ماذا في جلسة 30/6/2025 التشريعية؟ منحٌ للقضاة والأساتذة والعسكر

فادي إبراهيم

27/06/2025

انشر المقال

ساعد في إعداد التقرير نيقولا غصن ولين أيوب وأماني البعيني وحلا النجار. 

 

دعا رئيس المجلس النيابي نبيه برّي إلى جلسة تشريعية يوم الإثنين في 30/6/2025، وذلك لمناقشة 13 بندا على جدول الأعمال. وعليه، ستكون هذه الجلسة هي الأولى في العقد التشريعي الاستثنائي الذي دعا إليه رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة.

وبالاطّلاع على جدول الأعمال، يتبيّن أنّ نصفه الأول يتمحور حول مواضيع مالية تتعلّق بالموافقة على الحصول على قروض بقيمة 450 مليون دولار من البنك الدولي بالإضافة إلى تعديلات على بعض الرسوم في الموازنة، أو فتح اعتمادات لتغذية مساهمات مالية للقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية والعسكريين بقيمة حوالي 210 ملايين دولار. أمّا القسم الثاني فيتعلّق بتنظيم الحياة العامة حيث يبرز مشروع تنظيم إعادة الإعمار وإعفاء المتضررين من الحرب والاقتراح المتعلّق بتعديل قانون الإيجارات غير السكنية وقانون تمكين البلديات، بالإضافة إلى تعديلات على تنظيم مهنة الصيدلة والمصادقة على الانضمام إلى بروتوكول مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات.

كما يفيد التدقيق في جدول أعمال الجلسة، بأنه يشمل 13 بندا، 9 منها مشاريع قوانين واردة من الحكومة و4 فقط منها اقتراحات قوانين تقدّم بها النواب وتمّ درسها في اللجان، وتاليا أنّ جميع المقترحات على جدول الأعمال قد سبق وأن نوقشت في اللجان النيابية ولو على عجل وخلسة مثل قانون الإيجارات غير السكنية. بالمقابل، يُلحظ غياب الاقتراحات المعجّلة المكرّرة عن الجلسة، وقد يدفع ذلك بطلب بعض النواب للطلب من رئيس المجلس النيابي عرض اقتراحاتهم المعجلة المكررة من خارج جدول اعمال الجلسة، مع ما يُمكن أن يثيره ذلك من نقاش حول صلاحية رئيس المجلس النيابي للقيام بذلك سندا لصلاحياته المحددة في النظام الداخلي، في ظلّ حصر مرسوم فتح الدورة الاستثنائية للمواضيع التي يُمكن مناقشتها أو آلية طرحها.

ويتوقّع خلال الجلسة أن يتحدّث عدد من النواب عن موضوع من خارج جدول الأعمال، وهو قانون الانتخاب الذي بدأ يأخذ منحىً خلافياً كبيراً يتوقّع أن يشتدّ مع اقتراب موعدها. ويتعلّق ذلك بشكل خاص بموضوع اقتراح اقتراع المغتربين لكامل نواب المجلس بحسب الدائرة، وعدم حصر تصويتهم بستة نواب من غير الواضح آلية انتخابهم بعد، وهو ما عارضه صراحة رئيس المجلس النيابي نبيه برّي. وإذ تحاول القوى المؤيدة لهذا الاقتراح (التغييريين والجمهورية القوية والكتائب واللقاء الديمقراطي ومستقلّين) فرض عرضه خلال الجلسة، فإنّ بعضها وبخاصة الجمهورية القويّة قد لوّح بعد عدم إدراجه على جدول الأعمال بإمكانية مقاطعتها للجلسة، وهو ما يُمكن أن يؤدّي عمليا إلى تطيير نصابها في حال قرّرت كتل أخرى وازنة المقاطعة.

وفي إطار رصده لأعمال البرلمان، يقدّم المرصد البرلماني في “المفكرة القانونية” تعليقاته حول بنود جدول الأعمال المُفترض مناقشتها خلال الجلسة، مرفقة بنسخة عنها لتمكين الرأي العام من الاطّلاع والتّعليق عليها. كما سيحيل القرّاء إلى تغطيات منفصلة نشرها حول أبرز المقترحات المتعلّقة بهذه الجلسة.

لكن قبل عرض الجدول والتعليقات عليه، لا بدّ من إيراد فقرة حول طريقة وضع جدول الأعمال خصوصا في ظلّ العقد الاستثنائي الذي يجتمع المجلس النيابي خلاله.

جدول أعمال مخالف للدستور؟

تدخل هذه الجلسة ضمن العقد الاستثنائي الذي فُتح بناء على مرسوم صادر عن رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة. هذا المرسوم، حصر موضوع عقد الجلسات خلال الدورة الاستثنائية بالقوانين التي يطلب رئيس الجمهورية إعادة النظر فيها وجميع المشاريع المحالة من الحكومة والاقتراحات الطارئة والمستعجلة وكلّ الاقتراحات التي يقرّر مكتب المجلس طرحها.

بالاطّلاع على سياق وضع جدول الأعمال، يتبيّن أنّ هيئة مكتب المجلس اجتمعت في 23/6/2025 لوضع الجدول، قبل أن يدعو رئيس المجلس النيابي رسميا إلى الجلسة في 25 من الشهر نفسه لمناقشة جدول الأعمال الذي وضعته هيئة المكتب، وهو جدول محصور بتسعة اقتراحات ومشاريع. بالمقابل، وُزّع على النواب مساء 26/6/2025، 4 مشاريع واقتراحات جديدة مضافة على جدول الأعمال، من دون أن يسبق ذلك أيّ اجتماع لهيئة مكتب المجلس وتقريرها لإضافة هذه البنود.

