ماذا في جلسة 15/5/2025 التشريعية؟ جلسة الاقتراحات المعجلة المكررة
14/05/2025
ساهم في إعداد هذا التقرير فريق المرصد البرلماني: حلا نجّار، نيقولا غصن، وسام اللحام، غيدة فرنجية، رين ابراهيم وإيناس شرّي
دعا رئيس المجلس النيابي نبيه برّي إلى جلسة تشريعية يوم الخميس في تاريخ 15/5/2025، وذلك لمناقشة 83 بندا على جدول الأعمال. وبالاطّلاع على الجدول وعلى تصريح نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس، يتبيّن أنّ الجلسة مخصّصة حصرا لدراسة اقتراحات القوانين المعجّلة المكرّرة المتراكمة والتي لم يتم دراستها بعد بفعل تقليص العمل التشريعي في فترة الفراغ الرئاسيّ، أي أنّ كامل جدول الأعمال المؤلف من 83 بندا هو من الاقتراحات المعجّلة المكرّرة. وعليه، يتبيّن أنّ هذه الجلسة هي الأكثر إثقالا وتكثيفا لجدول الأعمال منذ بدء رصدنا البرلماني.
وإذ يُنتظر أن يرسم رئيس المجلس النيابي استراتيجية واضحة لكيفية مناقشة صفة العجلة لهذه البنود والتصويت عليها، حتّى لا تستغرق الجلسة أيّاما عديدة، فإنّ التدقيق فيها يُؤشّر إلى أنّ القسم الأكبر من هذه الاقتراحات ستسقط عنها صفة العجلة وتُحال إلى اللجان النيابية تبعا لمضمونها الذي يحتاج إلى دراسة أكثر. كما لا يُستبعد أن يُناقش المجلس من خارج جدول الأعمال اقتراحات قوانين معجّلة مكرّرة أخرى، حيث يتيح النظام الداخلي لرئيس المجلس طرح اقتراحات معجّلة مكرّرة من خارج جدول الأعمال.
ومع انعقاد هذه الجلسة، فإنّها ستكون الجلسة التشريعية التاسعة فقط التي يعقدها المجلس النيابي الحالي (يُصادف يوم عقد الجلسة مع مرور ثلاث سنوات على إجراء الانتخابات النيابية) والثانية منذ انتخاب رئيس الجمهورية ومنح الحكومة الثقة، وهي أرقام منخفضة مقارنة مع معدّلات ولاية المجلس السابق.
وقبل المضيّ في درس هذه الاقتراحات، تجدر الإشارة إلى أمرين:
- ان هذا الرقم الكبير من الاقتراحات ليتكدّس لولا استسهال النواب تقديم أيّ اقتراح بصيغة المعجّل المكرّر ظنّا منهم أنّه يؤدّي إلى تسريع مساره من دون المرور باللجان النيابية. فمن أصل 423 اقتراح قانون مقدّم خلال هذه الولاية، يتبيّن أنّ نصف هذه الاقتراحات (211 اقتراح)، مقدّمة بصيغة المعجّل المكرّر.
- أن مكتب المجلس قد أزال جزءا من الاقتراحات المعجّلة المكرّرة (60) من جدول الأعمال لأنّهم أصبحوا بلا موضوع مع مرور الوقت من العام 2022.
بنود الجلسة
وفي إطار رصده لأعمال البرلمان، يقدّم المرصد البرلماني في "المفكرة القانونية" تعليقاته حول بنود جدول الأعمال المُفترض مناقشتها خلال الجلسة، مرفقة بنسخة عنها (عند الضغط على كلمة اقتراح) لتمكين الرأي العام من الاطّلاع والتّعليق عليها. كما سيحيل القرّاء إلى تغطيات منفصلة نشرها حول أبرز المقترحات المتعلّقة بهذه الجلسة. ولهذه الغاية، وتبعا للعدد الكبير من البنود على جدول الأعمال، سنعمل على تقسيم الاقتراحات الواردة عليه بحسب موضوعها.
البند 1: اقتراح لحماية حرش بيروت من الحرائق
في البند الأول، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب فؤاد مخزومي، يرمي إلى إضافة مادة إلى القانون 131/2019 المتعلّق بحماية حرش بيروت. المادة المقترح إضافتها ترمي إلى منع إدخال أي مواد قد تتسبب بحرائق كالزجاج والألمنيوم، كما ومنع التدخين ومنع ال"picnic" وحفلات الطهي فيه. كما ورد في الاقتراح زيادة الحرس الليلي للحؤول دون حصول أي أعمال تخريبية، من دون تحديد أي آلية لهذه الزيادة كمّا أو نوعا.
وإذ عُرض هذا الاقتراح على جدول أعمال أول جلسة تشريعية في 26/7/2022، فهو لم يُناقش تبعا لانفراط عقدها قبل الوصول إليه، وانتظر حتّى هذه الجلسة لوضعه على جدول الأعمال مجدّدا.
خلاصة: يرمي الاقتراح إلى ضمان نظافة الحرج وحمايته من خطر الحرائق. هو اقتراح جيد عموما. بخصوص زيادة الحرس الليلي، يبقى النص غير واضح وملتبسا.
البند 2: منع التصرّف بالذهب
يتمثل هذا البند في الاقتراح المعجل المكرّر الذي قدّمه عدد من نواب تكتل "قوى التغيير" حول "تعديل قانون رقم 86/42 لتحصين حماية موجودات الذهب لدى مصرف لبنان". وقد جاء في الأسباب الموجبة أنّ القانون رقم 42 الصادر في 24 أيلول 1986 "قد منع بيع الموجودات الذهبية لدى مصرف لبنان والتصرّف بها، ولكنه لم يتطرّق إلى العمليات المادية أو المالية الأخرى التي يمكن أن تطاول هذه الموجودات غير البيع والتصرّف، مثل المبادلة (Swap) والرهن ومنح حق الخيار (Option) وغيرها، كما أنه لم يمنع نقل الذهب من مكان (أو بلد) إلى آخر". لذلك يتضمن هذا الاقتراح تعديل قانون منع الذهب بحيث يتمّ ذكر العمليات المادية والمالية التي وردت سابقا. كما منع نقل الذهب من بلد إلى آخر.
كما تضمن القانون بندا آخر قوامه فرض عقوبات على كلّ من يخالف هذا القانون بحيث تصل العقوبات إلى الحبس من ثلاث إلى خمس سنوات "مع إسقاط جميع الحصانات القانونية المعمول بها مهما كان نوعها ومصدرها".
وقد خصصنا مقالا منفصلا لدرس هذا الاقتراح، خلصنا فيه إلى الآتي:
- إن تعديل موجب منع التصرف في الذهب المكرس في القانون 42/86 هو من لزوم ما لا يلزم،
- إن منع نقل الذهب من لبنان إلى الخارج أمر هام، ولكن من شأن الاقتراح كما صيغ أن يؤدي إلى نتيجة معاكسة قوامها منع إعادة الذهب إلى لبنان مع ما يستتبع ذلك من مخاطر وبخاصة لجهة حجزه من قبل الدائنين.
- إن العقوبة لا تتناسب مع خطورة الجرم بل تعكس تسفيها للمخاطر الجسيمة الناجمة عنه. ويفترض إعمال الحماية القصوى حيال عمليات التصرف بالذهب من دون موافقة المجلس النيابي وتطبيق العقوبة على مجمل الأطراف المشاركة في هذه العمليات، بما فيها الأطراف المستفيدة منها أو ممثليها أو الأطراف التي توسطت لإنجازها أو ممثليها، فضلا عن جعل الجرم من الجرائم التي لا تنطبق عليها أحكام مرور الزمن.
يُمكن الاطّلاع على المقال المفصّلا عبر الرابط أدناه:
اقتراح بتعديل قانون منع بيع الذهب: لزوم ما لا يلزم وعقوبات لا تتناسب مع خطورة الجرم
البند 3: تحويل الكوستابرافا إلى محطة إنتاج كهرباء
في البند 3، اقتراح قانون معجل مكرر مقدّم من النائب فؤاد مخزومي ينص على التالي: "تخصيص أرض مطمر الكوستابرافا لبناء محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسيّة لإنارة مطار رفيق الحريري ودعم الطاقة في بيروت". وقد اختصرتْ الأسباب الموجبة للاقتراح على عزل المطار عن التجاذبات السياسية وتأمين الكهرباء للمطار وبيروت في آن واحد.
يجدر إسقاط صفة العجلة عن هذا الاقتراح بانتظار إنجاز تصوّر واضح عن الأراضي التي ستخصّصها الدولة لإنتاج الطاقة الشمسية، وفق خطة ترتيب الأراضي، ومخططاتها لمطمر كوستا برافا.
البند 4: استعادة صلاحيات مجلس الجامعة اللبنانية ورئيس الجامعة
يتمثّل هذا البند في اقتراح قانون معجّل مكرر قدمه أربعة نواب من كتلة الوفاء للمقاومة هم حسن فضل الله وعلي فيّاض وإبراهيم الموسوي وحسن عزّ الدين، وهو يهدف إلى إعلان استعادة مجلس الجامعة اللبنانية ورئيس الجامعة صلاحياتهما المسلوبة بفعل المرسوم رقم 42/1997 الذي نقل هذه الصلاحيات إلى مجلس الوزراء.
وقد أسهبت الأسباب الموجبة في وصف واقع الجامعة والذي اعتبرت أنه نتيجة لمصادرة هذه الصلاحيات. فوفقها، "أدّت هذه المصادرة إلى تسلّل السياسة إلى البنية الأكاديميّة للجامعة فسيطرتْ المحسوبيات والتوصيات السياسية والمناطقية والطائفية في الجامعة كما أدّت إلى تعطيل عمليات التفرغ وفق المعايير الأكاديمية وظهور أزمات في بنية الأقسام الأكاديمية". فإذا انتهت من وصف هذا الواقع، أعلن النواب "نيّتهم العمل على تكريس المعايير العلمية والكفاءة بدلًا من تقاسم الحصص وتعزيز دور وأداء الجامعة كمؤسسة أصيلة للتعليم العالي ودعم حضورها الواعد الذي يتقدم سنة بعد سنة ..".
وبالنظر إلى أهمية هذا الاقتراح، خصصنا له مقالا منفصلا، أبرز خلاصاته هي الآتية:
- التعامل إيجابًا مع إعلان نواب كتلة الوفاء للمقاومة موقفا مناوئا لتسييس الجامعة الوطنية وداعمًا لاستقلاليّتها طالما أنه موقف يذهب في الاتجاه الصحيح،
- التذكير بأن المسّ باستقلالية الجامعة لا يبدأ بمرسوم 42/1997 إنما بدأ منذ بدء الحرب في السبعينيات مع انهيار الاتّحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية وفقدان تمثيله في مجلس الجامعة واستمرّ مع التعيينات السياسية التي حولت مجلس الجامعة إلى مجلس ممثل للقوى السياسية وفق الكوتا المعهودة. وما يزال المس باستقلال الجامعة متواصلا بأشكال وممارسات مختلفة، يجدر أن تتم معالجتها لإعادة تفعيل دور هذا الصرح الوطني. كما يجدر التذكير بأن تحقيق الاستقلالية لا يتم بإعادة صلاحيات مجلس الجامعة، إنما يفترض اتخاذ تدابير أخرى، في مقدمتها تنظيم موضوع التفرّغ في الجامعة اللبنانية على أساس قواعد سليمة تعطي الأولوية للكفاءة والاختصاص وفق المادة 95 من الدستور،
يؤمل أن يفتح هذا الاقتراح الباب لنقاشات أوسع للتفكير في اعتماد إصلاح متكامل لضمان استقلالية الجامعة اللبنانية والأكاديميا إزاء السلطة التنفيذية.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل حول هذا الاقتراح:
اقتراح في اتجاه استعادة استقلالية الجامعة الوطنية؟
البند 5: تعديل آلية التعيين في الفئة الأولى
يتمثل هذا البند في اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب طوني فرنجية، يرمي إلى تعديل آلية تعيين موظفي الفئة الأولى. ويتيح التعديل المجال لإمكانية تعيين أشخاص من خارج الملاك في هذه الفئة على أن يصبحوا مثبّتين فور تعيينهم، مع الإبقاء على قرار التعيين بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء، بعد استطلاع رأي مجلس الخدمة المدنية. أكثر من ذلك، يُتيح الاقتراح التعيين في الفئة الأولى بالتعاقد لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد أو التمديد مرّتين، ما يتيح التعاقد في الفئة الأولى لمدة 9 سنوات. وقد اشترط الاقتراح ألّا يتجاوز عدد المعيّنين من خارج الملاك ثلثيْ الوظائف في الفئة الأولى. كما نصّ الاقتراح على تحديد الرواتب والتعويضات بصورة تعاقدية من دون أي ضوابط.
