"تقرير حول أعمال المجلس النيابي 2022-2024:" تقييم نشاط الهيئة العامة
26/05/2025
عقدت الهيئة العامة للمجلس النيابي 28 جلسة خلال الفترة الممتدّة من بدء الولاية الحالية أي في 22 أيّار 2022 حتىّ نهاية العام 2024. وقد انقسمت جلسات الهيئة العامة التي انعقدت فعليًّا على النحو الآتيّ: 7 جلسات تشريعيّة وجلستان لإقرار الموازنة العامة لسنتي 2022 و2024، فيما خصّصت الجلسات الأخرى لانتخاب رئيس الجمهورية أو انتخاب رئيس المجلس ونائبه أو انتخاب هيئة مكتب المجلس وأعضاء اللجان النيابية. كما عقد المجلس النيابي جلسة مناقشة عامة بناء على طلب حكومة تصريف الأعمال (2024) وجلسة لتلاوة رسالة من رئيس الجمهورية (2022). في المقابل، لم يعقد مجلس النواب أيّ جلسة للمساءلة، علمًا أنه لم يتسنَّ له منح الثقة لأيّ حكومة خلال هذه الفترة.
رسم رقم 1.1: الجلسات المعقودة خلال أيّار 2022 حتى نهاية 2024، وتَوزُّعها بحسب السنوات وأنواعها.
ملاحظات أولية:
- يُلحظ بشكل واضح انخفاض عدد الجلسات التشريعية بحيث بلغ متوسط هذه الجلسات 0.22 شهريًا، في حين بلغ هذا المتوسط 0.43 شهريًا خلال الولاية السابقة لمجلس النواب (2018-2022). وقد ترافق هذا الانخفاض مع تراجع عدد البنود التشريعية الواردة على جداول أعمال هذه الجلسات، بحيث بلغ متوسط البنود التشريعية 11.7 لكل جلسة في حين بلغ 28.4 في الجلسات التشريعية المنعقدة في الولاية السابقة لمجلس النواب. ويعود هذا التراجع بشكل خاصّ إلى إعلان[3] 46 نائبًا عن نيّة مقاطعة القيام بأي عمل تشريعي في ظلّ الفراغ الرئاسي، مقابل إعلان كتل أخرى مثل كتلة لبنان القوي حصر التشريع في تشريع الضرورة، الأمر الذي استدعى من وجهة نظرها حصر بنود جدول الأعمال والتوافق عليها كشرط مسبق لحضور الجلسات.
- لم يعقد المجلس النيابي جلسات لمساءلة الحكومة، علمًا أنّه لم يعقدْ في ولايته السابقة سوى جلسة وحيدة للأسئلة والأجوبة. وذلك خير دليل على التعثّر الواضح في الحياة الدستوريّة، أكان لجهة وجود حكومة تصريف أعمال بدلًا من حكومة أصيلة طيلة الفترة موضوع هذا التقرير أو تخلّي المجلس النيابي عن ممارسة دوره في المساءلة بصورة علنية.
- إنّ جلسات انتخاب رئيس الجمهورية نشطت في العام 2022 حيث عقدت 9 جلسات خلال 3 أشهر فقط، قبل أن تنحصر بجلستيْن فقط خلال العام 2023، لتنعدم هذه الجلسات على مدى سنة ونصف ابتداء من 15/6/2023 حتى نهاية 2024. وقد عكس هذا الأمر تطبيعًا مع فكرة أنّ انتخاب رئيس الجمهورية لا يحصل في صناديق الاقتراع إنما بالتوافق، وهو تطبيع حذرت[4] منه المفكرة وعارضته بشدة.
- عقدت الهيئة العامة جلسة مناقشة وحيدة[5] في 15/5/2024 حول المواقف من الهبة الأوروبية المتعلّقة بالنازحين السوريين. وقد أقرّ مجلس النوّاب مجموعة من التوصيّات[6] حول أزمة اللجوء السوري إلى لبنان، وهي أشبه بطلبات موجّهة إلى الحكومة انتهت بالفقرة التالية: “التزام الحكومة بهذه التوصية وتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر للمجلس النيابي حول مراحل تنفيذ ما تضمنته”. وقد شابت التوصيات التي أقرّها المجلس النيابي إشكاليات عديدة تناولها المرصد البرلماني في مقال[7] مفصّل.
– تعذّر انعقاد جلسات لغياب النصاب 6 مرات، علمًا أنّ غياب النصاب تم لأسباب مختلفة: فمن جهة، ارتبط غياب النصاب في حالتين بالفراغ الرئاسي (الجلسة التي دُعي إليها في تاريخ 7/12/2022 لدرس اقتراح طلب اتّهام وزراء الاتّصالات السابقين نقولا الصحناوي وجمال الجرّاح وبطرس حرب في قضيّة مباني شركة تاتش وقد أعلنت كتل عدّة مقاطعتها بسبب الفراغ الرئاسيّ والجلسة التشريعيّة التي كان دُعي إليها في تاريخ 17/8/2023). ومن جهة ثانية، تعطّلت جلستان لانتخاب رئيس الجمهورية في تاريخ 13/10/2022 و12/1/2023. ومن جهة ثالثة، تعطّلت جلستان في 22/11/2024 لانتخاب أعضاء مكتب المجلس (أميني السر وثلاثة مفوضين) واللجان النيابية، في ظلّ استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان.
النّتاج التشريعي للهيئة العامة
كما سبق بيانه، بقي عدد الجلسات التشريعية محدودًا خلال الفترة موضوع الدراسة. فلم تنعقد سوى 7 جلسات تشريعية خلال 31 شهرًا، أي بمعدّل 0.22 جلسة تشريعية شهريًا، بانخفاض كبير عن معدّل الولاية السابقة المنخفض أصلا، حيث عُقد فيها 0.43 جلسة تشريعية شهريًا. فقد ذهبت كتل ونواب عدّة إلى رفض القيام بأيّ عمل تشريعيّ في ظلّ الفراغ الرئاسيّ أو إلى حصره فيما اصطلح على تسميته “تشريع الضرورة”. وقد ترافق تخفيض عدد الجلسات التشريعية مع تخفيض البنود التشريعية الواردة على جداول أعمال هذه الجلسات، بحيث بلغ مجموعها 83 بندا (75 منها بند مختلف) يُضاف إليها 8 بنود دُرست من خارج جدول الأعمال ليصبح عددها 91 (أو 83 بندا مختلفا).
وبلغ متوسط البنود في الجلسة 13 بندا خلال هذه الفترة مقارنة مع 28.4 بندا بالنسبة إلى الجلسات التشريعية في الولاية السابقة. وتجدر الإشارة إلى التفاوت في متوسّط البنود بحيث إنه تراجع من 22.5 بالنسبة إلى جلستي 2022 اللتين سبقتا الفراغ الرئاسي إلى 10 في 2023 و8 في 2024 بالنسبة إلى الجلسات التي أعقبت هذا الفراغ. وقد بلغت النسبة المتوسطة للبنود المدروسة من تلك التي وضعت على جدول الأعمال 74.72%، وهي نسبة قريبة من نسبة الولاية السابقة وهي 75%، وهو أمر يؤكد أن استكمال درس البنود يخضع لأسباب سياسية أكثر مما يخضع لمدى ازدحام جداول أعمال الجلسات التشريعية.
رسم رقم 1.2: عدد البنود المدرجة (مع تلك التي جرى تكرار وضعها) في جداول أعمال كل سنة وعدد البنود المدروسة منها.
