تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية (رقم 160/2020)
06/11/2021
بتاريخ 21 و22/4/2020 [1]صدّق المجلس النيابي على مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 6210 في 27/3/2020 والرامي إلى تعليق المهل القانونية والعقدية بعد دمج 4 اقتراحات به (وهي اقتراح النائب الياس حنكش في 31/10/2019، والنائبة بولا يعقوبيان بتاريخ 4/11/2019، واقتراحي نواب تكتّل لبنان القوي الأول مقدم في 23/2/2020 والثاني في 9/4/2020). وقد وردت هذه المقترحات كلها على جدول أعمال جلسة 21-22 نيسان 2020 على إثر الأوضاع الاستثنائية التي مرّت بها البلاد نتيجة الأزمات المتلاحقة التي بدت تتوضّح معالمها في تشرين 2019، والتي تفاقمت نتائجها مع جائحة كورونا بدءاً من أواخر شباط 2020. فتقرّر خلال الجلسة البرلمانية تشكيل لجنة مشتركة بين وزيرة العدل ماري كلود نجم ورئيس لجنة الإدارة والعدل جورج عدوان لدراسة المقترحات المذكورة معا، وعلى أثره تم التوصل إلى نسخة منقحة عن مشروع قانون الحكومة.
ملاحظات: عمد القانون 160/2020 إلى تعليق كافة المهل القانونية والعقدية والقضائية من 18/10/2019 إلى 30/7/2020.
ومن أخطر ما تضمّنته النسخة المصدّق عليها، إضافة استثناء إلى الحالات التي لا تستفيد من أحكام تعليق المهل وهي “المهل الواردة في قانون الإيجارات الصادر بتاريخ 9/5/2014 والمعدل بموجب القانون رقم 2/2017″. ومن التعديلات الأخرى التي طرأت على النص في النسخة المنقحة إضافة فقرة ثالثة في البند أولا وهي الآتية: “في المواد الجزائية، تعلق المهل المقررة للمدعي الشخصي أو للمدعى عليه أو للمتهم للطعن بالدفوع الشكلية وبالأحكام والقرارات النهائية، ويستفيد من هذا التطبيق المسؤول بالمال والضامن فيما يختص بالقرارات القابلة للطعن منهما”، وإضافة بند ثالث ينص على استمرار “النقابات والتعاونيات بهيئاتها العامة والتنفيذية في أعمالها لغاية انقضاء مهلة التعليق وتبقى قائمة برئيسها وأعضائها ومجالسها وهيئاتها وتعتبر قانونية الأعمال التي تقوم بها وفقا للأحكام المحددة في قوانينها وأنظمتها”.
ولئن بدا القانون ضرورياً وتدخلاً مشروعاً من الدولة في العلاقات القانونية والعقدية والقضائية في ظل الظروف الاستثنائية التي مرّت بها البلاد ابتداء من تشرين الأول 2019 وتعذر عمل المحاكم والدوائر الرسمية الطبيعي، إلا أن الصيغة التي صدّق عليها البرلمان طرحتْ العديد من الإشكاليات أبرزها:
- شمل التعليق المهل القانونية لانعقاد الهيئات العامة العائدة للنقابات والجمعيات والتعاونيات (مادة 1)، كما أوضح القانون 160 صراحة أن “تستمر النقابات والتعاونيات بهيئاتها العامة والتنفيذية” وأنها “تبقى قائمة برئيسها وأعضائها ومجالسها وهيئاتها” وتعتبر قانونية الأعمال التي تقوم بها (مادة 3). وأدى ذلك على سبيل المثال إلى تعذّر إمكانية إجراء الانتخابات في نقابة المهندسين ونقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، إذ يعرّض القانون أي نتائج انتخابية للطعن بحجة عدم انقضاء مهلة الترشّح مثلاً، دون أن يكون لشمول القانون هذه المهل أي مبرر.
- لم يستثنِ القانون المهل القانونية والقضائية في القضايا الجزائية، بما يهدد بتعطيل الحق العام وحقوق الناس وتأبيد الاعتداءات. هذا فضلا عن أنه لم يعد هنالك أي أسباب تبرر تعطيل المحاكمات والعدلية على النحو الحاصل بحجة جائحة الكورونا.
- لم يستثنِ القانون المهلة القانونية المعطاة بموجب القانون 132/2019 (الذي مدّد المهلة المعطاة في القانون 64/2017) لتسوية المخالفات في إشغال الأملاك العامة البحرية، والتي كان يفترض أن تنتهي في آخر تشرين الأول 2020 مما يشكّل تمديداً قانونياً للمهلة التي يمكن خلالها للمتعدّين على الأملاك العامة البحرية التقدّم لتسوية أوضاعهم، ويعرّض ملكية الدولة والمصلحة العامة لمزيد من الاستباحة دون أي مبرّر، وبشكل مخالف للدستور (المادة 15). بالحصيلة، يكون مجلس النواب منح الذي اعتدى على الأملاك العامة البحرية طوال ما يتراوح بين 27 سنة بالحد الأدنى و47 سنة بالحد الأقصى، من دون حسيب أو رقيب، مهلة 3 سنوات وشهرين لتقديم طلب معالجة. وبالتالي، يبدو تمديد المهل المبرر بحماية الحقوق سببا لاستباحتها.