ولتبرير تعيين أشخاص كبار السنّ من خارج الملاك، أوردت الأسباب الموجبة "بأن دراسات جديدة استخلصتْ أنّ كبار السّن هم أكثر حكمة بخصوص اتخاذ القرارات الصحيحة لأنهم أقلّ قلقا من مغبّة الوقوع في الأخطاء. حتى وإن أمضوا وقتا أطول للتوصّل إلى القرار. وتشير الدراسات إلى أن المدراء الأكبر سنا لديهم مهارات قيادية جيدة ويعتبرون قادة جيدين لأنهم غالبا ما يتمتعون بمهارات اتصال أقوى من زملائهم الأصغر سنا وأنهم مخلصون ولديهم أخلاقيات عمل جيدة".
وهذا الاقتراح يقبل النقد من زوايا عدة أبرزها الآتية:
- إن هذا الاقتراح يؤدي إلى نتائج معاكسة تماما لمبادئ الشفافية، بحيث يسمح بتعيين أشخاص من خارج الملاك من دون أي أصول للترشح، بقرار من السلطة التنفيذية بعد استطلاع رأي غير ملزم لمجلس الخدمة المدنية، وهو تحديدا يذهب في اتجاه معاكس تماما لاقتراح القانون الذي كان أقره المجلس النيابي في 28 أيّار 2020 قبلما يعود المجلس الدستوري ويبطله. ومن شأن هذا الاقتراح تاليا أن يؤدي إلى إضعاف معيار الكفاءة مقابل تقوية معيار الولاء السياسي في هذه التعيينات، كل ذلك خلافا للمادة 95 و12 من الدستور اللتين تفرضان التقيّد بمعياريْ الكفاءة والاختصاص عند إجراء هذه التعيينات وضمان مساواة جميع المواطنين بتولي مناصب عامة على أساس الكفاءة،
- إن هذا الاقتراح يذهب إلى تعميم التعاقد في أعلى الوظائف الإدارية مع ما يستتبع من ذلك من هشاشة لهؤلاء تجعلهم أقل قدرة على ممانعة القرارات السياسية المضرة بالصالح العام،
- إن هذا الاقتراح محبط للعاملين في الإدارات العامة بحيث يؤدي إلى إنزال رؤساء ومدراء عامين عليهم بالباراشوت بدل اعتماد آلية تسمح بترفيع الموظفين العامين من فئة إلى أخرى وصولا إلى الفئة الأولى،
- إن ما جاء في الأسباب الموجبة من إعلاء شأن كبار السنّ يشكل بحدّ ذاته بابا للتمييز ضد الفئات الشابة في تولي الوظائف العامة.
خلاصة: يبدو هذا الاقتراح مخالفا للمادتيْن 12 و95 من الدستور وهو في أية حال ينتقص إلى طابع العجلة.
البنود 6 و8 و9 و14: اقتراحات لرفع سن نهاية الخدمة والتقاعد
على جدول أعمال الجلسة، ورد عدد من البنود التي ترمي إلى إطالة أمد خدمة العسكريين والموظفين في القطاع العام، أي رفع سن تقاعد هؤلاء.
الاقتراح الاول (البند 6) يتمثّل في اقتراح قانون معجّل مكرّر قدّمه النائب طوني فرنجية والذي ذهب إلى رفع سنّ التقاعد الحكمي أربع سنوات بالنسبة للعسكر وموظفي السلك الإداري. ولم يكتفِ الاقتراح بذلك، لكنه رفع أيضا سنّ التقاعد الحكمي في القطاع الخاص إلى 68 سنة أو إلى 25 عاما من العمل في المكان نفسه.
الاقتراح الثاني (البند 8) يتمثّل باقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب بلال عبدالله. يأتي هذا الاقتراح ليُفرّق بين قسميْن من الموظفين، الأول وهو موظفي الفئتين الخامسة والرابعة بحيث يُبقي سنّ التقاعد الحكمي لهم على 64 عاما، بينما يرفع من سن التقاعد الحكمي للقسم الثاني المؤلّف للفئات الثالثة والثانية والأولى إلى 68 عاما على أن يترك لهم حرّية الحق باختيار التقاعد عند إكمال 64 عاما. وقد اعتبر عبد الله في الأسباب الموجبة للاقتراح أنّ الوظائف في أعلى الهرم الإداري تتطلّب خبرة عالية تترسّخ مع تقادم خدمتهم في القطاع العام، كما أنّ الاقتراح يؤمّن وفرا ماليا للخزينة، كما وللحد من الشغور الذي تشهده الوظيفة العامة بخاصة بعد وقف التوظيف. نشير أن هذا الاقتراح قد قدّم معجلاً مكرراً بنفس المضمون ثلاثة مرّات، المرّة الأولى بتاريخ 14/3/2022 ووضع على جدول أعمال الهيئة العامة التي انعقدت بتاريخ 29/3/2022 ولكن لم يتم مناقشته لفقدان نصاب الجلسة. أما المرّة الثانية فتم تقديمه بتاريخ 19/7/2022، ووضع أيضاً على جدول أعمال الهيئة العامة التي انعقدت بتاريخ 28/7/2022 ولكن أيضاُ لم يتم مناقشته بسبب فضّ الجلسة تبعًا لإشكال حصل على خلفية التصويت على أحد المقترحات. وأخيراً بتاريخ 25/6/2024 وأحيل إلى لجنة الإدارة والعدل بتاريخ 12/10/2024 ولكن لم يدرس فيها لغاية الآن.
أما الاقتراح الثالث (البند 9)، فهو مقدّم من النواب مارك ضو ووضاح الصادق وميشال الدويهي (كتلة تحالف التغيير) بتاريخ 29/4/2024 ويرمي إلى تمديد سن تقاعد أساتذة الجامعة اللبنانية لغاية سن 68، ومنح الحق بطلب الإحالة إلى التقاعد بعد إمضاء 15 سنة في الخدمة الفعلية. تشرح الأسباب الموجبة للاقتراح أنه يخضع أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية فيما يتعلّق بتحديد السن القانوني للإحالة إلى التقاعد إلى أحكام قانون الموظفين، ما يشكل إجحافا بحقهم حيث لا تتساوى الأوضاع القانونية بينهم وبين موظفي القطاع العام الذين يدخلون إلى الوظيفة بسن الثامنة عشرة فيما لا يمكن الدخول إلى مسار التعليم الجامعي قبل سن الثلاثين، علماً أن عدد كبيراً من أفراد الهيئة التعليمية يحرمون من الراتب التقاعدي لأنهم لا ينتهون إلى تأمين 25 سنة تعليمية مطلوبة للاستفادة من الراتب التقاعدي. كما ويضيف أنّ توجّه معظم الجامعات في العالم إلى عدم تحديد سنّ لتقاعد الأساتذة الجامعيّين بعد أن ثبت عملياً أهمية دور ومهمة الاستاذ الجامعي في التعليم والبحث خصوصاً بعد تنامي خبرته مع تقدمه في السن. كما أنه لا يوجد سن تقاعد لأفراد الهيئة التعليمية في الجامعات الخاصة في لبنان باستثناء الجامعة اللبنانية.
أمّا الاقتراح الرابع (البند 14)، يتمثّل باقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائبين أحمد الخير وعلي حسن خليل، يرمي إلى "تمديد سن التقاعد الحكمي للضباط المجازين في الحقوق الذين عيّنوا بصفة ضابط حقوقي والضباط الذين عيّنوا من الرتباء (ضباط صف) من فئة الضباط الأعوان ورتبتي رائد ومقدّم فقط، ولا يزالون في الخدمة الفعلية اعتباراً من 1/1/2025، ومن مختلف الأسلاك العسكرية والأمنية ولمرة واحدة فقط بحيث يحال الضباط الأعوان على التقاعد جكماً لدى بلوغهم سن الأربعة والخمسين عاماً والرادة والمقدّمين لدى بلوغهم سن السادسة والخمسين عاماً". كما يضيف الاقتراح أنه "يمكن لهذه الفئة من الضبّاط غير الراغبين الاستفادة من هذا القانون، أن يطلبوا إحالتهم على التقاعد بناءً لرغبتهم في أي وقت". وأخيراً، يشير الاقتراح أنه لا يستفيد من أحكامه "كل من أحيل إلى المجلس التأديبي ولو لم يتخذ المجلس قراراً بمعاقبته".
في الخلاصة، تهدف الاقتراحات إلى الحدّ من النزيف في القطاع العام وضمنا الأجهزة العسكرية، وأيضا إلى إرجاء استحقاق التعويضات التقاعدية أو منح حقوق إضافية لفئات معيّنة. وقد لحظنا توجهات متناقضة ومعاكسة في هذا الشأن ما بين قانون الموازنة العامة في 2019 وقانون الموازنة العامة في 2022. إنّ هذه الاقتراحات تحتاج إلى دراسة متكاملة ضمن خطة مالية اقتصادية للدولة، وخطّة لهيكلة متجددة وواضحة لموظفي القطاع العام.
للاطّلاع على تعليقات المرصد البرلماني حول هذه الاقتراحات
الجلسة التشريعية الأولى للمجلس النيابي الجديد: أفول السرّية المصرفية؟
البند 7: تحديد سنّ أقصى لمتولي خدمة عامة أو المرشحين لتوليها
ورد البند 7 وهو اقتراح معجّل مكرّر تقدم به النائبان نجاة عون والياس جرادي لتحديد السن الأقصى لمتولّين أو مرشّحين لتولّي الخدمة العامة بحيث يُشترط في كل من يؤدي خدمة عامة سواء كان معينا أو منتخبا، مدفوع الأجر أم غير مدفوع، في أي شخص من أشخاص القانون العام، على المستويين المركزي أو اللامركزي، أن لا يزيد عمره عن 74، وتعتبر ولايته أو خدماته منتهية حكما ببلوغه هذا السن ما لم تحدد النصوص النافذة سنا أدنى. وقد أفردنا تعليقا خاصّا على هذا الاقتراح بحيث أنّه من البيّن أنّ الاقتراح يمسّ بالحقوق السياسية للناخبين بحيث يمنعهم من اختيار من هو في سنّ متقدّمة، كما وأنّه ينهي ولاية المنتخبين بقانون عند وصولهم إلى سن 74 يطرح علامات استفهام جدية حول دستورية إنهاء ولاية نواب محددين عبر قانون يمكن تعديله اعتباطيا والتلاعب به من أجل تحقيق مكاسب سياسية، فإن مخالفته للدستور تصبح أقوى كون الاقتراح لا ينص مثلا على بدء العمل به في الانتخابات المقبلة، ما يعني أنه سيطبق على نواب لم يكن من انتخبهم على علم بأن عند بلوغهم السن الذي يحدده القانون ستصبح ولايتهم منتهية.
وخلاصة القول، ينافي هذا الاقتراح مبادئ دستورية عدة، فضلا عن كونه لا تتوفر فيه صفة العجلة.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني حول هذا الاقتراح:
سنّ أقصى لتولّي المناصب العامة؟
البند 8: يراجع البند 6.
البند 9: يراجع البند 6.
البنود 10 و11 و68: بشأن النازحين السوريين
ورد على جدول أعمال الجلسة، كما على أغلب جداول جلسات الهيئة العامة السابقة، بنود تتعلّق بالنّازحين السوريّين وأوضاعهم ومحاولة ترحيلهم أو التضييق عليهم لإخراجهم من لبنان، وغالبا ما تتّصل هذه الاقتراحات بغايات شعبوية تُبعد صياغتها عن آليات فعلية لحلّ هذه المعضلة.
البند 10: اقتراح لمنع "دمج" و"اندماج" "النازحين" السوريين: أو مبدأ منع التوطين بكلمات أخرى
تمثّل هذا البند في اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب فادي كرم (كتلة القوّات اللبنانية) يرمي إلى منع الدمج أو الاندماج للنازحين السوريين الموجودين في لبنان. وهذا ما نقرأه بوضوح في الفقرة الأولى من الاقتراح حيث جاء حرفيا: "يُمنع منعاً باتاً أي شكل من أشكال الدمج أو الاندماج الظاهر أو المقنّع للنازحين السوريين الموجودين في لبنان، جرّاء الثورة السورية، من أيّ نوع من الأنواع".
