مئات ملايين الدولارات دُفعت على معامل فرز ومطامر مشلولة: احتراق مكب سرار يُشعل النقاش حول إدارة النفايات

سعدى علوه

20/07/2024

انشر المقال

أخيراً، وبعد 24 يوماً على اشتعال مكب سرار في منطقة ساحل ووسط الدريب العكارية، يمكن القول أن أهالى 10 قرى وبلدات محيطة بالمكبّ، ناموا ليل الثلاثاء-الأربعاء (16-17 تموز 2024) من دون الأدخنة السامة السوداء التي انبعثت عن إحراق المكب أو احتراقه (كون القضاء لم يحدد المسؤوليات لغاية الساعة) في 23 حزيران المنصرم. إذ أدت الضغوط الإعلامية، ومنها تقرير مصوّر وأخر مكتوب للمفكرة القانونية يروي القصة الكاملة لملفّ سرار الخطير، ومعها صرخات الأهالي على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى أبواب المسؤولين، إلى قيام الهيئة العليا للإغاثة، وبعد 10 أيام على الزيارة التفقدية لأمينها العام اللواء محمد الخير للمنطقة واختناقه معهم من الأدخنة، بجلب جرافات وآليات لإخماد الحريق الذي بقي مشتعلا لما يقارب الشهر.

ووسط مطالبة الأهالي بإقفال المكبّ بعدما تحوله إلى مقتلة لعكار وأهلها بعد ربع قرن على إنشائه واستقباله مئات آلاف أطنان النفايات العشوائية من منزلية عضوية إلى صناعية وطبية (للمستشفيات)، في حين يشهد بعضهم على رؤيته بالعين المجردة استقباله براميل لم يُعرّف محتواها، مما حوله إلى قنبلة موقوتة بفعل آلاف غرف غاز الميثان القابل للاشتعال عند ملامسته الهواء، ما يتسبب، إثر احتراقه، بانبعاث مئات الغازات القاتلة للناس، وأمراض أقلها القلب والضغط وصولا إلى أنواع السرطانات كافة. وتزامنا مع اشتعال مكبّ سرار العشوائي، أعلن وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين عن تمويل المرفق البيئيّ العالميّ عبر البنك الدولي إعادة تشغيل معمل الفرز في سرار وكذلك استكمال المطمر الصحّي، وهو ما أضاءتْ عليه المفكرة في تحقيق مفصّل.

ومن ضمن خطّة إعادة تشغيل معمل الفرز الذي لامست كلفته بين 2017 و2019 عتبة الـ 7 ملايين دولار، من ضمنها استئجار 60 هكتارا من أرض مالك الأرض خلدون الياسين مع أشقائه بقيمة 400 ألف دولار دُفعت قبل الأزمة، وكذلك إنشاء المطمر الصحي الذي لم يكتمل بعد إدراج الولايات المتحدة شركة معمار المتعهدة على لائحة العقوبات، ستخصص 3 ملايين دولار، هي حصة سرار من تمويل البنك الدولي البالغ 8.8 ملايين دولار، لبناء مطمر لصحّي (نحو مليوني دولار وفق أجوبة البنك الدولي للمفكرة)، فيما يقع على عاتق اتحاد بلديات ساحل ووسط منطقة الدريب تحمّل كلفة التشغيل والصيانة، وفق ما أكد البنك الدولي لجهة عدم تحمله أي كلفة فيما عدا الهبة. ولا تشمل هذه الأكلاف معالجة مئات آلاف أطنان النفايات المرمية عشوائيا في سرار، وفق ما أكد كلّ من البنك الدولي ووزير البيئة ناصر ياسين للمفكرة، على اعتبار أن المعالجة تحتاج إلى مبالغ مالية طائلة. وعلمت المفكرة أن مشّغلّي المكب ما زالوا يستقبلون نفايات عكار، ومعها، تحت جنح الظلام كميونات من المنية والكورة وحتى من طرابلس، تحوي نفايات من الأنواع كافة. 