وعليه، يتبيّن أنّه تمت إضافة بنود جديدة إلى جدول الأعمال بقرار منفردٍ من رئيس المجلس ومن دون أخذ رأي مكتب المجلس، وهو ما يخرق نص المادة 8 من النظام الداخلي صراحةً. والأخطر أن هذه الإضافات جرت خلال عقدٍ استثنائي، في حين أنّ المجلس ملزم خلال العقد بمناقشةُ البنودِ المنصوص عليها حصراً في مرسوم الدعوة، بغضِّ النظر عن تأكيد سابق من رئيس المجلس على "حرّية" تحديد جدول أعمال الدورة الاستثنائية دون التقيد بمرسوم الدعوة على أساس أنّ "المجلس سيّد نفسه". 

وقد سَلطَ قرارُ المجلس الدستوري رقم 6 الصادر في تاريخ 30/5/2023 الضوء على هذه النقطة، مؤكداً عدم جواز تجاوز مرسوم الدعوة أو مناقشة ما لم يُرفع على أساسه الدعوة إلى العقد الاستثنائي حيث ورد حرفيا في القرار "وحيث إن المجلس النيابي في دورة الانعقاد الحكمي هذه يكون من حقّه مبدئياً، وبهدف تأمين سير المرفق العام، التشريع في مختلف المواضيع لعدم وجود أي قيد صريح أو ضمني على صلاحيته بخلاف ما هي الحال في الدورات الاستثنائية التي تنعقد بناء على مرسوم يصدره رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة يحدد فيه برنامج عملها تطبيقاً لأحكام المادة 33 من الدستور".

وعليه، فإنّ البنود الأربعة التي أضيفت إلى جدول الأعمال وهي المتعلّقة بإعفاءات للمتضررين من الحرب وتسهيل إعادة الإعمار وفتح اعتمادات لإعطاء مساهمة لصندوق تعاضد القضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية وتحديد شروط إعطاء مديري المدارس الرسمية تعويض إدارة، قد تكون عرضة للإبطال أمام المجلس الدستوري في حال إقرارها سندا للمادة 33 من الدستور.

البند 1: تخفيض لرسوم استهلاك وردت في الموازنة

على جدول أعمال الجلسة، مشروع قانون مرسل من حكومة الرئيس نواف سلام، يرمي إلى تخفيض رسوم وردت في قانون موازنة 2025 الصادر بموجب مرسوم. وإذ ضاعف قانون الموازنة الرسوم على الاستهلاك للمشروبات الكحولية المنتجة محلّيا وعلى رسوم التراخيص على المحلّات والمطاعم والفنادق التي تقدّم الكحول وعلى رخص التدخين داخل الفنادق والمطاعم وعلى تجّار التبغ والسجائر على أنواعها، كما وعلى استهلاك مشروبات الطاقة بنسب متفاوتة بين المضاعفة مرّتيْ أو عشرين مرّة، أتى المشروع ليخفّض هذه الرسوم عمّا نصّت عليه الموازنة، مع الإبقاء على الزيادة بنسبة ضعف واحد تقريبا عمّا كان معمول به قبل الموازنة. 

وإذ تضمّن مشروع القانون إلغاء للمادة 56 من قانون الموازنة التي تمنع أن تغطّي أي جهة عامة فروقات التأمين لموظفيها، فإنّ هذه المادة أبطلها أصلا المجلس الدستوري في قراره حول الموازنة، وأصبحت من دون موضوع.

وعليه، وإذ حمل المشروع تعديلات حول هذه الرسوم المحدّدة وحول موضوع يتعلّق بفروقات التأمين والضمان، وعدم إرسال الحكومة لمشاريع تعديلية أخرى، يُفهم أنّ رؤية الحكومة للتعديلات الضرورية على الموازنة العامة عمّا حضّرته حكومة ميقاتي محصورة بعدد بسيط جدا من الرسوم، من دون أن تتعرّض الحكومة لجوهر مواد الموازنة من نفقات وإيرادات وبنية ضريبية. لا بل أكثر من ذلك، يتبيّن أنّ جهات وجمعيات تجارية ونقابات سياحية هي من ضغطت باتّجاه تخفيض هذه الرسوم وفق ما ورد في تقرير لجنة المال والموازنة عن لسان وزير المالية ياسين جابر في الجلسة التي خصّصت لمناقشة المشروع.

كما تجدر الإشارة إلى أنّ وزير المالية أعطى تعليمات مسبقة للإدارة الضريبية بعدم استيفاء الرسوم المذكور أعلاه حتّى قبل إقرار القانون. وبنتيجة ذلك، سيتلمّس المستهلكون زيادة في الأسعار بسبب بدء فرض الرسوم الجديدة المخفّضة عن قانون الموازنة فعليا، بدلا من تطبيق الرسوم المرتفعة في الموازنة التي لم تطبّق أصلا. وعليه، وإذ يتحدث المشروع عن تخفيض في الرسوم المفروضة في الموازنة، فإنّه سينعكس واقعا ارتفاعا في الأسعار.

للاطّلاع على مشروع القانون والتعديلات الواردة عليه في لجنة المال والموازنة وتقرير اللجنة:

تعديل والغاء بعض مواد القانون الصادر بالمرسوم رقم 56 تاريخ 11/3/2025 (الموازنة العامة للعام 2025)

البند 2: قرض ب 250 مليون دولار لقطاع الطاقة والطاقة المتجددة

على جدول أعمال الهيئة العامة، مشروع قانون تطلب فيه الحكومة من المجلس النيابي الموافقة على إبرام اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ مشروع الطاقة المتجددة وتعزيز نظام الطاقة في لبنان، بقيمة 250 مليون دولار يُمكن سحبها لتنفيذ المشاريع حتّى نهاية العام 2030، ومدّة تسديد القرض 30 عاماً. وإذ وُقّع العقد في 6/9/2024، أي في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، إلّا أنّ إحالة المشروع إلى المجلس النيابي تأخرت حتّى 15 أيّار 2025 عن طريق حكومة الرئيس نواف سلام.