وقد تضمّن الاقتراح علاوة على ذلك تكليف الإدارات المعنية باتّخاذ عدد من الإجراءات التنفيذية في هذا السياق، وهي:
- تكليف المديرية العامّة للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية (بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع الدولي) "إجراء إحصاء دقيق لأعداد النازحين السوريين، ومتابعة هذا الإحصاء دورياً حتى عودتهم إلى الأراضي السوريين".
- تكليف الأمن العام "منع أيّ نزوح اقتصادي إلى لبنان" دون تعريف ما المقصود بذلك،
- تكليف الأمن العام تزويد الأمم المتحدة "بقوائم أسماء النازحين، الذين ينتقلون بشكل دائم ومستمر بين سوريا ولبنان، لقطْع الإعانات عنهم والمُساعدات المرصودة".
- تكليف البلديات باستيفاء الرسوم المتوجبة من السوريين، وهو أمر تفرضه القوانين المعمول بها حاليا.
وقد جاء في الأسباب الموجبة للاقتراح أنّ ثمّة "مساعي حثيثة" تسعى إلى دمج النازحين السوريين في المجتمع اللبناني وضرورة وضع حدّ لها. إلا أنِ الأسباب الموجبة لم تكتفِ بالتحذير من هذه المساعي بل تضمّنتْ فقرة أخرى قوامها أنّ "أسباب ومبرّرات هذا اللجوء قد انتفتْ، مع سيطرة النظام السّوري على جزء كبير من الأراضي السورية".
وبالنظر إلى أهمية هذا الاقتراح، خصصنا له مقالا منفصلا. وقد خلص المقال إلى أن مسألة إدارة اللجوء من سوريا تتطلّب تخطيطا وطنيا شاملا ولا يجدر معالجتها بموجب اقتراحات قوانين مستعجلة. وعليه، نرى وجوب إسقاط صفة العجلة عن هذا الاقتراح وإتاحة المجال لمناقشته في اللجان.
يمكن الاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل على الاقتراح من خلال هذا الرابط:
اقتراح قانون لمنع "دمج" و"اندماج" "النازحين" السوريين: أو مبدأ منع التوطين بكلمات أخرى
البند 11: اقتراح لترحيل السوريين بشعارات اعتباطية غير قابلة للتطبيق
يتمثّل هذا البند باقتراح القانون المعجّل المكرر الرامي إلى ترحيل السوريين غير الشرعيين المقيمين على الأراضي اللبنانية ووقف نزوحهم، والمقدم من النواب جبران باسيل، سليم عون، سيزار أبي خليل وجورج عطا الله.
وفي التفاصيل، ينصّ الاقتراح على ترحيل المواطنين السوريين وفقاً للشروط التالية:
- ترحيل "كلّ سوري لا يحوز سنداً قانونياً أو أوراقاً ثبوتية وذلك خلال مدة شهر. يُستثتى من ذلك من نزح إلى لبنان لأسباب أمنية أو سياسية يمكن إثباتها.
- إذا دخل الشخص إلى لبنان قبل 1/1/2015، فيتم خلال 3 أشهر ترحيله إلى سوريا أو إلى "بلد ثالث باختياره وموافقة دولة الوجهة".
- في حال أفادت جداول الأمن العام أن "النازح" خرج من لبنان ثم عاد إليه، فيتم ترحيله "فوراً".
- عدم اعتبار لبنان "أرض عبور لأيّ بلد ثالث لأيّ لاجئ أو نازح بحيث يرحّل فور ضبطه على الحدود أو في الداخل إلى بلده أو البلد الذي أتى منه طريقة غير شرعية.
- ترحيل "فوراً الموقوفين السوريين كافة لدى السجون والنظارات وأماكن التوقيف الأخرى... كما "كل محكوم سوري حكم بمخالفة أو جنحة أو جناية حتى ولو كان حائزاً على أوراق قانونية".
- ترحيل "عائلات السوريين الحائزين على إجازة عمل وفق الأصول القانونية" خلال فترة شهر. كما على السوريين طالبي العمل في لبنان "أن يثبتوا أنّ عائلاتهم مقيمة خارج لبنان، كشرط أساسي لمنح إجازة العمل".
- إزالة "المخيمات غير الشرعية والعشوائية كافة".
وإذ أفردنا مقالا مفصّلا للتعليق على هذا الاقتراح، يُمكن التأكيد على أنّه يحمل صبغة تمييزية قد تعرّضه إلى الإبطال أمام المجلس الدستوري بحيث حصر أحكامه بالسوريين دون غيره من الجنسيات. كما لا يتمتّع الاقتراح في العديد من بنوده بالوضوح والدقّة القانونية المطلوبة لدى صياغة أي نصّ تشريعي، حيث يُصعب فهم بعض بنوده بشكل واضح. كما يمسّ الاقتراح بحقّ طلب اللجوء الدستوري وبمبدأ عدم الإعادة القسرية، ويمسّ بشكل صريح بحقوق الدفاع وبالمحاكمة العادلة، وبمبدأ الاستقرار القانوني كونه يرحّل من هو حائز أصلا على إقامة.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل حول الاقتراح:
اقتراح "لبنان القوي" لترحيل السوريين: الردّ على "الهبة الأوروبية" بشعارات اعتباطية غير قابلة للتطبيق
البند 68: اقتراح يحظر تأجير شقق أو غرف لأيّ أجنبي مقيم داخل لبنان بصورة غير مشروعة
يتمثّل هذا البند باقتراح قانون تقدّم به النائب ملحم الرياشي بتاريخ 23/5/2024 يرمي إلى فرض حظر على مالكي الشقق والغرف، ولمدة خمس سنوات من تاريخ النشر، من تأجير أيّ أجنبي مقيم داخل لبنان بصورة غير مشروعة ومن دون أوراق ثبوتية وإقامة رسمية صادرة عن المرجع المختص. ويسري هذا المنع أيضاً على كل أنواع العقارات سواء كانت مبنية أم أرضاً زراعية أو سليخ. ويُعاقب المالك المخالف بالحبس لمدة شهر مع غرامة قدرها مئتي مليون ليرة لبنانية، وتضاعف العقوبة في حال التكرار. وأخيراً، نص الاقتراح أنه من أجل رفع المسؤولية عنه، يتعيّن على المالك وخلال مهلة شهر من نشر هذا القانون، إعلام البلدية الواقع في نطاقها عقاره المؤجر بوجود مستأجر دخل لبنان بصورة غير مشروعة وذلك بعريضة معفاة من أيّ رسم، تمكيناً للبلدية من اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المستأجر.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل حول الاقتراح:
"حق سكن" الأجانب في يد البلديات
البند 11: يراجع البند 10.
البند 12: اقتراح لحماية إهراءات مرفأ بيروت
يتمثّل هذا البند باقتراح قانون معجّل مكرّر ويهدف إلى حماية إهراءات القمح في مرفأ بيروت من الهدم. وإذ قُدّم الاقتراح في العام 2022، فإنّه ما يزال يحمل أهمّية كبيرة. ففي تاريخ 8 نيسان 2025 تقدّمت الحملة التضامنية لحماية إهراءات مرفأ بيروت من وزارة الثقافة - المديرية العامة للآثار بطلب المحافظة على إهراءات القمح المتضررة في مرفأ بيروت ووضعها على لائحة الجرد العام للابنية التراثية مرفقا بتقرير تقني يفصل اهمية الاهراءات والاسباب الموجبة لانقاذها وحمايتها عبر وضعها على لائحة الجرد بغية تحويلها إلى نصب تذكاري وتراث وطني، والسعي في نهاية المطاف إلى الاعتراف بها كموقع للتراث العالمي الدولي.
وقد قُدّم اقتراح مشابه من قبل كتلة الكتائب، أسقطت عنه صفة العجلة ولم يناقش ولا مرّة بعد في اللجان النيابية.
وإذ يتضمن الاقتراح أفكارا إيجابية للحفاظ على المبنى تخليدا لذكرى 4 آب، يستخلص ما يلي:
- التأكيد على تضمين الاقتراح النهائي موجب منع الانهيار، بهدف تحميل الإدارات العامة مسؤولية أي انهيار قد يحصل أو تداعي المبنى من دون تدعيمه.
- بدل إيجاد وضعية جديدة، قد يكون من الأنسب والأبسط تشريعيّا وتنظيميّا أن يتمّ إدراج الإهراءات صراحة على لائحة جردة الأبنية التاريخيّة ليخضع لنظام هذه الأبنية، بحسب ما طلبت الحملة التضامنية كما ذكرنا أعلاه.
للمزيد من التفاصيل حول الاقتراح وتعليق المرصد البرلماني عليه:
اقتراحا قانون لحماية "الشاهد الصامت" وتخليد ذكرى 4 آب
البندان 13 و80: تسوية أوضاع رتباء في الأسلاك العسكرية
ضمن إطار تسوية أوضاع فئات معيّنة من العسكريين، نجد اقتراحيْن.
الأول مقدّم من النائب بلال عبدالله يمنح وبصورة استثنائية، لرتباء قوى الأمن الداخلي الذين شاركوا في مباراة العام 2008 المتعلّقة بترقية رتباء إلى رتبة ملازم ونالوا معدّل 9/20 وما فوق أن يطلبوا إنهاء خدماتهم على أساس رتبة ملازم متقاعد اعتباراً من صدور هذا القانون، على أن تصفّى حقوق الرتباء المذكورين أعلاه على أساس رتبة ملازم متقاعد بعد ترقيتهم إليها وفقاً للقانون. يستثني الاقتراح من أحكامه الرتيب الذي صدر بحقه قضائي قضى بإدانته بجناية أو بجنحة شائنة أو بجلب منفعة لنفسه، والرتيب الذي ما زال قيد الملاحقة بجناية أو بجنحة شائنة أو بجلب منفعة لنفسه إلى حين صدور حكم نهائي بحقه وقضى بإدانته"، وأخيراً، "كل من أحيل أمام المجلس التأديبي بجناية أو بجنحة شائنة وعوقب.
تبرر الأسباب الموجبة تقديمه بمبدأي العدالة والمساواة المنصوص عنه في الدستور اللبناني. فتشير هذه الأسباب أنه "كان قد صدر قانون بترقية رتباء في المديرية العامة للأمن العام إلى رتبة ملازم استناداً إلى مشاركتهم بامتحانات الترقية دون الرجوع إلى العلامة التي نالوها للترقية". ولما كانت هاتان المديريتان "تتشابهان في الأنظمة والقوانين لجهة التنظيم والترقية، ولما كان المتقدمون إلى هذه الترقية من رتباء قوى الأمن الداخلي يتمتعون بالمناقبية العسكرية ويمتلكون ما يكفي من الخبرة والمعرفة". لذلك "من الحق انصافهم أسوة بزملائهم في الأمن العام، سيما أن إقرار هذا الاقتراح لا يشكل أية أعباء مالية على الخزينة العامة".
أمّا الثاني، فهو اقتراح معجّل مكرّر مقدّم من النواب أشرف ريفي، بلال الحشيمي ووضاح الصادق والرامي إلى ترقية، وبصورة استثنائية ولمرّة واحدة، رتباء من المديرية العامة لأمن الدولة من حملة الإجازات الجامعية من دورة 1997 إلى رتبة ملازم اعتباراً من 1/1/2015. يستثنى من هذا الاقتراح الرتيب الذي أحيل إلى التقاعد قبل 1/1/2021، والرتيب "الذي صدر بحقه حكماً قضائياً قضى بإدانته بجناية أو بجرم شائن أو بجلب المنفعة لنفسه"، والرتيب "الذي ما زال قيد الملاحقة بجناية أو بجرم شائن أو بجلب المنفعة لنفسه حين صدور حكم نهائي بحقه وقضى بإدانته". وأخيراً، الرتيب الذي "أحيل أمام المجلس التأديبي بجناية أو بجرم شائن وعوقب".
تتلخّص أسباب الاقتراح الموجبة ب"الغبن الذي تعرّض له هؤلاء الرتباء بسبب تأخيرهم في الترقية خلافاً للقانون -تارة عبر قيام الإدارة بفتح دورات ترقية بشروط مخالفة للقانون وطوراً بالامتناع عن فتح دورات ترقية (...) – الأمر الذي حرمهم من المشاركة في مباراة الترقية إلى رتبة ملازم طيلة فترة خدمتهم المستمرة والتي بلغت 25 عاماً".
