هيئة مكافحة الفساد تطلب استرداد صلاحيّة مكافأة كاشفي الفساد
06/06/2024
مشروع القانون المتعلّق بتعديل المادة 13 من قانون حماية كاشفي الفساد هي النتيجة الطبيعية لاستكمال تكوين هيئة مكافحة الفساد. فبعد استحداث باب باسمها في الموازنة العامة، وبعد إقرار نظامها الداخلي ونشره في الجريدة الرسمية، كان لا بدّ من إعادة الصلاحيّات الموزّعة على إدارات أخرى إليها.
ولذلك، بعدما كان قانون حماية كاشفي الفساد ينصّ، في المادة 13 منه، على أن يُفتح اعتماد خاص بموازنة وزارة المالية، تُصرف منه الأموال كمكافآت ومساعدات لكاشفي الفساد، طلبت الهيئة استعادة هذه الصلاحية. وبناء عليه، أعدّت الهيئة مسودة مشروع يتعلق بتعديل تلك المادة، بحيث يفتح الاعتماد الذي تصرف منه الأموال كمكافآت ومساعدات لكاشفي الفساد في موازنة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بدلاً من وزارة المالية، وأرسلته إلى رئاسة الحكومة في 8/4/2024. وبالفعل، لم يتأخر مجلس الوزراء، في الجلسة التي عقدت في 26/4/2024، عن الموافقة على المسودة، وإحالة مشروع قانون إلى مجلس النواب لتعديل المادة 13 من قانون حماية كاشفي الفساد (أحيل المشروع في 29/4/2024)، خاصة أن هذه المادة تتعارض مع قانون إنشاء الهيئة، الذي أشار إلى أنّها هيئة إدارية تتمتّع بالشخصية المعنويّة وبالاستقلال المالي والإداري.
تجدر الإشارة إلى أن المادة 13 التي تُحدّد قيمة المكافآت وكيفية احتسابها، تشير إلى أنّ للهيئة الحقّ في منح المكافأة في إحدى الحالتيْن التاليتيْن:
1- إذا أدّى الكشف إلى حصول الإدارة على مبالغ أو مكاسب مادية، مثل تحصيل الغرامات واستعادة الأموال.
2- إذا أدى الكشف إلى تجنيب الإدارة خسارة أو ضررا ماديا.
كما توضح أنه لا يمكن أن تتعدى قيمة المكافأة و/ أو المساعدة 5% من قيمة المبالغ المُحصّلة أو المكاسب المادية التي حققتها الإدارة كحد أقصى أو الخسارة أو الضرر المادي الذي جنّبه الكشف للإدارة.
أما في حال عدم القدرة على تقييم مردود الكشف، فللهيئة أن تتخذ قرارا بمنح المكافأة و/أو المساعدة بمبلغ يتناسب مع أهمية الكشف الحاصل، شرط ألا يتعدى خمسين ضعف الحدّ الأدنى للأجور.
هل استُعملت هذه المادة قبلاً بغض النظر عن الجهة التي تقدم المكافأة؟ تؤكد مصادر الهيئة أن هذه المادة لم تستعمل قط. إذ أن الهيئة في طور الانطلاق في مهامها. وهي كانت، طيلة الفترة الماضية تمارس وظيفتين بشكل أساسي:
- تلقي تصاريح الذمة المالية والمصالح العائدة للموظفين العموميين وأزواجهم وأولادهم القاصرين في لبنان والخارج.
- تلقّي الشكاوى والمراجعات وطلبات الطعن المتعلقة بتطبيق قانون الحقّ في الوصول إلى المعلومات وتعديلاته، لا سيما قرارات رفض الإدارات الصريحة أو الضمنية لطلبات الوصول إلى المعلومات، والتحقيق فيها وإصدار القرارات الملزمة بشأنها.
وهاتان الوظيفتان بدأت الهيئة بتنفيذهما فور تشكيلها، وقبل تجهيز مكاتبها حتى، إذ اضطرت إلى البدء باستقبال التصاريح لكونها موجبا قانونيا ملزما للموظفين (تقدّر وزارة المالية عدد الخاضعين لموجب التصريح بـ 180 ألف شخص). إذ ينصّ قانون التصريح عن الذمة المالية على وجوب تقديم التصريح في الأوقات الآتية:
1. تصريح أول خلال شهرين من تاريخ تولّي الوظيفة العمومية.
2. تصريح إضافيّ كل ثلاث سنوات، من تاريخ تقديم التصريح السابق.
3. تصريح أخير خلال مهلة شهرين من تاريخ انتهاء خدماته لأي سبب كان.
استثناء المجالس البلدية الممددة ولايتها من التصريح عن الذمة المالية؟
ولما كان التصريح الأول يشمل "كل تجديد أو تمديد لولايات متتالية بالانتخاب أو الانتداب أو بأية طريقة أخرى ينص عليها القانون"، فهذا يعني أن التمديد للمجالس البلدية يفرض على رؤسائها وأعضائها التقدّم بالتصريح، ويؤدي بالتالي إلى إغراق الهيئة بنحو 10 آلاف تصريح جديد لموظفين عموميين سبق للمجلس النيابي أن مدد لهم العام الماضي. علماً أن الهيئة لا تزال تستقبل التصريحات المتعلقة بالتمديد السابق حتى اليوم. إذ أن تحديد مهلة الشهرين لتقديم التصاريح لم يقترن بأي غرامة أو عقوبة تأخير، ما يعني ضمناً أن مهلة الشهرين ليست صارمة على ما تؤكد مصادر الهيئة.
ولذلك، قدمت الهيئة طلباً لاستثناء المجالس البلدية الممدّدة ولايتهم في العام الحالي عن تقديم تصاريح الذمة المالية. علماً أن هذا الأمر كان طرحه النائب علي حسن خليل في جلسة التمديد للمجالس البلدية، إلا أنه لم يؤخذ بطلبه.
وإذ تأمل مصادر الهيئة بإقرار هذا الاستثناء، فهي تؤكد أن كل تركيزها منصب حالياً على تنظيم أمورها، وتحضير الأرضية التي تسمح لها بالعمل على تنفيذ كل الوظائف المطلوبة منها ولاسيما منها:
- الاستقصاء والتحرّي عن جرائم الفساد.
- حماية كاشفي الفساد وتحفيزهم وفق أحكام قانون حماية كاشفي الفساد.
- تلقي الإخبارات والكشوفات عن الفساد وحماية سريتها.
كذلك، فإن الهيئة التي يحق لها التدقيق بالتصاريح عندما ترى حاجة لذلك، لم تستعمل هذه الصلاحية بعد، بالنظر إلى محدودية قدراتها. إلا أن مصادرها تؤكد أنها في المرحلة المقبلة لديها خطة للكشف على تصاريح عدد من الموظفين الذين ينتمون إلى إدارات ومؤسسات كانت في الفترة الماضية محلّ تحقيق في قضايا فساد.
أول الغيث بعد إقرار النظام الداخلي للهيئة كان التواصل مع مجلس الخدمة المدنية لإعداد مباراة تسمح بتوظيف عدد من الأشخاص، يُقدّر في المرحلة الأولى بـ20 شخصاً (تْقدّر الهيئة ملاكها الإداري بـ80 موظفاً)، في مقدّمهم الأمين العام للهيئة، خاصة أنها تضم حالياً سوى 3 موظفين فقط تمّ نقلهم من وزارة المهجرين، إضافة إلى عدد من المتطوعين، من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.