كامل نتائج جلسة 18/10/2022: الفصل الثالث من مسار رفع السرية المصرفية

فادي إبراهيم

20/10/2022

انشر المقال

عقدت الهيئة العامة للمجلس النيابي جلسة تشريعية بتاريخ 18/10/2022 بعدما كانت عقدت صباحا جلسة لاتتخاب أعضاء مكتب المجلس أي أميني سر وثلاثة مفوضين إضافة إلى انتخاب أعضاء اللجان النيابية. وقد اقتصر جدول أعمالها على 5 بنود، أهمها النظر في التعديلات المقترحة على مشروع قانون السرية المصرفية تبعا لرده من قبل رئيس الجمهورية. ويلحظ أن جدول الأعمال اقتصر على مشاريع القوانين من دون أن يدرج عليه أي اقتراح معجل مكرر، وذلك خلافا لما يفرضه النظام الداخلي لمجلس النواب. ومن أهم الاقتراحات المعجلة المكررة الاقتراح بتعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية بهدف ضمان إعادة سير التحقيقات في المرفأ. 

وبالمحصّلة، أقرّ المجلس النيابي جميع مقترحات القوانين (5) الواردة على جدول أعماله. وسنقوم هنا بدراسة مجريات الجلسة وبنودها وفق الترتيب الوارد في الجدول أدناه. لكن قبل المضي بذلك، سنخصص فقرة نستعيد أهم تصريحات ومداولات النواب بشأن موضوع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية. كما نحيل القرّاء إلى تغطية منفصلة لانتخابات هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية.

فهرس البنود (بإمكانك التوجه إلى أي بند منها من خلال الضغط عليه):

موضوع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية
البند 1السماح بتعيين معاونين في الجيش اللبناني برتبة ملازم
البند 2تعديل مادة في نظام الكلية الحربية
البند 3مشروع قانون يتعلّق باتّفاقية قرض لاستيراد القمح من البنك الدولي
البند 4طلب الموافقة على إبرام اتّفاقية قرض مع البنك الدولي لمكافحة وباء كورونا
البند 5مرسوم إعادة قانون السرية المصرفية من قبل رئيس الجمهورية

مطالبات بإحضار اتّفاق ترسيم الحدود إلى المجلس النيابي وسط ممانعة أركان السلطة

قبل البدء بجدول الأعمال التشريعي، وردت مداخلات بالنظام من عدّة نواب حول اتّفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، مطالبين بإحضار الاتّفاق رسميا إلى المجلس النيابي لمناقشته والموافقة عليه. وقد قاد هذه المطالبات النائبان نديم الجميل وملحم خلف. الجميّل اعتبر أنّ الاتفاقية التي سُرّبت إلى الإعلام ووُزّعت على النواب عبر أمانة سرّ المجلس ترتّب ليس فقط ترسيما للحدود بل التزامات على لبنان تتعلّق بالأمن والثروات وفيها حقوق وواجبات ويتم فيها البتّ بنزاع أساسي. أمّا النائب ملحم خلف فقد استند على المادة 52 من الدستور بحيث اعتبر أنّه لا يُمكن للبنان التوقيع على الاتفاقية قبل مناقشتها والموافقة عليها في المجلس النيابي، وهي المادة التي استندت عليها النائبة بولا يعقوبيان التي اعتبرت أنّ الاتّفاقية ترتّب أعباء مالية على لبنان ما يحتّم الموافقة عليها في المجلس النيابي. كما طلب النائب بيار بو عاصي باسم كتلة الجمهورية القوية إحضار الاتفاق لمناقشته في المجلس.

اللافت في هذا الصدد كان موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي ذهب إلى حدّ نفي وجود اتّفاق من أساسه، بحيث اعتبر أنّه لا يوجد أي اتّفاق حتى الآن، وأنّه لا يُمكن مناقشته في المجلس النيابي إلى حين إرساله من قبل الحكومة.

أمّا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والنائب جبران باسيل فقد اتّفقا على السير بموقف موحد قوامه نفي صلاحية المجلس النيابي بالنظر في الاتّفاقية. فقد اعتبرا أنّ المجلس النيابي قد أقرّ قانونا يتعلّق بترسيم الحدود البحرية في العام 2011، فوّض فيه الحكومة إجراء التعديلات المناسبة على هذه الحدود بمرسوم تتّخذه. وقد اعتبر باسيل في هذا الصدد أنّ الاتفاقية لم تمسّ بالحدود البحرية ولا داعٍ حتى لوضع مرسوم.

بعد ذلك، انخرط في النقاش النائب سامي الجميل الذي أكّد أنّه من الواضح أنّ هناك اتّفاقا بين فريقيْن وأنه يتأكد عند قراءته وجود إلزامات على لبنان بحدوده وثروته، ما يُلزم مناقشة الموضوع في المجلس. إذ ذاك، أنهى رئيس المجلس النيابي النقاش ولم يسمح لجميل إكمال كلمته، معلنا بدء مناقشة جدول الأعمال التشريعي.