وبالاطّلاع على عقد القرض، يتبيّن أنه ستستفيد منه مؤسسة كهرباء لبنان والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني. واللافت في هذا الصدد، هو طلب الجهة المقرضة لتدقيق مالي في مؤسسة كهرباء لبنان حصرا دون المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، ابتداء من العام 2021.

أمّا في صلب أهداف القرض، فهو مقسّم إلى عدّة مشاريع ومن بينها:

  1. تعزيز الأنظمة التشغيلية لكهرباء لبنان: بناء مركز تحكم وطني في محيط مؤسسة الكهرباء وتأمين عقد لتشغيله وصيانته وتدريب الموظفين عليه، بالإضافة إلى تركيب نظام التحكم الإشرافي وتحصيل البيانات ونظام إدارة الطاقة وشراء معدات اتّصال مع بقية المحطات الفرعية.
  2. تعزيز الأنظمة التجارية لكهرباء لبنان: دعم إعداد مركز البنى التحتية للعدّادات الذكية وتأسيس منصة لإدارة موارد المؤسسة.
  3. تطوير محطة طاقة شمسية بقدرة إنتاج 150 ميغاوات وتشغيلها وصيانتها في منطقة القاع وراس بعلبك.
  4. إعادة تأهيل معامل الطاقة الكهرومائية التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني: اللافت في هذا الصدد أنّ المشروع لا يقتصر على معمليْ الطاقة في جون ومركبا، بل يمتد إلى تعزيز سلامة سدّ القرعون عن طريق حقن الشقوق في قاعدته وصيانة الصمّامات
  5. تعزيز شبكة الكهرباء في بعلبك، وذلك عن طريق إعادة تأهيل خط النقل العلوي وتطوير محطة بعلبك الفرعية وبناء محطة فرعية جديدة مرتبطة بمحطة الإنتاج الجديدة عن طريق الطاقة الشمسية.

وبالحديث مع رئيس الجمعية اللبنانية للطاقة المتجددة روني كرم، أكّد على أهمّية اتّفاقية القرض لقطاع الطاقة وانعكاساتها الإيجابية التي تبدأ من البيئة المحلّية المستضيفة لمشاريع الطاقة الشمسية وصولا حتّى تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد الوطني ككل. فقد أكّد كرم على أنّ حوالي 97% من الطاقة في لبنان تأتي من مصادر مستوردة خصوصا في ما يتعلّق بالفيول، ما يهدّد الأمن الطاقوي، وهو ما يجعل موضوع إنتاج الكهرباء محلّيا عن طريق الطاقة الشمسية والماء، أي من الوسائل المتجدّدة أمراً جوهريا. لا بل أكثر من ذلك، وبحسب تقرير للبنك الدولي في العام 2024 Country Climate and Development Report، فإنّ استثمار ما بين 4 إلى 5 مليارات دولار على قطاع الطاقة المتجددة في لبنان كفيل بتخفيض كلفة قطاع الطاقة من 8% إلى حوالي 1% من الناتج المحلّي الإجمالي.

اللافت أيضا في هذا الصدد أنّ موقع محطّة إنتاج الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية تمّ اختياره مسبقا بالتنسيق مع البنك الدولي للإنشاء والتعمير، وهو يقع على أرض غير زراعية مملوكة من الدولة اللبنانية بين منطقتي القاع وراس بعلبك، وهو استثمار مهم ومطلوب في أملاك الدولة. وهذا الاختيار لم يكن من فراغ، بل على أساس دراسة بيئية واجتماعية للمنطقة مع التأكيد على استفادتها من العديد من المنافع التنموية من جرّاء هذا المشروع، إضافة للدراسات العلمية.

وما يزيد من الإيجابية حول اتّفاقية القرض هو انخفاض أسعار المعدّات المتعلّقة بالطاقة الشمسية في العالم منذ توقيع اتّفاقية القرض، ما يؤشر إلى إمكانية زيادة الاستفادة من 150 إلى 200 ميغاوات ضمن المبالغ المرصودة لهذا المشروع. لا بل أكثر من ذلك، فإنّ المشروع سيفتح الباب أمام استثمارات أوسع لجهات عديدة في هذا القطاع وفي المنطقة المذكورة التي ستصبح مجهّزة لتكون مزودا رئيسيا للكهرباء في لبنان، تبعا لتوفّر مساحات واسعة بمواصفات مطابقة.

للاطّلاع على مشروع القانون كاملا

طلب الموافقة على إبرام اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ مشروع الطاقة المتجددة وتعزيز نظام الطاقة في لبنان (250 مليون دولار)

البند 3: قرض بقيمة 200 مليون دولار لمشروع التحوّل الأخضر للأغذية الزراعية

من أبرز البنود المدرجة على جدول أعمالها، مشروع الحكومة الرامي إلى الموافقة على إبرام اتفاقية قرض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير. وقد بلغت قيمة القرض 200 مليون د.أ، وهو يهدف لتمويل مشروع التحوّل الأخضر للأغذية الزراعية في سبيل التعافي الاقتصادي - GATE. وكانت اللجان المشتركة قد أقرت في تاريخ 19 حزيران المنصرم، الاقتراح مع توصية بإقراره "كما هو".