واستجابة للتمويل الذي يفترض أن يشترك فيه اتحاد البلديات، وضمن استراتيجية إدارة النفايات الصلبة، يأتي مشروع قانون تعديل المادة 28 من القانون 80/2018 الخاصّ بالإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، لناحية فرض رسوم خدمة النفايات على المنازل والمؤسسات الصناعية والإدارات العامّة ودور العبادة والسفارات وغيرها، انطلاقا من مبدأ الملوّث يدفع، وهو المبدأ المُقرّ أساسًا في القانون 80/2018 وكذلك في القانون 444/2002، حماية البيئة. ويهدف تعديل هذه المادة، وفق ما أكده وزير البيئة للمفكرة، إلى تأمين التمويل اللازم لاستمرارية الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة وخصوصا عمل معامل الفرز والمعالجة، ومعها جمع البلديات للنفايات وتشغيل المطامر الصحية، وهي منشآت كلفت مئات ملايين الدولارات. 

ويكفي أن نشير إلى أن التّقييم الأوليّ لأكلاف صيانة المعامل الموجودة والمطامر الصحية، وعددها 15 معمل فرز و15 مطمرا صحيا (في المبدأ) يؤشر إلى حاجة لبنان إلى نحو 100 مليون دولار، وفق ما أكد الوزير ياسين للمفكرة. ويتناغم كلام ياسين مع وثيقة حصلت عليها المفكرة، ومصدرها البنك الدولي، تؤكد الحاجة إلى 90 مليون دولار للصيانة وإعادة التشغيل لهذه المعامل والمطامر. ويؤكد وزير البيئة "أن أكلاف إعادة التأهيل قابلة للارتفاع وقد تلامس عتبة 100 مليون دولار، علماً أنها لا تشمل معالجة المكبات العشوائية الخطرة والمنتشرة حالياً". 

نحن نتحدث هنا عن 617 مكبا عشوائيا، وفق مسح العام 2017،  تحتوي ملايين الأطنان من النفايات العشوائية المختلطة بينها العضويّ والصناعيّ والطبيّ والكيميائيّ وغيرها، وفق أرقام مسودة الاستراتيجية الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة التي حصلت عليها المفكرة، ويجري العمل لإصدارها في مجلس الوزراء. ويلحظ أن رقم 617 مكبا عشوائيا يعود إلى مسح 2017، ويرجح أن يكون ارتفع منذ ذلك الحين، حيث صار في سرار نفسها مكبان عشوائيان بدل المكبّ الواحد بعد خلافات الإخوة الياسين، والأهم أن كلفة معالجة هذه المكبات مرتفعة جدا "وهو ما تعمل عليه وزارة البيئة"، وفق ما أكد وزير البيئة للمفكرة، مضيفاً "نحاول مع الجهات المانحة تأمين تمويل لمعالجة هذه المكبات بعد إعادة تأهيل المعامل والمطامر الموجودة اليوم، لأن المكبات العشوائية ستبقى، في حال عدم تأهيلها، قنابل موقوتة تدّمر صحة الناس وبيئة المناطق الموجودة فيها".    

عوائق تعديل المادة 28 من القانون 80/2018

توفّرت للمفكّرة معلوماتٌ بحصول نقاش كبير في لجنة البيئة النيابية حول تعديل المادة 28 من القانون 80/2018 الخاصّ بالإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، للسّماح للبلديات باستيفاء رسوم من المنازل والمؤسسات التجارية والصناعية والسياحية والإدارات العامّة ودور العبادة والسفارات وغيرها مقابل خدمة جمع ونقل وفرز ومعالجة النفايات، علمًا أنّ تكتّل الجمهورية القوية كان قد تقدّم باقتراح قانون مشابه (يختلف في التفاصيل) لتعديل المادة عينها في العام 2018 تزامنا مع هبة البنك الدولي، لكنه لم يُناقش في مجلس النواب أو في أيّ من اللجان النيابية.

وفي هذا الإطار، أكّد رئيس لجنة البيئة النيابية النائب غياث يزبك للمفكرة أن اقتراح قانون تكتل الجمهورية القانونية بقي في أدراج المجلس "رغم محاولاتنا تحريكه، واليوم أن هناك مرسوم قانون من مجلس الوزراء، والمهم بالنسبة لنا السّير في حلّ قضية النفايات التي أعتبرها قضيتي لأثرها على صحّة الناس وبيئة جميع المناطق اللبنانية ولبنان وموارده الطبيعية". ونقل يزبك للمفكرة وجود "اعتراضات من قبل العديد من النواب والكتّل من وجهة نظر قانونية بالدرجة الأولى، إضافة إلى هواجس فرض رسوم إضافية على الناس (رسم المنازل) في هذه الظروف، ولكن النتيجة، في حال حلّ كارثة النفايات هي الأهم للناس وصحتهم وبيئتهم".  

