"حق سكن" الأجانب في يد البلديات

حلا نجّار

03/07/2024

انشر المقال

تقدّم النائب ملحم الرياشي بتاريخ 23/5/2024 باقتراح قانون يحظر على مالكي الشقق والغرف، ولمدة خمس سنوات من تاريخ نشر هذا القانون، تأجير أيّ أجنبي مقيم داخل لبنان بصورة غير مشروعة ومن دون أوراق ثبوتية وإقامة رسمية صادرة عن المرجع المختص. يسري هذا المنع أيضاً على كل أنواع العقارات سواء كانت مبنية أم أرضاً زراعية أو سليخ. يُعاقب المالك المخالف بالحبس لمدة شهر مع غرامة قدرها مئتي مليون ليرة لبنانية، وتضاعف العقوبة في حال التكرار. وأخيراً، نص الاقتراح أنه من أجل رفع المسؤولية عنه، يتعيّن على المالك وخلال مهلة شهر من نشر هذا القانون، إعلام البلدية الواقع في نطاقها عقاره المؤجر بوجود مستأجر دخل لبنان بصورة غير مشروعة وذلك بعريضة معفاة من أيّ رسم، تمكيناً للبلدية من اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المستأجر.

يهدف الاقتراح وفق أسبابه الموجبة إلى تخفيف أضرار الإقامات غير المشروعة -للسوريين وسواهم- وتفاقمها وتكاثرها عبر فرض عقوبات جزائية استثنائية على المالكين المخالفين الذين لا يلتزمون بتطبيق القوانين والأنظمة والتعاميم التي حظّرت عليهم توقيع وتسجيل أي عقد إيجار إذا كان المستأجر الأجنبي غير مستوف الموجبات القانونية المطلوبة. كما تضيف الأسباب أن لبنان هو بلد عبور وليس لجوء وفقاً للاتفاقية المعقودة بين الدولة اللبنانية وبين المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة في العام 2003، وبالتالي وجب ترحيل الأجانب لا سيما السوريين منهم المقيمين في لبنان الذين لا يمتلكون أي اقامات صادرة وفقاً للقوانين ذات الصلة (خاصة قانون الخروج من لبنان سنة 1962). 

نشير هنا أن هذا ليس الاقتراح الأوّل الذي ينص على فرض عقوبات على المالكين الذين يؤجرون أملاكهم لأجانب مقيمين في لبنان بصورة غير نظامية.

 وهذا ما كان المرصد البرلماني  أشار إليه في سياق تعليقه  على اقتراح القانون الرامي "إلى تنظيم أوضاع طالبي اللجوء إلى الأراضي اللبنانية" كما عدّلته لجنة الإدارة والعدل في تاريخ 30/1/2024. فقد ألزم الاقتراح المذكور "كل مالك عند تنظيم عقد إيجار لأحد طالبي اللجوء التأكد من أوراق هذا الأخير القانونية" وإفادة البلدية لدى تسجيل عقد الإيجار لديها بأنّ "المستأجر هو من طالبي اللجوء وإرفاق الإفادة بصورة عن البطاقة المؤقتة الممنوحة من الأمن العام". كما أنّه نصّ على  جنحة جديدة حيث فرض على المالك في حال مخالفته هذه الموجبات عقوبة الحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات وغرامة مقدارها 30 مرة بدل الإيجار الشهري. وقد حذرت المفكرة آنذاك من خطر استحداث هذه الجنحة على خلفية أن من شأنها أن تربط الحق في السكن اللائق بحيازة الأجنبي للإقامة الرسمية خلافاً للمعايير الدولية وأن تمنع المالكين من إبرام عقود إيجار مع الأجانب بشكل عام، خوفا من الملاحقة.  

وعليه، وفيما يستعيد اقتراح النائب رياشي استحداث جنحة جديدة على المالك الذي يؤجر طالب لجوء أجنبي غير مقيم بصورة نظامية، فإنه يعمد إلى تخفيف العقوبة وفي الآن نفسه إلى اعتماد سبب تبريري قوامه إعلام البلدية بعدم نظامية إقامة المستأجر لديه. من هذه الزاوية، يبدو الاقتراح بمثابة تخفيف لتجريم المالكين ومدخل لتفويض البلديات صلاحية واسعة واستنسابيّة في التعامل مع إسكان طالبي اللجوء (وبالأخص الوافدين السوريين) وفق ما تراه مناسبا، وربما حالة فحالة. ولعل الخطر الأكبر الذي ينشأ عن هذا الاقتراح في حال إقراره هو دفش الوافدين السوريين إلى مناطق صديقة لهم مقابل تهجيرهم من مناطق ترفض وجودهم وإقامتهم فيها، من دون أي رؤية وطنية موحدة. 

يأتي هذان الاقتراحان في ظلّ تصاعد الخطاب العام المطالب بتنظيم عودة المواطنين السوريين إلى سوريا وصدور عدد من التدابير من الجهات الرسمية بحقّ الذين لا يحملون إقامة رسمية في لبنان (علما أن التقديرات تشير إلى أن 80% من السوريين لا يحوزون على أوراق نظامية)، وضمن سلسلة اقتراحات مقدمّة لهذا الغرض. 

 

للراغبين بالتعليق على هذا الاقتراح، الرجاء إرسال ملاحظاتكم على بريد المرصد البرلماني الإلكتروني lapoleb@legal-agenda.co