ماهية المقترحات ومآلها
ولكن ما هي طبيعة المقترحات التي وردت على جداول أعمال الجلسات التشريعية أو أضيفت إليها؟ إلى ذلك، يلحظ أن البنود التشريعية التي وردت على جداول أعمال هذه الجلسات أو أضيفت إليها تنقسم إلى ثلاث فئات:
فئتان أوّلان تشملان مشاريع القوانين واقتراحات القوانين المحالة من اللجان النيابية
تشمل هاتان الفئتان المحالتان إلى الهيئة العامة من اللجان النيابية (المختصة أو المشتركة) تبعا لدرسها:
- مشاريع قوانين أعدّتها الحكومة، وقد بلغ عددها 20 مشروعا، لتصل نسبتها إلى 21.98% من مجموع المقترحات الواردة على جداول أعمال الجلسات. وقد أقرت الهيئة العامة 18 منها أي نسبة 90%.
- اقتراحات قوانين. وقد بلغ عددُها 17 أي ما يمثل 18.68% من مجموع المقترحات، أقرّ منها 10 أي بنسبة 58.8%.
ويتحصّل تالياً، أنّ عدد المقترحات التي دُعِيَتْ الهيئة العامة للمجلس إلى النظر فيها خلال الولاية، والتي حظيتْ بدراسة من إحدى لجانه على الأقلّ، بلغ 37/91 مقترح، وهي تمثّل نسبة 40.66% من مجموع المقترحات الواردة إليها. وقد بلغ نسبة قبولها 75.67%.
فئة ثالثة تشمل اقتراحات القوانين المعجلة والمكررة
تشمل هذه الفئة اقتراحات قوانين قدَّمها النواب بصورة معجّلة مكرّرة وهي الاقتراحات التي عرَضت مباشرة أمام الهيئة العامة. وقد بلغ عددها 54 اقتراح أي ما نسبته 59.34% من مجموع المقترحات.
ويلحظ هنا إنّ عدد هذه الاقتراحات قد تراجع بعد الفراغ الرئاسي. ففيما بلغت نسبة الاقتراحات المعجلة المكررة 66.7% من مجموع البنود التشريعية الواردة على جداول أعمال الجلسات التشريعية التي سبقت الفراغ الرئاسي، فإن هذه النسبة انخفضت في الجلسات التي أعقبت غياب رئيس الجمهورية إلى 58.53% من مجموع المقترحات.
أمّا بخصوص مآل هذه الاقتراحات، فقد تمّت المصادقة على 12 منها أي ما نسبته 22.2% منها.
رسم رقم 1.3: البنود الواردة إلى الهيئة العامة بحسب نوعها وطبيعتها ونسبة إقرارها.
ممّا تقدّم، أمكن تسجيل 3 خلاصات:
أوّلاً، أنّ نسبة الإقرار بلغت 90% بالنسبة إلى مشاريع القوانين الواردة من الحكومة وهي نسبة متطابقة تماما مع النسبة في الولاية السابقة. بالمقابل، انخفضت نسبة الإقرار للاقتراحات الصادرة عن اللجان إلى 58.5% من 77.08% في الولاية السابقة . وهذا يدلّ على أنّ الهيئة العامة كانت أكثر استعدادًا لإقرار المقترحات في حال عرضها مُسبقاً على اللجان، وبخاصة في حال أتت المبادرة إليها من الحكومة، في حين لم تتعدّ نسبة إقرار الاقتراحات المعجلة المكررة 22.2%.
ثانياً، من مجموع المقترحات التي أُقِرَّت في الهيئة العامة وأصبحت نافذة، أتت مشاريع القوانين في المرتبة الأولى حيث بلغت نسبتها 45% (18 من أصل 40). أمّا اقتراحات القوانين المعجّلة المكرّرة فقد بلغت نسبتها 30% (12 من أصل 40). في المقابل، بلغت نسبة الاقتراحات المُنجَزة من اللجان من مجموع القوانين الصادرة نسبة 25% (10 من أصل 40).
ثالثاً، إنّ التدقيق في تاريخ الاقتراحات والمشاريع التي أُقِرَّت وأصبحت قوانين يظهر أنّ 15 من أصل 40 منها قُدّمت في ظلّ ولايات المجلس السابقة أي بنسبة 37.5% (كانت في الولاية السابقة 17.8% فقط)، ما يعكس ضعف المبادرة التشريعية في ظلّ هذه الولاية.
وهنا، تجدر الإشارة إلى أنّ 3 من هذه القوانين التي أقرّها المجلس النيابي لم تكن نافذة بعد أن امتنعت[8] حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي بالوكالة عن رئيس الجمهورية عن نشر 3 منها ( قانون الإيجارات غير السكنية وقانونان يتعلّقان بالموازنات المدرسية)، قبل أن تُنشر هذه القوانين في 3 أيّار 2025 من قبل حكومة نواف سلام بناء على قرار من مجلس شورى الدولة أوقف فيه تنفيذ قرار ميقاتي برد هذه القوانين.
كما وأبطل المجلس الدستوري القانون المتعلّق بإعادة إحياء ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى والتمديد للنائبيْن العامّين التمييزي والمالي، ما يخفّض عدد القوانين النافذة إلى 39.
قانونا موازنة عامة 2022 و2024
أُقرَّتْ موازنتان خلال الفترة موضوع الدراسة، وهما موازنتا 2022[9] و2024[10]. أمّا العام 2023 فلم تُقَرّ فيه موازنة بحجة إرسالها في وقت متأخر من الحكومة. في حين لا يزال إقرار موازنة سنة 2025 متأخّراً، وهي تقبع في أدراج لجنة المال والموازنة عند تاريخ كتابة هذه الأسطر علما أنّها أحيلت إلى المجلس النيابي في نهاية أيلول 2024، من دون أن تعقد لجنة المال والموازنة أي اجتماع لمناقشتها واتّخاذ الموقف المناسب حيالها. وكان مشروع موازنة 2025، كما أعدّه وزير المال يوسف خليل ووافقت عليه الحكومة، قد قوبل بانتقاد كبيرَ حيث وافقت عليه الحكومة في اليوم الأول من بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان في 23/9/2024، حيث كان من المعلوم أنّ نتائج العدوان ستؤدّي إلى تعديل كبير في إيرادات الموازنة ووجهة الإنفاق فيها. إلّا أنّ الحكومة أصرّت على إرساله بهذه الصيغة في هذا التوقيت بما يفتح المجال أمامها لإصدار الموازنة بمرسوم في حال عدم اتّخاذ موقف بشأنها في مجلس النواب من دون أن يتسنى للنواب مناقشة أي من بنودها أو إدخال تعديل عليها، وذلك سندا للمادة 86 من الدستور.
الحضور والمداخلات في الجلسات التشريعية
نبرز في هذه الفقرة مُعطى بدأ المرصد البرلماني برصده بدءا من الولاية الحالية وتحديدًا من جلسة 19/6/2023 التشريعية، وهو عدد النواب الحاضرين في جلسات الهيئة العامة التشريعية، سندا لمحاضر جلسات الهيئة العامة، فضلا عن عدد مداخلات النواب أثناءها.
رسم رقم 1.4: معدّل حضور النواب لجلسات الهيئة العامة التشريعية
وقد تناول الرصد 26 بندا حظي بنقاش خلال هذه الجلسة وما أعقبها. وبنتيجة هذا الرصد، تظهّرت الأرقام التالية:
- بلغ معدّل المداخلات التشريعية لكلّ بند 6.69 مداخلة، أي أنّ حوالي 5% من النواب يشاركون في مناقشة البنود التشريعية.
- كان البند الأكثر إثارة لتدخلات نيابية هو اقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني في جلسة 14/12/2023 حيث وردت 21 مداخلة تشريعية حوله واستمرّ النقاش فيه لأكثر من ساعة ونصف، يليه اقتراح التمديد الثاني لقائد الجيش في جلسة 28/11/2024 ب18 مداخلة تشريعية حوله، وفي المرتبة الثالثة مشروع القانون المتعلّق بطلب الحكومة الموافقة على إبرام اتّفاقية قرض مع البنك الأوروبي للتثمير للمساهمة في تمويل مشروع الطرقات والعمالة في لبنان ب15 مداخلة.