للتذكير، كان المرصد البرلماني قد حذّر مراراً وتكراراً من عدم دستورية مثل هذه القوانين لعدم احترامها لمبدأ الفصل بين السلطتين الاشتراعية والإجرائية المنصوص عليه في الدستور (لاسيما المادة 65 منه).
البند 14: يراجع البند 6
البندان 15 و62: المقامرة الإلكترونية:
ورد على جدول الأعمال البند 15 وهو الاقتراح قانون معجل مكرر مقدّم من النائب نزيه متّى يرمي إلى تعديل المواد 632 حتى 634 من قانون العقوبات اللبناني، والمتعلّقة بجرم المقامرة، بهدف تجريم المقامرة "الإلكترونيّة" وتعديل العقوبة والغرامة المفروضة على اللاعبين والمنظمين على خلفية ارتكاب هذا الجرم.
وأبرز ما نصّ عليه الاقتراح، الأمور الآتية:
- إضافة لعبة "البوكر أون لاين" إلى ألعاب المقامرة المجرّمة،
- تجريم أي من ألعاب المقامرة (الروليت، البكارا، الفرعون، البتي شفو والبوكر المكشوف) أو الألعاب التي تتفرع عنها، في حال حصلت من خلال الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي،
- تشديد العقوبات على منظّمي ألعاب المقامرة المجرمة لتصل إلى ثلاث سنوات حبس و500 مليون ليرة لبنانية كحدّ أقصى،
- تشديد العقوبة على من اشترك بالمقامرة المجرمة لتصل إلى 100 مليون ليرة لبنانية كحد أقصى.
كما ورد على جدول الأعمال بند آخر (62) يتعلّق بالقمار الإلكتروني، وهو الاقتراح المقدّم من النائب طوني فرنجيّة والرامي إلى الوقف الفوري لألعاب القمار الإلكتروني لعدم وجود قانون ينظمها. ويتخطى الاقتراح المؤلّف من مادة وحيدة مسألة ضبط المراهنات غير الشرعية والإدمان على المقامرة، ليطلب إقفال وحجب كل تطبيقات القمار الإلكتروني بما فيها تلك التي يديرها كازينو لبنان انطلاقاً من اعتباره أن المشكلة ليست في وجود مواقع ومكاتب مراهنات ووكلاء غير مرخّصين، بل المشكلة في مبدأ انتشار المراهنات عبر شبكة الإنترنت. وإذ يدعو الاقتراح إلى إقفال كل مراكز ومكاتب الوسطاء والمراهنات الإلكترونية والصرّافين ومعاونيهم، ينصّ على معاقبة المخالفين (المنظمين) بعقوبة حبس تصل إلى سنتين وبغرامة تصل إلى مليار ليرة مع تشديد العقوبة إذا تبيّن مشاركة عسكريين أو قصّر دون ال21 من العمر في هذه الألعاب.
ويشير الاقتراح في أسبابه الموجبة إلى عدم وجود أيّ تشريع يُنظّم ويسمح بالقمار الإلكتروني. كما يشير إلى انتشار هذا القمار "كالنار في الهشيم بين المراهقين والمراهقات"، بما يجعلهم "مُدمنين كمتعاطي المخدّرات ويفعلون أيّ شيء للحصول على المال علّهم يربحون في المرة القادمة، فيتحوّلون من مراهقين وطلاب مدارس إلى مجرمين". ويعتبر الاقتراح أن أصحاب هذه التطبيقات يتلطّون وراء نصوصٍ قانونيّة غير واضحة وصريحة لناحية تجريم القمار والمراهنات الإلكترونية.
وبالرغم من أن الاقتراح المطروح لا يربط تنفيذه بمدة محددة ولا يوحي أنه ذات صفة مؤقّتة، إلا أنّ الأسباب الموجبة تشير بوضوح إلى أنّ الحظر التامّ لجميع تطبيقات القمار الإلكتروني بما فيها الخاصّة بكازينو لبنان ينتهي بعد صدور قانون تنظيم قطاع الميسر عبر الإنترنت. وينطلق اقتراح فرنجية من افتراض أنّ الترخيص المعطى قانونا لكازينو لبنان لا يشمل ممارسة نشاط القمار الإلكتروني وأن أي نشاط مماثل هو غير قانوني.
من البيّن أنّ لهذيْن الاقتراحيْن أبعاد قيمية وتقنية واقتصادية فضلا عن أبعاد سياسية وفئوية (تتصل بكيفية توزيع تراخيص المقامرة)، مما يوجب تجنب أيّ تسرع في التشريع وإحالتهما إلى اللجان لغاية درسهما.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني حول الاقتراح:
"القمار الإلكتروني" بين الحظر والتنظيم: حديث عن انتحارات وبيع أسلحة
البنود 16 و17 و19 و21 و22: اقتراحات للتخلّص من إمكانية التعسّف باستعمال دعاوى الردّ والمخاصمة
من أبرز المواضيع التي عادت لتطرح على الهيئة العامة للمجلس النيابي في هذه الجلسة، هي اقتراحات قوانين تتعلّق بمواجهة تعطيل القضاء والتعسّف باستعمال دعاوى الردّ والمخاصمة.
ومن اللافت أنّه تمّ إدراج البندين 16 و17 على جدول الجلسة، على الرغم من إعلان مقدّميهما سحبهما وفق سجلّات المجلس النيابي، وتبنّيهم لمضمون البند 21 و22 المذكورين أدناه. والاقتراحان المسحوبان هما:
- الاقتراح المقدّم من النائب زياد حواط والرامي إلى تعديل أحكام المواد 119 و125 و 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية (البند 16)،
- الاقتراح المقـدّم من النواب بولا يعقوبيان، أشرف ريفي، بلال عبد الله، نبيل بدر ونعمة إفرام والرامي إلى تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية (البند 17).
وقد عاد مقدّمو هذا الاقتراح الأخير ليقدموا بعد سحبه اقتراحا آخر (البند 19). وقد نصّ هذا الاقتراح على تعديل المادة 360 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، بحيث اعتبر أن طلبات الردّ المقدمة ضد المحقق العدلي أمام محكمة التمييز لا توقف السير بالدعوى وإجراءاتها إلّا إذا قرّرت محكمة التمييز ذلك في غرفة المذاكرة. وبذلك، يكون مقدّمو الاقتراح قد سعوا فيه إلى الحدّ من التعسّف في طلبات الردّ المقدمة ضد المحقق العدلي (وضمنا تفجير المرفأ)، فيما أن الاقترحين المسحوبين كانا هدفا إلى الحدّ من هذا التعسّف في شأن أي دعوى مخاصمة أو طلب ردّ في مجمل القضايا الجزائية. وهذا ما دفع عددا من النواب بالتنسيق مع ائتلاف استقلال القضاء إلى تقديم اقتراحين آخرين المدرجين كبنديْن 21 و22 لمعالجة إشكالية التعسف المذكور في عموميتها، وسواء أدى إلى تعطيل التحقيقات في القضايا المحالة إلى المجلس العدلي أو إلى أي مرجع آخر، وبكلام آخر سواء أدى إلى تعطيل التحقيقات في قضية المرفأ أو في القضايا المصرفية. وعليه، سنركز هنا التعليق على هذين الاقتراحين اللذيْن قدّمهما تسعة نوّاب في 22/3/2023، هم إبراهيم منيمنة وأسامة سعد وإلياس جرادة وبولا يعقوبيان وحليمة القعقور وسينتيا زرازير وفراس حمدان ومارك ضو وميشال دويهي.
وقد رمى الاقتراح الأول (البند 21) إلى تعديل الفقرة الثانية من المادة 52 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة، بحيث نص على أنّ طلبات الردّ لا توقف السير بالدعوى أو أي من إجراءاتها أو التحقيقات فيها، إلّا إذا قرّرت المحكمة المختصّة ذلك في غرفة المذاكرة،
أمّا الاقتراح الثاني (البند 22) فرمي إلى تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية المتعلّقة بمخاصمة الدولة عن مسؤوليتها عن أعمال القضاة، بحيث لا يجوز للقاضي المنسوب إليه سبب الدعوى، منذ تبلّغه صدور القرار بقبولها، أن يقوم بأي عمل من أعمال وظيفته يتعلَّق بالمدعي. وعليه، يُمكن للقاضي أن يُكمل النظر في الدعوى إلى حين صدور قرار بقبولها.
وفي التفاصيل، وضمانا لحقوق الدّفاع، أتاح قانونا أصول المحاكمات المدنية والجزائية للمتقاضين إمكانية الطعن بالهيئات القضائية عن طريق دعاوى الردّ أو دعاوى نقل الدعوى على خلفية الارتياب المشروع. كما فتح لهم باب اللجوء إلى الهيئة العامة للطعن في القرارات المبرمة في حال ارتكاب خطأ جسيم أو في حال ثبوت الارتشاء. أمّا في الممارسة، فقد أضاءت التحقيقات في قضايا تفجير المرفأ والفساد المالي والمصرفي على خلل في الأحكام القانونية التي ترعى ممارسة حقوق الدفاع في هذا الشأن، من زوايا عدّة. أبرزها أنّه يفتح بابا واسعا للتعسّف باستعمال الحق بتقديم دعاوى مخاصمة الدولة على نحو قد يؤدي إلى تعطيل التحقيقات في دعاوى بالغة الخطورة. فدعاوى المخاصمة، لها مفاعيل تعطيلية فورية وتلقائية تمنع القاضي من القيام بأيّ إجراء ضدّ مقدّمها منذ تاريخ تقديمها إلى حين حسمها نهائيا، وذلك بمعزل عن مدى جدّيتها أو موقف الهيئة العامة لمحكمة التمييز المختصة النظر فيها. وقد بلغ التعسف أوجه مع فقدان الهيئة العامة نصابها بفعل بلوغ أغلب أعضائها (رؤساء غرف محكمة التمييز) سنّ التقاعد وتعطيل مجمل مشاريع التّشكيلات القضائيّة لتعيين بدائل عنهم، مما أدى عمليا إلى تعطيل التحقيقات موضوع المخاصمة إلى أجل غير مسمى. وهذا ما عبرت عنه المفكرة القانونية في مقالات عدة، أبرزها مقالها بعنوان "أزمة القضاء في تفاصيل كثيرة وعنوان كبير: المادة 751"، لتبرز كيفية تحوّل المادة المذكورة منذ بداية العام 2022 إلى سلاحٍ بإمكان أيّ مُتقاضٍ استخدامه لتعطيل القضاء وعمليًّا لنسف سلطته ودوره وتاليًا مبدأ فصل السّلطات برمّته. إذ بفعل هذه المادة، بات التعطيل امتيازًا لكلّ مدّعى عليه، مع ما يستتبع ذلك من تقويض للعدالة ومأسسة للإفلات من العقاب. وفيما صدرت التشكيلات القضائية لغرف محكمة التمييز في الأسبوع الماضي، يبقى أنه يتوجب الاستفادة من التجربة للحؤول دون تكرارها.
وعليه، يأتي هذان الاقتراحان لمعالجة هذا الاختلال، ويقتضي إقرارهما.
للمزيد من التفاصيل، بإمكانكم الاطّلاع على المقالات المفصّلة التالية:
هل ينجح البرلمان في "نزع سلاح" المادة 751؟
أزمة القضاء في تفاصيل كثيرة وعنوان كبير: المادة 751
ائتلاف استقلال القضاء ونوّاب يعلنون مبادرة تشريعية في مواجهة تعطيل القضاء والإفلات من العقاب
البند 18: تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 356 من قانون أصول المحاكمات الجزائية
هذا البند هو اقتراح قانون يرمي إلى تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 356 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، تقدّم به النواب بلال عبدالله وبوليت يعقوبيان ونعمة إفرام ومحمد نبيل بدر وأشرف ريفي بعد أن أثارت تحقيقات جريمة المرفأ إشكاليات قانونية عديدة.
