كامل نتائج جلسة 21/10/2025 النيابية: الاستمرار بنهج التزكية ومخالفة النظام الداخلي

نيقولا غصن , لين أيوب

21/10/2025

انشر المقال

عقدت الهيئة العامة للمجلس النيابي في 21 تشرين الأول 2025 جلستها الحكمية لانتخاب أميني سرّ وثلاثة مفوضين وأعضاء اللجان النيابيّة. ولا بدّ من التذكير أوّلًا أنّ هذا الانتخاب يأتي بعد فشل المجلس النيابي في السنة الماضية في تجديد انتخاب أعضاء مكتبه واللجان النيابية ما دفع بمكتب المجلس إلى اتخاذ قرار بالتمديد لأمناء السر والمفوضين واللجان لسنة كاملة. 

في مستهلّ الجلسة، وبعد تلاوة مواد الدستور والنظام الداخلي المرتبطة بجلسة الانتخاب، أعطي الكلام للنائبة حليمة القعقور حيث تطرّقت إلى موضوع محضر الجلسة التشريعيّة السابقة التي جرت في 29 أيلول 2025 والتي لم يتم التصويت على خلاصة محضرها في نهايتها نظرًا إلى فقدان النصاب، كما إلى عدم قيام هيئة مكتب المجلس بتصديق هذا المحضر على ما نصّت المادة 60 من النظام الداخلي للمجلس النيابي. وبالتالي، طالبت النائبة القعقور بتصديق محضر جلسة 29 أيلول قبل الشروع بالانتخابات المنوي إقامتها. فكان جواب الرئيس برّي على ذلك أنّ الجلسة الحاليّة ليست تشريعيّة وبالتالي لا يمكن تصديق المحضر السابق وهو ما كان قد توقعه المرصد البرلماني في مقال سابق الذي أشار أن طبيعة الجلسة ليس من شأنه منع التصديق على خلاصة محضر الجلسة التشريعية السابقة.  

في مداخلتها أيضًا، ذكّرت النائبة القعقور بالمادة 44 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي تنص على “أنّ حضور جلسات اللجان إلزامي، ويعتبر مستقيلًا حكمًا عضو اللجنة الذي يتغيب عن حضور ثلاث جلسات متوالية بدون عذر مشروع مقدم وفقاً للمادة 61 من هذا النظام وعلى رئيس اللجنة أن يبلغ رئيس المجلس الأمر لانتخاب خلف له”. وأشارت إلى أنّ عددًا كبيرًا من النواب لا يلتزمون بهذا النص، ما يوجب اعتبارهم مستقيلين حكمًا عملًا بأحكام المادة المذكورة. غير أنّ رئيس المجلس نبيه برّي ردّ بأنّ تطبيق هذا الإجراء يتطلّب أن يُبلّغه رؤساء اللجان بحالات الغياب، وهو ما لم يحصل، وبالتالي لا يمكنه اتخاذ التدابير المنصوص عليها في المادة. وقد علم المرصد البرلماني أنّ الرئيس برّي تعهد للنائبة القعقور في حديث جانبي بمعالجة هذه المسألة عبر توجيه كتاب إلى رئيس اللجنة يطلب منه إخطاره بالنواب الذين تنطبق عليهم المادة 44.

بعد ذلك، شرع الرئيس برّي في عمليّة التصويت استهلّها بإعلان فوز أميني السرّ بالتزكية وصدّق على النتيجة دون انتظار جواب النوّاب أو أيّ ردّة فعل من قبلهم على إعلان النتيجة. وكذلك الأمر بالنسبة للمفوضين الذين فازوا بالتزكية. 

انتخاب لجنة المال والموازنة

ومن ثمّ كان دور انتخاب لجنة المال والموازنة، فطرح الرئيس برّي سؤالًا على النواب إذا ما كان أحدهم يريد أن يترشح أو أن ينسحب، فأعلن النائب ابراهيم منيمنة ترشحه، ما دفع بالرئيس برّي إلى السؤال إذا ما كان أحد النواب يريد الاستقالة من اللجنة لكي يستبدل بالنائب منيمنة وذلك تفاديًا للقيام بعمليّة الانتخاب. إلّا أنّه أمام رفض أحد أعضاء اللجنة الانسحاب، اضطرّ الرئيس برّي إلى القيام بتوزيع الأوراق للسير بالعمليّة الانتخابيّة. وكانت الأوراق عبارة عن لائحة بأسماء أعضاء اللجنة الحاليين، على أن يقوم النواب بالتصويت باللائحة الكاملة كما هي أو بشطب أو إضافة أحد مرشحيهم. 

في هذا الإطار، أثار النواب مسألة عدم حضور عدد من أعضاء اللجنة للجلسة الانتخابيّة، وبالتالي التساؤل حول إمكانيّة ترشّحهم أو انسحابهم من اللجنة. وكان النائب فراس حمدان أوّل من طرح هذه المسألة سائلًا كيف يمكن أن نرشح أشخاص غير موجودين إلى عضويّة لجنة، وقد شاطرته النائبة حليمة القعقور في هذا السؤال. فاقترح الرئيس برّي على النائب حمدان أن يكتفي بشطب اسم المرشح الذي لا يريده من اللائحة الانتخابيّة التي وزّعت عليه. وقد أخذ النائب علي حسن خليل الكلام في هذا الموضوع أيضًا معتبرًا أنّه لا يوجد ضرورة بأن يكون النائب المرشح حاضرًا، قائلًا بأنّه حرّ أن ينتخبه حتى لو لم يكن حاضرًا. أمّا النائب ملحم خلف، فاعتبر أنّه بمجرّد أنّ الرئيس برّي سأل في مستهلّ التصويت إذا ما كان هنالك من مرشحين، فذلك يجعل من الترشح ضرورة وبالتالي فإنّ ملاحظة النائبين حمدان والقعقور صحيحة. 

