إخضاع موظفي وزارة الإعلام لشرعة التقاعد: انتظار دام أكثر من 17 عامًا

هدى زبيب

21/06/2024

انشر المقال

تقدّم عضو كتلة التنمية والتحرير النائب غازي زعيتر في تاريخ 11 حزيران 2024 باقتراح قانون يرمي بحسب موادّه إلى إخضاع متعاقدي وزارة الإعلام سندًا للمرسوم رقم 5240/2001، لشرعة التقاعد المنصوص عليها في أحكام المرسوم الاشتراعي رقم 47 الصادر في تاريخ 29 حزيران 1983 وتعديلاته. وذلك لجهة حقّهم في الاستفادة من المعاش التقاعدي أو تعويض الصرف وفقًا للشروط نفسها المطبّقة على الموظفين الدائمين في الإدارات العامة، والاستفادة من تقديمات تعاونية موظفي الدولة. 

ونصّ الاقتراح على أن يسدّد المتعاقدون المستفيدون من أحكام هذا القانون فروقات المحسومات التقاعدية المترتبة عن خدماتهم السابقة التي اعتمدت في عقودهم مع الوزارة بموافقة مجلس الخدمة المدنية والتي تحتسب سنوات الخدمة ابتداءً من تاريخ تسجيل كلّ منهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وبحسب نصّ الاقتراح، تحدّد نسبة محسومات التقاعد أو الصرف من الخدمة التي تقتطع من الراتب الأساسي للمتقاعدين المشمولين بأحكام هذا القانون، وفقًا للنسب ذاتها المقتطعة من الراتب الأساسي للموظف الدائم في الإدارات العامة وتخضع للتعديلات ذاتها. ويسدّد المتعاقدون المستفيدون من أحكام هذا القانون فروقات المحسومات التقاعدية المترتبة عن خدماتهم السابقة وفقًا للنسب ذاتها المطبقة على الموظف الدائم في الإدارات العامة، على شكل أقساط تقتطع شهريًا بنسبة 10% من أساس الراتب. 

وأضاف الاقتراح أنّه في حال انتهت خدمة الموظف قبل تسديد كامل المبلغ المتوجّب عليه واختار المعاش التقاعدي، يستمرّ هو أو ورثته في دفع الأقساط كما لو كان موظفًا، أمّا إذا اختار تعويض الصرف فيُحسم هذا الرصيد دفعة واحدة من تعويض صرفه. وأخيرًا، يعيد المتعاقد الذي سحب جزءًا من تعويضه من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عملًا بنظامه بسبب بلوغ خدمته العشرين سنة المبالغ عينها التي تقاضاها إلى خزينة الدولة.

وذكر اقتراح زعيتر في الأسباب الموجبة أنّ متعاقدي وزارة الإعلام "يشغلون عمليًا المهامّ والوظائف الموكلة إليهم بما يتوافق مع ملاكها الإداري والحاجة الماسّة التي فرضتْها طبيعة العمل الإعلامي الحديث، وأنّ "معظمهم قد أمضى في خدمة الوزارة أقلّه بين الـ 30 والـ 40 عامًا، خدمة فعلية، استنادًا لتاريخ تسجيلهم على حساب الوزارة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" ولهم "ملاك إداري خاص في الوزارة يعاملهم بنفس شروط الملاك الإداري العام، لكن هذا الملاك الخاص ألغي بموجب القانون رقم 86 بتاريخ 7/9/1991 بعد إخضاع المتعاقدين حينها لشركة التقاعد".

وأضاف الاقتراح في الأسباب الموجبة أنّه "ليس من مبادئ العدالة والإنصاف أن يتحمّل متعاقدو هذه الوزارة كافة واجبات ومسؤوليات الوظيفة العامة دون أبسط حقوقها"، وأنّهم "تقدّموا في السن في خدمتهم في الوزارة، ممّا حرمهم من الاشتراك في المباريات لملء الوظائف العامة، لتأمين تسوية وضعهم وإنصافهم بوعود تكررت لهم عبر السنين".

ورغم أنّ الاقتراح ينصّ على استفادة المُتعاقدين من التقديمات الصحية لتعاونية الموظفين بعد تقاعدهم، خلافًا لما يحصل حاليًا حيث يترك المتقاعد لمصيره، إلّا أنّه لا يشير في أيّ من مواده إلى ضمّ المتقاعدين في الوزارة خصوصًا الذين انتهت خدمتهم  في فترة الانهيار الاقتصادي الذي حوّل تعويضاتهم إلى فتاتٍ لا يساوي حتى قيمة اشتراكات الضمان الاجتماعي لسنة واحدة. وحين توجّهت "المفكرة" بالسؤال إلى زعيتر عن هذا الأمر، ردّ بالقول إنّ هذه التفاصيل سيتم درسها في اللجان المشتركة لاتخاذ القرار المناسب.

