ماذا في جلسة 25/4/2024 التشريعية؟ تعطيل انتخاب المجالس البلدية بذريعة الحرب
24/04/2024
دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة تشريعية يوم الخميس في 25/4/2024، وذلك لمناقشة بنديْن فقط على جدول الأعمال. وعلى عكس الجلسة التشريعية السابقة في كانون الثاني 2023 التي أُثقلت بالعديد من البنود المهمّة، يقتصر البحث في هذه الجلسة على اقتراحيْن معجليْن مكرريْن هما اقتراح يتعلّق بتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية للسنة الثالثة، والآخر يتعلّق بضمان استفادة مُنتسبي الدفاع المدني المثبتين من أحكام نظام الموظفين.
وفي حال انعقاد الجلسة وهو الأمر المرجّح بعد تأمين شبه توافق بين أكثرية الكتل على جدول الأعمال المقتضب، فإنها ستكون الجلسة التشريعية السادسة التي يعقدها المجلس النيابي الحالي (خلال سنتين من ولايته تقريبا) والرابعة منذ الشغور الرئاسي (سنة ونصف)، وهي أرقام منخفضة مقارنة مع معدّلات ولاية المجلس السابق. ومردّ ذلك كان مواقف نيابية بضرورة الامتناع عن التشريع أو حصره في تشريع الضرورة في ظلّ الفراغ الرئاسي على اعتبار أنّ المجلس هيئة ناخبة لا تشريعية، وهي الحجّة نفسها التي ستقاطع بسببها عدد من كتل "المعارضة الجلسة" من دون أن تؤثر على تأمين النصاب.
وبنتيجة ذلك، بات الاتفاق المسبق على بنود جدول أعمال الجلسة التشريعية شرطا لحضور كتل الجلسة أو امتناعها عن الحضور. وإذ أدّى هذا الأمر إلى فتح بازار سياسيّ جديد حول مضمون جدول أعمال هذه الجلسات والبنود التي يتمّ أو لا يتمّ إدراجها عليه، فإنه أدّى في الوقت نفسه إلى إقصاء سائر البنود التي لا يوجد توافق مسبق حولها (حتى قبل مناقشتها). ومؤدّى ذلك هو عرقلة المسار التشريعيّ الاعتياديّ من خلال استبعاد اقتراحات ومشاريع القوانين المنجزة في اللجان النيابية خلافا للمادة 38 من النظام الداخلي لمجلس النواب. ومؤداه أيضا حرمان النواب من إمكانية تعجيل النقاش في مسائل يرونها ضرورية من خلال تقديم اقتراحات القوانين المعجلة المكررة، بما يعطل تماما المادة 109 من النظام الداخلي التي تولي رئيس مجلس النواب صلاحية عرض هذا النوع من الاقتراحات على الهيئة العامة في أوّل جلسة بعد تقديمها.
وفي إطار رصده لأعمال البرلمان، يقدّم المرصد البرلماني في “المفكرة القانونية” تعليقاته حول بنود جدول الأعمال المُفترض مناقشتها خلال الجلسة، مرفقة بنسخة عنها لتمكين الرأي العام من الاطّلاع والتّعليق عليها. كما سيحيل القرّاء إلى تغطيات منفصلة نشرها حول أبرز المقترحات المتعلّقة بهذه الجلسة.
البند 1: التمديد الثالث للمجالس البلديّة والاختياريّة
البند الأبرز في هذه الجلسة هو اقتراح القانون المعجل المكرّر المقدّم من النائب جهاد الصمد الذي يرمي إلى "تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025"، وهو تمديد سيُطيل في حال إقراره من مدّة ولاية البلديات الحالية من 6 مفترضة (كان يُفترض أن تنتهي العام 2022) إلى 9 سنوات.