وتتركز الاعتراضات، وفق رئيس لجنة البيئة النيابية، واعتماداً على مداخلات النواب، حول "كيفية السماح للبلديات قانونيا باستيفاء رسم على النفايات وتخصيصه لإدارة النفايات كون هذا الأمر متعذرا قانونيا، كون قانون الموازنة العامة لا يسمح بتخصيص نفقة لفئة ما أو لجهاز أو دائرة". وأشار إلى معضلة أخرى خاصة بـ "القرى التي لا تتمتع ببلديات، ولا يُنتّخب فيها سوى مجلس اختياريّ، وهذه لا يمكنها الجباية ولا يحقّ للقرى للبلديات المجاورة لها الجباية عنها ولا للقائمقام أيضا، وهذه عددها كبير في لبنان، وطبعا لديها نفايات". وأشار النائب يزيك إلى أنّ لجنة البيئة النيابيّة تبحث عن حلول لتخطي هذه المعوقات "وما زلنا ننتظر الطروحات الممكنة من قبل لجنة مكونة من الخبراء وموظفي الوزارات المعنية".  وأشار يزبك إلى أن لجنة البيئة النيابية ستعقد جلسة في 25 تموز الجاري لاستكمال نقاش مسودة الإستراتيجية الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة حيث تستمع إلى عرض مفصّل من وزير البيئة حول تفاصيلها بعدما سبق وعرض الخطوط العريضة لها في جلسة سابقة "وهكذا نبحث بشكل شامل مسألة النفايات من الناحية الاستراتيجية وإمكانية تعديل المادة 28 بانتظار مخارج حلول لتخطي المعوقات". وأكد للمفكرة أنه سيحدد جلسة مستعجلة بعد جلسة 25 الجاري" نخصصها لاستكمال بحث تعديل المادة 28 على أمل أن نصل إلى مقترحات لتعديلها كونها أساسية وجوهرية في تطبيق استراتيجية النفايات وتجنبًا لتوقف المنشآت من معامل ومطامر ومرافق تشغيلية". 

وفي اتصال للمفكرة أكّد عضو اللجنة التي لجأت إليها لجنة البيئة النيابيّة للاستئناس برأيها حول المخارج الممكنة لحلّ العوائق، الخبير البيئي فريد كرم، أنّ هناك عائقين في مرسوم قانون تعديل المادة 28 المحال من مجلس الوزراء يتمثّلان بالقرى التي ليس لديها بلديات، وبعدم القدرة قانونيا على تخصيص الجباية لهدف صرف محدد. وأشار إلى أنّه يتم البحث في طروحات بديلة لجوجلتها ومنها إنشاء كلّ اتحاد بلديات مؤسسة عامة لإدارة النفايات، ويمكنها أن تجبي من القرى التي تتمتع بمخاتير فقط، مشيرا إلى أن اللجنة ما زالت تبحث في الحلول الممكنة "ولم نصل إلى مقترحات نهائية لغاية الساعة".

وقد نشر المرصد البرلماني للمفكرة القانونية تعليقا على مشروع القانون أكد فيه من جهة أن المجلس الدستوري قد أقر في قراره 1/2023 إمكانية تجاوز شمولية الموازنة العامة وتاليا تخصيص رسوم أو ضرائب معينة لنفقات معينة عند وجود صلة بينها. 

"لا تعديل= لا تمويل"