ويرمي الاقتراح إلى تعديل المادة 356، التي نصّت في فقرتها الأخيرة على أنّ "تُحال الدعاوى المُتعلِّقة بهذه الجرائم والتي هي قيد النظر أمام القضائين العسكري والعادي إلى المجلس العدلي الذي تشمل صلاحياته المدنيين والعسكريين على السواء". وقد ظهرت إبان التحقيقات العدليّة في جريمة انفجار المرفأ المُحالة على المجلس العدلي، إشكاليّة قانونيّة تتعلّق بمدى صلاحية المُحقِّق العدلي والمجلس العدلي بالنظر في جرائم القُضاة الذّيْن ثارت حولهم شُبُهات توجب ملاحقتهم في الملف المذكور على اعتبار أنهم يحاكمون أمام محكمة خاصة بهم. وتفاديا لملاحقة المشتبه بهم في القضية عينها أمام محاكم مُتفرّقة ومُتعبِّدة، وتأميناً لحسن سير العدالة وتلافياً لصدور أحكام مُتعارضة، نصّ الاقتراح على تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 356 من قانون أصول المحاكمات الجزائية لإيلاء المجلس العدلي، بصورة صريحة، صلاحية النظر بالدعاوى المُتعلّقة بالجرائم المُحالة إليه سواء أكانت أساساً من صلاحية القضاء الجزائي العادي أو العسكري أو أي قضاء جزائي استثنائي آخر بحيث تَشمل صلاحياته المدنيين والعسكريين والقضاة على حد سواء إنفاذاً لمرسوم الإحالة.
ومع تحفظنا لجهة الإبقاء على المجلس العدلي بحكم كونه محكمة استثنائية، فإنه يجدر التسليم بصوابية الاقتراح ضمن النظام القانوني والقضائي الحالي، الأمر الذي يدعو إلى إقراره.
البند 19: يراجع البند 16.
البند 20: عدم الاعتداد بالأذونات والحصانات في جريمة المرفأ
على جدول أعمال الجلسة، اقتراح قانون معجّل مكرّر يرمي إلى عدم الاعتداد بالحصانات والأذونات والتراخيص المسبقة للملاحقة والتحقيق والمحاكمة في جريمة انفجار مرفأ بيروت، مقدّم من النواب بولا يعقوبيان وأشرف ريفي وبلال عبد الله ونعمة افرام ونبيل بدر، وذلك حتّى صدور الحكم النهائي وتنفيذه. وإذ ينحصر هذا الاقتراح بالأشخاص الذين منحهم القانون حصانة، فهو لا يمتد إلى الحصانة الدستورية الممنوحة للنواب أو الرؤساء والوزراء، حيث خصّص اقتراح آخر لتعديل دستوري في هذا الصدد، مقدّم من نفس النواب بالإضافة إلى نواب كتلة الكتائب وميشال معوض وفؤاد مخزومي وأديب عبد المسيح، وهو لم يدرج على أيّ جلسة.
وإذ جاء اقتراح التعديل الدستوري شاملا لجميع الجرائم والحالات، فإنّ اقتراح القانون الراهن أمامنا أتى حصرا ليتعلّق بجريمة المرفأ، من دون أن يمسّ بالحصانات بشكل عام في جميع الجرائم.
وقد برّرت الأسباب الموجبة لهذا الاقتراح بأنّ عددا من المدّعى عليهم يتذرّعون بحصانات وأذونات مسبقة للتحقيق معهم، وأنّ عددا من المراجع لم تمنح هذه الأذونات. إلّا أنّه ومن البيّن ومع انقضاء ما يقارب 3 سنوات على تقديم الاقتراح، ومع تغيرّ الوزراء المختصين بمنح الأذونات، فإنّ هذه المعضلة قد حُلّت بشكل كبير. لا بل أنّ المحقّق العدلي طارق بيطار، وفي اجتهاده في كانون الثاني 2023، قفز بموجبه فوق الحصانات القانونيّة على نحو يسمح له بتحديد المسؤوليات من دون انتقاص أو اجتزاء. وعليه، أمكنه الادّعاء على أشخاص يشغلون وظائف شديدة الحساسيّة ومنهم النائب العام التمييزي عويدات والمديرين العامين للأمن العام عباس إبراهيم وأمن الدولة أنطوان صليبا، فضلا عن قائد جيش سابق ( جان قهوجي) و3 قضاة. فقد قرّر حينها بيطار مواجهة تعاضد القوى السياسية على ردّ جميع الطلبات التي تقدّم بها ضد كبار الموظفين، فضلا عن تلكؤ النيابة العامة التمييزية عن النظر في مسؤولية القاضييْن اللذين كان أحالهما إليها منذ تموز 2022.
وعليه، وعلى الرغم من عدم انعكاس الاقتراح في حال إقراره على التحقيق بشكل مباشر، إلّا أنّه يُمكن للاقتراح أن يحصّن التحقيق تشريعيا لهذه الجهة، وأن يتيح للمجلس العدلي لاحقا المحاكمة دون قيود تتعلّق بالموظفين.
البندان 21-22: يراجع البند 16.
البند 23: إعفاء شاحنات النقل الخارجي من رسوم الميكانيك
نجد هنا اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدّم من النواب وليد البعريني، محمد سليمان، محمد خواجة، سجيع عطية، فؤاد مخزومي، أحمد رستم، وحسين جشّي. يهدف الاقتراح إلى إعفاء الشاحنات اللبنانية المخصّصة للنقل الخارجي من رسوم الميكانيك ومن الغرامات المرتبطة بها للفترة الممتدة من تاريخ 1/1/2020 ولغاية 31/12/2023 ضمناً. كما يتيح لهم استرداد هذه المبالغ في حال تسديدها.
يعتبر هذا الاقتراح تمديداً للقانون النافذ حكماً رقم 4 الصادر بتاريخ 28/2/2017 الذي أعفى هذه الشاحنات من الرسوم والغرامات للفترة الممتدة من 2011 لغاية 2016 ضمناً. وقد صدر هذا القانون على إثر توقّف أعمال أصحاب هذه الشاحنات بسبب إغلاق الحدود البرية بين لبنان وسوريا، إثر اندلاع الحرب في هذه الأخيرة. ونظراً لاستمرارية الأسباب التي دفعت إلى إقرار القانون السابق ذكره (أي إغلاق الحدود البرية بين لبنان وسوريا) لغاية تاريخه تم تقديم هذا الاقتراح.
البندان 24 و33: مالك البناء القديم لا يتحمّل مسؤولية سقوط المبنى
نجد هنا اقتراحين معجليْن مكررّين على جدول الأعمال، الأول وهو البند 24 مقدّم من النائب عماد الحوت والثاني وهو البند 33 مقدّم من النائب جورج عطالله، ويرمي كلا الاقتراحين إلى إعفاء مالكي الأبنية الخاضعة لأحكام قوانين الإيجارات الاستثنائية "من المسؤولية المدنية والجزائية الناجمة عن الضرر الذي ينشأ عن انهيار البناء الكلي أو الجزئي" بفعل قدم العهد أو نقص في الصيانة.
وفي تفاصيل الاقتراحيْن،
- يعمد الاقتراح الأوّل إلى تحديد المواد القانونية (المادة 133 من قانون الموجبات والعقود والمادة 18 من قانون البناء الجديد) التي يُعفى منها مالكو الأبنية الخاضعة لأحكام قوانين الإيجارات الاستثنائية.
- يضيف الاقتراح الأول إلى أسباب انهيار البناء السابق ذكرها "القوة القاهرة، فيما يعمد الاقتراح الثاني إلى توسيع هذه الأسباب عبر إضافة "أي سبب آخر".
- يحمّل الاقتراح الثاني المستأجر/الشاغل - بدلاً من المالك - مسؤولية انهيار البناء الكلي أو الجزئي مشيراً في أسبابه الموجبة إلى أن "الجزء الأكبر من هذه الأضرار يقع بسبب إهمال شاغلي الأبنية وتلكّئهم عن القيام بموجبات الصيانة هذا إذا لم يكونوا مسؤولين عن سوء استعمال هذه الأبنية". ولكي يعفى من هذه المسؤولية عليه "تسليم الملك لصاحبه".
يشكّل هذان الاقتراحان حلّا مجتزأً للتخفيف من أعباء المالكين القدامى من دون تحديد الجهة المسؤولة عن الأبنية المؤجرة تجاه المتضررين منها. وعليه، يقتضي تجريده من صفة العجلة.
البند 25: اعتماد السنوات التمديدية ابتداء من العام 2014
على جدول أعمال الهيئة العامة، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب عماد الحوت، يرمي إلى بدء مهل السنوات التمديدية قانون الإيجارات اعتبارا من تاريخ 28/12/2024، لتسري السنوات التمديدية التسع أو الإثنتي عشرة مُذاك. ولا يكتفي الاقتراح بذلك، بل يذهب إلى تحرير جميع الإيجارات القديمة بتاريخ 28/12/2026.
وإذ يُعتبر موضوع الإيجارات القديمة من أكثر المواضيع الشائكة وإثارة للجدل والنقاش في لبنان، فمن الطبيعيّ أن تُسقط صفة العجلة عنه لإجراء نقاش حوله في اللجان بما يجمع كافة الأطراف للوصول إلى حلّ واضح له.
البند 26: ضم التعويضات الدائمـة لمتقاعدي الجيش والأجهزة الأمنية إلى أساس معاشهم التقاعدي
على جدول أعمال جلسة مجلس النواب التشريعية، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب أديب عبد المسيح، يرمي إلى ضمّ التعويضات الدائمة، باستثناء التعويض العائلي، التي يتقاضاها متقاعدو الجيش والأجهزة الأمنية إلى أساس معاشهم التقاعدي، بالتالي تحتسب هذه التعويضات من ضمن أساس الراتب عند إفادتهم من أية مساعدة اجتماعية أو مالية تمنح على أساسه.
ويستند الاقتراح بحسب ما ورد في الأسباب الموجبة إلى ضرورة الإنصاف بين جميع العاملين في القطاع العام، مستعرضاً الفجوة الواسعة بين أساس رواتب العسكريين وأساس راتب الموظفين المدنيين في القطاع العام، نتيجة حرمان العسكريين من درجات استثنائية أعطيت لموظفي القطاع العام، وذلك خشية من ارتفاع قيمة تعويضات نهاية الخدمة التي تعطى استناداً إلى أساس الراتب.
وبالتالي أضحت المساعدة الإجتماعية الشهرية التي يتقاضاها العسكريين والتي تحتسب بناء على أساس الراتب، قيمتها أقل من تلك المعطاة لموظفي القطاع العام. ويُعتبر بحسب الاقتراح أن لا مبرر لشمول المتقاعدين بهذه السياسة نظراً لتقاضيهم تعويضات نهاية الخدمة، ولن تؤدي زيادة أساس رواتبهم إلى عبء على الدولة.
وتجدر الإشارة أن تحقيق مبدأ المساواة والإنصاف بين العاملين في القطاع العام يستدعي تصحيحاً لجميع الرواتب، ولا يمكن أن يتحقّق من خلال سياسات الترقيع المتتالية، وإن كان الاقتراح يساعد فئة، لكنه يهمل فئة أخرى ألا وهي العسكريين في الخدمة الفعلية.
البند 27: منح تعويضات لجميع المتضررين من انهيار الليرة
ورد على جدول أعمال الجلسة، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب شربل مسعد يرمي إلى تعديل احتساب تصفية تعويضات نهاية الخدمة و/أو تعويض الصرف للمتقاعدين نتيجة تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار بدءاً من 1/1/2020. وقد لحظ ابتداء الانهيار التدريجي لليرة اللبنانية منذ تشرين الأوّل 2019، وغاب عن مقدّم الاقتراح بدء اهتزازها وعدم استقرارها في أيلول 2019. كما ويغيب عن الاقتراح أنّ صرف التعويض لا يحصل مباشرة عند التقاعد، بل يحتاج إلى أشهر عديدة. فعلى سبيل المثال، من تقاعد في ربيع 2019 لم يتقاضَ تعويضه مباشرة في المصرف لكن اصطدم بوقوع الانهيار وإغلاق المصارف، حيث علق تعويضه في المصرف أيضا.
يطرح الاقتراح تعديل احتساب تصفيات تعويضات نهاية الخدمة وتعويض صرف المتقاعدين في إدارات الدولة كافة (عسكرية ومدنية)، والعاملين في المؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل، وفي المصالح المستقلّة. وهو يقوم في جوهره على معاملة حسابية قوامها قسمة تعويضات نهاية الخدمة التي تقاضاها المتقاعد على سعر صرف 1515 ل ل. للدولار الواحد، ينتج عنها حاصلًا بالدولار. ويعاد تحويل هذا الحاصل بالدولار الأمريكي إلى الليرة اللبنانية تبعًا لسنة إحالة الموظّف إلى التقاعد. وقد قسّم الاقتراح فئات المتقاعدين بحسب تاريخ إحالتهم على التقاعد إلى ثلاث فئات وفق ما يلي : (1) من تقاعد عامي 2020 و2021 ويحتسب له الدولار ب 8000 ل ل.؛ (2) من تقاعد عام 2022 ويحتسب له الدولار على سعر 15000 ل ل.؛ (3) من سيتقاعد بعد عام 2022 يتم احتساب الدولار حسب تحديده من المصرف المركزي، وفي حال لم يحدد المصرف المركزي، يجوز لوزير المالية تحديده بعد موافقة مجلس الوزراء. ويحدد الاقتراح كيفية دفع المستحقات بأربع دفعات مقسّطًا إياه على أربع مراحل تدفع بفارق سنة.