يهدف المشروع إلى تحسين قدرة المزارعين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في قطاع الأغذية الزراعية اللبناني على الصمود. وبحسب ما صرّح به وزير الزراعة نزار هاني للمرصد البرلماني، سينفذّ المشروع على نطاق وطني شامل، ومن المتوقّع أن يستفيد نحو 80,000 مزارع بشكل مباشر من خدمات الإرشاد الرقمي. وأن المشروع سيسهم في الحفاظ على مصادر رزق أكثر من 22,000 مزارع وعامل، وخلق حوالي 2,200 فرصة عمل جديدة. حيث سيشارك حوالي 15,000 مزارع في تدريبات على الممارسات الزراعية الذكية، وسيطال المشروع 450 مجموعة مزارعين تضم ما لا يقل عن 6,750 عضواً، بالإضافة إلى 700 مزارعا فرديا سيستفيدون من دعم مالي مباشر. كما ستستفيد 390 مؤسسة صغيرة ومتوسطة تعمل مع ما يقارب 7,800 مزارع من الوصول إلى التمويل عبر تسهيلات قروض، وسيتم تحصين 9,900 رأس ماشية ضمن حملة وطنية. وسيستفيد حوالي 17,000 مزارع من تحسينات تشمل شبكات الري، والطرق الريفية، والبنى التحتية الزراعية، بما في ذلك مراكز عرض المنتجات الزراعية. كذلك، يُتوقع أن تستفيد نحو 110 بلديات من تحسين في الخدمات والبنى التحتية.

إلّا أنّ حسنات المشروع التي عرضها الوزير هاني، يقابلها بعض الهواجس التي فصّلها تعليق المرصد البرلماني. ومن أبرز هذه الهواجس هي أنّ المعايير التي سيفرضها المشروع سيتمكّن من تطبيقها كبار المستثمرين الزراعيين مقابل تدمير للزراعات الصغيرة بالإضافة إلى مخاوف من وقوع صغار المزارعين والمنتجين في فخّ أو دوامة القروض الصغيرة. كما يظهر انحياز الاتفاقية لمعايير الثورة الخضراء المروّج لها عالميّا كأولوية على حساب الأمن الغذائي المحلي والسيادة الغذائية.

لقراءة التعليق المفصّل للمرصد البرلماني حول هذا المشروع:

تساؤلات مشروعة حول قرض البنك الدولي: 200 مليون دولار تموّل مشروع التحوّل الأخضر

البنود 4 و11 و12 و13: مشاريع لمساعدات لهيئات في القطاع العام

على جدول أعمال الهيئة العامة، 3 مشاريع قوانين ترمي إلى فتح اعتمادات في موازنة 2025، وذلك لمنح القضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية والعسكريين في الخدمة الفعلية والمتقاعدين مساعدات اجتماعية. وتبلغ قيمة هذه الاعتمادات حوالي 19 ألف مليار ليرة لبنانية، أي حوالي 210 ملايين دولار، وهو ما يقارب إضافة حوالي 5% على مجموع النفقات المقدّرة في موازنة العام 2025. وتتوزّع هذه المشاريع على الشكل التالي:

  • المشروع الأول، يتعلّق بفتح اعتماد بقيمة 1500 مليار (حوالي 17 مليون دولار) لمنح مساهمة لصندوق تعاضد القضاة، وقد خُفّض هذا الرقم من 2010 مليارات مقترحة من قبل الحكومة، بعد سجال طويل على مدى جلستيْن بين أعضاء لجنة المال والموازنة حول توفر الاعتمادات وتأثر هذه المنحة على الخزينة العامة.
  • أمّا المشروع الثاني، فيتعلّق بفتح اعتماد بقيمة 1320 مليار ليرة لبنانية (حوالي 15 مليون دولار) لإعطاء مساهمة لصندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية لتغطية المساعدات الاجتماعية والصحية.
  • المشروع الثالث والأكبر، يتعلّق بفتح اعتماد بقيمة 15,900 مليار ليرة ( حوالي 178 مليون دولار)، وذلك لإعطاء منحة مالي شهرية للعسكريين العاملين في الخدمة الفعلية بقية 14 مليون ليرة لبنانية وللمتقاعدين منهم بقيمة 12 مليون ليرة لبنانية تسري اعتباراً من 1/7/2025.

ونظرا لأهمّية هذه البنود على الصعيد المالي والوظيفي ومخاطر استمرار التشريع المجزّأ والمنح الاجتماعية للموظفين، أفردنا تعليقا منفصلا على هذه المشاريع يمكنكم الاطّلاع عليه على الرابط التالي:

منح أميريّة للقضاة وأساتذة الجامعة والعسكر: ترقيع أم تسهيل لمواصلة هضم الحقوق؟

وكان مشروع المنحة لصندوق تعاضد القضاة قد أثار إشكالا كبيرا خلال جلسة لجنة المال والموازنة في 24/6/2025 بين النائبيْن علي حسن خليل وابراهيم كنعان، كنّا قد فصّلنا أحداثه على الرابط التالي:

صندوق تعاضد القضاة يشعل خلافا في لجنة المال

كما نشير إلى بند رابع ينزل في هذا الصدد وهو البند 13، الذي يندرج ضمن نفس السياق المذكور أعلاه، عبر زيادة تعويضات الإدارة الممنوحة لمديري المدارس الرسمية. الاقتراح الذي وقّعه 9 نواب منذ أيلول 2023، وقد أقرّ في لجنتيْ التربية والإدارة والعدل، حيث أضافت الأخيرة ما مفاده أنّ هذه التعديلات تسري إلى حين إقرار سلسلة رتب ورواتب جديدة. وبنتيجة هذا الاقتراح، سيُمنح المديرون المعيّنون وفق الأصول تعويض إدارة قيمته 20% من الراتب ومضاعفاته والتعويضات المؤقتة وتعويضات المثابرة، بعدما كان يحصل على نسبة من أساس الراتب لم تعد تعادل أكثر من 5 دولارات.

