اقتراح لتعويض خسائر صناديق المهن الحرة: نقابة الممرضين والممرضات نموذجا
11/07/2023
قدّم النائبان قاسم هاشم وميشال موسى في تاريخ 30/10/2022 اقتراح قانون يهدف إلى تعديل المادة 47 من قانون إنشاء نقابة إلزامية للممرّضات والممرّضين المتعلقة بصندوق التقاعد والمساعدات الاجتماعية للممرضات والممرّضين ولعائلاتهم، وأحيل الاقتراح بتاريخ 2/11/2022 إلى رئاسة الحكومة، وكل من لجان الصحة العامة، والمال والموازنة. وقد عاد النائب بلال عبدالله (وهو رئيس لجنة الصحة) وقدّم بتاريخ 14/03/2023 اقتراحًا آخر لتعديل المادة نفسها جاء بمثابة اقتراح "تصحيحي" للاقتراح الأوّل.
ويهدف كلا الاقتراحين إلى (1) نقل صلاحية تحديد الرسم السنوي من مجلس النقابة إلى الجمعية العمومية، (2) إضافة التبرعات والمساعدات إلى موارد الصندوق، (3) رفع قيمة الطابع النقابي على الفاتورة الاستشفائية الذي يتحمّله مناصفةً المريض والمؤسسة الاستشفائية، (4) الإتاحة للجمعية العمومية بتحويل أي مبلغ تراه مناسبًا من صندوق النقابة إلى صندوق التقاعد والمساعدات الاجتماعية، (5) فرض رسم نسبي (0.25%) على سعر فوب لجميع الأدوية والمستحضرات الطبية الجاهزة ، (6) فرض رسم نسبي (2%) على جميع اللوازم والتجهيزات والأدوات الطبية والمتممات الغذائية يستوفى من مستوردي هذه المواد، و(7) فرض رسم نسبي على قيمة فاتورة الأدوية والمستحضرات الطبية المصنّعة في لبنان المصدّرة أو المستهلكة محليا، يستوفى من مصنعي هذه الأدوية والمستحضرات.
ويشار هنا إلى أن "التصحيح" في المضمون الذي أجراه الاقتراح الثاني على الاقتراح الأول اقتصر على جانبين:
- ربط الاقتراح الثاني قيمة هذا الطابع بالحد الأدنى الرسمي للأجور معتبرًا قيمة الطابع 5% منه، في حين أن الاقتراح الأول تمثل في رفع الطابع النقابي على الفاتورة الاستشفائية من ألفي إلى خمسين ألف ليرة لبنانية،
- حدّد الاقتراح الثاني الرسم النسبي على الأدوية والمستحضرات المصنّعة والمستهلكة في لبنان بنسبة 0.05% في حين أن الاقتراح الأول كان حددها ب 0.5%.
واللافت أن الأسباب الموجبة لكلا لاقتراحيْن لم تنبنِ فقط على ضرورة زيادة عائدات صندوق التقاعد والمساعدات الاجتماعية للنقابة بفعل تدهور قيمة العملة اللبنانية وانتفاء الفوائد المصرفية على الودائع… إلخ، بل أيضا على ضرورة الحدّ من ظاهرة الهجرة غير المسبوقة لليد العاملة التمريضية، بما يشكل خطرًا على المهنة وعلى حياة المرضى. ومن هنا الحاجة إلى "إعطاء الممرضات والممرضين حقوقًا توازي التضحيات التي يقدّمونها".
هذا الاقتراح يستوجب ملاحظات عدة أبرزها الآتية:
1- اقتراح يندرج ضمن مساعي النقابات المهنية لإعادة تغذية صناديقها المفرغة
أول ما نلحظه هو أن هذين الاقتراحين يندرجان ضمن مساعٍ نجدها لدى عدد من النقابات المهنية لإعادة تغذية صناديقها التي أفرغتْها الأزمة حيث سُجّل: (1) اقتراح تعديل قانون إنشاء نقابة الأطباء البيطريين في لبنان (تاريـخ 30/06/2020)؛ (2) اقتراحان لتعزيز موارد صندوقي التعاون والتقاعد لدى نقابة المحامين (بتاريــخ 19/11/2020)؛ (3) كما قدّم مؤخرًا النائب على حسن خليل اقتراحا تشريعيا بتاريخ 18/01/2023 متعلّق بتعديل أحكام قوانين تتعلّق بالهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وبتنظيم الموازنة المدرسية بهدف زيادة موارد صناديق الهيئة التعليمية وتخفيف الأعباء عنها عبر تخفيف الورثة المستفيدين من المعاش التقاعدي؛ و(4) يجري النقاش داخل نقابة المهندسين لتعديل الأنظمة الداخلية بهدف تعزيز صناديقها.
2- اقتراح يعالج حاجات مهنية من دون رؤية وطنية
الأمر الثاني الذي نلحظه هو الانسياق في البحث عن معالجات لصناديق النقابات المهنية من دون أن تقترن هذه المساعي برؤية وطنية شاملة وبخاصة لجهة مراعاة أهداف وطنية أخرى لا تقل أهمية عنها.
ومن أبرز الشواهد على ذلك هو وضع الرسم نفسه على قيمة فاتورة الأدوية والمستحضرات الطبية المصنّعة في لبنان المصدّرة أو المستهلكة محليا، في حين أن النهوض الاقتصادي يتطلب العمل على تشجيع الإنتاج المحلي وتعزيز قدرته التنافسية، ولا سيما أن أحد أهم مسببات الأزمة هو العجز الكبير في الميزان التجاري.
أما الأمر الثاني الذي تجدر الإشارة إليه فهو مدى ملاءمة تمويل صندوق النقابة من خلال رسوم ستؤدي عمليا إلى رفع الفاتورة الصحية على المريض (المستهاك) والصناديق الضامنة التي تعاني أصلا من صعوبات جمة. وهو أمر حاول الاقتراح الثاني التخفيف منه من خلال تخفيض نسبة الرسم، وإن أبقى بالنتيجة عبء تسديده على هؤلاء.