- من أقل البنود إثارة للنقاش، كان اقتراح القانون الذي أقرّه المجلس النيابي بتعديل المادة 73 من قانون أصول المحاكمات المدنية المتعلّقة بالدفوع الشكلية. فعلى الرغم من الأهمّية الفائقة لهذا الاقتراح وانعكاساته على مجرى المحاكمات والتعسّف في استخدام الدفوع الشكلية، لم يحظ سوى بمداخلتيْن، ليقرّ من دون نقاش فعلي. وقد أدّى ذلك إلى إشكاليات كبرى في تفسيره في المحاكم بسبب الصيغة الغامضة التي خرج فيها.
- يظهر بوضوح التفاوت في الحضور في الجلسات التشريعية. ومردّ ذلك يعود إلى مقاطعة عدد من النواب والكتل للتشريع في غياب رئيس للجمهورية مقابل حضورهم في الجلسات التي تخدم أهدافًا سياسيّة لهم. ففي حين يظهر بوضوح انخفاض الحضور في جلستيْ نيسان وحزيران 2023، يظهر ارتفاع هذه الأرقام في جلسات تتعلّق بالتمديد لقادة الأجهزة الأمنية والتي كانت تشهد اهتماما وحضورا كبيرا من قبل الكتل حتى تلك المقاطعة للتشريع. وقد شهدت هذه الجلسات بهلوانيات [11]نيابية أدّت إلى زيادة عدد الحاضرين قوامها حضور نواب على الشرفة طيلة الجلسة قبل النزول عند الوصول إلى بند التمديد لقادة الأجهزة الأمنية لتأمين النصاب بعد انسحاب كتلة الوفاء للمقاومة، مقابل حضور كتلة الجمهورية القوية للجلسة مقابل صمت نوابها عن الكلام.
حصيلة العمل التشريعي للهيئة العامة
نعمد هنا إلى حوصلة العمل التشريعي خلال الفترة ما بين بدء الولاية ونهاية العام 2024، انطلاقاً من القوانين التي أقرّتها الهيئة العامة للمجلس التي أصبحت نافذة. وبالطبع، لا يجسّد الإنتاج التشريعي نشاط الهيئة العامة وحدها، طالما أنّه غالباً ما يأتي تكملةً للجهد الذي بذلته اللجان النيابية والحكومة. وهذا ما سنعود إليه في خلاصة هذا التقرير.
وكان نتاج الجلسات التشريعية السبع المعقودة خلال هذه الفترة، إقرار 40 قانونا بالإضافة إلى قانوني موازنة ليرتفع العدد إلى 42. إلا أن هذا العدد عاد لينخفض إلى 41 قانونا نافذا بعدما أبطل المجلس الدستوري القانون 327/2024، وهو القانون الذي كان أعاد إحياء ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى المنتهية مدّتها فضلًا عن تمديده سنّ تقاعد القاضييْن علي إبراهيم وجمال الحجّار وذلك على أساس قواعد تمييزية.
وعليه، يظهر بوضوح تدنّي الإنتاج التشريعي خلال هذه الولاية بالمقارنة مع الولاية السابقة. فلئن بلغ متوسط القوانين النافذة الصادرة عن المجلس النيابي خلال الولاية السابقة 4.65 قانونا نافذا شهريا، انخفض خلال هذه الولاية حتّى تاريخ هذه الدراسة إلى 1.32 قانون نافذا شهريا، أي بانخفاض أكثر من 3 مرّات ونصف، وهي تقريبا نفس النسبة التي انخفضت فيها نسبة البنود التشريعية الواردة على جداول أعمال جلسات الهيئة العامة كما بينّا أعلاه.
وبعد تبيان عدد القوانين النافذة سنة بسنة، نعمد إلى مقاربة القوانين التي تمّ إقرارها من زاويتين:
- حجم النشاط المبذول في مجال تعزيز القواعد والمؤسسات،
- المجالات التي شملتها هذه القوانين وما تكشفه من اهتمامات للمجلس.
حجم النشاط المبذول على صعيد القواعد والمؤسسات الاجتماعية
هنا، سنحاول أن نحدّد حجم النشاط الذي بذلتْه الهيئة العامة في اتجاه تعزيز القواعد والمؤسسات الاجتماعية، وذلك انطلاقاً من تصنيفات معتمدة لهذه الغاية من المرصد البرلماني، تؤدّي إلى تقسيم القوانين إلى ثلاث فئات وفق مفعولها على بنيان القواعد والمؤسسات: فئة سلبية (-) وفئة إيجابية (+) وفئة تبقى قوانينها من دون أثر على هذا البنيان.
وننبّه هنا إلى أنّنا سنكتفي بالهدف المُعلَن من التشريع بمعزل عن مدى ملاءمته. وعليه مثلاً، إذا تمّ تعديل مواد قانون العقوبات في اتجاه إضافة جرم جديد، فإنّنا نحتسب هذا التعديل إضافةً (+) على صعيد القواعد النافذة بمعزل عن مدى ملاءمته. في المقابل، إذا تمّ تخفيض غرامة أو منح عفو عامّ أو تمديد سنّ التقاعد أو تعليق العمل بقانون ما، فإنّنا نحتسب ذلك على أنّه تعطيل للقواعد الموجودة أو المعمول بها، وتالياً على أنّه تقليص (-) لهذه القواعد بمعزل عن مدى ملاءمته.
أمّا إذا تناولتْ هذه القوانين الشؤون المالية أو الإدارية لأجهزة الدولة من دون وضع قواعد أو إنشاء مؤسسات جديدة (فتح اعتماد مثلاً أو منح مساعدة استثنائية للموظفين العامين)، أو إذا كان لها مفعول رمزي أو شكلي بحت (كتغيير اسم قرية)، فإنّنا نحتسب مفعولها على أنّه معدوم (صفر) على صعيد بناء القواعد والمؤسسات الاجتماعية.
كما ننبّه إلى أنّ هذا التقييم سيقتصر على القوانين الداخلية فقط، بمعنى أنّه لا يشمل القوانين التي يقرّها المشرِّع للإجازة للحكومة بإبرام اتفاقية أو معاهدة دولية (وهي القوانين الخارجية وقد بلغ عددها 10 قوانين)، حيث تبقى عموماً مساهمة مجلس النواب في صنع هذه القوانين جِدّ محدودة، وهي تنحصر عملياً في مادة واحدة، مادة الإجازة للحكومة إبرام هذه الاتفاقية، كما أنّ هذه القوانين غالباً ما تُقَرّ من دون أيّ نقاش في الهيئة العامة.
رسم رقم 1.5: القوانين وفق مفعولها على بنيان القواعد والمؤسسات
وعليه، وبمراجعة القوانين التي أقرّها المجلس النيابي بعد استبعاد المعاهدات الدولية (10)، يُسجَّل أنّ:
- القوانين التي تناولت الشؤون المادية أو الإدارية لأجهزة الدولة (صفر – من دون أثر) بلغت 12 قانوناً يضاف إليها قانونا الموازنة (2) اللذان ندرجُهما في هذه الخانة بالنظر إلى طابعهما الغالب رغم تضمينهما أحكاما سلبية أهمها الإعفاءات الضريبية وإنشائيّة عدة. وعليه، يصبح مجموع هذه القوانين 14؛
- القوانين التي أدت إلى إبطال أو تعليق العمل بقوانين نافذة سابقة لها (-) قد بلغ عددها 8؛
- القوانين التي أضافت إلى البناء التشريعي أو المؤسساتي، بغضّ النظر عن مدى ملاءمتها (+)، قد بلغ عددها 9.
وعليه، يظهر أنّ القوانين التي لا تحمل أي أثر إيجابي أو سلبي كانت الأكثر عددا (في الولاية الماضية كانت الأقل عددا)، وذلك بسبب أنّ إقرار هذه القوانين (فتح اعتمادات مثلا) كان ضروريا في بعض المراحل لاستمرارية المرفق العام وتحت شعارات تشريع الضرورة، مقابل انخفاض في أي عمل تشريعي آخر.
