اقتراح الكابيتال كونترول تشريعا لمخالفات المصارف؟

المفكرة القانونية

27/10/2021

انشر المقال
وضع على جدول الأعمال اقتراح قانون يرمي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفيّة (كابيتال كونترول) مقدّم في 20/5/2020 من النائب ياسين جابر عن كتلة التنمية والتحرير والنواب سيمون أبي رميا، ابراهيم كنعان وآلان عون عن كتلة لبنان القوي. وقد درست لجنة الادارة والعدل  برئاسة النائب جورج عدوان في 29/7/2021 الاقتراح بعدما كانت لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان أنجزت درسه في 7/6/2021. نلحظ التشابه بين نسختي اللجنتين في المضمون ولو اختلفتا بالشكل، وهو اختلاف بقي على حاله من دون أن يعرض على اللجان المشاركة. ونعتمد في هذه المقارنة نسخة لجنة الإدارة والعدل مع الإشارة إلى الاختلافات في نسخة لجنة المال والموازنة عند توفّرها. أما أبرز الملاحظات على الاقتراح فهي:   1- أنه تأخر كثيرا بما سهّل تهريب معظم الرساميل الكبيرة للنافذين، 2- أنه فرض  قيودا على سحوبات المودعين بمعزل عن معايير الضرورة وبحدودها بفعل الأزمة، في غياب أي خطة للخروج منها. وفي حين كان الاقتراح كما عدلته لجنة المال والموازنة قد وضع سقفا للسحوبات ضمن هامش بين 400 إلى 800 د.أ ترك للمجلس المركزي لمصرف لبنان أن يحدده،  فإن الاقتراح كما عدلته لجنة الإدارة والعدل قد حذف أي تحديد للسقف تاركا ذلك بالكامل لهذا المجلس. وقد خلا كلا الاقترحين من أيّة معايير لتحديد هذه السقوف بموضوعية. فضلاً عن عدم عدالة التشريع على هذا الوجه، يُخشى في الوقت نفسه أن يؤدّي التشريع من دون أرقام إلى وضع قوانين غير قابلة للتنفيذ. ويلحظ أنّ كلا الاقتراحين شرّعا استمرار القيود على المودعين وعمليات قصّ الشعر، من خلال فرض مبدأ إجراء السحوبات من الودائع بالليرة حصراً مع منح مصرف لبنان حق اعتماد سعر صرف مختلف عن سعر السوق، تماماً كما يحصل حالياً.  وما التفرقة بين الأموال قبل 17/10/2019 و"الأموال الجديدة بعد 17/10/2019" إلا دليل على الاستمرار بالمماطلة وغياب أيّ جدية لإيجاد حلّ شامل للقطاع. ففي حين يدّعي الاقتراح  حماية الأموال الجديدة  من المصارف، فإنه لا يحميها من مفاعيل قوانين توقف المصارف عن الدفع خاصة أن المصارف هي واقعيا في حكم المتوقفة عن الدفع. 3- أنّه ميّز دون مبرّر لصالح المودعين غير المقيمين يعدّد الاقتراح كما يخرج عن لجنة الإدارة والعدل ثلاثة استثناءات على منع التحاويل للخارج بحدود أقصى ترك للمجلس المركزي لمصرف لبنان مهمة تحديده. هذه الاستثناءات هي تباعاً: (1) تسديد نفقات التعليم وأقساط القروض التعليمية المعقودة قبل 17/10/2019 والأكلاف المعيشية الواقعة على الطالب (فيما كانت تشمل النسخة الصادرة عن لجنة المال والموازنة أيضا الإيجار المترتب على المودع كشخص طبيعي أو أفراد عائلته على عاتقه) و(2) نفقات الطبابة والاستشفاء لحالات مرضية يتعذر إجراؤها في لبنان، (3) تسديد نفقات في الخارج عائدة للاشتراكات والتطبيقات على الإنترنت عبر استعمال بطاقات الدفع والائتمان بالعملات الأجنبيّة. أما نسخة لجنة المال والموازنة فكانت تسمح أيضا بإجراء تحاويل لغايات تسديد ضرائب أو رسوم أو التزامات مالية متوجبة لسلطات رسمية أجنبية عن عقارات سكنيّة. مؤدى هذه الاستثناءات عملياً تمييز لمصلحة حاجات المودعين غير المقيمين على حساب المودعين المقيمين، من دون أن يكون هنالك ما يبرّره في ضرورة إصلاح الاقتصاد الوطني. 4- أنه يوسّع صلاحيات مصرف لبنان رغم الانتقادات التي تشوب أداءه يمنح الاقتراحان صلاحيات واسعة لمصرف لبنان وبخاصّة لجهة منحه سلطة استنسابيّة في الموافقة على طلبات إجراء التحاويل إلى الخارج. وهذا ما يتأتى عن الأمور الآتية:
  • تم إعطاء المجلس المركزي لمصرف لبنان صلاحيات واسعة من شأنها تعطيل هذا القانون برمته، فضلا عن هامش واسع لضبط مداه. وهذا يتحصل من إعطاء المجلس المركزي صلاحية تحديد سقف السحوبات وسقف التحويلات فضلا عن سعر الصرف. وقد خفف الاقتراح كما وضعته لجنة المال والموازنة من هذه الصلاحية شبه المطلقة من خلال إعطاء المودع حقا مكتسبا بسحب مبلغ يتراوح بين 400 و800 د.أ. 
  • تمّ إنشاء “وحدة مركزيّة التحاويل” داخل مصرف لبنان، التي تتولّى مهمّة مراجعة القرارات الصادرة عن المصارف بالموافقة أو الرفض بشأن طلبات التحاويل. فلا يؤخذ بموافقة المصرف على إجراء تحويل إلّا إذا وافقت “الوحدة” عليها والتي يكون لها حقّ نقض قرار المصارف بالرفض أيضاً. وفي هذه الحالة، يكون للمصرف حقّ مراجعة المجلس المركزي لمصرف لبنان. ومن شأن هذا الأمر أن يمنح مصرف لبنان وحاكمه صلاحيات واسعة في هذا الشأن، خصوصاً أنّ تشكيل الوحدة ووضع آليات عملها يعود للمصرف المركزي.
  • تمّ ربط تقصير مدة العمل بالقانون المحدّدة بسنة بتوصية يضعها وزير المالية وحاكم مصرف لبنان.
  اقتراح القانون