البنود التشريعية

بعد الانتهاء من الانتخابات، رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة، وأعلن أنّ افتتاح الجلسة التشريعية سيكون عند الساعة الخامسة بعد الظهر. سنتناول تباعا في ما يلي البنود التشريعية التي وردت على جدول الأعمال، وذلك بحسب تسلسلها.

البند 1: مشروع قانون بتعديل قانون الدفاع الوطني

صدّق المجلس النيابي من دون أي نقاش أو شرح مشروع قانون ورد بمرسوم يرمي إلى تعديل آلية تعيين الملازمين في الجيش اللبناني. فبعدما كانت الإمكانية بتعيين هؤلاء محصورة بالمؤهلين والمؤهلين الأولين، بات بموجب التعديل بالإمكان تعيين المعاونين والمعاونين الأولين أيضا، في حال نجاحهم في امتحان كفاءة لرتبة ملازم في اختصاصهم.

وفي حين أنّ الأسباب الموجبة لهذا الاقتراح بقيت تتحدّث عن مبادئ عامة تتعلّق بالمساواة بالمعاونين في قوى الأمن الداخلي، فإنّها خلت من دوافع القانون الواقعية والتي هي النقص في العديد الذي أصاب المؤسسة العسكرية نتيجة الاستقالات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن لبنان كان أقرّ تموز 1984 أي خلال الحرب الأهلية قانونا مشابها لفترة انتقالية لمعالجة النقص الذي عانت منه القوى العسكرية حينها. وعليه، تم التركيز على مبدأ المساواة من دون أي إشارة إلى السبب الموجب الحقيقي ومن دون أن يطرح ذلك أي سؤال داخل الهيئة العامة.

البند 2: مشروع قانون لتعديل مادة في نظام الكلية الحربية

صُدّق من دون أي نقاش أو شرح مشروع قانون ورد بمرسوم يرمي إلى تعديل المادة 17 من قانون الكلية الحربية، في اتجاه منح خريجي الكلية الحربية من حاملي إجازة البكالوريوس في العلوم العسكرية والحائزين على شهادة كفاءة ملازم الحقوق والامتيازات التي يتمتّع بها خريجو الكلية قبل إقرار قانون نظام الكلية الحربية في العام 2011. ويُمكن توجيه الانتقاد نفسه حول الأسباب الموجبة وانعدام النقاش كما وجّهناه للبند السابق.

البند 3: مواد قانون قرض القمح

صُدّق مشروع القانون الذي يرمي إلى الموافقة على اتفاقية قرض مقدم من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار أميركي لتنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح، بعد نقاش طال بشكل أساسي سعر الصرف الذي ستفتح على أساسه الاعتمادات والمصاريف التشغيلية المرتبطة بالقرض، والتي تبلغ 2.5 مليون دولار. فالمادة الأولى من المشروع تشير إلى فتح هذه الاعتمادات على سعر 1507.5 للدولار. وهو ما اعتبره نواب ومنهم رازي الحاج غير واقعي، مطالبين على الأقل بعدم تحديد سعر الصرف والاكتفاء بالإشارة إلى السعر الرسمي، الذي قد يتغير إلى حين استحقاق الدفعات. أما النائب أمين شرّي فركز على تأثير سعر الصرف على سعر ربطة الخبز، مذكراً بأن وزير الاقتصاد أمين سلام سبق أن أشار إلى أن سعرها سيصل إلى 37 ألف ليرة في حال رفع الدعم.

وفي ظل غياب سلام عن الجلسة، نقل عنه النائب علي حسن خليل قوله في لجنة المال أن كل فلسفة القانون مبنية على تثبيت سعر ربطة الخبز خلال مدة القرض (نحو 6 أشهر)، داعياً بالتالي إلى إقراره كما هو. وبعدما أعاد النائب أسامة سعد السؤال حول سعر الصرف الذي سيعتمد في ظل تعدد أسعار الصرف الحالية، بخاصة أن المادة الثالثة تشير إلى تعديل التناسيب عند صدور موازنة 2022 (والتي تؤدي عملا بالتفويض الممنوح لوزير المالية ومصرف لبنان برفع سعر الصرف الرسمي إلى 15 ألف ليرة)، وتأثير ذلك على سعر ربطة الخبز، أعاد رئيس الحكومة التأكيد على أن سعر الربطة لن يتغير في الأشهر الستة المقبلة.

النائب حسن فضل الله أثار مسألة المصاريف التشغيلية التي يحق للوزير أن يتصرف بها كما يحلو له، مقترحاً أن تضاف مادة تلزمه بتقديم كشف تفصيلي عن توزيع النفقات إلى المجلس النيابي كل 3 أشهر. فوافق بري على الاقتراح، وصدق القانون معدلاً.