في النهاية، شرع النواب في التصويت، وكان الرئيس برّي قد أعلن أنّه تسهيلًا لعمليّة الفرز لن يتمّ تلاوة أسماء النواب عند فتح كلّ ورقة بل سيكتفى بإعلان ما إذا كان اللائحة كاملة أو قد شطب أو أضيف منها أيّ اسم. 

إلّا أنّه عند إعلان النتيجة، لم يلتزم الرئيس برّي تمامًا بما قاله فقد تمّ تعريب الأوراق من قبل أميني السرّ وموظفي المجلس دون إعلان نتيجة كلّ ورقة عند فتحها، واكتفى الرئيس برّي في نهاية هذه العمليّة بإعلان اقتراع 92 نائبًا، وحصول اللائحة الكاملة على 48 صوتًا، أمّا النائب منيمنة فقد حصل على 33 صوتًا، والبقية هي لوائح تخللها تشطيب لأسماء لكن دون إضافة أسماء جديدة.

لجنة الادارة والعدل

عبرّت النائبة حليمة القعقور عن رغبتها الترّشح لعضوية هذه اللجنة، وإن كانت تعرف مسبقًا أنّها “ستسقط”.

إذّاك، كرّر برّي سؤاله المعتاد حول رغبة أحد الأعضاء الانسحاب، ليفسح المجال أمام عضوية النائبة القعقور. وقد توّجه رئيس اللجنة جورج عدوان إلى مكان النائبة القعقور في محاولة للتوّصل إلى توافق. 

وفي ظلّ تكرار برّي لسؤاله عدّة مرات، اعتبر النائب جميل السيد أنّه من الممكن أن ينسحب أحد أعضاء اللجنة إذا كان رئيس لجنة أخرى، في إيحاء يفهم منه أنّ المقصود هو النائب ابراهيم كنعان. 

وقد ترّشح النائب فراس حمدان لعضوية اللجنة بدوره، بعد أن أشار إلى أنّه، وإن كان هذا الموقف لا يعبّر عن قناعاته ومبادئه الشخصيّة، يوجد خلل في التوازن الطائفي في لجنة الادارة والعدل نظرا لأكثريّة الأعضاء المسلمين. وقد استغرب النائب الياس بو صعب موقف حمدان، ليؤكّد الأخير أنّه يلفت النظر إلى خلل بحسب مفهوم التوازن الطائفي لدى الرئيس برّي وسائر النواب لا قناعاته. ولم تكن هذه المداخلة الوحيدة في هذا السياق حيث أنّ النائب جميل السيّد أشار إلى أنّه يوجد حصريّة  في التمثيل الطائفي لرؤساء اللجان.

وقد عاد برّي وتوّجه بالسؤال إلى جورج عدوان ليعرف خلاصات نقاشه مع النائبة القعقور “شو يا جورج خلصت هل حكومة أو بعد؟”. ونتيجة عدم التوّصل إلى توافق واضح، بدأت عمليّة الانتخاب لكن الرئيس برّي أعلن هذه المرة عدم ضرورة وضع أوراق الاقتراع داخل الظرف المخصص للاقتراع. وقد اعترض النائب ملحم خلف على هذه الممارسة المخالفة للمادة 11 من النظام الداخلي، معتبرَا أنَ ذلك يشكل استخفافا بالنظام الداخلي، ليأتيه الجواب من برّي وبو صعب “خلصنا حطّ ظرف أنت”.

بنتيجة فرز الأوراق، تبيّن أن عدد المقترعين 93 نائبا، منهم 49 انتخبوا لائحة كاملة، و44 لائحة أخرى من بينها 41 تضمنت تصويتا للنائبة حليمة القعقور و14 لائحة احتوت على تصويت للنائب فراس حمدان.

اللجان المتبقية

بخصوص اللجان المتبقيّة، تم التجديد لها كلّها بشكلها الحالي دون تعديل ما عدا لجنة الإعلام حيث انسحب النائب غياث يزبك وترشح مكانه النائب ملحم الرياشي وتمّ التصديق على اللجنة بشكلها الجديد دون القيام بعمليّة التصويت نظرًا بأنّ لا مرشحين آخرين عليها. والأمر عينه حصل في لجنة التكنولوجيا حيث أعلن النائب طوني فرنجية إنسحاب النائب فريد الخازن نيابة عنه وترشح النائب أديب عبد المسيح مكانه. 

في النهاية، أعلن الرئيس برّي دون أي تصويت أو مشاورة التجديد لرؤساء ومقرري اللجان كلّها وصدق عليها من تلقاء نفسه في مخالفة واضحة للمادة 23 من النظام الداخلي التي تنص على التالي:  “تجتمع اللجان بعد انتخابها بثلاثة أيام على الأكثر بدعوة من رئيس المجلس وبرئاسته فتنتخب كل منها رئيساً ومقرراً بالاقتراع السري ويكلف رئيس المجلس أمين سر لها من موظفي المجلس لضبط وقائع الجلسات” ما يعني أن انتخاب رئيس اللجنة ومقررها يجب أن يتم من قبل اللجنة نفسها وليس من قبل رئيس المجلس بمفرده أو حتى بموافقة الهيئة العامة. 

وهكذا يتبين أن مجلس النواب استمر على النهج الذي أصبح سائدا في السنوات الماضية إذ بات يتم فعليا تعليق الانتخابات واستبدالها بالتوافقات السياسية عبر الفوز بالتزكية ما يؤدي إلى تعزيز هيمنة الكتل النيابية الكبرى على العمل البرلماني.