ريفي يمتطي سرديّة "غضب السنّة" إزاء مكافحة الفساد

المرصد البرلماني

24/06/2025

انشر المقال

في تاريخ 19 حزيران، أصدر قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي مذكرة توقيف وجاهية بحقّ وزير الاقتصاد السابق أمين سلام بجرائم "اختلاس أموال عامة والتزوير والإثراء غير المشروع وابتزاز شركات التأمين". وكانت ادّعت النيابة العامة المالية ضدّه وضدّ آخرين، وأعقب ذلك قرار توقيف سلام من قبل النائب العامّ التمييزيّ جمال الحجار في 11 حزيران، استناداً لشكوى مقدمة من هيئة القضايا بصفتها ممثلة عن الدولة . وفي سياق آخر، أصدرت قاضية التحقيق سمرندا نصّار في تاريخ 20 حزيران، مذكرة توقيف بحق العقيد المتقاعد وصاحب مركز السلام الطبي في طرابلس عميد حمود، بعد ورود شكاوى عن تشغيل المركز بصورة غير شرعيّة، فيما أشارت جريدة نداء الوطن إلى أن أمن الدولة وجد في المركز غرف مجهزة لإجراء عمليات جراحية تفتقر لمعايير النظافة والسلامة.

وعليه، شنّ البعض حملة من خلال مواقع إخبارية شماليّة ومواقع التواصل الاجتماعي، دفاعاً عن سلام وحمود بذرائع مظلومية الطائفة. انضمّ إليها النائبان إيهاب مطر وأشرف ريفي. وهدد ريفي من أراد المحاسبة قائلاً "أعذر من أنذر".

 

"غضب السنة"

أمكن رصد تعليقات على بعض المواقع الإخباريّة (مثل موقع أيوب) وبعض الصفحات (ومنها مقرّبين من أحزاب إسلاميّة في محافظة الشمال) تشيّع كلاماً حول أنّ السنّة غاضبون. نجد في 18 حزيران مقالاً عنوانه "القاضي طقوش: المشكلة ضعف رئيس الحكومة"، يشير فيها إلى مظلوميّة الطائفة بسبب ضعف رئيس الوزراء نواف سلام. ثم ينشر القاضي نفسه على "فيسبوك" عقب توقيف سلام وحمود معتبراً  أنّ "كل الطوائف توحّدت ضد الطائفة السنّية لأن لبنان في بحر سنّي"، ومعبراً عن غضبه على أنه غضبًا للسنة كطائفة، ومدّعياً أنّ الفساد هنا يهدف لمساعدة الفقراء و"تأمين العلاج لمئات الأشخاص بتكاليف منخفضة". فيما انتقد خلدون الشريف الأمر عينه على أنه ظلم وانتقائية واستفراد. وكذلك فعلت شخصيات بارزة أخرى، لكن المستغرب تبنّي نائبين هذه السرديّة: 

  • إيهاب مطر قال أنه لم يسمع غير أقاويل عن سبب إحالة حمود إلى المحكمة العسكرية، "ما يعزز انطباعاً في الشارع الطرابلسي بأن ثمة تصفية حسابات قديمة معه وهو صاحب مواقف مبدئية معروفة". وأردف أنه يرفع الصوت مع أهل طرابلس لمعرفة حقيقة القضية.
  • اليوم نفسه، 21 حزيران، أخذ النائب أشرف ريفي منحًى أكثر تطرّفاً معتبراً أن توقيف الوزير سلام وعميد حمود ليس مكافحة فساد إنما "نكتة سخيفة"، إذ لم تراع العدالة والمساواة في المحاسبة. بل أنّ وفق تعبيره: "جحا ما بيقدر إلا على خالته وأهل بيته". واستطرد أنّ "السنَّة في لبنان هم أهل دولة" وأنّ المحاسبة "تصبح مجرد سيرك سخيف" إذا لم تكن شاملة. ودعا ريفي لمراجعة النظام في "الشراكة الوطنية مع الفاسدين الحقيقيين ومع أهل الجريمة والعمالة". ثم أثنى على كلام القاضي طقوس ليختم قائلاً "أُعذِرَ من أَنذَر". ولئن لم يوضح إلى من يوجّه إنذاره، فإنّ أول المعنيّين هم طبعا الهيئات القضائية التي بادرت وتبادر إلى ملاحقة أشخاص بارزين على خلفية أعمال فساد.

 

ذريعة "الاستنسابية الطائفيّة" نمط يتكرر 

كما دأب المرصد البرلماني في المفكرة القانونية على رصده، تتكرّر سرديّة "غضب الطائفة" جرّاء استنساب القضاء في التوقيف والملاحقة، هي سردية لا ترتبط بطائفة، بل هي عابرة للطوائف، مما يدحضها تماما. والشواهد كثيرة فمثلاً، سيقت سرديّة "الاستنسابية الطائفيّة" في قضيّة تفجير مرفأ بيروت.  فقد اعتبر النائب والوزير السابق المتهم على حسن خليل أن ارتيابه وزملائه من مسار التحقيق في القضيّة هو دليل كافٍ على أنّ التحقيق مسيّس. والأمر ذاته حصل في دفاع البطريرك بشارة الراعي عن قائد حزب القوات سمير جعجع للاستماع إليه في ملف أحداث الطيونة وعين الرمانة، وكان صرّح البطريرك آنذاك قائلاً، "لا نَقْبلُ، ونحن المؤمنين بالعدالةِ، أن يَتحوّلَ من دافعَ عن كرامتِه وأمنِ بيئتِه لُقمةً سائغةً ومَكسرَ عصا". والأمر ذاته حصل في ملفات فساد أخرى بيئيّة واقتصاديّة.