كامل نتائج جلسة 26/7/2022: عنف "بطريركي" منظّم وبرّي يفشل في مواصلة نهجه في إدارة المجلس

فادي إبراهيم

27/07/2022

انشر المقال

عقدت الهيئة العامة للمجلس النيابي جلسة بتاريخ 26/7/2022 وهي الجلسة التشريعيّة الأولى خلال ولايته الجديدة. وقد ورد على جدول أعمالها 40 مقترحا (10 بنودا سبق درسها وإقرارها في اللجان ومن بينها 7 مشاريع قانون أعدّتْه الحكومة قبل اعتبارها مستقيلة و30 اقتراحا معجلا مكرّرا تمّ إدراجُها على جدول الأعمال من دون أي دراسة أو مناقشة سابقة). إلا أن الجلسة انفضّت تبعًا لإشكال حصل على خلفية التصويت على المقترح الوارد في البند 25 المتّصل بحماية الإهراءات، بحيث بقي 15 بندا من دون أي دراسة أو نقاش. يضاف إلى ذلك أنه ورد مقترح من خارج جدول الأعمال، اتّصل باتفاقية القرض المعقودة مع البنك الدولي لاستيراد القمح. وقد سبق هذه الجلسة جلسة انتخابيّة لانتخاب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

أجواء الجلسة ومجرياتها

شهدت الجلسة أجواء مشحونة بنتيجة إثارة عدد من النواب مخالفات في إدارة الجلسة وبخاصة لجهة أصول التصويت على المقترحات. وقد تولّد عن إثارة هذه المخالفات، ردود أفعال حادة من رئيس المجلس دفعته إلى توجيه ملاحظة للنائبة حليمة قعقور والتلويح بطردها من المجلس. كما تولّد عنها (وهذا الأخطر) ردود أفعال عنيفة من قبل بعض نواب حركة أمل (وفي مقدمتهم علي حسن خليل وقبلان قبلان وعلي خريس) في اتجاه عدد من نواب "قوى التغيير"، وبخاصة النساء منهم وتحديدا قعقور وسينتيا زرازير وبولا يعقوبيان. ولم يقتصر الامتعاض من إدارة الجلسة وطريقة التصويت المتّبعة على هؤلاء، بل أنّ النائب رازي الحاج قد انسحب من الجلسة خلال التصويت على مشروع اتفاقية القرض مع البنك الدولي، معترضا على طريقة التصويت وقائلا "هيدا مش تصويت وهيدا مش مجلس". ويؤشر تزايد الامتعاض مقابل تزايد العنف المضاد (الذي كاد يتطور إلى الضرب) إلى التحديات التي سيواجهها بري في إدارة اجتماعات الهيئة العامة في الفترة القادمة، وبخاصة في حال استمراره في نهجه في مخالفة الأصول والقواعد طوال العقود الثلاثة الماضية. كما يخشى أن يكون العنف المضاد المنتظم ردا على أيّ انتقاد للمخالفات الحاصلة عنفا منظما يهدف إلى ردع هذه الانتقادات ورسم خطوط حمراء وسقوف أمام القادمين الجدد. فكأننا أمام مشهد "خنق القطة" إثباتا لهيبة رئيس المجلس وتثبيتا لسلطته التي تبقى فوق المساءلة منذ أول يوم. وقد برزت أثناء هذه المشادات، علائم جهل لدى عدد النواب الذين هاجموا قعقور على خلفية رفضها للأسلوب البطريركي ظنا منهم أنها تقصد أسلوب البطريرك الماروني بشارة الراعي. كما برزت أدوار محددة لبعض النواب، منهم قبلان قبلان وعلي خريس اللذيْن تميزا في الصراخ والتطبيش على المقاعد والشتم من دون أن يكون لهم أي مداخلة تشريعية طيلة الجلسة.       