- على العكس من ذلك، تمّ استثناء المهل الواردة في قانون الإيجارات القديمة من التعليق، مما يعني سريان المهلة القانونية الأخيرة التي يفضي انقضاؤها إلى تحرير الإيجارات، وتعريض الحق بالسكن الميسّر للعديد من المواطنين إلى خطر كبير، لا سيما مع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، وانعدام أي حلول بديلة تقدّمها الدولة التي امتنعت حتى اليوم عن تأمين التمويل الضروري للصندوق الخاص بمساعدة المستأجرين القدامى. كل ذلك مع التذكير أن المجلس الدستوري كان قد أسند اعتباره لقانون الإيجارات دستورياً إلى احترام شرط التوفيق بين حقي السكن والملكية الدستوريين.
لذا كان من المطلوب حصر تعليق المهل بتعليق بعض الموجبات المالية كالقروض أو ما شابه والتي تفرضها الأزمة الاقتصادية والمالية وبحدود الضرورة، من دون أن يؤدّي ذلك بحال من الأحوال إلى تعليق العدالة والديمقراطية.
ويجدر التذكير أنه جرى تمديد العمل بالقانون هذا حتى 31/12/2020 بموجب القانون 185/2020 (والذي نفصّله أدناه). وعاد القانون رقم 212/2021 ليعلّق كافة المهل القانونية أو القضائية والعقدية طوال فترات الإغلاق الكامل المحدّدة أو التي تحدّد استنادا إلى قرار إعلان التعبئة العامة المتخذ بموجب المرسوم 7315 تاريخ 31/12/2020. ومن ثم جاء القانون 237/2021 ليعلّق كافة المهل القانونية أو القضائية والعقدية طوال فترات الإغلاق الكامل ومراحل التخفيف التدريجي لقيوده وذلك لغاية 22/3/2021.
المناقشات النيابية: خلال الجلسة المسائية التي انعقدت في 21 نيسان، تلا النائب علي حسن خليل مشروع القانون المُنجز وهو عبارة عن نسخة منقّحة باليد عن مشروع قانون الحكومة. وسجّل النائب الياس حنكش اعتراضه على عدم وجوده والنائبة بولا يعقوبيان في اللجنة التي شكلت وطلب من رئيس مجلس النواب مهلة للاطلاع عليه قبل طرحه على التصويت، على أن يتم التصويت عليه في جلسة اليوم التالي. وتعهد عندها النائب جورج عدوان بإعطائهما نسخة عن المشروع غير أن ذلك لم يحصل حتى اليوم التالي. وبالفعل، وآخر الجلسة المعقودة في 22/4/2020، دار نقاش حول الصيغة المنقّحة للمشروع. وأيّد النائب جورج عقيص أهمية المشروع، وأشار إلى أنه في القوانين الثلاثة التي صدرت سابقا في لبنان بتعليق المهل، كان يوجد إشارة صريحة باستثناء الإيجارات. ولكن أضاف أنه ما يجب استثناؤه يجب ذكره بشكل صريح في المشروع لا سيما في ما يتعلق بمهل قانون الإيجارات. وأضاف أنه يجب أن يتم التعويض للمتضررين عن تدني قيمة النقد الوطني ووضع هذا في قانوني سنة 1950 و1991. واقترح النائب ابراهيم كنعان إضافة المهل المرتبطة بشؤون العائلة والنفقة من ضمن الاستثناءات التي لا تعلّق فيها المهل. كما واقترحت النائبة بولا يعقوبيان إلغاء البند الرابع المتعلّق بحريّة المتعاقدين التنازل عن مفعول التعليق، لأن تعليق المهل يجب أن يرتبط بالنظام العام. واعتبرت أن وجود هذا البند يفتح مجالاً للابتزاز من قبل الطرف القوي. وأرادت اقتراح إضافة في البند الأول. إلا أنها لاقت اعتراض النائبين علي حسن خليل وجورج عدوان بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذين اعتبروا بأنه “من غير الممكن الدخول في تفاصيل كل مادة”. وتمّ التصويت على صفة العجلة هنا، فصدقت. ومن ثم، جرى التصويت على النص كمادة وحيدة فصدق في الصيغة التي تم تقديمها من قبل اللجنة المشتركة.
[1] المرجع نفسه.