يبرّر الاقتراح في أسبابه الموجبة تمديد ولاية المجالس البلديّة التي تنتهي ولايتها في 31 أيّار 2024 بتعذّر إجراء الانتخابات نظرًا للعدوان الإسرائيلي الذي يطال "الجنوب والنبطية ومناطق بعلبك والهرمل والبقاع الغربي"، ما يؤدّي بحسب مقدّم الاقتراح إلى "إرباك سير عمل المؤسسات في هذه المناطق ويؤثّر على المناطق الأخرى وعلى قدرة المرشحين والناخبين بممارسة حقّهم ودورهم في الترشّح والاقتراع ويترك تداعيات تفقد هذه العملية أهميتها ودورها وديمقراطيتها". تضيف الأسباب الموجبة أن هذا التمديد يهدف إلى تجنّب حصول فراغ في المجالس البلدية، الأمر الذي يمسّ بمصالح المواطنين إذا ما حصل، ويعطّل "انتظام عمل هذه الإدارات المحلية". وتنتهي الأسباب الموجبة بالتأكيد على أن "مقتضيات المصلحة العامة" والحفاظ على "سلامة ونزاهة العملية الانتخابية" هي الركن الأساس لهذا التمديد المقترح.
وعليه، يتبدّى أنّ الأعمال الحربية قد منحت السلطة ذريعة للتّمديد الثالث للبلديات رغم انحصارها في عدد من المناطق، في مخالفة متكرّرة للدستور ومبدأ دورية الانتخابات وقرارات المجلس الدستوري السابقة بخاصة لجهة منح السلطة التنفيذية صلاحية تحديد موعد الانتخابات. وهو كان من الأحرى بالحكومة أن تبادر إلى تقديم مشروع قانون يُتيح تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتيْ الجنوب والنبطية فقط، مفسحةً بذلك للحياة الديمقراطية أن تستمر في باقي أنحاء الجمهورية.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل حول هذا الاقتراح:
التمديد الثالث للمجالس البلدية والاختيارية؟ بين أنقاض الجنوب وأنقاض الديمقراطية
وأيضا:
نظام التمديد يتهدّد المجالس البلدية مجدّدا: حين تتحكم السلطة بالدولة
البند الثاني: ضمان استفادة منتسبي الدفاع المدني من نظام الموظفين
على جدول أعمال الجلسة التشريعية اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النواب جهاد الصمد، حسن مراد، إبراهيم كنعان، علي حسن خليل، أمين شري وطوني فرنجية (المنتمين إلى خمس كتل نيابية مختلفة) يرمي إلى ضمان استفادة المتطوّعين المثبّتين في الدفاع المدني بموجب المرسوم 11966/2023 (وعددهم: 2124 عنصراً) من أحكام نظام الموظفين لجهة رواتبهم وتعويضاتهم ومنافعهم الاجتماعية، وذلك خلافًا لأحكام قانون نظام وتنظيم الدفاع المدني.
وقد بررت الأسباب الموجبة تقديم الاقتراح بعدم توفّر الإمكانيات المادية والبشرية لدى المديرية العامة للدفاع المدني لإدارة ملف وشؤون هؤلاء فضلا عن عدم إمكانية توفير هذه الإمكانيات في المدى المنظور في ضوء الأوضاع المالية السائدة"، الأمر الذي أبقى هؤلاء "دون رواتب وتعويضات ومنافع اجتماعية لمدة تقارب الثمانية أشهر منذ تاريخ تثبيتهم". وعليه، يؤدي هذا الاقتراح إلى إناطة شؤون هؤلاء المالية بوزارة المالية، وشؤونهم الاجتماعية بتعاونيّة موظفي الدولة.
ومؤدّى هذا الاقتراح هو تمييز واضح بين المستفيدين من أحكامه وبين سائر زملائهم، على صعيد المساواة في الحقوق المالية والاجتماعية رغم كونهم في الوضعية نفسها وينتمون إلى الجسم نفسه بما يخالف المادة 7 من الدستور. وقد برز موقف في هذا الصدد للنائبة غادة أيوب تنتقد فيه الاقتراح من هذا المنطلق، علما أنّ موقفها هذا لن يكون مسموعا خلال الجلسة تبعا لمقاطعة كتلة الجمهورية القوية للحضور.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني حول هذا الاقتراح:
التشريع كأداة للتمييز بين عناصر الدفاع المدني