ماذا في جلسة 28/11/2024؟ تشريع على قياس الأزمة… والأشخاص
27/11/2024
دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة تشريعية يوم الخميس في 28/11/2024، وذلك لمناقشة 14 مقترحا على جدول الأعمال. وبالاطّلاع على السياق السياسي وعلى جدول الأعمال، يتبيّن بوضوح أنّ الدافع الأبرز لعقد هذه الجلسة هو التمديد للمرّةً الثانية لقائد الجيش جوزف عون، والذي يُرجّح أنّه أحد الشروط التي يُفترض أن ينفذها لبنان ضمنا لتنفيذ اتّفاق وقف إطلاق النار المرتقب بالإضافة إلى إبقاء حظوظ انتخابه رئيسا للجمهورية. إذ أن جدول الأعمال تضمّن 7 من أصل 14 تهدف في عمقها إلى تحقيق هذه الغاية. إلى ذلك، ستكون هذه الجلسة هي الجلسة التشريعية الأولى بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، ما يجعل بعض جدول الأعمال مرتبطا بمحاولة معالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية كما سنبيّن تباعا. وفي هذا الصدد، يُنتظر أن يتخلّل الجلسة مواقف سياسية عديدة من جميع الكتل النيابية متعلّقة بالحرب، تبعا لانعدام جلسات النقاش السياسي.
وبنظرة سريعة على جدول الأعمال، يتّضح حجم الشلل والتعطيل الحاصلين في جميع مؤسسات الدولة، من خلال انحصار التشريع في معالجة تداعيات أزمات مختلفة، أهمها الأزمة السياسية، وغالبا من خلال تحوير الغاية من التشريع. ففي حين يرزح لبنان تحت وطأة الفراغ الرئاسي منذ أكثر من سنتيْن، وحكومة تصريف أعمال منذ سنتيْن ونصف، نرى جدول الأعمال يحاول معالجة عجز السلطة التنفيذية إجراء تعيينات اللازمة في القضاء أو الأجهزة الأمنية من خلال قوانين تشكل في عمقها تغوّلا من السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية. كما نرى اقتراحات تهدف إلى تعليق جميع المهل القانونية والعقدية والقضائية، وتاليا إلى تعليق العمل بالتشريعات السابقة تجاوزت وفق بعض الاقتراحات حدود الضرورة لتصل إلى سنة ونصف. الأمر نفسه نسجله بشأن الاقتراح الهادف إلى تضييق مجال رقابة ديوان المحاسبة المسبقة تبعا لانهيار قيمة العملة الوطنية. فضلا عن ذلك، وبشكل غريب للغاية، يتم إدراج اقتراح يتيح المجال أمام الشركات لإعادة تقييم أصولها، على نحو يؤدي إلى تخفيض العائدات الضريبية في وقت ستكون فيه الخزينة العامة بحاجة فائقة إلى الموارد المالية لمواجهة أعباء ما بعد الحرب.
الأسوأ من ذلك، أنّ المجلس نفسه ومن خلال عقد هذه الجلسة، يُمهّد لمخالفة موجبيْن دستورييْن أساسييْن على عاتقه وهما إقرار الموازنة في العقد التشريعي الثاني قبل أي عمل آخر وفق المادة 32 من الدستور، والمبادرة إلى انتخاب الهيئات العائدة له من هيئة مكتب المجلس ولجان نيابية، حيث أن مكتب المجلس كان قرر في تاريخ 22/10/2024 تمديد عضوية اللجان والمكتب إلى حين حصول انتخاب للأعضاء الجدد وهو أمر كان يفترض حصوله بالحدّ الأدنى في أول جلسة يتمكن المجلس من عقدها.
وفي حال انعقاد الجلسة، فإنها ستكون الجلسة التشريعية السادسة فقط التي يعقدها المجلس النيابي الحالي (خلال سنتْين ونصف) والرابعة منذ الشغور الرئاسي (25 شهرا)، وهي أرقام منخفضة مقارنة مع معدّلات ولاية المجلس السابق. ومردّ ذلك كان لقراءة خاطئة للدستور مفادها عدم دستورية التشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي على اعتبار أنّ المجلس هيئة ناخبة لا تشريعية.