وكما سبق بيانه، رُفعت الجلسة بعد تشنّج الأوضاع في الجلسة المسائية عقب الإشكال الثاني. وبالمحصّلة، أقرّت الهيئة العامة 11 مُقترح قانون أبرزها قانون السرية المصرفي التي دُمج فيها مشروعان، كما واتّفاقية مع البنك الدولي للحصول على قرض لاستيراد القمح وفتح اعتمادات إضافية في الموازنة بقيمة 10 آلاف مليار ليرة. سقطت صفة العجلة وأحيل على اللجان 11 اقتراحا معجلا مكررا أبرزها اقتراحات اتصلت بتعليق المهل وحماية الإهراءات وتحديد الحدود البحرية الجنوبية. سُحب مشروع قانون وحيد بناء على طلب رئيس الحكومة (هو إلغاء اتفاقية قرض مع وكالة التنمية الفرنسية للطاقة المتجددة). وأُعيد إلى اللجان اقتراح وحيد وهو اقتراح تجميد الموازنات المدرسية. وسقط اقتراح وحيد لإدخال استثناءات على منع التوظيف.

وعلى هامش الجلسة، برز أمران هامان يجدر ذكرهما، هما:

  • قول رئيس المجلس النيابي أنّ مشروع التشكيلات القضائية الجزئية قد سُحب صباح الجلسة نظرا للمخالفات فيه، ويجري إعداد مشروع جديد يتولى توقيعه وزير المالية. ويؤكد ذلك المؤكد لجهة أن بري هو الذي منع هذا الأخير من توقيع المرسوم السابق،
  • تأكيد وزير العدل هنري خوري أنّه لم ينته بعد من إنجاز ملاحظاته على اقتراح قانون استقلالية القضاء على ضوء الاستشارة التي أعطتْها لجنة البندقية. وقد دفع ذلك برّي إلى سؤاله بشكل ساخر إذا كان أخذ الاقتراح للسياحة، مذكرا إياه أنه سحب الاقتراح لإبداء ملاحظاته منذ كانون الثاني أي منذ أكثر من ستة أشهر. يذكر أن المهلة التي أعطيت آنذاك لوزير العدل كانت شهرا واحدا,

بناء على ذلك، سنقوم بدراسة مجريات الجلسة وبنودها وفق الترتيب الوارد في الجدول أدناه:

فهرس البنود (بإمكانك التوجه إلى أي بند منها من خلال الضغط عليه):

رقم البندتعليق المفكرةنسخة عن المقترح
بري يمنع الأوراق الواردة
تزكية أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء
1فتح اعتماد إضافي بقيمة 10 آلاف مليار ليرةإضغط هنا
2اتّفاقية لإنشاء ممثلية للمنظمة الفرنكفونية في بيروتإضغط هنا
3اتفاقية مع قبرص للتعاون في مجال مكافحة الحرائقإضغط هنا
4سحب إلغاء إتّفاقية قرض لتمويل استثمارات القطاع الخاص في الطاقة المتجددةإضغط هنا
5إقرار إتّفاقية استيراد القمح من دون القانون الملحقإضغط هنا
6السرية المصرفيةإضغط هنا
7السرية المصرفيةإضغط هنا
8اتّفاقية للتعاون التقني مع اليابانإضغط هنا
9إحالة اقتراح تجميد الموازنة المدرسية إلى اللجانإضغط هنا
10سقوط اقتراح إضافة استثناءات على منع التوظيفإضغط هنا
11نجاح محاولة لزيادة إيرادات الخزينةإضغط هنا
12نجاح محاولة لزيادة إيرادات الخزينةإضغط هنا
13نجاح محاولة لزيادة إيرادات الخزينةإضغط هنا
14نجاح محاولة لزيادة إيرادات الخزينةإضغط هنا
15 إحالة السماح لأشخاص القانون الخاص بتملّك الباصات الخصوصية إلى اللجانإضغط هنا
16سقوط صفة العجلة عن صندوق لمساعدة القوى العسكريةإضغط هنا
17برّي يُقرّر منفردا إحالة اقتراح يتعلّق بالمحكمة الجعفرية إلى اللجانإضغط هنا
18سقوط صفة العجلة عن اقتراح تمديد تعليق المهل التعطيليإضغط هنا
19سقوط صفة العجلة عن اقتراح ريفي إعطاء مساعدات لأرباب الأُسرإضغط هنا
20سقوط العجلة عن اقتراح ترسيم حدود المياه الإقليمية(حسن مراد)إضغط هنا
21سقوط العجلة عن اقتراح ترسيم حدود المياه الإقليمية (بولا يعقوبيان)إضغط هنا
22سقوط العجلة عن اقتراح قانون تنظيم انتخاب رئيس الجمهوريةإضغط هنا
23سقوط صفة العجلة عن اقتراح معجل مكرّر التعويض لذوي الضحايا والمتضررين من العنف المفرط المستخدم ضدّ المتظاهرين في انتفاضة 17 تشرينإضغط هنا
24سقوط العجلة عن اقتراح رفع سن التقاعد للعسكريينإضغط هنا
25التصويت على صفة العجلة لاقتراح حماية الإهراءات يطيح بالجلسةإضغط هنا
من البند 26 إلى البند 40لم يتم مناقشتها

