ورشة إصلاح القضاء الإداري بعهدة لجنة فرعية
07/07/2022
نشرت لجنة الإدارة والعدل محضرا عن مجريات الجلسة التي عقدتها لمناقشة اقتراحيْ قانون القضاء الإداري وهما: (1) اقتراح قانون استقلال القضاء الإداري وشفافيته وأصول المحاكمات الإدارية الذي قدمه النائب أسامة سعد بالتعاون مع ائلاف استقلال القضاء وأعدته المفكرة القانونية (2) اقتراح قانون القضاء الإداري، الذي قدمه رئيس اللجنة جورج عدوان في تموز 2021، وأعده رئيس مجلس شورى الدولة فادي الياس.
وأبرز ما جاء في المحضر ثلاثة أمور:
- الأول، إنّ مجلس شورى الدولة وضع ملاحظاته على الاقتراح الأول (سعد، المفكرة/ ائتلاف استقلال القضاء) لكن لم تصل هذه الملاحظات إلى اللجنة حتى تاريخه. هذا مع العلم أن "المفكرة القانونية" كانت نشرت ملاحظاتها على الاقتراح الثاني مبينة أهم نقاط التلاقي مع الاقتراح الأول والاختلاف عنه. وقد نشرت ملاحظاتها في قسمين، الأول تناول تنظيم القضاء الإداري والثاني تناول شروط المحاكمة العادلة.
- الثاني، إنّ النواب لفتوا إلى أهميّة الاقتراحين وأهمية إقرارهما حيث أن نظام مجلس شورى الدولة في لبنان أصبح بحاجة إلى تطوير وإلى إدخال العديد من الأحكام عليه، نظراً إلى الحاجة الماسّة كي يتمتع هذا المجلس باستقلالية تخوله القيام بما هو مطلوب منه ورفع مستوى أدائه لمهامه. وهذا الأمر إنما يؤكد نجاح ائتلاف استقلال القضاء في انتزاع التسليم بأهمية هذه الإصلاحات، وفرضه على برنامج العمل التشريعي وإن ما زالت عوائق كثيرة تحول دون تحقيقه أهمها غياب الإرادة السياسية لدى الأحزاب المهيمنة على المجلس النيابي في منح القضاء استقلالية فعلية،
- الثالث، أن اللجنة قررتْ ضمّ الاقتراحين وإحالتهما إلى لجنة فرعية يرأسها النائب جورج عقيص رئيساً وتضم النواب السادة: أسامة سعد، حسين الحاج حسن، مروان حمادة وأشرف بيضون. ويذهب قرار ضمّ الاقتراحين في الاتجاه السليم طالما أن مجرد المقارنة بينهما يفتح على مصراعيه نقاشا هاما حول اختلاف الرؤى بشأن القضاء الإداري ودوره المستقبلي.
يبقى أن نذكر بالأمور الآتية:
1- إن القضاء الإداري هو القضاء الذي يتولى النظر عموما في النزاعات المتصلة بأعمال السلطات العامة ومسؤولياتها، وذلك عملا بالثنائية القضائية الثنائية المعتمدة في لبنان منذ 1954 تيمنا بالنظام القضائي الفرنسي والتي تفصل بين القضاء الإداري والقضاء العدلي الذي يتولى النظر في النزاعات الجزائية والمدنية. هذا مع العلم أنه حتى اللحظة يختزل مجلس شورى الدولة القضاء الإداري، رغم أن نظامه كما عدل في 2000 نصّ على إنشاء محاكم إدارية في المحافظات (لم تنشأ حتى الآن).
2- إنّ هذه الورشة تشكّل إلى جانب ورشة "استقلالية القضاء العدلي" رافدًا هامًّا على طريق بناء مؤسسات قضائيّة مستقلّة وأكثر قدرة على ضمان حقّ التقاضي ونفاذ القانون. ففي حين أنّ استقلالية القضاء العدلي تعزّز حقوق المتقاضين فيما يتّصل بنزاعاتهم المدنية والجزائية، فإن استقلاليّة القضاء الإداري تعزّز حقوق المتقاضين في مداعاة السلطات العامّة وإبطال قراراتها عند تجاوز حدّ السلطة وتاليا إخضاع هذه السلطات للشرعية. ولا يختلف إثنان على أهميّة استقلالية القضاء الإداري في أي جهد لمكافحة الفساد الإداري وضمان شرعية الدولة. ويذكّر هنا إلى أن لجنة الإدارة والعدل كانت أنهتْ العمل على اقتراح استقلال القضاء العدلي في 14/12/2021 وأبدت لجنة البندقية رأيها بشأنه في 15/6/2022 محددة عددا من المعايير الواجب مراعاتها في هذا الخصوص، وهي معايير تنطبق في غالبها على اقتراح استقلالية القضاء الإداري.
3- إن هذه الورشة لا تتصل فقط باستقلالية القضاء الإداري، إنما أيضا بأصول المحاكمات أمام هذا القضاء بما يضمن احترام مبادئ المحاكمة العادلة، ومن أبرزها ضمان حقوق المتقاضين بالولوج إلى العدالة ومبادئ القاضي الطبيعي والعلانية والمقاضاة على درجتين. ويضاف إلى ذلك إشكاليات تنفيذ القرارات القضائية من قبل الإدارات العامة، وكلها إشكاليات فصّلتها المفكرة القانونيّة في عددها الصادر في نيسان 2020 تحت عنوان: "القضاء الإداري: من يحمي الدولة ومن يدافع عنها؟" لشرح الأسباب الموجبة التي يقوم عليها اقتراح سعد.
4- إن هذه الورشة تبقى قاصرة في ظل سرية المداولات في لجنة الإدارة والعدل، بما يمنع الرأي العامّ من التفاعل مع آراء النواب، إيجابًا أو سلبًا، بما يتّصل بقانون بهذه الأهمية، علما أنه يبقى للجنة حق جعل المداولات علنية سندا للنظام الداخلي. ويخشى أن تؤدي هذه السرية إلى تأخير مناقشة هذا القانون وإغراقه في مسائل فرعية بعيدا عن أي تفكّر.