للاطّلاع على حرفية نصوص المقترحات:

البند 5: تنظيم مزاولة مهنة علوم الأشعة

على جدول أعمال الهيئة العامة، مشروع قانون لتنظيم مزاولة مهنة "علوم الأشعة" في لبنان، وهو المشروع الذي أُحيل إلى المجلس النيابي في حزيران 2023 من حكومة الرئيس ميقاتي. بموجب المشروع، تخضع مزاولة مهنة "تقني علوم الأشعة الطبية" لإجازة مسبقة من وزارة الصحة، على أن يخضع المتخرّجين في هذا الاختصاص من خارج الجامعة اللبنانية لامتحان كولوكيوم، تحت طائلة عقوبات جزائية بالسجن حتّى ستة أشهر لمن يمارس المهنة من دون هذه الإجازة. كما يحدّد المشروع مراكز مزاولة المهنة، واستيفاء رسم مالي لصالح الخزينة عند منح الإذن بالمزاولة.

كما يسمح المشروع منح إجازة لغير اللبناني شرط أن يكون مرخصا لممارسة المهنة في بلاده وأن يُعامل اللبناني بالمثل في بلده.

للاطّلاع على مشروع القانون كاملا:

تنظيم مزاولة مهنة "علوم الأشعة" في لبنان

البند 6: الانضمام إلى بروتوكول اتّفاق مدريد لتسجيل العلامات

على جدول أعمال الهيئة العامة، مشروع قانون للانضمام إلى بروتوكول اتّفاق مدريد لتسجيل العلامات، وهو أيضا مشروع محال من حكومة ميقاتي السابقة في العام 2024. بموجب هذا المشروع، يُجاز لمن سجّل علامته في دولة من الدول المتعاقدة في هذه الاتّفاقية، أن يضمن حماية علامته لدى جميع الدول المتعاقدة وألّا تنحصر هذه الحماية لدى الدولة التي تمّ التسجيل فيها، وذلك عن طريق الحصول على تسجيل للعلامة في سجل المكتب الدولي للمنظمة العالمية للملكية الفكرية.

وإذ لحظ البروتوكول شروط وإجراءات عديدة للتسجيل الدولي وأطر الحماية وامتدادها، يمكنكم الإطّلاع على المشروع ونص البروتوكول كاملا على الرابط التالي:

الإجازة للحكومة الإنضمام إلى بروتوكول اتفاق مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات المعدل في 12/11/2007 ولوائحه التنفيذية النافذة اعتباراً من 1/2/2021

البند 7: إتاحة إمكانية الإعلان لدى الصيدليات لبعض المنتجات

على جدول أعمال الهيئة العامة، اقتراح قانون مقدّم من النائب أديب عبد المسيح بتاريخ 6/5/2025 يرمي إلى تعديل الفقرة ب من المادة 37 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة (367/1994) بما يتيح الإعلام والإعلان التجاري عن الأعشاب الطبية وغيرها من المستحضرات التي لها صفة علاجية، وذلك بعدما كان القانون يحظر الإعلان عنها.

تبرر الأسباب الموجبة تقديمه بأن "الإعلان التجاري بهدف الترويج للمتممات الغذائية وحليب الرضع والأدوية التي يجوز بيعها من الصيدليات بدون وصفة طبية لا يشكل أي خطر على صحة المواطن بل إن المادة 36 من قانون البث التلفزيوني والأذاعي قد وضعت ضوابط للإعلانات تمنع الخداع وإلحاق الضرّر والإساءة للأخلاق العامة قد لا تتوفر في الإعلانات القادمة من خارج الحدود".

وتشرح الأسباب أن "وسائل الإعلام قد شهدت تطوراً كبيراً، بحيث تجاوز البث الفضائي حدود الدّول وأصبح عالمياً. وبالتالي "أصبحت القوانين المحليّة خاصة المتعلّقة بمسائل حظر بعض الإعلانات لا يمكن تطبيقها خارج حدود لبنان، وبالمقابل لا يمكن حجب الإعلانات التي تُبث على قنوات فضائية أجنبية". وبالتالي فإن "الإعلان عن بعض الأدوية والمستحضرات الطبية لا سيما تلك المنصوص عنها في الاقتراح المرفق قد أصبح مباحًا في غالبية دول العالم وبالتالي يصل إلى المواطن اللبناني عبر المحطات الأجنبية والعربية".

نشير إلى أنه بتاريخ 19/6/2025، وبعد الاطلاع على أسبابه الموجبة والاستماع إلى رأي رئيس لجنة الصحة النيابية حوله، أقرّت اللجان النيابية المشتركة الاقتراح معدلاً، مُحدّدة في الفقرة ب من المادة 37 بالنسبة لحليب الأطفال أن يكون ل "فوق عمر السنة". كما أضافت مادة جديدة تنص على أنه "قبل نشر الإعلان يجب الاستحصال على موافقة مسبقة من الوكالة الوطنية للدواء بعد تشكيلها، على أن تعطى هذه الموافقة مؤقتاً من مصلحة الصيدلة في وزارة الصحة العامة. وقبل نشر الإعلان، يجب الاستحصال على موافقة مسبقة من الوكالة الوطنيّة للدواء بعد تشكيلها، على أن تُعطى هذه الموافقة مؤقتاً من وزارة الصحة العامة وفق اللوائح المعتمدة لديها المقرّة إستناداً للمعايير الواردة في الوكالات العالمية الرئيسية أو ما يوازيها. يقتضي أن يتوافق الإعلان مع القواعد الأخلاقية لترويج الإعلانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية مع تضمينه عبارة "يباع فقط في الصيدليات" باللغة العربية وبلغة الإعلان". 

