ماذا بعد إقرار الاتفاقية لحماية تنوع أشكال التعبير الثقافي وتعزيزه؟
02/10/2025
أجاز مجلس النواب في 29/9/2025 للحكومة الانضمام إلى الاتفاقية الدوليّة لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي، التي توفّر للدول إطارًا محليّا ودوليّا للحفاظ على هويتها الثقافية وتشجيع الإبداع والتنوّع الثقافي فيها. فما هي أبرز العوائق أمام تنفيذها وما هي الخطوات الضرورية الواجب اتخاذها من أجل تحقيق أهدافها؟
والواقع أنّه يمكن تلخيص أبرز العوائق بأربعة محاور أساسيّة:
أولا، غياب آلية وطنية واضحة لتحديد الأشكال الثقافية المهدّدة: فلا توجد، حتى الآن، قائمة رسمية شاملة أو خطط إنقاذ عاجلة للعاملين في القطاع الثقافي، خصوصًا الذين يفقدون تدريجيا مصادر رزقهم، مما يؤدّي إلى ضياع أشكال مهمّة من التعبير الثقافي.
ثانيا، الثغرات التشريعيّة واسعة: إذ أنّ عددًا كبيرًا من القوانين التي لها تأثير مباشر على حماية التنوّع الثقافي وتعزيزه قديمة أو ناقصة أو عاجزة عن مواكبة التطور الرقمي، أبرزها القوانين المتصلة بالإعلام والأنشطة الثقافية والفنية والصناعات الحرفية وحقوق الملكية والتعليم والتراث.
ثالثا، استمرار القيود على حرية التعبير والرقابة على الإبداع الثقافي، سواء في القوانين أو الممارسات القضائية أو الأمنية، وهو ما يتناقض صراحة مع المادة 2 من الاتفاقية التي تشدد على أنه لا يمكن حماية التنوع الثقافي إلا إذا كانت الحريات الأساسية مضمونة وعلى رأسها حرية التعبير وحرية الإعلام والقدرة على الإبداع والابتكار.
رابعا، عدم تخصيص موارد أو حوافز مالية كافية لحماية التعبير الثقافي.
وعليه وفق الاتفاقية، سيكون على وزارة الثقافة في السنوات القادمة، تنسيق الجهود المؤسساتية والاجتماعية من أجل خطّة متكاملة تشمل:
- رصد الأشكال الثقافية المعرّضة للخطر والأخطار التي تواجهها، بالتّعاون مع الأشخاص والجمعيّات المعنيّة، من أجل اتّخاذ تدابير عاجلة قادرة على الحدّ بسرعة من التدهور وضمان استمراريّة الإنتاج.
- تحديد النقص والثغرات في أشكال التعبير الثقافي الحالية والتشجيع على خلق قطاعات ثقافية جديدة، في مختلف مراحلها، من الإبداع إلى الإنتاج والتوزيع والنّشر، وصولًا إلى ضمان انتفاع أوسع شريحة ممكنة منها، وذلك بالتنسيق مع جميع الأشخاص المساهمين في تنوع أشكال التعبير الثقافي، لاسيما الفئات الأقلّ وصولًا لإمكانيّات الإبداع، فضلا عن النساء والشباب.
- رفع الرقابة وضمان حرية التعبير والإعلام، باعتبارها شرطا أساسيا لحماية التنوع الثقافي وتعزيزه. وهذا ما يقتضي إدخال تعديلات جوهرية على القوانين الناظمة للرقابة وخصوصا بما يتصل بالمسرح والأعمال السينمائية.
- دمج الثقافة في التخطيط الإنمائي الوطني الشامل، أي في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والتأكيد على القيمة الاقتصادية والاجتماعية للأعمال والأنشطة الثقافية.
- تحديث القوانين المتصلة بالثقافة وربطها بالتطور الرقمي، مع اعتماد برامج دعم مالي، بما في ذلك الحوافز الضريبية.
- إدماج الثقافة في المدارس والجامعات وتطوير البرامج المدرسية ومعالجة النقص في التأهيل المهني وتعزيز قدرة المعلمين على توعية الطلاب بشأن تنوع أشكال التعبير الثقافي، فضلا عن تشجيع الشباب على الإبداع الثقافي واكتساب المعرفة الرقمية اللازمة لتعزيز المجال الثقافي الذي يعملون فيه.
- إشراك الجمعيات والفنانين والمهنيين العاملين في قطاع الثقافة في صياغة السياسات وإعداد المواد التربوية. كما يفترض أيضا بتلك الفئات أن تسهم بدورها في المساءلة بشأن إدارة الشؤون الثقافية ومراقبة تنفيذ السياسات والبرامج.
- تعزيز دور وسائل الإعلام في التعريف بالتنوع الثقافي وأهميته، وتشجيع تخصّص صحفيين في المجال الثقافي.
- التوزيع العادل للموارد الثقافية بين المناطق وفيما بين المدن والقرى أو المناطق البعيدة عن المركز.
- ضمان معاملة منصفة للفئات والمجموعات الاجتماعية المهمّشة، بما فيها النساء، من خلال تسهيل نشاطها الثقافي وتقديم الدعم اللازم وضمان وصول الناس إلى ما تنتجه هذه الفئات من أعمال وخدمات ثقافية.
- تفعيل التعاون الدولي، وفق ما نصّت عليه الاتفاقية، والاستفادة من الصندوق الثقافي المخصص لدعم تنفيذ الاتفاقية.