من جهته، يؤكد وزير البيئة ناصر ياسين للمفكرة أن تعديل المادة 28 هو الأساس التمكيني في تنفيذ استراتيجية الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، وتأمين التمويل للبلديات وتمكينها من "الوقوف على إجريها" عبر الرسوم التي تجبيها، والمتأتية من منتجي النفايات، انطلاقا من مبدأ الملّوث يدفع. ويشير إلى هذه المادة موجودة أساسًا في القانون 80/2018، حيث يحدد (قبل مرسوم قانون تعديل 28) التمويل من الموازنة والهيئة الوطنية لإدارة النفايات بعد تشكيلها، ومن موازنات السلطات المحلية ومن قروض وهبات". ولكن، وفق ياسين، "ورد في المسودة التي نوقشت في حينه في مجلس النواب (ب 2018) طرح حول فرض الرسوم، وهذا مهم لتمكين البلديات من إدارة القطاع". وعليه، أرسل مجلس الوزراء، وبناء على اقتراح وزارة البيئة، مشروع قانون لتعديل المادة 28، لتحديد رسوم على النفايات تحت مظلة مبدأ الملوث يدفع ومبدأ تعدد مصادر تمويل إدارة النفايات. وتأسّس مشروع القانون بناء على دراسة كاملة لكميات النفايات المُنتجة في لبنان وكلفة الإدارة المتكاملة للنفايات، و"احتسبنا بناء على حجم الكميات الموجود كمعدل عام وعدد السكان والمنازل والمباني والمؤسسات واشتغلنا بطريقة يكون العبء فيها أكبر على المؤسسات لنخفّف عن المنازل تحت العناوين نفسها، كون المؤسسات لديها مداخيل. كما قسّمنا وفق أنواع المؤسسات وفئاتها، وبين منازل ريفية وأخرى مدينية مع مراعاة المساحة أيضا، وكذلك مخيمات اللاجئين، وتركنا للبلديات صلاحية تغيير التعرفة تحت سقف هذا التقسيم ومعدلاته الدّنيا والعليا". ويرى ياسين أن من شأن التعديل أن يؤمن فرض الرسوم لتمويل القطاعات الخَدّمية المرتبطة بالنفايات، وهي خدمة يجب أن يكون لها أجرٌ وكلفة ورسم، كوننا لمسنا، بالتجربة، توقّف بعض الخدمات العامة أو تعثرها، ومنها الكهرباء نتيجة فقدان التمويل، وكذلك معامل الفرز والمعالجة والمطامر الصحية.  

وقال وزير البيئة أنّ تحدّيات تعديل المادة 28 تتعلق بوجود قرى لا تتمتع ببلديات، وكذلك غياب مبدأ التخصيص في الموازنات، ورفض وزارة المالية لهذا المبدأ، رغم وجود سوابق، "ونحن نبحث كيف يمكننا إيجاد طريقة تسمح بدخول هذه الواردات إلى البلديات، وأن نتأكد من تخصيصها لإدارة قطاع النفايات، وكذلك العلاقة بين البلديات واتّحاد البلديات، حيث مثلا تدير أحيانا الاتّحادات أو البلديات الكبرى هذه المنشآت، وما هي العلاقة بينها وبين البلديات الأصغر وغيره". واعتبر أن هذه الرسوم تُعتبَر زهيدة "مقابل العائد الصحي والبيئي على المواطن والبيئة والموارد الطبيعية"، مشيراً إلى أنه تم منح البلديات ذات الموارد الضئيلة، وقدرتها على الجباية ضعيفة أيضًا، فترة 3 سنوات لتطبيق هذا المنحى تدريجيا، وربما تبدأ بمبدأيّ الجمع والنقل ثم الطمر، ونضع سيناريو في هذه الحال أن يبقى جزءًا من التمويل على عاتق الخزينة، وهو سيناريو مطروح ولم نبَتّ فيه". واعتبر أنّ هذا القانون هو من "أهمّ الإصلاحات في حال صدوره، وينتقل بقطاع النفايات إلى مكان آخر مختلف عما هو حاصل اليوم لنبني القطاع بشكل جدي وفعّال".    

وشرح ياسين خلفيّة ما يتمّ العمل عليه، بدءًا من قانون النفايات الذي أعدّ بعد أزمة النفايات في 2015 وصدر في 2018 وشكل "قانون إطاري وحدد مبادئ وأطر عدة ضرورية لتأمين إدارة متكاملة لقطاع النفايات الصلبة"، مشيراً إلى أن وزارة البيئة "تبني اليوم مسودة الاستراتيجية الوطنية للإدارة المتكاملة للقطاع والتوجهات التي نشتغل عليها منذ أكثر من سنتين، وتتركز على إصلاح هذا القطاع وصولا إلى إدارته بشكل متكامل وفق المعايير البيئية والصحية".  