 

موضوع "أشبع درسًا منذ العام 2007"

يتوقع زعيتر في تصريح لـ "المفكرة" بأن يتمّ تحويل القانون إلى اللجان المشتركة في أقرب فرصة، اختصارًا للوقت، لدرسه وإقراره ومن ثمّ إحالته إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي، بتشجيع من رئيس المجلس نبيه بري لـ "حفظ حقوق كل المتعاقدين في الوزارة، وتصحيحًا لما ارتكب من أخطاء بحقهم وإعادة ما انتزع منهم وإقرار خطوات تنصفهم، إذ من شأنه، أن يؤمّن مستقبلًا أفضل للموظفين المتعاقدين. فبدلًا من الحصول على تعويضات نهاية الخدمة من الضمان الاجتماعي، سيضمّ هؤلاء إلى تعاونية موظفي الدولة، ويستفيدون في مرحلة التقاعد من حق الاستشفاء والطبابة، ومن راتب تقاعدي مستمر". 

وبالفعل، وبحسب معلومات المرصد البرلماني في "المفكرة"، أحيل الاقتراح إلى اللجان المشتركة المؤلفة من لجنَتي المال والموازنة، والإعلام والاتصالات في تاريخ 12/6/2024. وكان عدد من الموظفين المتعاقدين الذين يتابعون هذا الملف منذ عشرات السنوات توقّعوا في تصريحات لـ "المفكرة" أيضًا ألّا يمرّ الاقتراح على اللجان النيابية المعنية، بل أن يتمّ تحويله مباشرة إلى أوّل جلسة للجان المشتركة، كونه أشبع درسًا منذ انطلاقه في العام 2007 حين عمل فريق من وزارة الإعلام برئاسة المدير العام حسان فلحة على إعداد مشروع قانون يرمي إلى تثبيت متعاقدي وزارة الإعلام. وقد نام ذلك المشروع في أدراج مجلس الوزراء، ثم أعيد إحياؤه في العام 2011 من خلال اقتراح قانون وقعه النوّاب: قاسم هاشم، وأنطوان زهرا، وإيلي عون وإبراهيم كنعان. ويومها أقرّت لجنة الإعلام النيابية الاقتراح كما ورد، فيما أقرّته لجنة المال بتعديل طفيف تمثّل في إخضاع المتعاقد للامتحان، قبل أن تنحو لجنة الإدارة منحى مختلفًا، حيث دعت إلى تعميم الاقتراح على كلّ الإدارات والوزارات. ووضع الاقتراح على جدول أعمال الهيئة العامّة في 16 آب 2017، إلّا أنّ رئيس الحكومة طلب وقتًا لدراسته مجدّدًا ولكن لم يتم إعادته إلى المجلس النيابي كي يقرّ. 

وكان متعاقدو وزارة الإعلام، قد واكبوا تلك الجلسة من خلال وقفة على مقربة من مجلس النوّاب (واكبتها كاتبة هذا المقال)، بانتظار خبر ينصفهم، وخلال الوقفة انضمّ إليهم عدد من النوّاب والوزراء وأغدقوا عليهم الوعود والتطمينات. وكان أبرزهم النائب علي حسن خليل الذي بشّرهم أنّ الاقتراح سيُقرّ فاحتفلوا بالزغاريد، قبل أن تنتهي الجلسة من دون حتى مناقشة الاقتراح، فذهبت آمالهم أدراج الرياح.

وكان النائب بلال عبدالله قد تقدم في تاريخ 6 أيار 2020 باقتراح قانون يرمي إلى إفادة المتعاقدين في وزارة الإعلام من نظام التقاعد وتقديمات تعاونية موظفي الدولة. وقد أحيل الاقتراح إلى لجان المال والموازنة والإدارة والعدل والإعلام والاتصالات في 8 من الشهر نفسه وأقرّته لجنة الإعلام معدّلًا. 

وفي مقارنة سريعة يتبيّن أنّ زعيتر استعاد المواد الخمس الأولى فقط لاقتراح النائب بلال عبد الله الذي يتضمّن مادّتين إضافيتين: الأولى، تسمح للمتعاقدين المستفيدين من أحكام هذا القانون الذين تنتهي خدماتهم بعد تاريخ العمل به والذين تتوافر فيهم شروط استحقاق المعاش التقاعدي، واختاروا تقاضي هذا التعويض، الاستفادة من المنافع والخدمات التي تقدّمها تعاونية موظفي الدولة وذلك وفقًا للشروط والموجبات المطبّقة على الموظفين الدائمين في الإدارات العامّة المنصوص عنها في القوانين النافذة لاسيما منها القانون رقم 122 تاريخ 9/3/1992 وتعديلاته. أما المادة السابعة في اقتراح عبد الله التي لم ترد في اقتراح زعيتر فتنصّ على أنّ دقائق تطبيق هذه المادة تحدّد عند الاقتضاء بقرار يصدر عن وزير المالية بعد موافقة مجلس الخدمة المدنية.

وبانتظار أن يتحوّل الاقتراح الى اللجان المشتركة، وأن يتحدد مصيره فيها، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الاقتراح إنّ أقرّ يمكن أن يشمل حاليًا حوالي 360 من المتعاقدين في وزارة الإعلام وعددا من المشمولين بمرسوم الفائض الذين توزّعوا على الإدارات العامة الأخرى. ولكن نظرًا إلى المصير القاتم للاقتراحات السابقة المرتبطة بالموضوع ذاته، يتخوّف بعض ممّن تواصلنا معهم بأن توضع العراقيل أمام إقراره.