كما نلحظ مرة أخرى كثرة القوانين التعطيلية. ففي حين ذهب المجلس النيابي إلى صناعة قانون تعطيلي مقابل كل قانون ونصف إنشائي تقريباً في الولاية السابقة، نرى أنّ المجلس ذهب تقريبا باتّجاه قانون تعطيلي مقابل كلّ قانون إنشائي.
وإذ تركّزت هذه القوانين التعطيلية على تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية والتمديد لقادة الأجهزة الأمنيّة وتعليق المهل، فإنّ للأمر دلالة هامّة تتجاوز مسألة الإنتاجيّة وتتصل بمفهوم القانون، وبخاصة لجهة طابعه الملزِم. فأن يتدخّل المشرِّع بانتظام وبكثرة لتعطيل قوانين نافذة إنّما يعطي انطباعاً عامّاً بأن القوانين هشّة وأن بإمكان المواطن عدم الالتزام بها طالما أنّ ثمة احتمالاً كبيراً بتعليق العمل بها أو إعفاء المخالفات لها.
بالمقابل، فإن أبرز القوانين الإنشائية تمثلت في إنشاء الصندوق السيادي اللبناني وتعديل قانون الضمان الاجتماعي وإنشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية وقانون إنتاج الطاقة المتجددة الموزعة وتعديل المادة 73 من قانون أصول المحاكمات الجزائية لجهة منع المماطلة في الدفوع الشكلية وقانون الصيدلة السريرية ورفع السرية المصرفية.
المجالات التي شملتها القوانين التي أقرّها المجلس النيابي
لهذه الغاية، سنعتمد تصنيفاً ثانياً، اعتمده المرصد البرلماني لتصنيف القوانين وفق نوعها. يعتمد التصنيف 16 فئة، هذه الفئات هي الآتية:
رسم رقم 1.6: تقسيم القوانين التي أقرّها المجلس النيابي وفق موضوعها
وعليه، أمكن استخلاص الأمور التالية:
- أقرّ المجلس النيابي قانونيْن يتعلّقان بتنظيم الحياة المدنية وسياسات الوئام الاجتماعي فقط، هما قانون الإيجارات غير السكنية وقانون يتعلّق بتنظيم الموازنة المدرسيّة. علما أنّه أقرّ في ولايته السابقة 25 قانونًا يتعلّق بهذا الموضوع.
- لم يقرّ المجلس النيابي أيّ قانون نافذ يتعلّق بالخدمات العامّة والتنمية، علما أنّه أقرّ في ولايته السابقة 8 قوانين تتعلّق بهذا الموضوع.
- لم يقرّ المجلس النيابي الحالي أي قانون نافذ يتعلّق بمواضيع البيئة، الجنسية، الأحوال الشخصية، وتنظيم الطوائف.
- يتبيّن غياب أي خطّة أو نهج تشريعي فعليّ لدى مجلس النواب، بل أنّ دوره كان محصورا فقط بالتعامل مع مشاريع الحكومة أو مع الأحداث الطارئة وبخاصة فيما يتصل بالاتفاقيات الدولية أو معالجة ذيول الأزمات السياسية والمالية، من دون أن يكون هناك أي توجّه فعلي واستراتيجي في التشريع.
المخالفات المتصلة بالجلسات التشريعية
برز العديد من المخالفات للدستور والنظام الداخلي للمجلس النيابي في أصول إدارة الجلسات التشريعية خلال الفترة موضوع الدراسة، أبرزها الآتية:
- عدم احترام أصول إدراج المقترحات على جدول الأعمال: تنص المادة 42 من النظام الداخلي لمجلس النواب على أن: “تُرفع تقارير اللجان إلى مكتب المجلس لإدراجها في جدول أعمال جلسات المجلس العامة وفق ترتيب وصولها إليه مع حفظ الأولوية للمشاريع المعجّلة”. أمّا في الواقع فقد بقيت 25 من المقترحات المُنجَزة خلال هذه الولاية مُحتَجَزة في هيئة مكتب المجلس بدون أن تُوضَع على جدول الأعمال كما يفرض النظام الداخليّ. يضاف إلى هذه البنود 53 من المقترحات المنجزة في الولاية السابقة.
- منع الأوراق الواردة: رصد المرصد البرلماني مخالفة ما برحت ساريةً منذ ما بعد انتفاضة 17 تشرين الأوّل 2019، حيث حظر رئيس مجلس النواب نبيه برّي منذ ذلك الحين تلاوة ما يُعرَف بـ “الأوراق” في بداية جلسات الهيئة العامة. وهذه الممارسة تخالف المادة 64 من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي تنص على أن المجلس يباشر أعماله بتلاوة الأوراق الواردة ويخصّص لذلك أول نصف ساعة من الجلسة، ولكل نائب حق التعليق على الموضوع بحدود ثلاث دقائق. وقد برّر رئيس المجلس ذلك بِنِيَّته تجنُّب الحديث السياسي والتجاذبات في المجلس. غير أن تبرير الرئيس برّي مُستغرَب إذ إنّه يضرب طبيعة المجلس النيابي ودوره الأوّل، وهو المكان الأساسي لطرح الخلافات السياسية واجتراح توجّهات بشأنها. وقد استمرّت هذه المخالفة في هذه الولاية، حيث في جلسة 26/7/2022 اعترض النائبان بولا يعقوبيان وسامي الجميل واعتبرا أنّ الموضوع يشكّل مخالفة صريحة للنظام الداخلي، فردّ برّي أنّ رئاسة المجلس تعد النواب بأوراق واردة قبيل كلّ جلسة قادمة، إلّا أنّ هذه الجلسة انتخابية ولا أوراق واردة قبلها. إلّا أنّ برّي لم يفِ بوعده في أيّ من الجلسات التشريعية بعد ذلك من دون أن يذكره أي كان به. وفي هذا الصدد، لا بدّ من الإشارة إلى عدم صوابية ما قاله برّي حول عدم إمكانية تلاوة الأوراق الواردة قبل جلسة انتخابية، حيث أنّ النظام الداخلي لم يحدّد نوع الجلسة التي يسبقها تلاوة الأوراق، بل تحدّث عن جميع أعمال الهيئة العامة، سواء التشريعية أو الانتخابية. هذا فضلا عن أن الجلسة التشريعية التي دُعي النّواب إليها يفترض أن تنفتح مباشرة بعد الانتهاء من الجلسة الانتخابية.[12] وبذلك، يكون برّي قد قطع الطريق مجددا على اعتبار المجلس النيابي مساحة للنقاش العام في الأمور السياسية أو الاجتماعية.