رغم استفاضة الأسباب الموجبة بشأن الغبن الحاصل بين المتقاعدين والموظفين وغياب العدالة والمساواة، يميّز مضمون الاقتراح بين المتقاعدين على أساسات غير مبررة. فيحتسب التعويض بشكلٍ رجعي للمتقاعدين عامي 2021-2020 على أساس 8000 ل ل، والذين تقاعدوا عام 2022 على أساس 15000 ل ل. ولكنّ المبلغ المالي الإضافي سيعطى لهم في اللحظة عينها، إذا ما أقرّ الاقتراح. فما المبرر من التمييز بينهما؟
في مطلق الأحوال، ومع التسليم بضرورة التصدي لإشكالية فقدان تعويضات نهاية الخدمة قيمتها الفعلية وتحولها إلى مبالغ زهيدة لا تعوض شيئا ولا تضمن تقاعدا، فإن الكلفة المالية التي قد تترتب على أي خيار من هذا النوع تستوجب التأني في تحديد حقوق هؤلاء وكيفية تسديدها، مما يوجب إسقاط صفة العجلة.
البند 28: اقتراح بدفع رواتب العسكر بالدولار
على جدول أعمال الجلسة، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب حيدر ناصر لدفع رواتب أفراد الجيش والقوات المسلحة والأمن العام وقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة وشرطة مجلس النواب بالدولار الأميركي على أساس سعر الصرف المعتمد لصرف مستحقات ورواتب البعثات الدبلوماسية، على أن تدخل جميع التعويضات الإضافية في أساس الراتب. لتمويل هذه النفقات، يقترح ناصر فرض رسم طابع مالي نسبي بالدولار يسمّى طابع دعم القوات المسلحة وذلك على المستوردات الكحولية والتبغ والتنباك والعطور ومواد التجميل والسيارات الفارهة والكماليات وحفلات الفنّانين الأجانب.
هذا الاقتراح يتعارض مع مبدأ مساواة العاملين في المجال العام، ومع مبدأ شمولية الموازنة ووحدتها، مما يوجب إهماله فضلا عن كونه في مطلق الأحوال يفتقد إلى صفة العجلة.
البند 29: تعديل أحكام متعلّقة بإعادة الاعتبار
ورد على جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس النيابي في 15/5/2025، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب أديب عبد المسيح يرمي إلى تعديل بعض الأحكام المتعلّقة بإعادة الاعتبار في قانونيْ العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية. في التفاصيل، يقترح النائب عبد المسيح إضافة فقرة إلى المادة 160 من قانون العقوبات، قوامها اعتبار كل 9 أشهر من السنة الميلادية سنة كاملة لأجل احتساب السنوات الواجب انقضاؤها لتمكين المحكوم عليه من طلب إعادة الاعتبار. وينطبق تقصير المهلة على النحو الذي تقدّم على الذي أدّى فترة محكوميته وعلى من توارى عن الأنظار خلالها وسقطت عقوبته بمرور الزمن لاحقا.
كما ويرمي الاقتراح إلى تعديل المادة 146 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، حيث يقترح إلزام الهيئة الاتّهامية بمهلة ثلاثين يوما للبتّ بطلب إعادة الاعتبار، وتخفيض المدّة التي يجوز فيها تقديم الطلب مجدّدا بعد رفضه من 6 إلى 3 أشهر,
وإذًا الاقتراح يرمي إلى تسريع إعادة الاعتبار من خلال تقصير المهل ووضع مهلة قصيرة للهيئة الاتهامية للنظر فيها، من دون أن يتضمن مبررات كافية لذلك. ومؤدّى الأخذ بهذا الاقتراح تمكين أشخاصٍ ومنهم من لم يؤدّ عقوبته إطلاقا من الترشّح للانتخابات بعد تسريع إعادة اعتبارهم أو تمكينهم من التفلّت من تشديد العقوبة عليهم في حال ارتكاب جرائم لاحقة. ويخشى أن يكون الهدف من الاقتراح معالجة حالات بعينها بهدف تسهيل ترشح أحد الأشخاص وليس تحقيق مصلحة عامة.
وعليه، يبدو الاقتراح غير مبرر بغايات عامة كفاية ولا تتوفر فيه صفة العجلة في أية حال.
البنود 30 و31 و32 و78 و83: العفو العام ومعالجة اكتظاظ السجون
ورد على جدول أعمال الجلسة التشريعية، اقتراح العفو العام (البند 83) الذي قدّمه 8 نواب (عماد الحوت، محمد سليمان، أحمد الخير، عبد العزيز الصمد، عبد الرحمن البزري، وليد البعريني، نبيل بدر وبلال الحشيمي) في نهاية سنة 2024، في سياق المطالبة بالإفراج عن فئات من الموقوفين والتخفيف من اكتظاظ السجون.
وإذ أفرد المرصد البرلماني تعليقًا مفصّلًا حول هذا الاقتراح، علّق أيضًا على اقتراحات أخرى تعلقت بما قد يشكل عفوًا مخففًا مثل تخفيض السنة السجنيّة (البنود 30 و31) أو تحديد المدّة القصوى للتوقيف الاحتياطي (البنود 32 و78). وهذه الاقتراحات هي التالية:
- اقتراح القانون الرامي إلى تعديل المادة 112 من قانون العقوبات المتعلق بتخفيض السنة السجنية، المقدم من النائب إيهاب مطر في تاريخ 29/05/2023؛
- اقتراح القانون الرامي إلى تعديل القانون رقم 216 الصادر في تاريخ 30/3/2012 (تحديد السنة السجنية)، المقدم من النواب أحمد الخير، وليد البعريني، عبد العزيز الصمد، محمد سليمان، أحمد رستم وسجيع عطية في تاريخ 19/11/2024؛
- اقتراح القانون الرامي إلى تعديل المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدّل بالقانون رقم 328 تاريخ 2/8/2001 المتعلق بتخفيض مدة التوقيف الاحتياطي، المقدم من إيهاب مطر في تاريخ 7/10/2024؛
- اقتراح القانون الرامي إلى تعديل المادة 108 من القانون رقم 328 تاريخ 2/8/2001 وتعديلاته (أصول المحاكمات الجزائية) السنة السجنية، المقدم من النائب بلال عبد الله بتاريــخ 16/12/2024.
العفو العام (البند 83)
يرمي الاقتراح المقدّم من كتلة الاعتدال الوطني بالاشتراك مع بعض النواب من خارجها إلى منح عفو عام. وبالتدقيق في الاقتراح، نلحظ أنه كرّس مبدئيّة العفو العامّ عن الحقّ العامّ وإن علّقه على إسقاط الحقّ الشخصي فقط في الحالات التي يوجد فيها ادعاء شخصي، بمعنى أن العفو العام يشمل مجمل الجنح والجنايات الواردة في "جميع القوانين الجزائية"، ولا يكون خلاف ذلك إلا بالنسبة إلى الجرائم المستثناة صراحة من العفو العامّ. وترشح مراجعة قائمة الاستثناءات عن إشكالات كبرى.
فمن الجرائم المستثناة جرائم "من استخدم أو صنع أو اقتنى أو حاز أو نقل موادّ متفجرة أو ملتهبة داخل الأراضي اللبنانية أو منتجات سامة أو محرقة أو أجزاء تستعمل في تركيبها أو صنعها أو تفجيرها بهدف القيام بأعمال إرهابية". لكن يسجّل هنا أنّ الاستثناء لا يشمل جميع الأعمال الإرهابية إنما فقط نوعا منها، علما أنه يتصل بتوفير المادة المتفجرة فيما تبقى أعمال التمويل والتنفيذ كلها غير مستثناة.
ومن الجرائم المستثناة أيضًا، الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الفساد في القطاع العام رقم 175 تاريخ 8 أيار 2020 وقانون الاثراء غير المشروع, يلحظ تاليا أن القانون لا يستثني مجمل أفعال الفساد في القطاع الخاص، مثل عمليّات تبييض الأموال أو التهرّب الضريبي أو الإفلاس الاحتيالي أو تهريب الأموال من الدائنين أو الاحتكار أو مخالفة موجب تسليم القضاء معلومات مصرفية… إلخ.
كما لم يستثن الاقتراح من العفو العام جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم التعذيب والإتجار بالبشر والإخفاء القسري فضلا عن كل جرائم التهرب الضريبي وتبييض الأموال والإفلاس الاحتيالي المشار إليها أعلاه. كما يلحظ هنا أن معدي الاقتراح آثروا لزوم الصمت إزاء العمالة لإسرائيل.
وإذ استثنى أيضا الاقتراح جرائم أخرى أهمها جرائم قتل المدنيين والعسكريين، فإنه تضمّن موادّ وأحكامًا من شأنها تخفيف العقوبات بشكل كبير، على نحو يشكل بالحقيقة العفو العام المقنع.
وقد وضعت المفكرة في تعليقها على الاقتراح ملاحظات تفصيلية عدة أهمها الآتية:
- إنه يمنح العفو العام بمعزل عن أي اعتبارات حقوقية أو إصلاحية،
- إكرامية العفو العام خلسة والتي سيستفيد منها عشرات آلاف الأشخاص الذين لم يحاكموا يوما، منهم أشخاص ضالعين في الفساد وتبييض أموال،
- إنه يؤدي إلى معالجة المظلوميّة دون منابعها، بمعنى أنه لا يأتي منفصلا عن أي إصلاح لما كان سببا في انتهاك حقوق الموقوفين أو مبادئ المحاكمة العادلة.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني حول اقتراح العفو العام
اقتراح عفو عامّ أمام البرلمان للمرة الأولى منذ 2020: حذار الجرائم التي تُعفى خلسة
تخفيض مدّة تنفيذ العقوبات
في هذا المجال، ورد على جدول أعمال الهيئة العامّة اقتراحان (اقتراح الاعتدال واقتراح إيهاب مطر) بالإضافة إلى اقتراح قانون العفو العام.
وقد عمدت الاقتراحات الثلاث إلى تخفيض مدّة التنفيذ الفعلي للعقوبة، لتحتسب السنة السجنية على أنّها ستة أشهر في حال كانت العقوبة المقضي بها هي سنة حبس فأكثر.
أمّا فيما يخصّ المحكومين بعقوبات مؤبدة أو بالإعدام، فقد نص اقتراح العفو العام على أكبر تخفيض لها، حيث تمّ تخفيضها إلى 15 سنة سجنية (أي ما يعادل 11 سنة وثلاثة أشهر فقط).
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني حول اقتراحات تخفيض مدّة تنفيذ العقوبات
الاقتراح السابع لتعديل السنة السجنيّة: مطلب حقوقي ذو أبعاد طائفية وسياسية
المدة القصوى للتوقيف الاحتياطي
هنا أيضا، نجد اقتراحيْ قانون مقدمّينْ من النائبين إيهاب مطر وبلال عبدالله ويرميان إلى تعديل المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي تحدّد المدّة القصوى للتوقيف الاحتياطي.
كما نلحظ أن قانون العفو العام أبدى اهتماما خاصا بالموقوفين لآماد طويلة (الإسلاميين) بحيث اعتمد قاعدة استثنائيّة قوامها وجوب إخلاء سبيل المدعى عليه حكمًا، في كلّ الجرائم المرتكبة قبل تاريخ صدور هذا القانون والتي لم تصدر أحكام فيها، وفي حال تجاوزت مدة التوقيف 12 سنة سجنية (أي عمليا 9 سنوات فعلية). وهذه الإضافة تعني بشكل خاص الأشخاص الذين يستمر توقيفهم ولمّا تكتمل محاكمتهم بعد، وبخاصة الأشخاص المتهمين في جنايات مستثناة من سقف التوقيف الاحتياطي المنصوص عليه في المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، كما هي حال الأشخاص المتهمين بجرائم الإرهاب أو القتل أو المحالين إلى المجلس العدلي إلخ...