برّي يخالف النظام الداخلي بمنع الأوراق الواردة: البرلمان ليس مساحة للنقاش العامّ

يُفترض بحسب النظام الداخلي لمجلس النواب وعند بدء كل جلسة أن تُتلى الأوراق الواردة من قبل النواب ويخصّص لذلك أول نصف ساعة من الجلسة، ولكل نائب حق التعليق على الموضوع بحدود ثلاث دقائق شرط عدم تجاوز المدة المحددة، على أن يصار بعدها إلى درس ومناقشة المواضيع الواردة في جدول الأعمال (م. 64 من النظام الداخلي). إلّا أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه برّي تجاهل ورود أوراق من عدد من النواب، في استعادة لممارسة انتهجها بشكل متواصل بعد 17 تشرين تفاديا لما أسماه "الخوض في مسائل سياسية". وبدأ مباشرة بعملية انتخاب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

وإذ اعترض النائب سامي الجميل واعتبر أنّ الموضوع يشكّل مخالفة صريحة للنظام الداخلي، اعتبر برّي أنّ رئاسة المجلس تعد النواب بأوراق واردة قبيل كلّ جلسة قادمة، إلّا أنّ هذه الجلسة انتخابية ولا أوراق واردة قبلها. في هذا الصدد، لا بدّ من الإشارة إلى عدم صوابية ما قاله برّي حول عدم إمكانية تلاوة الأوراق الواردة قبل جلسة انتخابية، حيث أنّ النظام الداخلي لم يحدّد نوع الجلسة التي يسبقها تلاوة الأوراق، بل تحدّث عن جميع أعمال الهيئة العامة، سواء التشريعية أو الانتخابية. هذا فضلا عن أن الجلسة التشريعية التي دُعي النّواب إليها يفترض أن تنفتح مباشرة بعد الانتهاء من الجلسة الانتخابية.

 وهذا ما أثارته النائبة بولا يعقوبيان بسؤالها إذا ما سيكون هناك أوراق واردة بعد الانتهاء من انتخاب أعضاء المجلس الأعلى وقبيل الجلسة التشريعية. إلا أن برّي رفض هذا الأمر مجددا مؤجلا إيّاه للجلسة المقبلة. إلّا أنّه عاد ليوضح في ما جاز وصفه تراجعًا عن موقفه أنّ الجلسة المقبلة هي لمناقشة الموازنة العامة وبالتالي لن يكون فيها أوراق واردة لأنّ طبيعة جلسات الموازنة مفتوحة للنقاش. عند الانتهاء من انتخاب أعضاء المجلس الأعلى وقبل البدء بدراسة البنود التشريعية على جدول الأعمال، عاد النائب جورج عدوان ليثير الموضوع معتبرا أنّ النظام الداخلي يُلزم بالأوراق الواردة، وطلب من رئيس المجلس تدوين اعتراض كتلته في حال عدم الموافقة على تلاوتها. ردّ برّي محاولا تضخيم أهمّية أعمال المجلس النيابي الراهنة مقابل التقليل من شأن الأوراق الواردة إليه، حيث اعتبر أنّ لدى المجلس الكثير من الملفات التي يجب داسها، وأنّ هذا المجلس معوّل عليه لإنقاذ لبنان وأنّ تلاوة الأوراق الواردة ستأخذ من وقت المجلس. هنا تجدر الإشارة إلى أنّ النظام الداخلي حصر تلاوة الأوراق الواردة بنصف الساعة الأولى فقط، أي أنّه لا يُفترض أن تأخذ الكثير من وقت المجلس حيث أنّ الجلسات تستمرّ لأكثر من 6 ساعات في العادة من دون النظر للاستراحة الطويلة الدائمة (3 ساعات). وفي هذا السياق، تساءل النائب سامي الجميل إذا ما كانت هذه النصف ساعة هي من "ستطيّر البلد". هذا مع العلم أنّ لا شيء يمنع من مواصلة الجلسة لأيام عدة على غرار ما يحصل في العديد من الأنْطمة البرلمانية. 