- مخالفة مبدأ أولويّة النّظام الداخليّ في الكلام: نصّت المادة 69 من النظام الداخلي الحالي على هذا المبدأ إذ أعلنت التالي: “لكل نائب حقّ الأولوية في الكلام مرة واحدة في كل أمر يتعلق بالنظام الداخلي”، أي أن النائب يمكن له أن يثير عفوا مسألة تتعلق بالنظام الداخلي في أي وقت حتى لو لم يكن هو من تقدّم باقتراح القانون أو السؤال إلى الحكومة المزمع مناقشتهما. بالمقابل، في جلسة مناقشة مشروع قانون موازنة 2024، رفض الرئيس نبيه بري إعطاء الكلام للنائب ملحم خلف الذي أراد التكلم بالنظام وإثارة إشكالية دستورية.[13]
- الشطب الاعتباطي من المحضر: في جلسة مناقشة الموازنة نفسها، قرر الرئيس بري شطب جملة “الدولة بلا شرف” وردت على لسان رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان عند تلاوته لتقرير الموازنة، كما استخدمها في جلسة 17/11/2022 عندما طرح النائب سامي الجميل مسألة النصاب في الدورة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية لكن مع توجيه انتقاد مباشر لرئيس المجلس على جوابه في الجلسة السابقة (عندما قال برّي “مادي إجرها من الشبّاك”) قائلا له ”ما حصل في الأسبوع الماضي لا يليق بالمجلس ولا يليق بك دولة الرئيس”. النظام الداخلي لا يمنح رئيس مجلس النواب هذا الحق إلا في المادة 50 منه التي تنص على أن رئيس المجلس “يأذن بالكلام ويمنعه وفاقاً للنظام ويأمر بتدوين أقوال النواب في المحضر ويحذف أقوال من لم يأذن له منهم” أي أن رئيس المجلس يمكن له حذف أقوال النواب الذين تكلموا دون حصولهم على إذن حصرا، من دون أن يتعدّاه إلى ما هو أبعد من ذلك كما الحالتيْن المذكورتيْن.[14]
- إقرار قوانين من دون نصاب: خلال جلسة 14 و15 كانون الأول 2023، أقرّ قانون تعديل أحكام قانون الضمان الاجتماعي وإنشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية من دون أن يكون هناك نصاب متوفّر عند إقراره، وهو أمر لم يتمّ التنبّه له إلّا بعد إشارة النائب فيصل الصايغ عند بدء مناقشة البند التالي، حيث أشار لفقدان النصاب لتُرفع الجلسة حتّى بعد الظهر.
- التشريع من دون تصويت: على هامش النقاش الذي امتدّ لأكثر من ساعة ونصف حول اقتراح الصندوق السيادي في جلسة 14/12/2023، برزت حادثة لخّصت النهج التشريعي القائم خلال الجلسة. فبعد نقاش حول صيغة إحدى مواد الاقتراح، “تهوّر”[15] رئيس المجلس النيابي نبيه بري وطرح المادة على التصويت، فهرع أبو صعب لتدارك الموقف طالبًا من برّي ألّا يتم التصويت لأن نواب “القوات” ممتنعون عن التصويت أيضاً، وليس فقط عن الكلام، وحضروا حصرًا لغاية تأمين التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، ولأنّ الجمهورية القوية تمثّل ربع الحضور ما يُهدّد بسقوط المادة في التصويت. وعليه، عاد برّي عن خيار التصويت. وما فاقم من خطورة هذه المخالفة للأصول البرلمانية، النتيجة التي رتّبها بري عليها، فتماهى معها من خلال التراجع عن طرح المادة المذكورة أو أي مادة خلافية على تصويت الهيئة العامة، بمعنى أن امتناع نواب القوات من التصويت أدى إلى نتيجة لا تقل سوءًا وهي منع جميع النواب من ذلك خوفا من انقلاب الغالبية، ما يشكل انتهاكا ليس فقط لحرية المجلس لكن أيضا تأكيدا على الطابع الصوري للجلسة التي نتيجتها تكون معروفة مسبقا، من دون وجود أي مداولة حقيقية بين النواب.
- إقرار قوانين من دون أكثرية أو مناداة خلافا للمادتين 34 و36 من الدستور:
لطالما أدار رئيس المجلس النيابي التصويت على المقترحات بطريقة فوضوية، وغالبا بما يتناسب مع إرادته في إقرار المقترح أو إسقاطه. ولذلك، غالبا ما يتم تفادي اللجوء إلى المناداة في التصويت والاكتفاء برفع الأيدي للحظات والخضوع لاستنسابية الرئيس في احتساب الأصوات، ويحصل كلّ ذلك في ظلّ عدم ظهور أي جهود فعلية لاعتماد نظام التصويت الإلكتروني.
المخالفة الأكثر تعبيرا في هذا الصدد حصلت خلال جلسة 28/11/2024 التشريعية[16]، عند التصويت على البند المتعلّق بالتمديد لأعضاء مجلس القضاء الأعلى، حيث كان جليّا أنّ عدد رافعي الأيدي لا يتخطّى أصابع اليد الواحدة، إلّا أنّ برّي صدّق الاقتراح من دون النظر إلى من صوّت أو عدّ الأصوات. عندها، انتفضت النائبتان بولا يعقوبيان وحليمة القعقور، مطالبتيْن بمعرفة النتيجة الفعلية للتصويت، كما وطالبْتا بأن يتم التصويت بالمناداة، واستعانت يعقوبيان بالمادة 88 من النظام الداخلي التي تنص على أنّه “إذا حصلت شبهة حول أي تصويت جرى بطريقة رفع الأيدي وطلب خمسة نواب على الأقل إعادة التصويت وجب إعادته وإجراؤه بطريقة القيام والقعود أو بطريقة المناداة بالأسماء”، فجرى الحديث التالي بينهما،
- يعقوبيان: “دولة الرئيس أكثر من 5 نواب يطلبون إعادة التصويت بالمناداة”
- برّي: “لو 50 نائب ما بدّي”
ليقر الاقتراح من بعدها من دون معرفة نتيجة التصويت الذي يُمكن الجزم أنّه لم يحصل فعليا ولم ينظر إليه رئيس المجلس. وقد حصلتْ مناداة خلال التصويت على بنود أخرى على جدول الأعمال لكن بمجرّد ذكر اسم عدد قليل من النواب بسرعة قياسية من دون تبيان موقفهم أو منحهم المجال للتصويت أصلا، وهو ما اعترضت عليه مرارًا النائبة حليمة القعقور.
إلّا أنّ تعسف برّي ورفضه التصويت بطريقة المناداة، كسره دخول مندوب الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان إلى شرفة المجلس النيابي لمتابعة وقائع الجلسة بانتظار لقائهما، حيث تزامن دخوله في منتصف نقاش الاقتراحات المتعلّقة بالتمديد لقائد الجيش. فعند التصويت، أخذ برّي وقته وطلب عدّ الأيادي المرفوعة، وعند خروج النتيجة بما يُخالف إرادة برّي، قرّر من تلقاء نفسه التصويت بالمناداة، اسمًا اسمًا، مسجلًا حدثًا نادرًا في تاريخ البرلمان اللبناني على شرف المندوب الفرنسي الذي شهد بذلك على إدارة ديمقراطية للجلسة مختلفة تماما لما كانت عليه من سلطوية وتعسف قبل وصوله، ولينتهي التصويت بالمناداة بالمصادقة على الصيغة التي أيّدها برّي.
ولا بدّ في هذا الصدد تسجيل ملاحظتيْن، 1) عدم وجود أي معايير لدى رئيس المجلس للتقرير إذا ما كان سيعتمد التصويت بالمناداة أو برفع الأيدي، بل حصرا بحسب ما يرغب بتمريره أو عدم تمريره، 2) أثبتت التجربة أنّ النتيجة انقلبت بعد التصويت بالمناداة عقب التصويت برفع الأيدي، ما يُثبت أنّ الطريقة المعتمدة في التصويت برفع الأيدي لا يُمكن أن تُنتج نتائج دقيقة، لا بل تحوّر إرادة النواب وتاليا إرادة ناخبيهم وتنسف كل مبادئ الديمقراطية، وعليه، تخالف المادّتيْن 34 و36 من الدستور.
وهذه الظاهرة لطالما تكرّرت مع رئيس المجلس النيابي الذي رفض مرارا في العديد من المحطّات اتّباع أصول التصويت. فعند التصويت على المادة 38 من مشروع موازنة 2024 المتعلّقة بمضاعفة القيم التأجيرية التي يُستوفى على أساسها الرسوم البلدية، اعتبر برّي من دون أن ينظر أنّ التصويت كان مع إلغاء المادة، وهو أمر غير صحيح أثار موجة من الاعتراضات في القاعة ما ألزمه بإعادة التصويت، ليتبيّن أنّ الأكثرية كانت مع إقرار المادّة كما هي.