ومن الأسس الجوهرية لإدارة النفايات الصلبة هو مبدأ اللامركزية والحلول المحلية وكيفية إعادة تنظيم القطاع على أساس لامركزي. "وعليه اشتغلنا على إصلاحات عدة، صدر جزءٌ منها، وسوف يصدر جزءٌ أخر قريبا، وتشكّل أساس إدارة هذا القطاع، لأنّه من دون تركيز مبادئ الحوكمة والإدارة والتمويل، التي تشكل حجر الأساس لنجاح إدارة القطاع، يكون العمل ناقصا". وضمن هذه المبادئ، تندرج مسودة الاستراتيجية الوطنية للإدارة المتكاملة لقطاع النفايات الصلبة، وكان العمل عليها قد بدأ في 2019 وجاءت الأزمة الإقتصادية وكورونا ومشاكل القطاع العام لتبطّئ العمل، وفق ياسين. "والآن نحن في المرحلة الأخيرة، وأجرينا مشاورات حولها في كل المناطق اللبنانية ومع كل الأفرقاء وأصحاب المصلحة وكذلك في لجنة البيئة النيابية، وهي تشكل الإطار التنفيذي والاستراتيجي للقطاع، وستصدر قريبا عن مجلس الوزراء". وتجاوب الإستراتيجية في جزء منها، وفق وزير البيئة، على موضوع المادة 9 في قانون النفايات الخاصة باللامركزية، والمادة 5، مبدأ الجوار. وتمّ تقسيم لبنان، وفق ياسين، إلى 17 منطقة خَدَّمية بدل 15 كما كان، تأخذ موضوع الجغرافية ونقل النفايات وكمياتها بعين الاعتبار، وتراعي "ضرورة أن يتمّ الفرز قريبا من مصادر إنتاج النفايات، وكذلك المعالجة سواء في معمل أو مطمر، وأيضا وجود منشآت سابقة من معامل أو مطامر مرصودة سابقا، وهذا الأمر ليس منزّلا، وقد يتغير حسب توفر معطيات تستوجب ذلك. وهي استراتيجية ستشكل مظلّة لإدارة القطاع للسنوات المقبلة، وتحترم القانون بشكل كامل".

وتشكل البرامج المحلية "الخطوة الثانية في الإصلاح"، وفق ياسين، "حيث القانون واضح لجهة أن كل منطقة تتمتع ببرنامج محلي لإدارة القطاع وتعمل على كيفية الإدارة وتوزيع الأدوار بين البلديات وتحدد موقع المطمر وإدارته، وهنا بدأنا ببرامج محلية لكل المناطق اللبنانية"، ويتم التعاون في هذا الإطار مع منظمات الأمم المتحدة والبنك الدولي وهيئات دولية أخرى".

وتتعلق الخطوة الثالثة، و"هي أساسية"، وفق وزير البيئة، بتشتّت هذا القطاع وتوزّعه بين إدارات مختلفة من مجلس الإنماء والإعمار، إلى المناطق المركزية في بيروت وجبل لبنان كما هي الحال الأن، إلى الاتحادات الكبرى للبلديات كالزهراني- صيدا وطرابلس الفيحاء وزحلة وغيرها، وكان يشرف عليها مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية (قبل نقل الصلاحية بالتدريج إلى وزارة البيئة) بالتعاون مع البلديات من معامل فرز في المناطق ومن ضمنها سرار والكفور (النبطية) وطرابلس وغيرها. وتشّترط وزارة البيئة أن يتمّ الانتقال بعد تأهيل المنشآت الموجودة لإعادة تشغيلها حيث معظمها متوقف عن العمل. ويحصل إنهاء عدم التشتت عبر الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة التي يلحظها قانون النفايات، وكذلك المرسوم الذي سيصدره مجلس الوزراء (وافق عليه) قريبا، وفق ياسين، حيث حصل على موافقة مجلس شورى الدولة، وهناك بعض التعديلات الطفيفة مع مجلس الخدمة المدنية، وكذلك اطّلعت عليه هيئات الرقابة. وتصبح الهيئة، وفق ما يؤكّده وزير البيئة، هي "المشرفة رسميا على هذا القطاع وعلى عمله، وعلى التزام البلديات، وقد تُنفّذ المشاريع المشتركة على مستوى مناطق متعددة ليس لديها قدرة على إيجاد مطمر، وتتضمن جزءا ناظما وجزءا تنفيذيا وهي مؤسسة عامة مستقلة لها فريقها ومديرها وتحت وصاية وزارة البيئة".   

وتأتي الخطوة الرابعة في إطار مراقبة نظام معلومات النفايات و"نتعاون فيه مع البنك الدولي ومنظمات أخرى لوضع نظام تتّبُع كل حركة النفايات من جمعها إلى فرزها ومعالجتها وطمرها، ويلغي هذا النظام الكثير من ضبابية العمل الموجودة ويعزز الشفافية ويكافح الفساد، وهو من الإصلاحات الأساسية، وكذلك قرارات وزارة من البيئة التي أصدرتها وزارة البيئة كمعايير ونُشرت في الجريدة الرسمية"، يضيف ياسين.