وفي حين بدا واضحا تشبُّث برّي بعدم تلاوة الأوراق، حاول النائب سيمون أبي رميا التذكير بجلسات المناقشة العامة المفروضة بموجب النظام الداخلي بعد كل 3 جلسات عمل (المادة 136)، وهي مادة خالفها المجلس النيابي طيلة العقود الماضية حيث لم يعقد إلا جلسة واحدة طوال ولايته السابقة. ليعود برّي ويرمي ذلك مجددا على جلسات الموازنة حيث أكّد أن النقاش سيكون مفتوحا فيها، مكرّرا رغبته الباطنية في إبعاد أي نقاش من خارج جدول الأعمال عن الهيئة العامة.

وبذلك، يكون برّي قد قطع الطريق مجددا على اعتبار المجلس النيابي مساحة للنقاش العام في الأمور السياسية أو الاجتماعية. فيفرض إذ ذاك حصر النقاش في الهيئة العامة بجدول الجلسات، الذي يلعب برّي نفسه دورا هاما فيه في وضعه من خلال ترؤسه مكتب المجلس. إذ ذاك، يبقى برّي متحكّما بالقضايا التي تُطرح للنقاش العام في المجلس النيابي، من دون فتح الباب أمام النواب من مناقشة أي موضوع خارج الإطار التشريعي، وهو الإطار الذي يرسمه برّي بنفسه. ما اختلف هذه المرّة هو حجم الاعتراضات على خلفية مخالفته للنظام الداخلي والتي باتتْ تحاصره من أكثر من جهة، وهي اعتراضات دفعته إلى إرجاء المشكلة من خلال تقديم وعود للجلسات القادمة. 

تزكية أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بدل انتخابهم: نواب وكتل ينبذون مجلس المحاسبة الوهمية

انتخب المجلس النيابي 7 نواب منه ليكونوا أعضاء في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وهم: جميل السيد وكريم كبّارة وفيصل الصايغ وهاغوب بقرادونيان وجورج عطالله وعماد الحوت وطوني فرنجية، إضافة إلى 3 أعضاء رديفين وهم جهاد الصمد وسليم عون وقبلان قبلان. إلّا أنّه وفي مفاجأة خلال افتتاح الجلسة المسائية، قال النائب فيصل الصايغ أنّه تمّ إعادة درس موقف كتلته ليُعلن الانسحاب من المجلس الأعلى. إذ ذاك، يُفترض قانونا أن يحل أحد الأعضاء الرديفين مكان الصايغ، إلّا أنّ ذلك قد يشكل إشكالا طائفيا بحسب أعراف المجلس لكون أيّ من الردفاء ليس من الطائفة الدرزية.

بدأت وقائع الانتخاب بعدد من المداخلات الرافضة لمبدأ المجلس والتي تُسلّم بعدم جدواه. أولى هذه المداخلات كانت للنائب علي عمّار بعد تلاوة برّي لأسماء الأعضاء في الولاية السابقة (من دون سبب أو مسوّغ قانوني) والذين كان عمّار من بينهم، فما كان من الأخير إلّا أن بادر بالاعتذار من أن يكون عضوا في المجلس طالبا سحب اسمه من دون توضيح الأسباب، وهي المرّة الثانية التي ينسحب فيها عمّار من المجلس حيث تقدّم باستقالته في 22/4/2020 قبلما يعلن عودته عنها لاحقا. المداخلة الثانية كانت من النائب سامي الجميل الذي تمنّى إلغاء هذا المجلس معتبرا ألّا فائدة منه، وقد توالت بعدها المواقف حيث قال النائب جورج عدوان أنّ كتلته  لن تُشارك فيه لأنّه مجلس شكلي لا يقوم بأي عمل، ليؤكد بعدها النائب ملحم خلف أنّ النواب "التغييريين لن يشاركوا في العملية ترشحا وانتخابا، ليشاطره الرأي النائب سامي الجميل ممثلا كتلته.