وعند التصويت على قانون الموازنة برمّته بمادّة وحيدة حيث إمّا أن تُقر الموازنة وفقا للتعديلات التي أُدخلت عليها، أو تسقط، صدّق رئيس المجلس الموازنة بسرعة قياسية من دون النظر أيضا إلى الأيادي، ومن دون المناداة على النواب. وقد أثار ذلك امتعاض العديد من النواب حيث طلب 5 منهم التصويت بالمناداة سندا للمادتيْن 81 و88 من النظام الداخلي للمجلس النيابي، إلّا أنّ برّي رفع الجلسة وغادر على عجل.
- مخالفة أصول التصويت على الموازنة: في حين تنص المادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب على التصويت على نفقات الموازنة ثمّ على مواد مشروعها ثمّ على إيراداتها، فقد اكتُفي خلال التصويت على موازنة 2024 بالتصويت على النفقات والمواد من دون أن يتم التصويت على الإيرادات أو تلاوتها أو مناقشتها. كما إنّ هدف كلّ النقاش في الموازنة، هما المادّتان 2 و3 اللتان تتعلّقان بتحديد نفقات وإيرادات الموازنة. وقد كان منطقيا ألّا يُصوّت على هاتيْن المادتيْن أولا وأن تُتركا للنهاية للتصويت على أرقام صحيحة بعد التعديلات التي ستُجريها الهيئة العامة والتي ستنعكس على هذه الأرقام. إلّا أنّ الصدمة قد وقعت بالتصويت على المادتيْن بعد انتهاء نقاش المواد الأخرى من دون أي نقاش حول الأرقام ومن دون ذكرها حتّى، على الرغم من العديد من التعديلات التي أجرتها الهيئة العامة على المواد والتي ستؤثّر حكما على أرقام النفقات والإيرادات المقدّرة. وقد حاول النائب رازي الحاج، بالصراخ أيضا، السؤال عمّا هي الأرقام التي صُوّت عليها وكيف أصبحت، من دون أن يلقى أي جواب.
- تحوير إرادة النواب: غالبا ما سجل المرصد البرلماني تحوير إرادة النواب عند صياغة محضر الجلسة التشريعية أو عند إصدار القانون لغاية نشره، علما أنه ما كان لهذا التحوير أن يبلغ ما بلغه لولا الفوضى في إدارة الجلسات التشريعية وعدم وضوح آليات التصويت.
ومن أهم المخالفات التي أثبتها المجلس الدستوري في هذه الفترة المشمولة بالتقرير، المخالفات المذكورة في القرار الصادر عنه في معرض النظر في الطعن على قانون إعادة إحياء ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى المنتهية ولايتهم والتمديد للنائبين العامّيْن التمييزيّ بالتكليف والنائب العام المالي. فقد تثبت المجلس الدستوري من التباين بين التسجيلات الصوتية وما ورد في المحضر المنظم من إدارة المجلس من جهة، ليعود ويتثبت من التباين بين نص القانون كما ورد في المحضر ونصّه كما صدر ونشر في الجريدة الرسمية. وعليه، انتهى المجلس الدستوري إلى إبطال هذا القانون لمخالفته مواد دستورية ولكن أيضا “المبادئ والقواعد التي يرتكز عليها النظام الديمقراطي البرلماني لا سيما تلك المنصوص عليها في الفقرتين “ج” و”د” من مقدّمة الدستور ومبدأ وضوح المناقشات البرلمانية ذي القيمة الدستورية النابع عن مبدأ السيادة الشعبية والذي يعتبر أحد تجليات مبدأ الديمقراطية”.[17]
وكان المرصد البرلماني توقف قبل ذلك بشكل خاص عند الفوضى التي شابت مناقشة قانون الموازنة العامة للعام 2024، بحيث اختلفت صيغة بعض المواد التي تمّ إقرارها عن تلك التي نُشرت، بخاصة فيما يتعلّق بما اتّفق عليه بزيادة الضريبة على شركات الأموال لتصبح بنسبة 25% بدل 17% حيث صوّت على رفع النسبة لكن القانون المنشور أبقى على نسبة 17%.
والتناقض نفسه حصل في المواد المتعلّقة بفرض ضريبة على المستفيدين من منصة صيرفة ومن الدعم الذي قدّم عن طريق مصرف لبنان. ورغم أن بعض الطعون على الموازنة شددت على هذه الفوضى ونتائجها، إلا أن المجلس الدستوري حينها اكتفى بمعاينة المحضر المنظم من إدارة مجلس النواب من دون التدقيق في صحته على ضوء التسجيل الصوتي على عكس ما فعله لاحقا في ما يتعلّق بقانون إعادة إحياء ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى.
- المخالفات في تحرير المحضر وكيفية المصادقة عليه:
عند الطعن في قانون إعادة إحياء ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى، أكدت إدارة مجلس النواب في المحضر الخطي المنظم منها وحرفيا أن التصويت حصل بالمناداة. ولهذه الغاية، استجاب المجلس الدستوري لطلب الجهة الطاعنة بطلب الحصول على التسجيلات الصوتية لمناقشات الجلسة والاستماع إليها تمهيدا للتدقيق في صحة المحضر. وليس أدلّ على هذا التحوير ممّا ورد في قرار المجلس الدستوري، فقد جاء فيه حرفيّا أنّ المناداة التي لجأ إليها رئيس المجلس بطلب من عدد من النواب إنما “اقتصرت على تلاوة أسماء نواب لا يتعدّى عددهم 12 من دون انتظار إبداء موافقتهم أو رفضهم”، قبلما يسمع “صوت رئيس المجلس يقول: صُدّق”. وهنا يتابع المجلس الدستوري أن اعتراضات عدة “تلت ذلك وقد سُمعت أصوات تسأل عن مصير القانون وتطالب بنتيجة التصويت بالمناداة كما طلب بعض النواب تدوين اعتراضهم في المحضر دون إضافة طلبهم.” بالإضافة إلى ما تقدّم، استند المجلس الدستوري على التّسجيل الصوتيّ للمناقشات من أجل التثبّت من مخالفة أخرى يستشف عنها أيضا فوضى عارمة، وهي أن صيغة الاقتراح التي تمت مناقشتها تختلف عن الصيغة النهائية التي تمّ نشرها في الجريدة الرسمية.[18]
وتعود إمكانية التحوير في المحضر الخطّي للجلسات إلى مخالفة أخرى للنظام الداخلي لمجلس النواب، بخاصة المواد 56 وما يليها التي تنظّم أصول ضبط المحضر الخطّي والمصادقة عليه. فإذ يتوجب تلاوة ملخص محاضر أي جلسة في الجلسة التي تليها والمصادقة عليه فيها، فإنّ ذلك لا يتم فعليا. بالمقابل، يستعيض رئيس المجلس النيابي بتلاوة سريعة لملخص مقتضب لمحضر الجلسة في نهايتها، حيث ما يبرح أحد موظفي المجلس النيابي ببدء الجملة الأولى حتّى يصدّقه رئيس المجلس النيابي منفردا، في وقت يهمّ فيه النواب بالخروج أي من دون سماعهم له. تشكّل هذه الممارسة مخالفة واضحة للنظام الداخلي وروحيّته، إذ أنّ تلاوة المحضر يجب أن تتم بوضوح أمام الهيئة العامة لتمكينها من إبداء أي اعتراض عليه، وهو الأمر الذي لا يحصل. فضلا عن ذلك، فإنّ المحضر الخطّي الفعلي لا يكون جاهزا عند هذه التلاوة، إذ وبحسب ما يرصده المرصد البرلماني، فإنّ إنجاز إعداد المحضر الخطّي لا يتم فعليا قبل الأسبوع الذي يلي الجلسات بعد تفريغ المحضر الصوتي.
