البعريني يتطلع إلى حلف الناتو والفيدرالية والتطبيع: ماذا بشأن الحرمان في عكار؟

رازي أيوب

17/06/2025

انشر المقال

في تاريخ 15 حزيران 2025، ومع اشتداد وطيس الحرب بين إيران وإسرائيل، وعوضاً عن الانشغال في كثير من القضايا الأمنية والإقتصاديّة الملحّة، نشر النائب وليد البعريني تعليقا مطوّلا على وسائل التواصل الإجتماعي دعا فيه الدولة اللبنانية إلى "رفع طلب الانضمام إلى حلف الناتو بأسرع وقت"، وذلك " حرصًا على حماية لبنان". 

وعلاوة على فرادة الطرح وغرابته، فإن ما يزيد من هذه الغرابة هو تبريره الانضمام إلى هذا الحلف بوجوب الامتناع عن "الدخول في سياسة الأحلاف". كما يستغرق البعريني في تعداد "حسنات انضمام لبنان إلى حلف شمال الأطلسي"، فيدّعي أنّ التقدّم بمثل هذا الطلب (من دولة صغيرة ومأزومة مثل لبنان) سيؤدي إلى "حمايته من الهجمات الإسرائيلية وغير الإسرائيلية، فعندما يصبح لبنان في هذا الحلف تصبح جميع أعضاء دول الحلف مجبرة على حمايته". ويستغرق البعريني في عرض هذه الحسنات بقوله أنّ الحلف سيسلّح الجيش والقوى الأمنية، ويستنتج "حتميّة تأمين مظلّة حماية سياسية دولية للبنان". 

ولم تكن تغريدة البعريني الأولى من نوعها، حيث كان لفت الأنظار من قبل بتهديده بإعلان الفيدرالية على خلفية حرمان كتلته من حصتها في الوزارة وبعدما "بلغ السيل الزبى وطفح الكيل"، ودعوته للتطبيع مع إسرائيل

وسرعان ما تحوّلت تغريدته الأخيرة إلى مادة للتندّر. وإذ عبّر البعض عن تشكيكه في أن تكون التغريدة حقيقيّة، علّق البعض الآخر مستهزئاً "حلف الناتو بفرد مره"، واقترح أحدهم الانضمام لمجموعة العشرين، فيما سأله أحد المعلّقين "وليد صاير معك شي؟ نزل شي صاروخ إيراني حد بيتك؟ جربت صحن فسنجون وما عجبك؟". وبصورة أكثر جدية، أوضح أحد المعلقين "سعادتك. بدنا نعتمد ، إما الحياد أو الناتو؟"، وقد ذهب حساب وهمي إلى سؤال الذكاء الإصطناعي (غروك)، عن شروط الانضمام إلى حلف الناتو، فأجاب الأخير ما حرفيّته: "للانضمام إلى حلف الناتو، يجب أن تكون الدولة أوروبية، تلتزم بالديمقراطية وحقوق الإنسان، تحلّ النزاعات سلمياً، تمتلك قدرات عسكرية متوافقة، وتحصل على موافقة بالإجماع من جميع الأعضاء. لبنان، رغم استفادته المحتملة من الحماية والإصلاحات، يواجه عقبات كبيرة: عدم استقرار سياسي، أزمة اقتصادية، وتأثير حزب الله. موقعه خارج أوروبا وتوتّراته الإقليمية تجعل العضوية غير مرجحة حالياً."

وبعيدا عن لغة التندّر وفرادة الطرح، يهم "المرصد" في هذا الإطار التذكير بعمل النائب البرلماني كما بالتصريحات السابقة التي اشتهر فيها، مع التذكير أن النائب منتخب عن إحدى المناطق الأكثر حرمانا في لبنان. وأهم ما أمكن تسجيله هنا، الأمور الآتية: 

1- نتائج الرّصد البرلمانيّ تظهر أن أداء النائب البعريني خلال دورة  المجلس النيابي 2018-2022 قاربت معدلات صفريّة لناحية اقتراحات القوانين التي قدمها، الأسئلة التي طرحها على الحكومة، والطعون الدستورية التي قدمها. والتزم بحضور 16 جلسة فقط من أصل 52 من اللجان التي هو عضو فيها. 

ولئن شهدت هذه الأرقام في الولاية الحالية، بفعل اشتراكه في توقيع اقتراحات القوانين المقدّمة من نواب  كتلته (الاعتدال)، فإنّ التزامه حضور اللجان تراجع بدلاً من أن يتقدّم (5 من أصل 48) أي ما يقارب 10% من الجلسات. كما يلحظ أنه في هذه الولاية أيضا لم يطرح أي سؤال على الحكومة، ولم يقدم سوى طعن دستوري وحيد، هو الطعن في دستورية قانون رقم 1 المتعلق بإيجارات الأملاك غير السكنية (كان بين 12 نائباً قدموا الطعن، وقد اعتبر المجلس الدستوري أنّ هذا القانون غير نافذ).  

2- من خلال رصد أجريناه حول نوّاب عكار، تبيّن لنا أنّ البعريني لم يقم بأي جهد تشريعي استباقي لأزمات عدّة ألمّت بعكّار في السنوات الماضيّة، ولا بأي جهد تشريعي يتجاوب مع الأزمات. إذ أن الافتراح الإنمائي الوحيد لعكار الذي شارك فيه تمثّل في تقديم اقتراح قانون ب "الإجازة للحكومة إنشاء أتوستراد يربط محافظتي الشمال وعكار على طريقة BOT أو بالشراكة مع القطاع الخاص" (3 نيسان 2024). وهو اقتراح يحرّر الدولة من صرف الأموال على مشاريع تنموية حيوية، مقابل إعطاء الفرصة للقطاع الخاص، وهو اقتراح منقول عن اقتراح آخر مشابه لنواب البقاع. 

بالمقابل، نشط النائب خطابيا، سواء في سياق مناشدة المعنيين للقيام بدورهم، أو توجيه اللوم في وقوع أزمة ما على الخصم السياسي. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنه لم يرصد للبعريني أي تعليق أو موقف عقب حريق مكب سرار في تموز 2024 والذي استمر أكثر من شهر وأدى إلى تهجير عشرات الأشخاص. 

كما لم يكن له أي مساهمة حقوقية أو تشريعية حيال فقدان المواد المدعومة في عكار أو عقب انفجار تليل عكار في آب 2021، سوى التراشق الكلامي وبين النائب أسعد ودرغام إثر إعادة نشر معلومات قديمة حول تورطهم افي عمليّات التهريب (مؤخراً تهريب المازوت والبنزين) عبر الحدود إلى سوريا، فضلا عن انتشار معلومات صحافية أو نقلا عن أهالي عكار عن علاقة صاحب الخزانات بأحد هؤلاء النوّاب، وعلاقة صاحب الأرض بنائب آخر.