اقتراح من دروس قضية المرفأ: دعاوى مخاصمة الدولة لا تكفّ تلقائياً يد القاضي

المفكرة القانونية

28/03/2022

انشر المقال

ورد على جدول أعمال جلسة المجلس النيابيّ المُقررة في 29 آذار 2022 اقتراح قانون معجّل مُكرّر مُقدّم من النائب إدي أبي اللمع (كتلة الجمهورية القوية) يرمي إلى تعديل الإجراءات المتعلّقة بدعاوى مخاصمة الدولة على خلفية أعمال القضاة. ففي حين أنّ لهذه الدعاوى وفق القانون الحالي مفاعيل تعطيلية فورية وتلقائية، بحيث يمنع على القاضي القيام بأي إجراء ضد مقدّمها إلى حين حسمها نهائياً، يرمي الاقتراح إلى إلغاء التعطيل التلقائي فلا يحصل إلا بقرار صريح من الهيئة العامة لمحكمة التمييز. ويلحظ أن التعديل المُقترح أتى شاملاً يتناول مفاعيل أيّ دعوى مخاصمة دولة قد تُقدّم في معرض أيّ ملفّ قضائي، رغم أنه يأتي على خلفية التعطيل المُستمرّ للتحقيق العدلي في جريمة المرفأ عبر استعمال متعسّف لطلبات مخاصمة الدولة في موازاة دعاوى الردّ والنقل. كما يلحظ أنّ الأسباب الموجبة للاقتراح تجنّبتْ ذكر جريمة المرفأ صراحة في محاولة لتجنّب إثارة حساسيات كتل نيابية وازنة. 

يأتي هذا الاقتراح ليُكمّل اقتراحاً سبق وأن تقدَّم به النّائب جورج عقيص من الكتلة نفسها، بحيث عالج مسألة تعليق الإجراءات القضائية تلقائيا في حال تقديم طلبات ردّ ضد القاضي القائم بها. وعند تعليقنا على هذا الاقتراح الذي أحيل إلى اللجان في جلسة الهيئة العامة المنعقدة في 21/2/2022، أشرْنا إلى ثغرتين، أولهما عدم جواز اتخاذ القاضي المطلوب ردّه قرارا نهائيا قبل بت دعوى الردّ مما قد يبقي شبح التعليق قائما في حال تآمر عدد من فرقاء الدعوى لتقديم عدد من طلبات الردّ بتواريخ متلاحقة (وهي ثغرة لم تعالج)، والثانية، أنه لم يشمل الدعاوى التي قد يقدمها الخصوم ضد الدولة على خلفية أعمال القضاة. وقد جاء اقتراح أبي اللمع ليعالج هذه الثغرة في اقتراح على حدة يؤمل أن يتم ضمّه لاقتراح عقيص والسير بهما معا.

أي أثر لإقرار الاقتراح على سير جريمة المرفأ؟

عُلّق التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت منذ 23/12/2021 حتّى اليوم، في إثر تقديم الثنائي علي حسن خليل وغازي زعيتر طلب إعادة إحياء لدعوى ردّ المحقّق العدلي أمام محكمة التمييز. إلّا أنّ الثنائي لم يكتفيا بذلك بل قاما في 21/2/2021 بتقديم دعوى مخاصمة الدولة عن أعمال القاضي ناجي عيد، رئيس الغرفة الناظرة في طلب ردّ المحقق العدلي، على خلفية القرار الأولي الذي اتخذه في هذا الخصوص. وكان من شأن ذلك أن يمنع عيد وغرفته من النظر في دعوى الرد بانتظار أن تبتّ الهيئة العامة لمحكمة التمييز بدعوى المخاصمة، إلّا أنّه لم يتوفر للهيئة نصاب قانوني بفعل تقاعد أغلب رؤساء غرفها. وبذلك، تم تعطيل التحقيق برمته بعد تعطيل إمكانية النظر في طلب الردّ من دون أن يتسنّى للهيئة العامة النظر حتى في جديته. في حال إقرار الاقتراح المذكور، سيكون بإمكان محكمة التمييز النظر في طلب الرد المقدم من الثنائي إليها إلا في حال قررت الهيئة العامة لمحكمة التمييز بعد استعادة نصابها خلاف ذلك. لكن، أيا يكن الأثر الإيجابي لهذا الاقتراح، فإن وقف الادعاءات التعسفية لن يكون ممكنا إلا في حال تعديل الإجراءات المتصلة بدعاوى الردّ أيضا.