ختاماً نشير إلى أن الهدف من هذا الاقتراح هو منع التفلّت في مسألة الإعلانات عبر إتباع معايير رقابية معيّنة كما وتُسهم في توفير مورد اقتصادي إضافي للمؤسسات الإعلامية اللبنانية.

البند 8: تعديل قانون الإيجارات غير السكنية

على جدول أعمال الهيئة العامة، اقتراح القانون الرامي إلى تعديل بعض أحكام القانون رقم 11 الصادر في تاريخ 12/6/2025 (الإيجارات غير السكنية).

وقد تقدّم بالاقتراح النائب جورج عدوان في تاريخ 23/6/2025، باعتبار أن واقع الإيجارات غير السكنيّة يتطلب وضع قانون يراعي ويوازن بين حقوق ومصالح طرفيْ العقود. وفي معرض تبرير اقتراح تعديل قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية، تبرز الأسباب الموجبة مجموعة من الاعتبارات التي تستدعي تعديلات، هي التالية:

أولًا، ينطلق الاقتراح من أن قوانين الإيجارات غير السكنية، لا سيّما تلك التي تنظّم العقود المبرمة قبل 23 تموز 1992، كانت ولا تزال حلولًا استثنائية ومؤقتة، ريثما يصدر قانون جديد يُعيد التوازن إلى العلاقة التعاقدية على غرار ما جرى في الإيجارات السكنية (قانون 2014 والمعدل في 2017). فالاختلال الواضح في هذه العقود القديمة يمسّ شريحة واسعة من المتعاقدين، ويستوجب تصحيحًا تدريجيًا قبل الانتقال الكامل إلى حرية التعاقد.

ثانيًا، يشدّد الاقتراح على أن الطبيعة القانونية لعقود إيجار الأماكن غير السكنية، بخاصة تلك المرتبطة بالمؤسسات التجارية أو بأشخاص القانون العام، تستوجب مقاربة قانونية مغايرة لما هو معتمد في الإيجارات السكنيّة، نظرًا لما لها من تبعاتٍ مباشرة على النشاط الاقتصادي وعلى استمرارية الإدارات العامة والخدمات العامة. وبالتالي، رفع الاقتراح المدة الزمنية لتحرير العقود من أربع إلى خمس سنوات على الأقل، تبعًا لنوع العقد وتاريخه. كما لحظ مدّة أطول للعقود المرتبطة بالمؤسسات التجارية (ستّ أو سبع سنوات) طبقا للسنوات التي تمّ فيها التفرّغ عن المؤسسة التجارية أو إبرام العقد المتعلّق بها، وخصّص مدة أقصاها ثماني سنوات لتحرير العقود المرتبطة بأشخاص القانون العامّ والمؤسسات المرتبطة بمهنة حرّة منظّمة.

ثالثًا، يلفت الاقتراح إلى أنه يسعى لتحقيق توازن عادل بين الطرفين، إذ خفّض بدل المثل من 8% إلى 5% ويراعي بدل المثل المعتمد في الإيجارات السكنية (4%).

وفي حين يستدعي هذا الاقتراح ملاحظات عدة تم نشرها على حدة، تجدر الإشارة إلى أنّ هذا التعديل يقدم على قانون ما يزال الطعن عليه عالقاً أمام المجلس الدستوري. وعليه، وتجنبا لمزيد من البلبلة بشأن هذا القانون مع ما يثيره ذلك من هواجس وخيبات، فإن الحكمة في ممارسة التشريع تستوجب انتظار القرار النهائي للمجلس الدستوري بشأن الطعن المذكور قبل مناقشة أي تعديلات عليه في الهيئة العامة للمجلس النيابي. إذ كيف يمكن تصور تعديل أحكام قانون قد يتم إبطالها كليا أو جزئيا؟ ثم ألا يفترض التكامل بين مؤسسات الدولة انتظار قرار المجلس الدستوري وما قد يراه قواعد ملزمة دستوريا في أي تشريع من هذا النوع؟ 

للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل على الاقتراح:

الإيجارات غير السكنية مجددًا أمام الهيئة العامة: اقتراح تعديل قانون عالق أمام المجلس الدستوري 

البند 9: اقتراح تمكين البلديات

تضمن جدول أعمال الجلسة أيضًا اقتراح تمكين البلديات كما عدّلته اللجان المشتركة، وقد تمّ تغيير اسم الاقتراح  ليصبح "تفعيل البلديات". 

قامت اللجان المشتركة بتغيير جذري في هذا الاقتراح حيث ألغت المواد التي كانت تتعلّق بإعادة تفعيل المجالس البلديّة المنحلّة من خلال منح "أعضاء البلديات المستقيلين من المجالس البلدية القائمة والمنحلة مهلة خمسة عشر يومًا من تاريخ صدور القانون للعودة عن استقالتهم"، بالإضافة إلى إلغائها المادة التي تعطي الحق في إعادة انتخاب رئيس ونائب رئيس البلديّة للمدة المتبقية من الولاية الممددة بطلب من الرئيس أو أكثرية الأعضاء. ويعود ذلك إلى أنّ هذه المواد التي كانت تهدف إلى تسيير عمل البلديات الممدد لها بانتظار الانتخابات البلديّة باتت اليوم من دون جدوى بعد حصول هذه الانتخابات. 