وفي إطار رصده لأعمال البرلمان، يقدّم المرصد البرلماني في "المفكرة القانونية" تعليقاته حول بنود جدول الأعمال المُفترض مناقشتها خلال الجلسة، مرفقة بنسخة عنها لتمكين الرأي العام من الاطّلاع والتّعليق عليها. كما سيحيل القرّاء إلى تغطيات منفصلة نشرها حول أبرز المقترحات المتعلّقة بهذه الجلسة.
لكن قبل كلّ ذلك، يقتضي التذكير بموجبيْن دستورييْن يفترض على المجلس القيام بهما قبل الشروع في مناقشة جدول الأعمال.
المجلس النيابي يتجاهل موجباته الدستورية
أبعد من موجب انتخاب رئيس للجمهورية الذي تخلّف عنه المجلس النيابي لمدّة تجاوزت السنتيْن، يتجاهل رئيس مجلس النواب وهيئة مكتب المجلس موجبيْن دستورييْن آنييْن يُفترض القيام بهما قبل عقد الجلسة التشريعية.
المجلس النيابي ينأى بنفسه عن الموازنة
أولا، تنص المادة 32 من الدستور على على أن العقد العادي الثاني للبرلمان يبدأ "يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول وتخصص جلساته بالبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل أي عمل آخر". بالمقابل، وعلى الرغم من إرسال الحكومة مشروع الموازنة ضمن المهل الدستورية الموضوعة لها، فإنّ لجنة المال والموازنة لم تعقد أيّ اجتماع بعد لدراسته.
ولذلك تبعات خطيرة، قوامها فتح المجال لتطبيق المادة 86 من الدستور التي باتت شروط تطبيقها متوفرة حيث سيكون بإمكان السلطة التنفيذية إصدار الموازنة بمرسوم من دون أن يتسنى للنواب مناقشة أي من بنودها، وذلك في حال لم يتمكّن هذا الأخير من إقرارها طيلة العقد المخصص لدرسها (من تشرين الأول إلى نهاية السنة) وفي العقد الاستثنائي الذي يستمرّ لنهاية كانون الثاني من السنة الجديدة، والذي يتم تخصيصه للانتهاء من دراسة وإقرار الموازنة. ولذلك أثر أبعد من الأثر الدستوري أو الشكلي، حيث أن مشروع الموازنة لسنة 2025 لم يكن يتوافق مع مقتضيات المرحلة اقتصاديا واجتماعيا وماليا قبل الحرب، فكيف تراه يتوافق مع ظروف مالية واقتصادية مغايرة تماما عن اللحظة التي أعدّت فيها؟ وما يزيد من المخاوف في هذا الصدد هو إصرار الحكومة على إقرار مشروع الموازنة بعد ظهر 23/9/2024، أي ساعات بعد بدء العدوان على لبنان، مع علم الحكومة الأكيد بأنّ هذا المشروع سيكون خارجا عن أيّ سياق مالي أو سياسي مع بدء الحرب. وعليه، كان يُفترض بلجنة المال والموازنة والمجلس النيابي ككل اتّخاذ موقف حيال هذه الموازنة، كالطلب من مجلس الوزراء تعديلها بما يتناسب مع الواقع الحالي أو ردّها إليه، لكنّ عدم اتّخاذ أيّ قرار والاكتفاء ببعض التصريحات من رئيس لجنة المال والموازنة المطالبة للحكومة باسترداد المشروع، سيتيح المجال لإقرار موازنة منفصلة تماما عن الواقع.
انتفاء مسوّغات التمديد لهيئات المجلس
ثانيا، فشل المجلس النيابي في تاريخ 22/10/2024 في الانعقاد من أجل انتخاب لجان نيابية جديدة بالإضافة إلى أميني السر ومفوضي مكتب المجلس جرّاء عدم تأمين النصاب القانوني وحضور 49 نائب فقط للمشاركة في الجلسة، ما أدّى إلى التمديد لهم. وفي حين أعلنت هيئة مكتب المجلس حينها التمديد "وفقاً لقاعدة استمرارية المؤسسات حتى يتم انتخابها"، فإنّ مبررات التمديد تكون انتفت في حال اكتمل نصاب الجلسة التشريعية، ويقتضي على المجلس القيام بموجبه المنصوص في المادة 44 من الدستور والقيام بانتخاب هيئاته بشكل فعلي. وعليه، كان من المفترض على رئيس المجلس توجيه دعوة جديدة للمجلس كي يجتمع مرة ثانية، لا بل هو من واجبه في حال أراد فعليا التقيد باستشارة إدمون رباط التي يذكرها قرار التمديد، حيث تذكر وجوب توجيه الدعوة تلوَ الأخرى حتى يتمكن المجلس من الاجتماع وإتمام واجبه الدستوري بانتخاب أمناء السر وواجبه الناجم عن النظام الداخلي بانتخاب المفوضين واللجان النيابية.
