"المفكرة" تنشر اقتراح قانون العفو العام لكتلة الاعتدال وتفتح صفحاتها لمناقشة مبرراته ومضمونه

المفكرة القانونية

21/12/2024

تبعا للتحقيق الذي أجرته الزميلة سعدى علوه، ننشر مرفقا اقتراح قانون العفو العام الذي ينتظر أن تقدمه كتلة الاعتدال يوم الإثنين رسميا إلى مجلس النواب، والذي من شأنه أن يعيد "العفو العام" إلى الواجهة على غرار ما حصل في حقبة ما بعد 17 تشرين 2019. وعليه، ونظرا لأهميته تفتح المفكرة القانونية صفحاتها لتعليقات قرائها إغناء للرأي العام. وإذ تزمع "المفكرة" نشر تعليق كامل على مجمل بنوده، فإنها تكتفي هنا على عجالة بلفت الأنظار إلى 4 منزلقات سبق وأشارت إليها في تعليقاتها على اقتراحات القوانين التي قدمت في سنتي 2019-2020: 

 

الأول، إذ يترافق اقتراح قانون العفو العام مع سواد خطاب يركز على ضرورة تصحيح أوضاع غير عادلة، منها رواج التدخل السياسي في القضاء أو الإخلال في مبادئ المحاكمة العادلة أو وجود تشريعات ظالمة، فإنه يخلو مثل الاقتراحات السابقة من أيّ توجه إصلاحي ولو على سبيل الوعد منعا من تكرار الظلم مستقبلا. فلا نجد أي التزام بالعمل لإصلاح المحكمة العسكرية أو شروط التوقيف الاحتياطي أو تعديل القوانين الظالمة أو حتى التزام بتنمية مناطق تعاني من نسب عالية من الفقر إلخ. وبذلك، يبدو أي عفو عام مقترح كمقدّمة لاقتراحات عفو عام مستقبلية ودائما بمعزل عن أي إصلاح تشريعي أو مؤسساتي،  

الثاني، إنّ اقتراح العفو العام ينبني في صياغته وأهدافه على منطلقات عصبية. ويتأكد هذا الأمر من  انتماءات النواب المبادرين وخلفياتهم والأهم من انخراط هيئة العلماء المسلمين ودار الإفتاء فيه وسط خطاب لا يخلو من التشنّج الطائفي. كما يتأكد عند التدقيق في مضمون الاقتراح حيث تم تطريز عدد من المواد (مدة مرور الزمن على العقوبات، المدة القصوى للتوقيف الاحتياطي، تخفيض العقوبات السجنية) ليس انطلاقا من معايير مبررة حقوقيا ومنطقيا، إنما قبل كل شيء انطلاقا من إرادة ضمان استفادة بعض المحكومين أو المتهمين من أحكام القانون، سواء لإبراء ذمتهم بصورة تامة أو لضمان الإفراج الفوري عنهم. ومؤدى ذلك هو تحويل "العفو العام" إلى ساحة للمكابشة والمساومات الطائفية والسياسية مع ما قد ينتج عنه من فيتوات متبادلة أو محاصصة، وعلى نحو يحجب أبعادها الحقوقية الأكيدة المشار إليها أعلاه.  

الثالث، إن صياغة قانون العفو العام كما وردت تشمل أي جناية أو جنحة لم تستثن صراحة منها. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى منح العفو لجرائم شديدة الخطورة فقط ليس بالضرورة لأن المشرع وجد مبررات لذلك بل فقط لأنه لم يتنبه إلى وجوب استثنائها من العفو العام. كما يؤدي إلى إلقاء الشكوك حول مدى استفادة بعض الجنح أو الجنايات من العفو. فمثلا لا نفهم لماذا لم تستثنَ صراحة جرائم الإخلال بالوظيفة العامة أو جرائم تبييض الأموال والتهرب الضريبي أو جرائم الإتجار بالبشر أو الجرائم المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية رغم خطورتها الشديدة. ومن شأن هذا الأسلوب في التشريع أن يؤدي إلى تبييض التعدي والتعسف وصرف النفوذ وانتهاك الكرامة الإنسانية تحت غطاء تصحيح أوضاع ظالمة. وهذا ما سنعمد إلى توضيحه بصورة تفصيلية لاحقا. 

الرابع، إن منح العفو العام يتم عن الجرائم المرتكبة حتى تاريخ إقرار القانون. ومن شأن ذلك أن يشكل رخصة في ارتكاب جرائم يشملها العفو العام وذلك في الفترة الممتدة من نشر الاقتراح وإصداره في الجريدة الرسمية. ومن هنا أهمية استدراك هذا الأمر بالنظر إلى كونه تشجيعا على ارتكاب الجرائم.

 

للاطّلاع على اقتراح قانون العفو الذي أعلن تكتل “الاعتدال الوطني” نيّته تقديمه إلى المجلس النيابي