اقتراحات قوانين لمكافحة الوباء
24/01/2021
خلال سنة 2020، برزت 4 مبادرات تشريعية تم تبريرها بتعزيز آليات مكافحة الوباء. وحتى تاريخه، لا تزال هذه الاقتراحات عالقة في مجلس النوّاب. وهي الآتية:
1- إنشاء المركز الوطني للترصّد الوبائي والأمراض المعدية
قدّم النائبان فادي علامة وعناية عزّ الدين بتاريخ 8/5/2020 اقتراح القانون الرامي إلى إنشاء المركز الوطني للترصّد الوبائي والأمراض المعدية المقدّم من النائبين. ينصّ الاقتراح على إنشاء مركز استشاري علمي في وزارة الصحّة يُسمّى "المركز الوطني للترصّد الوبائي والأمراض المعدية"، ويتبع مباشرة للوزير. يضمّ المركز إلى جانب مدير عام الصحّة ومدير الوقاية الصحّية ومدير المختبر المركزي، 3 أطباء اختصاصيين.
ويحدد الاقتراح مهام المركز وأبرزها "درس وقياس وترصّد الأوبئة والتحرّي عن مصادرها وطرق انتشارها (...) ووضع المناهج والاقتراحات العلمية لمكافحة الأوبئة ومنع انتشارها، وتحديد اللقاحات الواقية والتدابير اللازمة لمكافحة الأوبئة والأمراض المعدية (...)". وقد استندت الأسباب الموجبة إلى أهمية مكافحة الأمراض الانتقالية والأوبئة التي توجب وجود مثل هذا المركز الذي "يَضُمّ، إلى المديريات في وزارة الصحّة، أطباء وأساتذة علوم طبية من مختلف كليات الطب في الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصّة والمستشفيات الجامعية التي تدرّس هذه الأوبئة وتقترح سبل مكافحتها بطريقة علمية". وأضافت الأسباب الموجبة أنّ "المرسوم 9103 الذي ينظّم وزارة الصحّة ينصّ على أنّ دائرة الحجر الصحّي تتولّى وقاية البلاد من تسرّب الأوبئة ومنع انتشارها في حين أنّ ذلك يجب أن يكون من صلاحية مركز وطني استشاري وعلمي يضمّ نخبة العلماء". وأشارت إلى أنّه سبق وأنشئ بموجب المرسوم المذكور، في وزارة الصحّة "لجنة استشارية تسمّى اللجنة الصحّية الدائمة إلّا أنّ هذه اللجنة لم ترق صلاحيّاتها سوى إلى إبداء الرأي في قضايا عامّة وليست الأوبئة ضمنها". وختمت بالتذكير بأنّ منظّمة الصحّة العالمية اعتبرت أنّ البرامج والاستراتيجيات العالمية، الإقليمية والوطنية الصحيحة تشمل "إقامة نظام ترصّد حسن التنسيق عمليّ المنحى" يساعد على الوقاية واحتواء "تهديد الأمراض الناشئة والمعاودة".
2- عقوبات أكثر ردعاً
قدّمت النائبة المستقيلة بوليت يعقوبيان بتاريخ 9/6/2020 اقتراح القانون المعجّل المكرّر الرّامي إلى تعديل بعض أحكام قانون الأمراض المعدية في لبنان الصادر بتاريخ 31/12/1957. أبرز ما تضمّنه الاقتراح إضافة مرض "كورونا" إلى لائحة الأمراض المحدّدة في مواد قانون الأمراض المعدية، وهو أمر تنتفي الحاجة إليه طالما أنّ قانون الأمراض المعدية (المادة 11) ينيط بوزير الصحّة صلاحية تعديل لائحة الأمراض الانتقالية بقرار، وهذا ما حصل بالفعل بشأن "كورونا" التي أضيفت إلى هذه اللائحة بموجب مرسوم إعلان حالة التعبئة العامّة (6198/2020). كما ينصّ الاقتراح على تعديل مقادير الغرامات الواردة في القانون السابق ذكره (ليتمّ تحديدها بالنسبة إلى الحدّ الأدنى للأجور، عوض تقديرها بالليرات اللبنانية). كما استبعدت تطبيق المادة 223 من قانون العقوبات (المتعلّقة بموانع العقاب في حال الجهل أو الغلط الواقع على شريعة مدنية أو إدارية يتوقف عليها فرض العقوبة؛ أو اقتراف الجرم في خلال الأيام الثلاثة التي تلت نشر شريعة جديدة؛ أو الأجنبي الذي قدم لبنان منذ ثلاثة أيام ولا تعاقب شريعة بلده الفعل نفسه) على أحكام هذا القانون التعديلي. واستندت الأسباب الموجبة إلى ضرورة اتخاذ سائر الإجراءات والتدابير العاجلة لمواجهة وباء كورونا الذي اجتاح العالم ومن ضمنه لبنان، وبالتالي ضرورة إضافة وباء كورونا إلى لائحة الأمراض المحددة في قانون الأمراض المعدية في لبنان الذي يتضمّن أحكاماً تشريعية لمعالجة هذا النوع من الأوبئة. أما بالنسبة لزيادة الغرامات فبرّرتها بزهدها في القانون الحالي، مّما يوجب زيادة مقدارها لكي "تستعيد طابعها الزجري الرادع".