ومع تجاهل المجلس النيابي لذلك، يُخشى أن يتكرر سيناريو العام 2019 حيث لم تنعقد جلسة الانتخاب تبعا للانتفاضة الشعبية، حيث استمرّ التمديد لسنة كاملة كون المجلس لم يعمد إلى انتخاب أعضاء مكتبه واللجان عندما سنحت له الفرصة لاحقا خلال جلساته التي انعقدت بين تشرين الأول 2019 وتشرين الأول 2020. وهكذا يتبين أن التمديد الحالي لا يجب أن يستمر بانتظار إجراء الانتخابات في السنة المقبلة عند افتتاح عقد تشرين الأول سنة 2025 لكنه يجب أن يقتصر على الفترة التي يفشل فيها المجلس عن الاجتماع بغض النظر عن سبب هذا الفشل، وهي فترة يفترض أنّها تنتهي حكما مع الجلسة التشريعية المرتقبة.
للمزيد من التفاصيل وتعليقات المرصد البرلماني حول هذه القضية:
كي لا يكون مكتب مجلس النواب سيّدًا عليه: عن انتخابات اللجان وأمناء السر المُرجأة
فهرس البنود:
البند 1: إعادة تقييم الأصول تقضم ضرائب الشركات: أو كيف تحوّل تدبير استثنائي إلى دائم؟ |
البند 2: اقتراح لرفع عتبة الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة: التخفيف من الرقابة مقابل الإبقاء على غرامات هزيلة |
البند 3: اقتراح يعلن الشغور القضائيّ ولا يعالجه: تفاقم أزمة القضاء مع انتهاء ولاية أعضاء مجلسه |
البنود من 4 إلى 7: تعليق المهل" بفعل الحرب: خطر إطالة التعدي تحت غطاء حفظ الحقوق |
البنود 8 إلى 14: التمديد لقائد الجيش |
البند 1: إعادة تقييم الأصول تقضم ضرائب الشركات: أو كيف تحوّل تدبير استثنائي إلى دائم؟
على جدول أعمال الهيئة العامة، مشروع قانون يتعلّق بالسماح للشركات والمؤسسات بإجراء إعادة تقييم استثنائية للمخزون والأصول الثابتة وفروقات سعر الصرف، بالإضافة إلى تعديل المادة 45 من قانون ضريبة الدخل، كما أقرّته لجنة المال والموازنة في اجتماعها في تاريخ 13/6/2024. وللتذكير، فإنّ مضمون هذه المواد سبق وأن ورد في مشروع موازنة 2024، قبل أن يسقط سهوا في جلسة إقرار الموازنة بعد الفوضى التي شهدتها. وعليه، يأتي هذا المشروع لإعادة العمل بما كان يُفترض أن يمرّ خلال جلسة إقرار الموازنة بعد توسيع إطاره الزمني.
والمبرّر الأساسي لهذا المشروع هو أنه يهدف إلى معالجة آثار تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، بمعنى أن لا تحتسب زيادة الأسعار بالليرة على أنها ربح خاضع للضريبة. إذ أن موجودات وأصول الشركات كانت تُحتسب وفق سعر الصرف الرسمي 1507 ليرة مقابل كل دولار. وبالتالي، لدى تقديم هذه الشركات لموجوداتها بالدولار، ستقوم وزارة المالية باحتسابها وفق الدولار الذي تعتمده أي 89500 ليرة، وهذا ما سيُظهر للإدارة الضريبية وكأنّما الشركات حقّقت أرباحاً هائلة، بينما مصدر التضخّم في قيمة الموجودات بالليرة هو تدهور سعر الصرف.