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني حول اقتراحيْ تعديل المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تحدّد المدّة القصوى للتوقيف الاحتياطي
اقتراحان لتعديل المادة 108 من قانون الأصول الجزائية: إصلاح ضروري لنظام التوقيف الاحتياطي
في الختام، وفيما يعج اقتراح قانون العفو العام بالأفخاخ عن قصد أو غير قصد، فإن تخفيض العقوبات أو وضع حدّ أقصى للتوقيف الاحتياطي مسائل تبقى مبررة حقوقيا ولمعالجة اكتظاظ السجون، وإن كان من الأسلم درسها ضمن أجل قصير ضمن اللجان منعا للاستعجال.
البند 33: يراجع البند 24
البند 34: اقتراح لإلغاء شهادة البريفيه
نجد هنا اقتراحاً معجّلاً مكرراً تقدّم به النائب عدنان طرابلسي بهدف إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة. وبرّرت الأسباب الموجبة تقديمه بالجدل "التربوي-السياسي" الذي يدور كل عام حول ضرورة إجراء هذه الامتحانات وما له من تأثير على الأهالي والطلاب. كما تطلّعت إلى وجوب التوجه نحو ضبط "النفقات وتعزيز الشهادة الثانوية العامة لتواكب المستجدات".
وإذ عُرض الاقتراح نفسه على جلسة 7/12/2021، طلب وزير التربية حينها سحبه. ومن المؤكّد أنّه يُستحسن دراسة هذا القرار وانعكاساته التربوية بتروٍّ أكبر، ما يدفع إلى تشجيع إسقاط صفة العجلة عنه لإحالته للدراسة في اللجان النيابية.
ويوضح الدكتور عدنان الأمين مستشار وزيرة التربية الحالية ريما كرامي أنّ الوزارة تُفضّل عدم إلغاء امتحانات الشهادة الرسمية المتوسّطة (البروفيه) أقلّه في المدى القريب، وذلك لسببين أوّلهما جوهري وهو يرتبط بما تعنيه هذه الامتحانات من وجود للدولة وطبعًا بمعناها الحديث وليس البيروقراطي. ويلفت الأمين في اتصال مع "المفكرة" إلى أنّه أيضًا وانطلاقًا من فكرة الدولة لا بدّ من الإشارة إلى أنّ خسائر التعليم في لبنان كبيرة جدًا وليس من السهل تعويضها ولكن إبقاء هذه الشهادة سيدفع المدارس والمعلمين والتلامذة إلى بذل جهود إضافيّة بطبيعة الحال.
وإذ يُشير الأمين إلى أنّ البروفيه ليست شهادة مهمّة في الكثير من الدول، يّذكّر أنّه من الناحية التقنيّة تمثّل هذه الشهادة في لبنان إنهاء لمرحلة التعليم الأساسي وهو إلزامي في لبنان، وبالتالي يجب أن يكون لإنهائها امتحان رسمي أقلّه في المدى المنظور لضمان حصول التلامذة على المكاسب والمعارف المطلوبة من التعليم الإلزامي.
ويرى الأمين أنّه من الممكن إجراء بعض التعديلات على شكل هذه الامتحانات حتّى لا يتطلّب إجراؤها هذا الحجم من الماكينة البشريّة والماليّة.
وعليه، نرى وجوب إسقاط صفة العجلة عن الاقتراح ليحظى بما يستحق من دراسة.
البند 35: حماية أموال المودعين في المصارف
على جدول أعمال الجلسة التشريعية، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من 9 من نواب كتلة الوفاء للمقاومة، يرمي إلى حماية أموال المودعين في المصارف اللبنانية. بموحب الاقتراح، تبقى كافة الأموال والودائع المودعة من جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لدى المصارف "محمية ومصونة" في جميع الظروف والأحوال، ويسري ذلك على جميع أنواع الحسابات ويُفرض على الحكومة عدم المس بها في أيّ خطة إنقاذ أو برنامج تعاف اقتصادي أو اتّفاق تُبرمه مع جهة داخلية أو خارجية أو في أي إجراء دائم أو مؤقت.
في الأسباب الموجبة للاقتراح، يستند نواب الكتلة إلى الدستور الذي يصون الملكية والمبادرة الفردية، واعتبار أنّ المودعين لم يتسببوا بحالة التعسّر وبالتالي لا يجب تحميلهم الخسائر. كما تُفيد الأسباب الموجبة بأنّ الودائع ناتجة "بغالبيتها" عن أنشطة اقتصادية حقيقية حصلت في لبنان وفي الخارج.
وإذ يحمي الاقتراح نظريا أموال المودعين، فهو يحمي الودائع بشكل عام من دون أي تفرقة بين ما هو مصدره مشروع وبين ما مصدره غير مشروع. فمن المعلوم أنّ العديد من الودائع هي حصيلة عمليات تبييض أموال أو إثراء غير مشروع أو اختلاسات أو غيرها من الجرائم. وفي حين يُفترض أن يقوم الاقتراح على رفع السرية المصرفية والتحقيق في ودائع مشبوهة للتوصل إلى آلية مصادرتها لمصلحة الخزينة، يأتي الاقتراح ليساوي جميع الودائع المشروعة وغير المشروعة ببعضها البعض لجهة حفظ قيمتها.
وإذ قُدّم الاقتراح في أيلول 2022 ولم يُعرض على الهيئة العامة بعد، فإن طرحه على الهيئة العامة يأتي في سياق المناقشات حول قوانين إعادة هيكلة المصارف والفجوة المالية, وعليه، يُفضّل أن تسقط صفة العجلة عن هذا الاقتراح ليناقش في اللجان النيابية مع الحكومة ومصرف لبنان والجهات المعنية في هذا الملف.
البند 36: رفع عدد المراقبين والمراقبين المساعدين في إدارة الجمارك
نجد هنا اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب محمد الحوت، ويرمي إلى تعديل ملاك الفئة الثالثة لرتبة مراقب وتسوية أوضاع المراقبين مساعدين والكتبة في إدارة الجمارك. ينص تفصيلاً على رفع عدد المراقبين في الفئة الثالثة في إدارة الجمارك من 183 الى 300. كما وعلى ترفيع –"حكما ولمرة واحدة وبصورة استثنائية وخلافاً لأي نص آخر- جميع المراقبين المساعدين والكتبة بالخدمة الفعلية في الفئة الرابعة، في إدارة الجمارك-وزارة المالية، إلى الفئة الثالثة"، وتعيينهم "بوظيفة مراقب في ملاكها، دونما الحاجة لأي نص آخر". كما يختم بوجوب تسوية فورية لأوضاعهم على الصعيدين الوظيفي والمالي.
وتم تبرير الاقتراح وفق ما جاء في أسبابه الموجبة بالظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان بسبب جائحة كورونا وتردي الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية، وأهمية وظيفة المراقب في "حسن سير العمل وانتظامه في مختلف الوحدات والمراكز الجمركية". وأخيرا، تشير الأسباب الموجبة إلى أن التعيينات المذكورة في الاقتراح هي ترفيعات لأشخاص مدربين، ذي خبرة معينين في مراكزهم بالإنابة.
تظرا للأعباء التي تترتب على اقتراح مماثل، وبانتظار رؤية متكاملة لإصلاح الوظيفة العامة، نرى نزع صفة العجلة عن هذا الاقتراح.
البند 37: قرية تل اندي
نجد هنا اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدّم من النواب محمد سليمان، أسعد درغام، عبد العزيز الصمد، وليد البعريني وسجيع عطية والرامي إلى إضافة قرية تل أندي إلى قرى قضاء عكار- محافظة عكار. تبرر الأسباب الموجبة تقديمه بأنه "سقط سهواً" عدم ادراج هذه القرية ضمن قرى بلدات محافظة عكار وعلى إثره "تم حرمانها من أبسط حقوقها لجهة عدم استحداث مجلس بلدي وهيئة اختيارية وقلم نفوس وحرمت ايضاً من "عائدات إنعاش القرى" (...).
نذّكر أن هذا الاقتراح هو مماثل للاقتراح المعجّل المكرّر المقدّم من النائب أسعد درغام بتاريخ 17/12/2019، والذي وضع على جدول أعمال جلسة الهيئة العامة بتاريخ 21/4/2020 والذي أفضى النقاش البرلماني إلى إحالته إلى وزارة الداخلية والبلديات لإبداء الرأي خلال 15 يوماً.
البند 38: اقتراح لزيادة مداخيل الجامعة اللبنانية
على جدول الأعمال، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النواب إيهاب حمادة وإدغار طرابلسي وأشرف بيضون وحسن مراد يرمي إلى تعديل المادة 14 من قانون رقم 715/2006 (قانون الموازنة العامة لعام 2006). ففي حين تتيح هذه المادة للجامعة اللبنانيّة زيادة إيراداتها عبر عقد اتفاقيات مع جهات الحقّ العامّ والخاصّ لتقديم خدمات وإعداد دراسات واستشارات، يهدف الاقتراح إلى تمكين الجامعة من إنشاء وإدارة أي من المشاريع المرتبطة ببرامج الاختصاصات التي تمنح الشهادات فيها منفردة، أو بالتعاون مع أيّ من هذه الجهات. وفي كلّ الحالات، تخصص بدلات أتعاب جزئيا كأتعاب لأفراد الهيئة التعليمية والعاملين فيها وجزئيا لتمويل البحث العلمي ومستلزماته وتجهيزاته.
عمليًا وبحسب المادة المقترحة، يصدر قرار إنشاء المشروع من مجلس الجامعة ويقترن بمصادقة وزير التربية والتعليم العالي وتخصص الاعتمادات اللازمة لإنشائه من موازنتها، أو "من الوفر من أي مشروع تنفذه". وإذا قررت الجامعة ألا تدير المشروع بصورة فردية، لها إمّا أن تلجأ إلى استدراج عروض أو إلى التعاقد بالتراضي "بعد استقصاء أسعار" في الحالات التي يقررها مجلس إدارة المشروع المنشأ. ويكون للمشروع موازنة خاصّة يفتح لها قسم في موازنة الجامعة. وأخيرًا، تخضع موازنة "المشروع" وقطع حسابه إلى تدقيق خارجي تتولاه شركة متخصصة من الشركات المعتمدة من قبل وزارة المالية. ويكون أعضاء مجلس إدارة المشروع ورؤساء الوحدات التنفيذية فيه مسؤولين من أموالهم الشخصية عن أي أخطاء في عقد نفقاته وتنفيذها تثبتها تقارير التدقيق الخارجي. وختامًا، تبلّغ هذه التقارير إلى النيابة العامة المالية.
وإذ قدّم الاقتراح بصيغة المعجّل المكرّر، أي بمادة وحيدة، إلّا أنّ هذه المادة مثّلت 9 أفكار مختلفة ومتشعّبة، ما يؤكّد على التعقيدات الواردة في هذا القانون والتي توجب دراسته بشكل أكثر تفصيلا في اللجان النيابية.
وإذ يطرح الاقتراح أن تكون "للمشروع" موازنة من ضمن موازنة الجامعة، يتطلّب ذلك تعديلًا في النظام المالي للجامعة حتى يصار إلى احترام آلية تحديد موازنة الجامعة، التي تنطلق من تحديد موازنات الوحدات والكليات لتصل إلى مجلس الجامعة فيتم تحديد موازنتها.
أمّا في ما خصّ الرقابة، يتماهى الاقتراح مع الموجة الحديثة التي تعتبر أنّ قوام الشفافية المالية إخضاع الدولة إلى رقابة الشركات الخاصة مع الكلفة الإضافية التي يشكلها هذا التدبير، بدل تفعيل مؤسسات الرقابة المالية العامة.
وعليه، يتبيّن أنّ على الاقتراح ملاحظات عديدة فصّلناها في مقال منفصل، ما يقتضي معه إسقاط صفة العجلة عنه وإحالته للدراسة في اللجان النيابية.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل على الاقتراح:
اقتراح لزيادة مداخيل الجامعة اللبنانية: تجربة الـ PCR الملهمة؟
البندان 39 - 40: تمويل كلفة معالجة النفايات الصلبة
على جدول أعمال الجلسة، اقتراحا قانون معجّلان مكرّران يتعلّقان بمحاول تحصيل إيرادات عن طريق النفايات الصلبة.
الأول، وهو البند 39 مقدّم من النائبتيْن نجاة عون صليبا وبولا يعقوبيان ينص على إضافة مادة على قانون البلديات، تُجيز لها بيع النفايات الصلبة غير الخطرة الواقعة ضمن نطاقها البلدي، وذلك استنادا إلى مزايدة تُجرى على أساس قانون الشراء العام على ألّا يترتّب على البلديات دفع أي تعويض لأي كان جرّاء هذه العملية.