بعد وضوح عدم الحماسة وتسليم بعدم فعاليته من قبل الجميع، بدأت الترشيحات لعضويته بخجل. فأعلن النائب جميل السيد ترشحه للعضوية إلى حين إلغاء هذا المجلس، ليُعلن من بعدها أسماء 5 من المرشحين كلّ من قبل كتلته، ليبقى إسم وحيد لاكتمال الأعضاء السبعة. وبعد انتظار، أعلن النائب فريد الخازن ترشيح كتلته للنائب طوني فرنجية الذي لم يكنْ متواجدا في الجلسة حينها، ما أثار اعتراضا من "التغييريين" لكونه لم يتم التأكد من قبول فرنجية لهذا الترشيح. عندها، طلب آلان عون السير بهذه الأسماء بالتزكية، وقد وافق بري على ذلك، وهو ما انطبق على الأعضاء الردفاء. وعليه، تمّ إعلان فوز هؤلاء بالتزكية من دون إجراء أي انتخابات. وقد أشارتْ المفكرة القانونية في تغريدة نشرتها أمس إلى أنّ هذا الأمر يشكّل مخالفة لأصول الانتخابات التي يجدر بالمجلس النيابي إجراؤها والتي تفترض إجراء انتخابات فعلية حتى ولو لم يتجاوز عدد المرشحين عدد المراكز المطلوب ملؤها وبخاصة أن هذه الانتخابات لا تتطلب تقديم ترشيحات رسمية سابقة. وهذا ما حصل مثلًا عند انتخاب رئيس المجلس نبيه برّي رغم أنه كان المرشح الوحيد المعلن.

ويلحظ أنه في موازاة هذه المخالفة، لم يشِر لا رئيس المجلس ولا أيّ من النواب إلى تخلّف محكمة التمييز عن اختيار الأعضاء الثمانية استكمالا لهيكليّة المجلس وفق المادة 80 من الدستور. وهو أمر قد يجد مبرره في امتناع وزير المالية عن توقيع مرسوم تعيين رؤساء الغرف في محكمة التمييز.

وعليه، ستبقى عضوية النّواب النّاجحين في التزكية وخلافا للأصول معلّقة إلى حين استكمال أعضاء المجلس وتاليا أداء يمين كامل الأعضاء مجتمعين اليمين القانونية أمام المجلس (م. 4 من القانون 13/1990).

البنود التشريعية

بعد الانتهاء من الجلسة الانتخابية، استهلّ برّي فورًا دراسة البنود التشريعية من دون أي فاصل (رفع الجلسة الانتخابية وافتتاح الجلسة التشريعية)، وذلك خلافا لما جرتْ عليه العادة عند تحويل الهيئة العامة من هيئة انتخابية إلى تشريعية. سنتناول تباعا في ما يلي البنود التشريعية التي وردت على جدول الأعمال، وذلك بحسب تسلسلها.

البند 1: فتح اعتماد إضافي بقيمة 10 آلاف مليار ليرة:

توتّر وإشكالات عديدة تنتهي بمضاعفة العطب في المالية العامة

على الرغم من الاعتراضات الكثيرة، صدّق بعد إشكال كبير المجلس النيابي مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 8952 لفتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة بقيمة 10 آلاف مليار ليرة لبنانية. وكان المرصد البرلماني في المفكرة القانونية قد انتقد المشروع معتبرا أنّه من بين الأخطر على جدول الأعمال، نظرا لإمكانية تحكّم ثلاثة أشخاص (رئيسا الجمهورية والحكومة ووزير المالية) بهذا المبلغ الضخم بموجب نظام الموافقات الاستثنائية غير الدستوري والمعمول فيه منذ 2013 في اتخاذ القرارات في فترات تصريف الأعمال، كما ولأنّ المشروع لا يضمن أيّ نوع من الشفافية حيث لم يتمّ تحديد وجهة الإنفاق التي ستُنفق هذه الأموال عليها ولا موردها.