وقد نبّه المرصد البرلماني من تحوّل هذا الإجراء الاستثنائي إلى إجراء دوري بهدف تخفيض الضرائب المباشرة المتوجّبة على المكلّفين الأكثر قدرة. وما زاد من علامات الاستفهام في هذا الخصوص، هو أن مؤدّى المشروع توسيع مدى هذا التّدبير ليشمل ليس فقط الأصول الثابتة ولكن أيضا العقارات والمخزون STOCK، فضلا عن توسيع مداه الزمني ليشمل 3 سنوات متتالية (حتى آخر 2026) بعدما كان يفرض من قبل كتدبير استثنائي. وعليه، سيسمح للشركات ليست فقط إعادة تقييم عقاراتها ومخزونها في سنوات شهدت انهيارا كبيرا في قيمة العملة الوطنية، بل أيضا في سنوات لم تشهد أو قد لا تشهد أي انهيار مماثل. لا بل أكثر من ذلك، فهي أرست هذا التدبير كتدبير دائم أقله بالنسبة لإعادة تقييم العقارات، بحيث سمحت بإجراء إعادة تقييمها مرّة كلّ 5 سنوات من بعد سنة 2026.
للمزيد من التفاصيل، يُمكنكم الاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل على هذا الاقتراح عبر الرابط التالي:
إعادة تقييم الأصول تقضم ضرائب الشركات: أو كيف تحوّل تدبير استثنائي إلى دائم؟
البند 2: اقتراح لرفع عتبة الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة: التخفيف من الرقابة مقابل الإبقاء على غرامات هزيلة
على جدول أعمال الهيئة العامة، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النواب ابراهيم كنعان وحسن فضل الله ومحمد خواجة وبلال عبدالله وعلي حسن خليل وجهاد الصمد، يرمي إلى رفع عتبة الرقابة الإدارية المسبقة للمعاملات المتعلّقة بالإيرادات كما بالنفقات. كما نص على تعديل قيمة الغرامات المحددة بالليرة اللبنانية.
وقد نبّه المرصد البرلماني في تعليق مفصّل على هذا الاقتراح، أنّه يتجاهل الإصلاحات التي تمثلت في مشروع القانون الذي كانت أحالتْه الحكومة إلى المجلس النيابي وأقرّته لجنة الإدارة والعدل في 2016 قبل أن يعلق في أدراج لجنة المال والموازنة. كما يُلحظ أنه يؤدي في حال إقراره إلى رفع عتبة الرقابة المسبقة إلى أضعاف ما كانت عليه، وعلى نحو يتجاوز بكثير نسبة تدهور سعر الصرف.
للمزيد من التفاصيل، يُمكنكم الاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل على هذا الاقتراح عبر الرابط التالي:
اقتراح لرفع عتبة الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة: التخفيف من الرقابة مقابل الإبقاء على غرامات هزيلة
البند 3: اقتراح يعلن الشغور القضائيّ ولا يعالجه: تفاقم أزمة القضاء مع انتهاء ولاية أعضاء مجلسه
على جدول أعمال الهيئة العامة، اقتراح قانون معجلّ مكّرر مقدّم من النائب علي حسن خليل يرمي إلى تعديل المادة 2 من المرسوم الاشتراعي رقم 150 تاريخ 16/9/1983 وتعديلاته (قانون القضاء العدلي)، وهي المادة المتعلّقة بتنظيم مجلس القضاء الأعلى لجهة تأليفه ومدّة ولاية أعضائه. وفي التفاصيل، تُضاف بموجب الاقتراح فقرة إلى هذه المادة مفادها أنّه "عند انتهاء الولاية، وباستثناء حالات بلوغ السنّ القانونية، يستمرّ الأعضاء الذين انتهت ولايتهم في ممارسة أعمالهم إلى حين تعيين بدلاء عنهم وحلفهم اليمين".
