من المستفيد من تعطيل ورش الإصلاحات القضائية للأسبوع السابع؟

المرصد البرلماني

14/05/2024

انشر المقال

للأسبوع السابع، يستمر تعطيل ورش الإصلاح القضائي في لجنة الإدارة والعدل واللجنة الفرعية المنبثقة عنها لدرس اقتراحيْ قانون استقلالية القضاء الإداري، وذلك بعدما أعلن وزير العدل هنري خوري في تاريخ 28 آذار 2024 مقاطعة الوزارة ورئاسة مجلس القضاء الأعلى حضور اللجان على خلفية ما اعتبره خوري تعرضا من النائب فراس حمدان ضد المحامية العامة لدى المحكمة العسكرية منى حنقير. فكما حصل في الأسبوع الماضي، خلا جدول أعمال لجنة الإدارة والعدل من بند دراسة اقتراح قانون القضاء العسكري. كما لم تتمّ دعوة اللجنة الفرعية المنشأة لدرس اقترحيْ استقلالية القضاء الإداري، تماما كما حصل في الأسابيع الماضية. هذا مع العلم أن رئيس لجنة الإدارة والعدل جورج عدوان كان تعهّد الأسبوع الماضي بالتصرف بطريقة مختلفة إذا استمرّ التعطيل، بعد أن مضى أكثر من شهر دون اتخاذ أي إجراء لمتابعة النقاشات أو لمساءلة الوزير. 

وعليه، يكون وزير العدل المسؤول المباشر عن تعطيل هذه الورش خلافا لموجبه الدستوريّ بالتعاون مع السلطة التشريعية (مقدمة الدستور، فقرة ه)، وبخاصّة أن سبب المقاطعة بحدّ ذاته (أي الاحتجاج على نقد النائب فراس حمدان للمحكمة العسكرية والنيابات العامة فيها يشكّل بدوره انتقاصًا من حريّة النائب بالكلام ومساءلة المؤسسات العامة على اختلافها). إلا أن مسؤوليته تلك لا تحجب أبدا مسؤولية رئيسيْ لجنة الإدارة والعدل واللجنة الفرعيّة، نظراً لامتناعهما أي إجراء لمعالجة أسباب هذه المقاطعة، كإقناع وزير العدل الرجوع عنها أو لتجاوزها بعد مساءلة الوزير على إخلاله بمبدأ التعاون مع المجلس النيابي. 

انطلاقا من ذلك، وعلى ضوء التمادي في تعطيل الورش الإصلاحية وتماهي اللجنة النيابية مع الوزير الذي أخل بمبدأ التعاون معها، جاز التساؤل ما هو السبب الحقيقي وراء هذا التعطيل؟ وهل التعطيل إجراء مؤقت لانتزاع اعتذار من نائب عن خطأ لم يرتكبْه أم أنه بات هدفا بحدّ ذاته يتطلع إليه أطراف عدة لإجهاض الإصلاح القضائي أو التملص من ورش إصلاحية باتت تسبب لها حرجا كبيرا؟ وفي هذه الحالة الأخيرة، من يكون المستفيد الحقيقي من تعطيل الورش القضائية؟ 

حتى اللحظة، لا تتوفر لدينا معطيات كافية للردّ على هذه الأسئلة التي تزداد مشروعيّة وإلحاحا كلما طال أمد التعطيل، إنما نكتفي هنا بلفت النظر إلى واقعتين قد تفسّران التعطيل. الأولى، أنّ اللجنة الفرعية اصطدمتْ في تاريخ 19 آذار 2024 بتوصيات لجنة البندقية بإجراء تعديلات جذرية على توجهات اقتراح القانون المقدم من النائب جورج عدوان (والذي أعده رئيس مجلس شورى الدولة)، على خلفية تعارضها مع معايير استقلالية القضاء والمحاكمة العادلة. وكنا قد توقعنا في معرض التعليق على هذا الرأي أن اللجنة ستجد نفسها مُحرجةً بنتيجته. لم تنقضِ أيام بعد ذلك حتى احتدّت النقاشات داخل اللجنة الفرعية قبلما تتعطل بالكامل تحت ذريعة مقاطعة وزير العدل لأعمال اللجان النيابية. أما الواقعة الثانية التي يجدر التوقف أمامها، فهي حدّة النقاشات التي دارت في لجنة الإدارة والعدل بشأن إصلاح القضاء العسكري، في ظلّ توجس العديد من القوى السياسية (وقد ذهب بعضها إلى رفض معايير المحاكمة العادلة برمتها) والأجهزة الأمنية من إدخال أي تعديل على بنية هذا القضاء أو تقليص لصلاحياته خلال هذه المرحلة، علما أن هذه النقاشات أتتْ هي أيضا قبل أسبوع واحد من بدء المقاطعة المعلنة. فلنراقب.