3- اقتراحان للحماية من الأوبئة
من الملفت جداً تقديم اقتراحي قانونين تحت عنوان "الحماية من الأوبئة والحدّ من انتشارها" يعمدان إلى تقييد الحرّيات الأساسية للمواطنين وتوسيع ما يمكن اعتباره "موجباً بالوشاية" عن المصابين على عاتق بعض الأشخاص. أوّل الاقتراحين مقدّم من النائبين فادي علامة وعلي حسن خليل بتاريخ 24/11/2020، فيما الثاني مقدّم من النائب بلال عبدالله بتاريخ 25/11/2020. ولئن تشابه الاقتراحان كثيراً من حيث مضمونهما، فإن الاقتراح الأوّل بدا أكثر تفصيلاً.
أهمّ ما تضمّنه الاقتراحان إمكانية السّلطات العامّة اتّخاذ تدابير استثنائيّة "تصل إلى حدود تقييد الحقوق الأساسية المتعلّقة بحقوق الفرد، حرّية التجمّع وحرّية التنقّل". كما وسّع الاقتراحان "موجب الوشاية على المصابين" المنصوص عليه في قانون الأمراض المعدية (0/1957).
ففيما وضع هذا القانون على الطبيب المعالج واجب إخبار السّلطات العامّة بالإصابات، جاء الاقتراح ليضع قائمة طويلة من الأشخاص الذين يتعيّن عليهم الالتزام بهذا الموجب. وعليه، ضمّت هذه القائمة "ربّ العائلة والوصي والمختار ومتولّي أيّ إدارة رسمية أو خاصة"، "في حال ظهور عوارض مثيرة للشبهة لديهم". والملفت أنّ أحكام قانون الأمراض المعدية كان كلّف هؤلاء في حال اشتباههم بعوارض إصابة بمرض معدٍ باستدعاء طبيب للكشف عنها، بحيث يبقى لهذا الأخير فقط موجب الإبلاغ في حال التثبّت من الإصابة. كما ضمّت قائمة الملزمين بالإبلاغ الأطباء في المختبر ومدراء المؤسّسات التربوية. ويُشار هنا إلى أنّ استعادة تعبير "ربّ العائلة" بما يكرّسه من سلطة أبويّة وذكوريّة، تشّكل بحد ذاتها عنفاً رمزياً في هذا الخصوص.
وينصّ الاقتراحان من جهة أخرى على اعتبار فترة الحجر إجازة مدفوعة الأجر "ما لم يثبت عدم التزام المصاب بكامل شروط الحجر(....)".
أما بالنسبة للعقوبات، يلحظ الاقتراح الأوّل العقوبة التي تقع على عاتق كلّ مخالف للقوانين والتدابير المتّخذة من السّلطات العامّة للوقاية من الوباء وتشديد العقوبة في حال التكرار، فيما يكتفي الاقتراح الثاني بالإحالة إلى المادة 604 من قانون العقوبات (أي التي تعاقب من قام بنشر (....) مرض وبائي من أمراض الإنسان بالحبس حتى ستّة أشهر، وفي حال تسبّب بموت أحد، بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات فضلاً عن الغرامة).
وأخيراً، يتفرّد الاقتراح الأول بمنح المصانع الوطنية إعفاءات على المواد الأوّلية الداخلة في صناعات المعدّات الطبية والأدوية التي تستخدم لمعالجة المصابين بفيروس كورونا أو أيّ مرض وبائي آخر. كما ويتضمّن مادة تنصّ على إخلاء سبيل الموقوفين – ما عدا الملاحقين بجرائم القتل والإرهاب والاتجار بالمخدرات والمال العام – من السجون بهدف تخفيف اكتظاظها (باستثناء المجلس العدلي) إذا تعدّت مدّة التوقيف شهرين في الجنحة وستة أشهر في الجناية مع استمرار المحاكمة بحقّهم.