وكانت المفكرة القانونية ضمّنت تعليقها على هذا الاقتراح سؤالا حول جدوى الاقتراح طالما أنّه قدّم قبل أيام من انتهاء ولاية جميع أعضاء المجلس باستثناء رئيس المجلس سهيل عبود الذي يستمد مركزه من صفته كرئيس لمحكمة التمييز في تاريخ 14/10/2024 وأن إقراره كما هو لن يسمح بإعادة إحياء ولاية هؤلاء المنتهية. ولا يكون خلاف ذلك إلا إذا نص على إعادة الإحياء صراحة، مما سيشكل في هذه الحالة ليس تمديدا لولاية هؤلاء إنما تعيينا جديدا لهم وتاليا تغولا على السلطة التنفيذية التي لها وحدها إنجاز هذه التعيينات.
للمزيد من التفاصيل، يُمكنكم الاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل على هذا الاقتراح عبر الرابط التالي:
اقتراح يعلن الشغور القضائيّ ولا يعالجه: تفاقم أزمة القضاء مع انتهاء ولاية أعضاء مجلسه
البنود من 4 إلى 7: تعليق المهل" بفعل الحرب: خطر إطالة التعدي تحت غطاء حفظ الحقوق
على جدول أعمال الهيئة العام لمجلس النواب أربعة اقتراحات قوانين تتعلق بتعليق المهل. فقد قدّم كل من النائبين بوليت يعقوبيان وابراهيم كنعان منفردين اقتراحيْ قانون معجّليْن مكرّريْن يهدفان إلى تعليق المهل القانونية، القضائية والعقدية لما يقارب سنة ونصف بين تاريخي 8/10/2023 و31/3/2025، على أن تعود المهل المذكورة إلى السّريان مجدداً بانقضاء مهلة التعليق. بالمقابل، تقدّم أعضاء كتلة تحالف التغيير النواب مارك ضو وميشال الدويهي ووضّاح الصادق باقتراح تميز عنه بتقصير المهل المعلقة لتقتصر على ستة أشهر وتحديدا بين تاريخي 20/9/2024 و19/3/2025. بمعنى أن الاقتراحين الأولين هدفا إلى تعليق المهل منذ بدء ما سمي "حرب الإسناد" فيما أن الاقتراح الثالث اكتفى بتعليق المهل منذ توسيع إسرائيل إطار حربها في لبنان.
وفي تفاصيل الاقتراحات الثلاثة الأولى المذكورة، فهي تشمل جميع المهل القانونية والقضائية والعقدية الممنوحة لممارسة الحقوق، كما يشمل المهل القانونية لانعقاد الهيئات العامة العائدة للنقابات والجمعيات والتعاونيات وسائر الهيئات المنبثقة عنها، ويشمل المهل في المواد الجزائية، وذلك تيمنا بالقانون 160/2020 الصادر تبعا لتراكم الأزمة المالية الاقتصادية وتداعيات وباء كوفيد. وإذ تميّز اقتراح كتلة التغيير بحذف استثناء المهل الواردة في قانون الإيجارات الصادر بتاريخ 9/5/2014 وتعديلاته. كما تميّز اقتراح بولا يعقوبيان تعليق مفاعيل البنود التعاقدية المتعلّقة بالتخلّف عن تسديد الديون والقروض والمستحقات المالية ومفاعيل التخلّف عن تسديد الضرائب والرسوم بالإضافة إلى وجوب تسديد جميع الأقساط والدفعات المالية التي علّقت بمقتضى هذا القانون ضمن جدولة جديدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات، ومنح الحكومة صلاحية تمديد فترة تعليق المهل بموجب مرسوم. يبقى أن مجمل الاقتراحات لم تتنبّه للنتائج السلبية لتطبيق قانون 160/2020 وبخاصة لجهة تمكين المعتدين على الأملاك العامة من تأبيد اعتداءاتهم تحت غطاء حفظ الحقوق أو تأخير استيفاء الضرائب خلافا للعدالة الضريبية أو أيضا تمديد مدة الامتيازات والعقود مع الدولة كما انتهت لجنة الاستشارات والتشريع إلى إفتائه في قضيتي الكازينو وطيران الشرق الأوسط.
