النواب يتحرّكون ضدّ وزراء اتصالات سابقين: عريضة اتهام بفساد مشهور

المفكرة القانونية

19/11/2022

انشر المقال

قدّم النواب أمس عريضة اتهام ضدّ 3 وزراء اتصالات سابقين، على خلفية مخالفات حصلت في أثناء توليهم مهامهم الوزارية. العريضة التي قدمت ضد نقولا الصحناوي (نائب حاليا) وبطرس حرب وجمال الجراح استندت إلى 3 مراجع:

  • وثائق التحقيق القضائي في قضية إيجار مبنى قصابيان وبخاصة قرار قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم والذي ترك للمجلس النيابي مهمة ملاحقة الوزيرين الصحناوي وحرب أو عدم ملاحقتهما على ضوء معطيات القضية بعدما اعتبر نفسه غير صالح لملاحقتهما نظرا إلى المادة 70 من الدستور،
  • الكتاب الوارد من النيابة العامة في 2019 بحق الوزراء الثلاثة، وقد تضمن معلومات مفصلة حول هدر حاصل في مجال الرعاية،
  • تقرير ديوان المحاسبة رقم 2/2022 الصادر في 5/4/2022 حول قطاع الاتصالات والذي تحدث عن هدر وصل إلى 5.3 مليار د.أ وهو تقرير شمل الفترة الممتدة بين 2010 و2020.

وقع عريضة الاتهام 26 نائبا، أي ما يوفر العدد المطلوب من النواب وهو خمس عدد نواب المجلس على الأقل. هم على التوالي: حسن فضل الله وحسين الحاج حسن وابراهيم الموسوي (من الوفاء للمقاومة) وأشرف بيضون وعلي حسن خليل ومحمد خواجة وقبلان قبلان وقاسم هاشم (من التنمية والتحرير) وجورج عدوان وجورج عقيص وغادة ايوب والياس اسطفان وغسان حاصباني (من الجمهورية القوية) وسليم الصايغ (من الكتائب) وبلال عبدالله وهادي ابو الحسن (من الاشتراكي) والان عون (لبنان القوي) وفراس حمدان وأسامة سعد ووضاح الصادق ومارك ضو ورامي فنج وجهاد الصمد وحسن مراد وميشال ضاهر وغسان سكاف (من التغييريّين والمستقلين). ويستشفّ من ذلك أن عريضة الاتهام موقعة من نواب من الكتل والتيارات السياسية الأساسية، بما فيها كتلة لبنان القوي، رغم اشتماله على طلب اتهام أحد أعضائها.

يستدعي تقديم هذه العريضة إبداء الملاحظات الآتية:

1- توقيع العريضة من رديفين من أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء:

الملاحظة الأولى التي يجدر إبداؤها تتصل بتوقيع عضوين رديفين هما جهاد الصمد وقبلان قبلان لعريضة الاتهام. وهو أمر قد يتسبب بإشكالات قانونية طالما أن هذين العضوين قد يجدان نفسيهما مدعوين للمشاركة في المحاكمة في حال حصول اتهام فعلي للوزراء. ويتأتى الإشكال من أحد مبادئ المحاكمة العادلة بعدم جواز الجمع بين سلطتي الاتهام وسلطة الحكم.  

2- إهمال وظيفي أم تحوير للسلطة؟

يستند طلب الاتهام على المادة 70 من الدستور التي تضع أصولا خاصة لملاحقة الوزراء عن الإخلال بمهامهم الوزارية. وفي حين بات هذا الطريق الطريق الوحيد المتاح لمحاسبة الصحناوي وحرب في قضية إيجار مبنى قصابيان بعدما رفع قاضي التحقيق اسعد بيرم يده عنها، فإنّ السؤال يبقى مطروحا بشأن صلاحية القضاء العدلي في محاكمة الأفعال الأخرى المنسوبة للوزراء الثلاثة، وفق قرارات محكمة التمييز في 2000 و2004 في قضايا ملاحقة الوزراء السابقين شاهي برصوميان وفؤاد السنيورة وعلي عبدالله. فبمراجعة هذه القرارات، يتحصّل أنها أحدثت تمييزا بين الأفعال المتصلة بصورة مباشرة بممارسة المهام القانونية الوزارية (وهي تدخل في صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء حصرا) والأفعال ذات الصفة الجرمية الفاضحة التي تؤلف تحويلا للسلطة عن طريق إحلال مصلحة خاصة محلّ المصلحة العامة أو أيضا الأفعال التي يقدم عليها من مصلحته الشخصية وعلى هامش الواجبات المترتبة عليه وفي معرض ممارسته لمهامه مستغلا صفته الوزارية وصلاحياته والوسائل المتاحة له بحكم هذه الصفة (وهي تدخل ضمن صلاحية القضاء الجزائي).

فهل التدخل لعقد إجارة أو تخصيص عائدات الخليوي لخدمة أو رعاية مصلحة فئوية أو خاصة أو انتخابية يشكل إخلالا بالعمل الوظيفي أم تحويرا واضحا للسلطة؟

3- طريق معبّد للمحاسبة أم إلغاء المحاسبة القضائية بمحاسبة مستحيلة؟

يوحي خطاب المجلس النيابي أنه فجأة ثمة حماسة لتفعيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي لم ينعقد يوما. وبمعزل عن مدى صدقية هذا الخطاب، يبقى أن وضعه موضع التنفيذ بالغ الصعوبة في ظلّ الظروف السياسية الحاضرة، طالما أن المجلس لا ينعقد إلا إذا وافق على اتهام أي من الوزراء الثلاثة ثلثا عدد نواب المجلس وبالتصويت السرّي. هذا مع العلم أن هذا التصويت سيحصل على ضوء ما ستتوصل إليه لجنة تحقيق برلمانية مكونة من نواب حصرا، وهو الأمر الذي يفتح الباب أمام الكثير من المحاباة والمجاملة.

ويخشى تاليا أن يؤدي طلب الاتهام إلى إغلاق الطرق القضائية التي ما تزال متاحة، من دون أن يكون هنالك أي حظوظ فعلية في وصول المحاسبة إلى خواتيمها. هذه المخاوف تتصل بشكل خاص في الدعوى التي ما تزال عالقة أمام الهيئة الاتهامية بشأن إيجار وشراء مبنى تاتش في وسط بيروت.

فلنتابع إذا.