أمّا فيما يخصّ الشقّ الثاني من الاقتراح والذي يتضمّن موادّ تهدف إلى زيادة مداخيل البلديّة من خلال رفع الرسوم المستوفاة وإنشاء رسوم جديدة مختلفة، فقد قامت اللجان المشتركة بتعديلات كبيرة عليها. إذ ألغت المادة الثالثة من الاقتراح التي كانت تمنح البلديّة حقّ تعديل الرسوم على ألّا تتجاوز العشرين ضعفًا، واستعاضت عنها بمضاعفة الرسوم المقطوعة المنصوص عليها في قانون الرسوم والعلاوات البلديّة من المادة 19 لغاية المادة 85 (وحددت هذه المضاعفات في جدول مرفق)، وهو الأمر الذي كان المرصد البرلماني قد أشار إليه في تعليقه على النسخة الأصلية للاقتراح عندما اعتبر أن ذلك يعتبر من قبيل التفويض التشريعي في مواضيع مالية ما قد يشكل مخالفة للدستور.

كما ألغت اللجان المشتركة رسم النفايات المقطوع الشهري الذي أنشأه الاقتراح واستعاضت عنه برفع نسبة رسم صيانة المجارير والأرصفة المنصوص عليه في قانون الرسوم والعلاوات البلديّة من 1.5٪ إلى 3٪، وذلك تجنّبًا لإجراء تعديلات تمسّ بقانون إدارة ومعالجة النفايات الصلبة الصادر سنة 2018. وكان المرصد البرلماني قد حذّر في مقالته المتعلّقة بالاقتراح من إنشاء رسم النفايات الجديد من خارج قانون الرسوم البلدية الذي يشكل المرجع الأساسي لهذه المسألة، إذ سيؤدّي ذلك إلى تشرذم في هذه الرسوم بين عدة قوانين ما يضرب مبدأ وضوح التشريع. 

وعلى الرغم من أنّ فرعيّة اللجان المشتركة قامت بإلغاء الضريبة على المقيمين الأجانب الذي كان يستهدف النازحين السوريين "في الأصل لكثافتهم" وفقا لما جاء في التقرير، لكنها  زادت فقرة ثالثة على المادة الثالثة من قانون الرسوم والعلاوات، بحيث بات من الضروري دفع رسم سنوي على القيمة التأجيريّة "على الأراضي المستغلّة للسكن من خلال مساكن غير إسمنتيّة". وقد أشار تقرير اللجنة الفرعيّة إلى أنّ النواب قد تنبّهوا أن هناك عددا من النازحين ممن يشغلون أماكن هي عبارة عن خيم أو ما شابه ما يعني أن الهدف الفعلي من التعديل هو أن يشمل الرسم بصيغته الجديدة النازحين السوريين الذين يقطنون في مخيمات يغيب عنها البناء الاسمنتي. 

في إطار آخر، ثبّتت اللجان المشتركة المادة التي تعدّل قيمة عقد النفقة لترفعها كي تصبح مئة مليون ليرة لرئيس البلدية ومليار ليرة للمجلس البلدي، مع إضافة تعبير "رئيس السلطة التنفيذيّة في البلديّة" ليشمل التعديل بلديّة بيروت كون رئيس السلطة التنفيذية فيها هو المحافظ. كما قامت اللجان بتعديل المبالغ المالية الواردة في المواد 60 و61 و95 من قانون البلديات وضاعفتها 20 ضعفًا وهي السقوف التي تحدد وجوب الحصول على مصادقة القائمقام أو المحافظ على عدد من القرارات المتضمنة أمور ماليّة. إلّا أنّ المادة 95 من قانون البلديات المذكورة لا تلحظ مبالغ ماليّة وبالتالي قد يكون هناك خطأ في تحديد المادة من قبل اللجان.

تجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ اللجان أضافت مادة تحظّر فيها على الدوائر العقاريّة وجميع الإدارات إجراء معاملات ترتبط بعقار ما إذا لم يتمّ إبراز إيصال يثبت تسديد الرسم السنوي الفعلي لإشغاله أو إفادة من البلديّة تثبت شغوره. وقد اعتبرت اللجان أنّ هذا الأمر يأتي كبديل عن براءة الذمّة البلديّة التي كانت قد ألغيت سابقًا والتي يوجد اقتراح قانون مقدّم بشأنها يطالب بإعادة العمل بها. 

في الخلاصة، يلحظ أنّ الاقتراح بكلّ مراحله لم يتضمّن أيّ دراسة تظهر نتائجه المتوقعة على المداخيل المالية للبلديّات. كما يظهر أنّ الاقتراح يعتبر أنّ تفعيل العمل البلدي يقتصر على رفع الرسوم التي يتمّ جبايتها من المكلّفين. وعلى الرغم من أنّ الانهيار المالي بات يبرر هكذا أمر، لكنّ الاقتراح اكتفى بتبنّي هذا التوجّه من دون تقديم أيّ مقاربة مختلفة تعمل على تعزيز الإمكانات الماليّة للبلديّة عبر الاستثمارات والمشاريع الإنمائيّة التي تقوم بها الدولة أو البلديّة. 

للاطلاع على مقالة المرصد حول اقتراح تمكين البلديات في صيغته الأصليّة: 

اقتراح تمكين البلديات: تمكين البلديات أم إحياء العظام وهي رميم؟

البند 10: إعفاءات للمتضررين من الحرب وتسهيل إعادة الإعمار

أحد أهمّ بنود هذه الجلسة سيكون مشروع القانون المعجّل المتعلّق بمنح المتضرّرين من الحرب الإسرائيليّة على لبنان إعفاءات من الضرائب والرسوم وتنظيم عملية إعادة الإعمار. وقد أقرّ الاقتراح في جلسة لجنة المال والموازنة في 25/6/2025، من دون تعديل على ما يتعلّق بتسهيل إعادة الإعمار، ومع بعض التعديلات البسيطة في ما يتعلّق بالإعفاءات من الرسوم والضرائب.