كما تمّ إضافة اقتراح رابع على جدول الأعمال مقدّم من النائب جورج عدوان منذ أكثر من سنة في 24/10/203، يهدف حصرا إلى تعليق المهل القضائية بين 31/3/2022 و30/6/2024 أي لمدّة تناهز السنتيْن، لأسباب أبعد من الحرب، تتعلّق بأوضاع المرفق القضائي ومشاكله ومن بينها فقدان الطوابع، إضافة إلى المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وحرصا على عدم فقدان الحقوق. ويبرز في هذا الصدد أنّ نقابة المحامين هي من عملت على هذا الاقتراح وفق ما يتّضح من صيغة الأسباب الموجبة. وإذ انقضى أكثر من سنة على تقديم الاقتراح، وانقضت المهلة المفترض أن يشملها الاقتراح، يُستغرب إعادة الزج بهذا الاقتراح على جدول الأعمال بخاصة نظرا لطول المهلة التي يشملها وانتفاء بعض أسبابها. كما يُستغرب أن تسعى نقابة المحامين أصلا إلى تعليق مهل قضائية ستؤدّي مفعولا عكسيا يُسهم في تعميق الأزمة القضائية والشلل في مرفق العدالة.
للمزيد من التفاصيل، يُمكنكم الاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل على هذه الاقتراحات عبر الرابطيْن التالييْن:
اقتراحا قانون لـ "تعليق المهل" بفعل الحرب: خطر إطالة التعدي تحت غطاء حفظ الحقوق
البنود 8 إلى 14: التمديد لقائد الجيش
أهم بنود الجلسة وأكثرها غزارة، هي 7 اقتراحات تتعلّق بالتمديد لقائد الجيش جوزف عون للمرة الثانية بعد أن تمّ ذلك في العام الماضي أيضا. إلّا أنّ هذه الاقتراحات أتت مختلفة في صياغتها لا سيما في فئات العسكريين أو الموظفين المدنيين الذين يستفيدون أيضًا من التمديد بحسب كلّ اقتراح.
الاقتراح الذي يتردد أنه الأكثر حظا في إقراره هو الذي تقدّم به أعضاء كتلة الاعتدال الوطني، والذي يرمي إلى "رفع سنّ تقاعد قادة الأجهزة الأمنية العسكريين منهم والذين يمارسون مهامهم بالأصالة أو بالوكالة أو بالإنابة والذين يحملون رتبة عماد أو لواء والذين لا يزالون في وظائفهم بتاريخ صدور هذا القانون وذلك لمدة سنة من تاريخ إحالتهم إلى التقاعد". ويأتي اقتراح هذه الكتلة مطابقًا للاقتراح الذي كانت تقدمت به الكتلة نفسها السنة الماضية بالاشتراك مع نواب آخرين، وتمّ إقراره، علما أنّ شوائب دستورية عديدة اعترت هذا القانون لكنّ المجلس الدستوري لم يتمكّن من اتّخاذ قرار حياله.
ومن الملاحظ في هذا الصدد أنّ 4 اقتراحات حاولت معالجة المخالفة الدستورية المتمثلة في التشريع لحساب أشخاص. وقد تمثل هذا الأمر في فتح إمكانيّة الاستفادة من التمديد لعدد أكبر من العسكريين في بعض الاقتراحات وهي اقتراح كتلة التوافق الوطني واقتراح لبنان الجديد واقتراح النائب جميل السيّد والنائبين عماد الحوت ونبيل بدر وذلك على غرار ما كان ذهب إليه النائب جهاد الصمد (وإن توسعت الشمولية في هذا الاقتراح لتضم مجمل موظفي الدولة) لكن بدرجات متفاوتة.
وبشكل عام، وأيا تكن صيغة هذه الاقتراحات، من البيّن أنها تهدف إلى التشريع على قياس أشخاص، على نحو يتغول على صلاحيات الحكومة، هذا فضلا عن أن الاقتراحات التي اعتمدت الشمولية كغطاء للتمديد لقائد الجيش أو للقادة الأمنيين قد وردت من دون أي دراسة حول الكلفة المالية التي ستتحمّلها الخزينة العامة في حال الأخذ بها.
للمزيد من التفاصيل، يُمكنكم الاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل على هذه الاقتراحات عبر الروابط التالية:
اقتراحات التمديد لقائد الجيش تصل إلى ستة: تعدّدت المبرّرات والتمديد واحد
اقتراح التمديد الثاني لقائد الجيش: تعديل دائم بسبب ظروف مؤقّتة
لباس دستوريّ لإبقاء قائد الجيش في منصبه: تأخير سن التقاعد لجميع الموظفين