اقتراح استعراضي لتحديد استخدامات عائدات لبنان من صندوق النقد الدولي
27/10/2021
ورد على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقررة في 28/10/2021 اقتراح قانون معجل مكرر تقدم به النواب جورج عدوان، عماد واكيم، ادي ابي اللمع، جوزيف إسحاق، جورج عقيص، وفادي سعد (من كتلة الجمهورية القوية) بتاريخ 2021/8/17. ويرمي هذا الاقتراح إلى تنظيم كيفية التصرف بحقوق السحب الخاصة بلبنان من صندوق النقد الدولي (SDRs)، وحصر استخدام عائداتها، مع العلم أن حصة لبنان بلغت ما يوازي 863 مليون د. أ. وحسبما جاء في أسبابه الموجبة أن تلك الحقوق ستعرض للبيع من أجل تحويلها إلى عملة صعبة لكي يستفيد المصرف المركزي من استعمالها، وأن أهمّيتها "توازي أهمية احتياطات الذهب".
لذلك جاء هذا الاقتراح، من باب الخشية من "التصرّف بهذه الحقوق بشكل عبثيّ" خصوصاً لجهة استخدامها "في الدعم الموازي للتهريب الشرعي وغير الشرعي"، لينصّ على منع التصرف بحقوق السحب هذه، إلا بموجب قانون يصدر عن مجلس النواب. كما وحصر استخدامها بتمويل البطاقة التمويلية المنصوص عنها في القانون رقم 2021/320 دون غيرها.
وللتذكير كانت قد تمّت المصادقة على مشروع البطاقة التمويلية بالليرة اللبنانية في جلسة 2021/6/30، يقضي بمنح مساعدة شهرية للعائلات الأكثر فقراً تبلغ 207,555 ل.ل.(أي ما يوازي تقريباً 10 دولارات بحسب سعر الصرف الحقيقي اليوم) وبكلفة إجمالية تبلغ 1,871,025,000,000 ل.ل. وكان النقاش البرلماني قد أظهر خشية بعض النوّاب من تعريض سعر صرف الليرة تبعاً للمشروع لمزيد من التهديد (مع ما يستتبعه من طبع لليرة)، كما وأموال المودعين (أي الاحتياطي الإلزامي في المصرف المركزي بعد نفاذ الاحتياطات الخاصة به)، وتأكيدهم على ضرورة تأمين مصادر تمويل للمشروع. وكانت أشارت مصادر في رئاسة مجلس الوزراء لـ”المفكرة” إلى أنّ “الصورة غير مكتملة حتى الآن”، لافتة إلى أنّ “أولويات الحكومة هي تمويل البطاقة التمويلية”. ويلتقي اقتراح كتلة "الجمهورية القوية" مع دعوات النائب حسن فضل الله، آخرها في اتصال مع “المفكرة”، لإقرار قانون “من أجل الرقابة على إنفاق المال العام، ولكي لا يتم تبديده في وقت نعرف جميعاً حقيقة الوضع في لبنان”.
غير أن السوّال الحقيقي يبقى عن مصير المبالغ الحقيقية بالدولار الموازية لهذه الحقوق، وسط الغموض الذي يكتنف سياسة حاكم مصرف لبنان في التصرف بالاحتياطات بالعملات الأجنبية، وتعدّد أسعار صرف الليرة مقابل الدولار، ووسط أنباء تشير إلى أن هذه الأموال قد تمّ التصّرف بها فعلاً من قبل المصرف المركزي.
ففي حين أكّدت مصادر مطّلعة على مسار حصول لبنان على حقوق السحب هذه للمرصد البرلماني، أنه قد جرى بالفعل تحويل هذه الحصص إلى أموال، وأنه تمّ إيداع قيمتها في حساب وزارة المالية مما يعني ظهور هذه القيمة كإيرادات ضمن موازنة العام 2022، كانت مصادر وزارة المالية قد أكّدت لـ”المفكرة” أنّ الحكومة هي التي تقرّر كيفية صرف هذا المال وليس حاكم مصرف لبنان أو وزير المالية.
ولم يتضمّن الاقتراح أي ضمانات على هذا الصعيد.
وغاب عن الاقتراح وأسبابه الموجبة أية دراسة لوقع اقتصادي، أو أي تبرير لتحديدها التهريب كالخطر الأساسي الذي يقتضي تفاديه (في حين أن تبديد الاحتياطي الوطني بالعملات الصعبة جارٍ على قدم وساق من قبل المصرف المركزي، وبغياب تشريع كابيتال كنترول). كما غاب عنها أي تبرير لأولوية استخدام هذه الإيرادات لتمويل مشروع البطاقة التمويلية بالليرة اللبنانية، وهو أمر يقتضي أن يكون موضع أوسع نقاش اجتماعي في ظلّ التهديد القائم على أمن لبنان الطاقوي والغذائي والدوائي إلخ.، وفي ظل الخشية من انهيار الإدارة والقطاعين التعليمي والاستشفائيّ والخدمات العامة الأساسية والأمن.