وكانت مسألتَا الإعفاءات وإعادة الإعمار قد شهدتا نقاشات حادّة في الهيئة العامة لمجلس النواب والخطاب العامّ، على خلفيّة اتّهام الحكومة بالمماطلة والتسويف في هذا الخصوص. 

المرة الأولى في جلسة 24/4/2025 التشريعية، وذلك في معرض مناقشة اقتراح النائب علي حسن خليل، علمًا أن هذا الاقتراح مطابق لمشروع القانون الذي كانت حكومة نجيب ميقاتي قد أقرّته في 7/12/2024 وسُجّل في مجلس النواب في تاريخ 16/1/2025. آنذاك، وبعدما أفاد رئيس الحكومة نواف سلام بأنّ الحكومة تعمل على مشروع متكامل، أسقطت صفة العجلة عن الاقتراح وسط اعتراض بعض النواب. الاعتراض الأول كان من النائب خليل الذي اعتبر أنّ هذا الأمر يؤدّي إلى تأخير الناس الراغبين بالترميم أو الإعمار حتى على حسابهم. أمّا الاعتراض الثاني فقد جاء من النائب قبلان قبلان، الذي صرّح بصورة حادّة: "ما حدا حاسس بأهل الجنوب، مبروك علينا هيك حكومة وهيك تشريع". 

المرّة الثانية، حصلت في جلسة 15/5/2025 التشريعية، عند مناقشة اقتراح لإعفاء المتضررين من الضرائب والرسوم، حيث كرّر رئيس الحكومة نواف سلام مراراً أنّ حكومته قد أرسلت المشروع إلى المجلس النيابي، مقابل نفي إدارة المجلس النيابي وصوله إليها. وقد ترافق ذلك مع حملة سياسية وإعلامية واسعة تتّهم الحكومة ورئيسها بعرقلة عملية إعادة الإعمار. وقد تقابلت هذه الحملة بالتشنّج في المجلس النيابي بعد انتهاء الهيئة العامة لعدم إقرار الاقتراح بانتظار مشروع الحكومة مجددا، حيث اعتبر حينها النائب قبلان قبلان ومجددا بعصبية كبيرة أنّ هناك نوابا حريصين على مشاعر ومصالح الإسرائيلي أكثر من الإسرائيلي نفسه وأكثر من حرصهم على أبناء الجنوب، ما أدّى إلى وقوع إشكال كبير خلال الجلسة.

وعليه، ونظرا لأهمّية المشروع خصوصا في ما يتعلّق بإعادة الإعمار، خصّصنا مقالا منفصلا وضعنا فيه ملاحظات المرصد البرلماني عليه. إذ بالاطّلاع على تفاصيل المشروع، تبيّن أنّ المشروع يوسّع مجال الاستفادة من إعادة إعمار المساكن مع الموازنة بينها وبين الحفاظ على حقوق الدولة والمجتمع خصوصا  لجهة الاعتراف بحقّ السكن للقاطنين في تلك الأبنية المهدمة وإن كانت متعدية على ملك الغير أو الأملاك العامة، عن طريق منح مساعدات مالية عن الضرر مقابل منع إعادة الاعتداء. وعليه، يتوقّف نجاح المشروع بشكل كبير على القدرة على تأمين مبالغ كافية لهذه المساعدات تؤمّن الحق بالسكن.

وبالاطّلاع على التعديلات الحاصلة على المشروع في لجنة المال والموازنة، يتبيّن أنّها لم تعدّل ما يتعلّق بإعادة الإعمار بل قامت بتعديلات بسيطة على القسم المتعلّق بالضرائب والرسوم. وعليه، يعفي مشروع الحكومة وتعديلاته الوحدات المدمّرة أو المتضررة من ضريبة الأملاك المبنية، كما من رسوم الكهرباء والماء والاتّصالات والرسوم البلدية والقيمة التأجيرية ابتداء من تاريخ 8/10/2023، أي من تاريخ بدء "حرب الإسناد". يسري هذا الإعفاء بمعيار وحيد ولكن بتواريخ مختلفة، حيث وضعت الحكومة معيار انتهاء عملية الترميم أو إعادة الإعمار للوحدة السكنية حتّى تعود الرسوم والضرائب المذكورة للسريان منذ هذا التاريخ. كما يُعفي المشروع من جميع الرسوم المتوجبة على رخص الترميم أو إعادة الإعمار وذلك لمدّة خمس سنوات من تاريخ دفع التعويضات. ويعفي المشروع المتضررين بأعمالهم بشكل مباشر من ضريبة الدخل عن سنتيْ 2023 و2024 مع إمكانية نقل العجوزات لسنوات لاحقة. كما ويعفي المشروع ورثة الذين استشهدوا في الحرب من رسوم الانتقال.

كما ويُعفي المشروع المركبات الآلية المتضررة أو المدمرة من رسوم السير عن عامي 2024 و2025 ويُعفي مالك المركبة الآلية المدمّرة كلّيا من رسوم الجمرك والتسجيل عند شراء مركبة آلية جديدة وذلك لمدّة سنتيْن.

أمّا في ما خصّ الجهات المكلّفة بإجراء المسوحات، فقد أوضحت التعديلات التي حصلت في لجنة المال والموازنة اللغط الحاصل حيال هذه المادة والذي أشار إليه تعليق المرصد البرلماني، حيث تم التأكيد أنّ هذه الجهات هي حصرا تلك المكلّفة رسميا بالقيام بمهمّات المسح وليس أي جهة أخرى حزبية أو متعلّقة بجمعيات معينة.

للاطّلاع على تفاصيل المشروع تعليق المرصد البرلماني على المشروع بما يتعلّق بإعادة الإعمار:

ملاحظات حول مشروع قانون الحكومة بشأن آثار العدوان: تسهيل إعادة الإعمار؟