مزايدات إصلاح القضاء خلف الأقنعة الطائفية: الإدارة والعدل تغرق في ملاحظات وزير العدل

المفكرة القانونية

01/02/2023

انشر المقال

عقدت لجنة الإدارة والعدل أمس جلسة خامسة لمناقشة ملاحظات وزير العدل هنري خوري حول اقتراح استقلالية القضاء الذي كانت أنجزته لجنة الإدارة والعدل في 21/12/2021. وكانت اللجنة عقدت ابتداء من 3 كانون الثاني جلسات أسبوعية لهذه الغاية. وقد تناول النواب في جلسة 17 كانون الثاني مسألة انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى، وقد عبّر فيها النواب عن تأييدهم لانتخاب جميع أعضاء مجلس القضاء الأعلى من القضاة أنفسهم. أما جلسة الأسبوع الماضي، فهيمن عليها القرار الصادر عن المحقق العدلي في قضية المرفأ طارق بيطار والذي حجب ملاحظات الوزير بالكامل.

وفي هذه الجلسة، دار النقاش مجدّدا بصورة تامّة حول كيفية تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى. وإذ برز سريعا توافق واسع على انتخاب جميع أعضاء مجلس القضاء الأعلى من القضاة، اقترح رئيس اللجنة جورج عدوان الانتقال لمناقشة المسائل الأخرى على أن تعود اللجنة وتحسم كيفية تعيين هؤلاء في فترة لاحقة. اعترض بعض النواب الديقراطيين على ذلك طالبين حسم المسألة قبل الانتقال إلى أخرى. إذ ذاك، أطلق رئيس اللجنة عدوان العنان لمطالعة استيقظت فيها كل أشباح الطائفية. من أهم ما قاله عدوان هنا "أن المسألة تتطلب مزيدا من التعمق والتباحث نظرا لتعارضها مع النظام الطائفي، وأنه حتى ولو توافق جميع أعضاء اللجنة عليها في اتجاه ضمان انتخاب جميع أعضاء مجلس القضاء الأعلى، فمن هم في الخارج لن يوافقوا على ذلك". وقد بدا واضحا أن الذين في الخارج هم الزعامات السياسية. وإذ أصرّ علي حسن خليل على موقفه بوجوب انتخاب العشرة، سارع عدوان إلى تذكيره بأن حركة أمل عطلت من خلال وزير المالية التشكيلات في محكمة التمييز بحجة أن المناصفة غير متحققة في الهيئة العامة لهذه المحكمة، مؤكدا أنه لا يقول ذلك ل "يعلّم على أحد" إنما فقط من باب التأكيد على أن المسألة ليست بسيطة. إذ ذاك، عاد خليل ليؤكّد موقف حركة أمل أنها تطلب حصتها في حال بقينا في نظام طائفي، لكنها تربأ عن ذلك في حال التوافق على تجاوز النظام الطائفي. وعليه، انطلقتْ نقاشات لم يتسنّ توثيقها بالنظر إلى سرية مداولات اللجنة، وهي نقاشات بدا فيها المكتوم بشأن التمسك بالطائفية والمحاصصة أكثر من المُعلن بشأن إصلاح القضاء. وبالنظر إلى حدّة هذه النقاشات وما كشفت عنه، أعرب النائبان أسامة سعد وحليمة القعقور عن تخوّفهما من أن يشكّل تأييد انتخاب جميع أعضاء المجلس من القضاة مدخلا لنسف القانون برمته، تحت وطأة النقاشات الطائفية، داعين للتفكير مجددا في إبقاء الاقتراح على حاله (أي 7 منتخبين من أصل 10 أعضاء). إلا أنه هنا أيضا عاد نواب حركة أمل ليؤكدوا أنهم لن يقبلوا بانتخاب بعض أعضاء المجلس مقابل تعيين 3 آخرين من الحكومة، وبخاصة أن الآخرين محددة طوائفهم وأنه ليس بينهم أي قاضٍ شيعي. وقد أعاد هذا الطرح الحديث عن إضافة قاضٍ رابع في فئة القضاة الحكميين يكون شيعيا، وهو طرح كان تردد في أوساط القضاء ورمى إلى إضافة رئيس معهد الدروس القضائية أو النائب العام المالي إلى القضاة الذين يكونون أعضاء حكميين في المجلس. من جهته، أكد النائب الاشتراكي بلال عبدالله على تمسكه على انتخاب جميع أعضاء المجلس، وكذلك نواب حزب الله. أما النائب جورج عطاالله فتساءل لماذا لا تنتخب أيضا جميع أعضاء هيئة التفتيش القضائي أسوة بأعضاء مجلس القضاء الأعلى.

وعليه، انتهت الجلسة الخامسة (ومعها شهر كامل) من دون أن تحسم هذه النقطة التي يفترض أن يعاد مناقشتها في الجلسة القادمة، ما لم يتم تسفيرها إلى الهيئة العامة.