للاطّلاع على التعليق المفصّل للمرصد البرلماني على المشروع:

اعتمادات إضافية في احتياطي الموازنة: 10000 مليار تصرف وفق نظامالموافقات الاستثنائية

المناقشات النيابية:

افتتح النقاش المطوّل رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان، الذي شرح المشروع معتبرا أنّه ناتج عن إشكالية عدم إقرار قانون الموازنة، علما أنّ المشروع قابع منذ شهر شباط من العام الحالي (أكثر من 5 أشهر) لدى لجنته. وفي حين أفاد كنعان أنّ دراسة حول المشروع قد وصلته من وزارة المالية بناء على طلبه، اقترح تعديل المادة الأولى ليطلب استبدال "إضافة" الاعتماد ب "تنزيل" قيمته من موازنة العام 2022، حتى يُخصم الاعتماد الجديد من اعتمادات موازنة العام 2022، وقد وافق برّي على هذا التعديل، علما أن موازنة 2022 لم يتمّ إقرارها بعد.

وما إن انتهى كنعان، حتى باشر عدد كبير من النواب انتقاد المشروع. أوّل المنتقدين كان، النائب هادي أبو الحسن، الذي اعتبر أنّه كان من الأولى أن يأتي نقاش هذه المادة ضمن سياق مناقشة الموازنة العامة. فالإيرادات غير موجودة لهذا الاعتماد وبهذه الطريقة لا يوجد أمامنا سوى التضخم (ملمّحا إلى طبع الليرات الذي سيحصل)، وأنّ المشروع بذلك سيضاعف المشكلة ولن يحلّها. كما أضاف أبو الحسن بإسم اللقاء الديمقراطي أنّ الكتلة تريد موازنة، متسائلا عن التأخر فيها وفي خطة التعافي. زميله في الكتلة، النائب مروان حمادة، اعتبر وكأنّ المجلس النيابي يعيش في جزيرة معزولة عمّا يحصل، معتبرا أنّ المشروع يهدف لإعطاء مساعدات اجتماعية للموظفين إلّا أنّ هذه المساعدات لم يتم التوافق عليها مع هؤلاء مقابل فكّ إضرابهم. وقد أثار حمادة ملاحظة هامّة أوردها المرصد البرلماني في تعليقه، أنّه في المشروع يوجد إضافة إلى المساعدات الاجتماعية، مبلغ يقارب 7 آلاف مليار ليرة كاحتياطي لنفقات طارئة، فاعتبر أنّ الوزير الذي سيحصل على هذا المبلغ سيكون "محظوظا" حيث أنّه من غير المعلوم على ماذا وعلى من وبأي هدف سيتم صرف هذه الأموال، طالبا من وزير المالية توضيح وجهة الإنفاق وإلّا يُعتبر ذلك شيكا على بياض، إلّا أنّ أي جواب لم يرد من هذا الأخير.

حاول رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التوضيح قائلا إنّ المشروع قُدّم لأن الموازنة تأخرّت. إلّا أنّ هذا الأمر منافٍ للواقع، لأنّ المشروع صدر بناء على قرار الحكومة في 10/3/2022، أي بعد شهر تماما من إقرار الموازنة في الحكومة وإحالتها إلى المجلس النيابي، أي أنّ المجلس النيابي حينها لم يكن من الممكن اعتباره متأخرا في إقرار الموازنة للقيام بهذا الإجراء. إلى ذلك، وعد ميقاتي أنّ الإنفاق سيكون محدودا وسيعمل جاهدا على عدم الوصول لتضخّم أكبر، معتبرا أنّ الحكومة تُعطي الموظفين مساعدات حتى لا تدخل في أساس الراتب ولا التعويض. إلّا أنّ هذا الأمر الذي يتباهى به ميقاتي، يُشكّل اعتداء فاضحا على حقوق الموظفين العامين براتب متوازن مع كلفة العيش أولا وبتعويض نهاية الخدمة متناسب مع الخدمات التي أدّوها للإدارة العامة والدولة.