مخالفات الانتخابات الرئاسية
- دورة أولى 11 مرّة: في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وعلى مدار جميع الجلسات التي حصلت، كانت تنتهي الجلسة بفقدان النصاب في الدورة الأولى. وفي كلّ مرّة كانت تُعاد الدورة الأولى للانتخابات، بدلا من أن تُستكمل من الدورة الثانية. وقد شرح وسام اللحام في مقال مفصّل[19] ذلك بناء على المادة 49 من الدستور والتجربة الفرنسية والإيطالية، حيث اعتبر أنّ جلسة الانتخاب هي الحيّز الزمني الذي تجري خلاله عملية الاقتراع، شرط أن تنعقد ضمن الشروط الدستورية. وبمجرّد حدوث ذلك، تكتسب الدورة مفاعيلها القانونية التي لا يمكن أن يتمّ إلغاء نتائجها بحجّة عقد جلسة جديدة بسبب فقدان الجلسة السابقة للنصاب.
- الأوراق الملغاة في انتخابات الرئاسة: تنصّ المادة 12 من النظام الداخلي لمجلس النوّاب على الآتي: “تعتبر ملغاة كلّ ورقة تتضمّن: (1) أسماء يفوق عددها المراكز المحددة في النظام، أو (2) تحتوي على علامة تعريف أو تمييز من أي نوع كانت، أو (3) تتضمّن غير الاسم والشهرة مجرّدين”. وإذ برزت أوراق خلال جلسات انتخاب رئيس الجمهورية حملت عبارات كلبنان الجديد أو التوافق أو الميثاق، كان يتوجّب على رئيس المجلس اعتبار جميع هذه التعابير بحكم الملغاة. لكن بري لم يقم فقط بمخالفة النظام الداخلي عندما رفض اعتبار الأوراق التي تحمل تعبير “لبنان الجديد” ملغاة رغم إلغائه للأوراق التي تحمل تعابير مشابهة، بل رفض أيضًا تبرير موقفه رغم إثارة المسألة علنًا واعتراض أكثر من نائب على تصرّفه.[20] ومقابل عدم إلغاء عبارة لبنان الجديد، ألغى[21] برّي في جلسة لاحقة ورقة تحمل اسم جهاد العرب.
مخالفات بشأن انتخاب مكتب المجلس واللجان:
في ظل العدوان الإسرائيلي على لبنان لم يتوفر نصاب لعقد جلسة انتخاب هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية في 22/11/2024، فقرّر مكتب المجلس التمديد لنفسه إلى حين حصول الانتخابات. إلّا أنّ المجلس النيابي عاد واجتمع في جلسة تشريعية في 28/11/2024، ما يعني انتهاء الظرف الاستثنائي المانع لعقد الانتخابات، إلّا أنّ جدول أعمالها ومضمونها خليا من أي شيء يتعلّق بعملية الانتخاب هذه.
وعليه، كان لا بدّ من عرض التمديد الذي حصل للجان النيابية على الهيئة العامة في أول جلسة للمجلس من أجل تصديق هذا التمديد أو الشروع بإجراء انتخابات جديدة. كذلك، وهذا الأهم، لا بد من استكمال انتخاب أعضاء مكتب المجلس إذ لا يمكن الاستمرار بالتمديد لهم بأي شكل من الأشكال عند زوال الحالة الاستثنائية التي حالت دون تمكن المجلس من إتمام الانتخاب في جلسة 22 تشرين الأول. إذ أنّ الموجب الذي يقع على عاتق المجلس النيابي بانتخاب أمناء السر هو موجب تفرضه المادة 44 من الدستور ولا يحق لمكتب المجلس ولا حتى للمجلس نفسه بتعليق هذا الموجب.[22]
مخالفة متعلّقة بجلسة اتّهام وزراء الاتّصالات
لم تنعقد الجلسة التي دُعي إليها في تاريخ 7/12/2022 لدرس اقتراح طلب اتّهام وزراء الاتّصالات السابقين نقولا الصحناوي وجمال الجرّاح وبطرس حرب في قضيّة مباني شركة تاتش، حيث أعلنت كتل عدّة مقاطعتها بسبب الفراغ الرئاسيّ. بالمقابل، لم تتم الدعوة لجلسة أخرى في هذا الصدد على الرغم من كسر هذه المقاطعة لاحقا من العديد من الكتل، وحتّى بعد انتخاب رئيس الجمهورية، ما يوجب إعادة التذكير بوجوب عقد هذه الجلسة.
خلاصة حول الهيئة العامة
يتبيّن ممّا ذُكر أعلاه، أنّ انتاجية الهيئة العامة للمجلس النيابي سواء في عدد الجلسات أو البنود التي تمّ دراستها أو في عدد القوانين التي أقرّت، قد انخفضت بشكل ملحوظ عن انتاجية الولاية السابقة، وذلك بسبب رفض عدد من الأطراف العمل النيابي في ظلّ غياب رئيس الجمهورية أو في ظلّ فرض بعض الكتل على التشريع بالحدّ الأدنى خلال هذه الفترة أي ما يُعرف بتشريع الضرورة. بالمقابل، عاد وأكّد المجلس الدستوري كما ذكرنا أعلاه على إمكانية التشريع في ظلّ غياب رئيس الجمهورية ما نقض هذه المواقف وساهم في تليينها. وإذ عاد مجلس النواب وانتخب جوزيف عون رئيسا للجمهورية في 9/1/2025 ومنح الثقة لحكومة نواف سلام، يُنتظر أن يُسهم ذلك في إعادة النشاط إلى المجلس النيابي في الأشهر التي تبقّت من ولايته.
وعليه، يُمكن الوصول للخلاصات التالية:
- في حين بلغ عدد الجلسات التشريعية 7 جلسات، يُضاف إليها اثنتان لإقرار قانونَيْ الموازنة العامة لسنتَيْ 2022 و2024، فإنّ الهيئة العامة لم تعقد أي جلسة لمساءلة الحكومة على أساس أن هذا المجلس لم يتمكن من منح الثقة لأي حكومة جديدة أثناء الفترة التي يشملها هذا التقرير. كما أنّ الهيئة العامة للمجلس النيابي لم تعقد إلّا جلسة مناقشة عامة واحدة (موضوع الهبة الأوروبية واللاجئين السوريين). ومن شأن ذلك أن يشكل مخالفة للنظام الداخلي (المادة 136) الذي نصّ على أنّه بعد كل ثلاث جلسات عمل على الأكثر في العقود العادية والاستثنائية تُخصَّص جلسة للأسئلة والأجوبة أو جلسة للاستجوابات أو للمناقشة العامة مسبوقة ببيان من الحكومة.
- في المقابل، فإنّ 6 جلسات تمّت الدعوة إليها لم تُعقَد، اثنتان تتّصلان بظروف العدوان الإسرائيلي على لبنان واثنتان تتّصلان بانتخاب رئيس الجمهورية وواحدة تتصل بالنظر في طلب اتهام وزراء الاتّصالات المدعى عليهم في قضيّة استئجار مباني شركة تاتش وجلسة تشريعية لم تنعقد تبعا لمقاطعة عدد من الكتل والنواب على اعتبار أنّ المجلس لا يُمكنه التشريع في غياب رئيس للجمهورية. وعليه، يظهر أنّ التعطيل كان سمة واضحة خلال هذه الولاية، حيث لم تنعقد فقط 4 جلسات تمّت الدعوة إليها طيلة الولاية السابقة.
- على الرغم من قلّة الجلسات التشريعية المعقودة (7)، فإنّ هيئة مكتب المجلس حرصت على عدم إثقال جداول الأعمال لهذه الجلسات وحصرها بما يتمّ الاتّفاق عليه تحت صفة “الضرورة”، حيث بلغ متوسط عدد البنود في الجلسات التشريعية 11.7 فقط، بانخفاض كبير عن متوسط 28.4 بندا في الولاية السابقة خلال الجلسة، علما أن متوسط الجلسات التشريعية بلغ في هذه الفترة 0,22 شهريا فيما بلغ 0.43 في الولاية السابقة. وقد سُجِّل أعلى عدد من البنود في جلسة 26/7/2022 أي قبل الفراغ في رئاسة الجمهورية، حيث ورد إلى الهيئة العامة 40 بندا.
