاية المجلس (وفق ما درسناه أعلاه)، فإنّ اللجان المشتركة فشلت في المقابل في إنجاز تسوية حول مقترحات العفو العام والكابيتال كونترول. كما لا يزال اقتراح رفع السرية المصرفية يراوح مكانه بعدما جرّدتْه الهيئة العامة من مضمونه وأعاده رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي لتعود لجنة المال والموازنة لتبقيه على صيغة هي من باب لزوم ما لا يلزم.

رَقابياً، لم تعقد اللجان المشتركة سوى جلسة رقابية وحيدة حضر فيها أحد نواب حاكم مصرف لبنان، سليم شاهين، رغم توجيه الدعوة لسلامة نفسه. وقد أدلى شاهين عند سؤاله حول احتياطي الذهب بجواب مفاده أنّ المصرف المركزي بدأ بعملية التعداد للمرة الأولى منذ العام 1996، وهو جواب يُستدَلُّ منه على عدم جِدِّيَّة في تعاطي إدارة مصرف لبنان مع أسئلة اللجان المشتركة وتيقُّنِه بأنّه لن يكون هناك عواقب لتجاهله الجواب. وبالفعل، امتنعت اللجان المشتركة لاحقاً عن طرح أيّ سؤال في هذا الخصوص، وتحديداً حول ما إذا انتهى العدُّ أم لا.

لجنة المال والموازنة

في قراءتنا لواقع لجنة المال والموازنة، لا يمكننا الخلوص إلى تحديد رؤية أو مشروع أو خطة واضحة المعالم، لا قبل الانهيار ولا بعده. بل للأسف، نجد أمامنا تشريعاً مُبَعثَراً غير واضح الهدف، يسجَّل له بعض الإنجازات من حين إلى آخر تُرسِّخ حقوق المواطن وبناء دولة القانون، لكنّها تغرق في كمٍّ كبير من ن