للمزيد من التفاصيل حول هذا المشروع: البند الثالث

البند 4: قرض جديد من البنك الدولي: لمكافحة كورونا أم دعما للقطاع الصحي؟

صُدّق مشروع قانون وارد بمرسوم يرمي إلى إعطاء إجازة للحكومة بإبرام اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير بقيمة 25 مليون دولار لغاية مكافحة فيروس كورونا. وينقسم القرض إلى جزءيْن، جزء غير ميسر بقيمة حوالي 23 مليون دولار تنطبق عليه الفائدة المرجعية زائد الهامش المتغيّر، وجزء ميسّر بقيمة حوالي 2 مليون دولار(8.22% منه) سيكون على أساس هبة، علما أنّ أيّ سحب من القرض يُفترض أن ينقسم وفق النسب المذكورة أعلاه بين الجزء الميسر وغير الميسر. وينقسم المبلغ إلى حوالي 10 ملايين دولار تتعلّق بشراء لقاحات مضادة للفيروس وحوالي 8 ملايين دولار لتغطية فواتير الاستشفاء وحوالي 7 ملايين دولار تتعلّق بسلع وخدمات والكلفة التشغيلية للقرض.

وفي حين أنّ عنوان اتّفاقية القرض يوحي بأنّها متعلّقة بمكافحة فيروس كورونا حصرا، فإنّ أعضاء لجنة الصحة النيابية (فادي علامة وعبد الرحمن البزري) إضافة إلى علي حسن خليل أفادوا بأنّه يُمكن تحويل هذه الأموال لدعم القطاع الصحي ككل، وذلك بناء على ما أفادهم به وزير الصحة فراس الأبيض خلال جلسات اللجان النيابية. ويعود ذلك نسبةً إلى أنّ قرضا سابقا بقيمة 120 مليون دولار حصل عليه لبنان من البنك الدولي في العام 2019 لدعم القطاع الصحي قد ذهب بمجمله لمكافحة الفيروس، فيأتي القرض الجديد ليعوّض المبالغ التي صُرفت على مكافحته ودعما للقطاع الصحي.

وفي حين أثار عدد من النواب (أمين شرّي وحسن فضل الله وجورج عدوان) مسألة الكلف التشغيلية المرتفعة كما سنذكر لاحقا، فقد أُضيفت مادة إلى هذا القانون إسوةً بقانون قرض القمح، تُفيد بوجوب تقديم وزارة الصحة لكشف تفصيلي لمجلس النواب كل 3 أشهر عن كيفية صرف القرض ووجهته.

المناقشات النيابية:

كما ذكرنا أعلاه، تمحور النقاش النيابي حول الرقابة على صرف القروض بخاصة لغاية النفقات التشغيلية، كما واستُعيدت إشكالية سعر الصرف نفسها التي أُثيرت فيما يتعلّق بقانون قرض القمح. وفي حين أشار عدد من النواب إلى عدم تحديد سعر الصرف في القرض، أكّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ردّا على تساؤل النائب أسامة سعد أنّ سعر الصرف سيكون 1507 حاليا مع إمكانية تعديله في الفترات اللاحقة تبعا لتغيّر سعر الصرف الرسمي.

النائب أمين شرّي أثار موضوع الكلفة التشغيلية المرتفعة، ما أدّى إلى إضافة المادة المذكورة أعلاه، وقد اعتبر أنّه يجب على الحكومة أن تحضّر بيانا بكيفية صرف قرض ال120 مليون دولار المذكور أعلاه. إلّا أنّ تركيز شرّي كان على العلاقة مع البنك الدولي وعدم التوازن فيها، بحيث يفرض شروطه في القروض ويحدّد الكلف التشغيلية ولا يترك مجالا للتعديل عند التفاوض. وهو ما وافقه عليه رئيس لجنة الإدارة والعدل جورج عدوان الذي اعتبر أنّه خلال 15 عاما حصلنا على قروض عدّة من البنك الدولي وكان في جميعها خلل كبير في النفقات التشغيلية. وحول هذا الخلل، أفاد علي حسن خليل نقلا عن وزير الصحة بأنّه تعهّد بأنّها لن تشكّل أكثر من 0.5% من قيمة القرض.

للمزيد من التفاصيل حول هذا المشروع: البند الرابع

البند 5: تعديل قانون السرية المصرفية، سقطت قدسية السرية المصرفية ولكن…

أقرّ المجلس النيابي قانون رفع السرية المصرفية مع بعض التعديلات استجابةً لملاحظات رئيس الجمهورية ميشال عون. وبذلك يقرّ المجلس تعديلات على هذا القانون للمرة الثالثة، علما أن رئيس الجمهورية كان أعاد التعديلين السابقين إلى المجلس النيابي (أحدهما بموجب اقتراح قانون والآخر بموجب مشروع قانون) عملا بصلاحياته الدستورية.

ونظرا لأهمّية التعديلات التي قام بها المجلس النيابي، أفردنا لها مقالا خاصا فصلنا فيه التعديلات والنقاشات والمواقف النيابية حولها.

للاطّلاع على المقال المفصّل: البرلمان يعدّلالسرية المصرفيةللمرة الثالثة: سقطت قدسية السرية المصرفية ولكن