- بلغ مجموع البنود التشريعية الواردة في جلسات الهيئة العامة 91 بندا، من بينها 8 من خارج جدول الأعمال. كما مثّلت مشاريع القوانين الواردة من الحكومة 20 بندا منها مقابل 17 اقتراحا عاديا دُرس في اللجان و54 اقتراحا معجّلا مكرّرا. يتحصّل تالياً أنّ عدد المقترحات التي دُعيَتْ الهيئة العامة للمجلس إلى النظر فيها خلال الولاية، والتي درستْها إحدى لجانه على الأقل كان 37/91، أي بنسبة 40.66%. وُيلحَظ أنّ حظوظ قبول مشاريع القوانين بلغت 90% وحظوظ قبول الاقتراحات العادية 58.8%، في حين وصلت حظوظ قبول الاقتراحات المعجّلة المكرّرة إلى 22.2%.
- انتهت الهيئة العامة إلى إقرار 42 مقترح قانون، لكنّ هذا العدد تقلّص إلى 41 قانوناً نافذاً بعدما أبطل المجلس الدستوري أحدَها. ويظهر أنّ من بين ما أقرّه المجلس النيابي من القوانين التي أضافت إلى البناء التشريعي أو المؤسساتي قد بلغ عددها 9 فقط، أي أكثر بقانون واحد من القوانين التي شهدت إبطال أو تعليق العمل بقوانين نافذة سابقة.
- إنّ الفئة الغالبة من بين القوانين الداخلية اتصلت بالقوانين المالية والموازنة (جميعها مصدرها الحكومة) والقوانين المتعلّقة بالأزمات والكوارث. وعليه، ظهر المجلس النيابي وكأنّ عمله التشريعي محصور بالتصديق على مشاريع الحكومة أو معالجة ذيول أو آثار مشكلة طارئة، من دون أن يوجد نتاج تشريعيّ ملموس لعمله. ويتأكّد ذلك من انعدام وجود أي قانون نافذ صادر عن هذا المجلس يتعلّق بالخدمات العامة والتنمية والبيئة والجنسية والأحوال الشخصية وتنظيم الطوائف.
- برز العديد من المخالفات في أصول التشريع والنظام الداخلي خلال الولاية الأخيرة للمجلس النيابي، ومن أبرزها:
- عدم احترام أصول إدراج المقترحات على جدول الأعمال
- منع الأوراق الواردة
- مخالفة مبدأ أولويّة النّظام الداخليّ في الكلام
- الشطب الاعتباطي من المحضر
- إقرار قوانين من دون نصاب
- التشريع من دون تصويت
- إقرار قوانين من دون أكثرية أو مناداة خلافا للمادتين 34 و36 من الدستور
- مخالفة أصول التصويت على الموازنة
- تحوير إرادة النواب
- مخالفات في تحوير المحضر وكيفية المصادقة عليه
- دورة أولى 11 مرّة في انتخابات الرئاسة
- الأوراق الملغاة في انتخابات الرئاسة
- مخالفات بشأن انتخاب مكتب المجلس واللجان
- مخالفة متعلّقة بجلسة اتّهام وزراء الاتّصالات
[1] جلسة في تاريخ 3/11/2022 لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية إبّان نهاية ولايته
وجلسة مناقشة عامة في تاريخ 15/5/2024 حول المواقف من الهبة الأوروبية المتعلّقة بالنازحين السوريين.
[2] جلسة لانتخاب رئيس المجلس ونائبه وأمين السر والمفوضين في 31/5/2022، و3 جلسات لانتخاب أعضاء اللجان الدائمة وجلستان لانتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس.
[3] وسام اللحام، شغور رئاسة الجمهورية لا يمنع التشريع، 12/2/2023، منشور على موقع المفكرة القانونية legal-agenda.com
[4] وسام اللحام، معضلة التشاور قبل انتخاب رئيس الجمهورية، 11/7/2023، منشور على موقع المفكرة القانونية legal-agenda.com
[5] وسام اللحام، جلسة مجلس النواب لنقاش الهبة الأوروبيّة: تفعيل المؤسسات الدستورية فقط لخدمة السلطة، 8/5/2024، منشور على موقع المرصد البرلماني lapoleb.com
[6] إيلي الفرزلي، البرلمان يُبايع ميقاتي: اقضِ على اللاجئين السوريين، 16/5/2024، منشور على موقع المرصد البرلماني lapoleb.com
[7] وسام اللحام، الإشكاليات الدستورية في توصيات مجلس النواب، 16/05/2024، منشور على موقع المرصد البرلماني lapoleb.com
[8] وسام اللحام، فوضى مراسيم الردّ: الاشتباك بين المؤسسات الدستورية يتفاقم، 21/6/2024، منشور على موقع المفكرة القانونية legal-agenda,.com
[9] فادي إبراهيم، ومرّت موازنة 2022 قبل نهايتها بقليل: موازنة الإيرادات المنسية والنفقات المبهمة، 27/9/2022، منشور على موقع المرصد البرلماني lapoleb.com
[10] فادي إبراهيم، حوار الطرشان في بازار الموازنة: “هيدي أسوأ جلسة في تاريخ البرلمان”، 27/1/2024، منشور على موقع المرصد البرلماني lapoleb.com
[11] وسام اللحام، جلسة سقوط النظام البرلماني: بدعتا النائب الصامت والنائب على الشرفة، 16/12/2023، منشور على موقع المرصد البرلماني lapoleb.com
[12] فادي ابراهيم، كامل نتائج جلسة 26/7/2022: عنف “بطريركي” منظّم وبرّي يفشل في مواصلة نهجه في إدارة المجلس، 27/7/2022، منشور على موقع المرصد البرلماني lapoleb.com
[13] وسام اللحام، الاستبداد في إدارة جلسات مجلس النوّاب: جلسة مناقشة الموازنة نموذجًا، 26/1/2024، منشور على موقع المفكرة القانونية legal-agenda.com
[14] المرجع نفسه
[15] إيلي الفرزلي وفادي ابراهيم، إقرار الصندوق السياديّ للنفط: التصويت ممنوع حفظًا للنصاب (أهمّ نتائج الجلسة المسائية في مجلس النواب)، 15/12/2023، منشور على موقع المفكرة القانونية legal-agenda.com
[16] نيقولا غصن وفادي إبراهيم، كامل نتائج جلسة 28/11/2024: سابقة التشريع على قياس قائد الجيش تتمدّد، 29/11/2024، منشور على موقع المرصد البرلماني lapoleb.com
[17] المجلس الدستوريّ يبطل تمديد السيطرة على رأس الهرم القضائي: درسٌ للبرلمان في أصول التشريع، 7/1/2025، منشور على موقع المرصد البرلماني lapoleb.com
[18] المجلس الدستوريّ يبطل تمديد السيطرة على رأس الهرم القضائي: درسٌ للبرلمان في أصول التشريع ، 7/1/2025، منشور على موقع المرصد البرلماني lapoleb.com
[19] وسام اللحام، الجلسة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية: هل تعاد الدورة الأولى أم يُباشر بالدورة الثانية؟، 7/10/2022، منشور على موقع المفكرة القانونية legal-agenda.com
[20] وسام اللحام، هزلية “المقام” في المجلس النيابي: جلسات انتخاب رئيس الجمهورية نموذجًا، 27/2/2023، منشور على موقع المفكرة القانونية legal-agenda.com
[21] وسام اللحام، جلسة مصارعة المرشحيْن لرئاسة الجمهورية: تمدّد الاعتباطية، 14/6/2023، منشور على موقع المفكرة القانونية legal-agenda.com
[22] وسام اللحام، كي لا يكون مكتب مجلس النواب سيّدًا عليه: عن انتخابات اللجان وأمناء السر المُرجأة، 26/11/2024، منشور على موقع المرصد البرلماني lapoleb.com