والثاني، وهو البند 40، مقدّم من نواب من كتلة الجمهورية القوية (غسّان حاصباني وغياث يزبك وفادي كرم وجورج عدوان ورازي الحاج). وفي حين أنّ الاقتراح الأول يسعى إلى تمويل خزينة البلديات، يذهب اقتراح كتلة الجمهورية القوية إلى زيادة مصادر تمويل عملية إدارة النفايات الصلبة عبر تمويل خزينة البلديات والخزينة العامة أيضا. يأتي تمويل خزينة البلديات عبر فرض رسوم مقابل كلفة الجمع التي تقوم بها البلدية، حيث تُفرض هذه الرسوم على الوحدات السكنية والمؤسسات العامة والخاصة الواقعة ضمن النطاق البلدي. أمّا الخزينة العامة فتتحصّل على رسوم تفرض على بعض المنتجات نسبة لكمّية ونوعية النفايات المنتجة خلال عملية تصنيعها أو من جرّاء تطبيقها لمبدأ مسؤولية المنتج، وذلك بدءا من العام 2024، كلّ ذلك على أساس جداول أُلحقت بالاقتراح تحدّد المبالغ الواجب دفعها.
وتجدر الإشارة إلى تقارب هذا الاقتراح مع أحكام مشروع القانون المحال من الحكومة في هذا الشأن والعالق أمام اللجنة النيابية البيئية.
وإذ يرتبط هذان الاقتراحان بخطة معالجة النفايات والجهات المسؤولة عنها وبكيفية تمويلها، يجدر نزع صفة العجلة عنهما وإحالتهما إلى اللجنة البيئية لدرسهما في موازاة درس مشروع القانون.
للمزيد من التفاصيل حول الاقتراح والمشروع:
معالجة النفايات الصلبة في مقترحيْ قانون: فرض رسوم جديدة عملاً بمبدأ "الملوث يدفع"
البند 41: فرض رسم بقيمة 10% على مخلّفات المواد الخام المصدّرة
على جدول أعمال الجلسة التشريعية، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب جورج بوشيكيان يهدف إلى فرض رسم بمعدّل 10% على المخلّفات من المواد الخام والمعادن والورق والكرتون والجلود والنايلون والألومنيوم والزيوت المحروقة وكل ما يُمكن استخدامه من المواد القابلة لإعادة التدوير المعدّة للتصدير إلى خارج الأراضي اللبنانية.
البند 42 : إنشاء الصندوق البلدي المستقل لتوزيع الأموال المشتركة للبلديات واتحادات البلديات
تقدم النائب رازي الحاج من تكتل الجمهورية القوية بتاريخ 25 كانون الثاني 2023 باقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى إنشاء "صندوق بلدي مستقل" يحلّ محلّ الصندوق البلدي المستقل المنشأ بالمرسوم رقم 1917 تاريخ 6 نيسان 1979.
يهدف الاقتراح إلى إنشاء صندوق ذات استقلالية من خلال استحداث مجلس إدارة للصندوق (له شخصية معنوية واستقلالية مالية وإدارية) مشكّل من رؤساء البلديّات القائمة. من أبرز بنود هذا الاقتراح التأكيد على أن تكون الأموال المستحقّة للصندوق في حساب خاصّ في مصرف لبنان، يتمّ تحريكه بقرار من مجلس إدارة الصندوق، على أن تخصّص الأموال حصراً للبلديات واتّحاداتها من دون حسم أيّ أموال من أجل تغطية نفقات أخرى من أي نوع كانت. ويتضمن الاقتراح إنشاء وسيلة رقابة خارجية من خلال تعاقد الصندوق مع مكتب تدقيق محلي.
لا بد من الإشارة أوّلًا أنّ الإدارة الجديدة المقترحة للصندوق تبقى عملا بالاقتراح إدارة مؤقّتة إلى حين إقرار قانون اللامركزية الإدارية. بالتالي، فإن طابع هذا النظام هو انتقالي ما يخفف من الاستقرار التشريعي الضروري لضمان استقلاليّة الصندوق.
كما أنّ صياغة الاقتراح يكتنفها الغموض بخصوص طريقة انتخاب مجلس إدارة الصندوق. وفيما ينصّ الاقتراح على أن مجلس الإدارة يتألف من رؤساء البلديات القائمة، غير أنّه يردف قائلاً أنّه يتوجب انتخاب اثنين من رؤساء البلديات عن كلّ قضاء من قبل رؤساء البلديات أو من يحلّ محلّهم قانوناً لتشكيل مجلس الإدارة هذا. وأمام هذا التضارب في النصّ، قد يكون التفسير المنطقي هو بتكوين مجلس الإدارة من رؤساء البلديات المنتخبين من قبل كلّ قضاء، إلّا أنّ الاقتراح يغفل توضيح آليّة الانتخاب والهيئات المتعددة التي ستتولى انتخاب أعضاء الصندوق في كلّ قضاء. ولا يخلو النص أيضًا من التناقضات لجهة انتخاب الرئيس ونائبه وأمين السر، ما يوجب إعادة صياغة مواده بشكل يجعل منها قابلة للتطبيق، وهو ما يشكّل بالتالي عقبة جديّة أمام إقراره بصورة المعجّل المكرر.
يجدر التنبّه أيضًا إلى أنّ الصندوق المستحدث بات يتمتّع باستقلاليّة تشبه تلك التي تتمتع بها الهيئات الإدارية المستقلّة لا بل قد تفوقها في بعض الأحيان. فأعضاء مجلس إدارة الصندوق وفق الاقتراح مستقلّون تماماً عن السلطة السياسيّة المتمثلة في الحكومة، وذلك بقدر أكبر من الهيئات المستقلة التي تبقى سلطة التعيين فيها لمجلس الوزراء، بينما مجلس الصندوق يتكوّن من أعضاء منتخبين من البلديات بمعزل عن أي تدخل خارجي. لكن ذلك لا يجب أن ينسينا أن التبعية السياسية للعديد من رؤساء البلديات قد تؤدّي إلى تحويل مجلس إدارة الصندوق إلى مكانٍ إضافيّ تمارس فيه السلطة السياسية بمختلف أركانها نفوذها وفقا لمنطق المحاصصة والزبائنيّة.
أخيرًا، جاء الاقتراح على شكل مادة وحيدة، ويعود ذلك إلى إلزامية تقديمه عملا بالنظام الداخلي لمجلس النواب بهذا الشكل لكي يتخذ صفة المعجل المكرر. غير أن مراجعة النص تبيّن أن هذه المادة الوحيدة مكوّنة من 18 بنداً، ما يطرح علامة استفهام حول صوابيّة الصيغة المعمول بها، لا سيما لجهة مدى العجلة في هكذا اقتراح يحدث تغييراً جذريًّا في إدارة أموال الصندوق البلدي المستقل.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني حول الاقتراح:
اقتراح قانون إنشاء الصندوق البلدي المستقل: تعزيز مبدأ اللامركزية بعد عقود من استنسابية الحكومة
البند 43: تثبيت المتعاقدين والأجراء العاملين في مصلحة استثمار مرفأ طرابلس منذ أكثر من عشر سنوات في الملاك
تقدّم النواب جهاد الصمد ووليد البعريني وأحمد الخير وطوني فرنجية وسجيع عطية وعبد العزيز الصمد وفيصل كرامي وأحمد رستم ومحمد سليمان وعبد الكريم كبارة وهم كلّهم نواب عن محافظتي الشمال وعكار باقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى تثبيت بقرار من مجلس إدارة مرفأ طرابلس المتعاقدين والأجراء العاملين في مصلحة استثمار المرفأ منذ أكثر من عشر سنوات في الملاك الدائم لهذه المصلحة وفي الوظائف التي يشغلونها فعلًا أو في تسميات الوظائف الأقرب إليها في حال اختلافها عن الوظائف التي يشغلونها.
وينص الاقتراح على أن تضمّ خدماتهم السابقة على أن تؤدّى عنها المحسومات التعاقديّة، وأن يخصص لكلّ من المتعاقدين والأجراء المعنيين الراتب الجديد الأقرب إلى تعويضه أو أجره الحالي على أن يقدم أو يؤخر تدرّجه بقدر ما يلحق راتبه من زيادة أو نقصان.
ويشير الاقتراح في أسبابه الموجبة إلى النقص الكبير الحاصل في المراكز الإداريّة والفنيّة والتجاريّة والماليّة في المرفأ، وأنّه قد مضى على وجود الأجراء فيه أكثر من 25 سنة والمتعاقدين والمستخدمين أكثر من 10 سنوات، مما يحرمهم من خوض المباراة لتولي الوظائف العامّة نظرًا لعامل السنّ كما وحرصًا منهم على عدم خسارة سنوات خدمتهم السابقة في المصلحة. وبالتالي، إنصافًا لهؤلاء لا بدّ من استثنائهم من مبدأ المباراة من أجل صون حقوقهم كما أمنهم الوظيفي والاستفادة من خبرتهم المتراكمة عبر السنوات.
ومع التأكيد على وجوب ضمان حقوق هؤلاء، فإنه يجدر رفض حصول أي تثبيت لأي منهم في وظيفته من دون إجراء مباراة ولو محصورة تؤكد على توفر المؤهلات المطلوبة لديهم.
البند 44 : اقتراح إعادة العمل ببراءة الذمة البلديّة
تقدم النواب جورج عقيص وجورج عدوان وغادة أيوب باقتراح قانون معجل مكرر بتاريخ 8 شباط 2023 يهدف إلى إعادة العمل ببراءة الذمة البلديّة التي كان منصوص عليها في المادة 133 من قانون الرسوم والعلاوات البلديّة رقم 60 الصادر سنة 1988. وكان قانون الموازنة العامة رقم 671 الصادر سنة 1998 قد ألغى هذه براءة الذمة هذه بإلغائه المادة 133 من قانون الرسوم والعلاوات. وكانت المادة 133 الملغاة تحظر على الدوائر العقاريّة إجراء أي معاملة انتقال أو إفراز أو تأمين على عقار قبل أن يثبت صاحبه أنّه سدّد كامل الرسوم المتوجبة على هذا العقار. وهو ما كانت يستوجب منه بالتالي الاستحصال على براءة ذمّة من قبل البلديّة.
ويشير مقدمو الاقتراح في الأسباب الموجبة المرفقة به إلى شحّ الموارد الماليّة لدى البلديّات بسبب الانهيار الشامل الذي طال المالية العامة وخزينة الدولة منذ العام 2019. كما أنّ الأموال التي كانت تدرّ على البلديّات من الصندوق البلدي المستقلّ شحّت بدورها، ما "يهدد البلديّات بالتوقّف الكامل عن تقديم الخدمات الحيويّة مثل جمع النفايات والإنارة العامّة".
وتذهب الأسباب الموجبة إلى القول بأنّ إعادة العمل ببراءة الذمّة البلديّة، بما تأتي به من مردود مالي على البلديّة بات ضروريًّا، لا سيما وأنّها "لطالما كانت رسمًا عادلًا لا يرهق المواطن من جهة، وينعش المداخيل البلديّة من جهة أخرى". وهكذا يتبيّن أنّ الاقتراح هو مجرّد حلّ ترقيعيّ يهدف إلى زيادة مداخيل البلدية عبر فرض رسوم جديدة على المواطنين بينما المطلوب هو تقديم مقاربة متكاملة تشمل تعديل الرسوم البلدية على اختلافها، كون اللامركزية تفقد جدواها في حال لم تقترن مع الإمكانيات المادية التي تسمح للبلديات بممارسة صلاحياتها القانونية الواسعة.
يشار في النهاية إلى أنّ هذا الاقتراح هو الثاني لنّواب من تكتل الجمهوريّة القويّة في جدول أعمال هذه الجلسّة يتعلّق بمسألة الأموال البلديّة بعد اقتراح النائب رازي الحاج حول إنشاء الصندوق البلدي المستقلّ.
قد يكون من المفيد إقرار الاقتراح المذكور، على نحو يسهم في تعزيز موارد البلديات بالتزامن مع انطلاق مجالسها المنتخبة.
البندان 45 و46: تحديد قيمة الدعاوى الخاضعة للأصول الموجزة أمام القضاء الإداري والقضاء العدلي
ورد على جدول أعمال الجلسة التشريعية البند 45 وهو اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب وضّاح الصادق، يرمي إلى تحديد قيمة الدعاوى التي تخضع للأصول الموجزة أمام مجلس شورى الدولة في القضاء الشامل (أي عند طلب التعويض). وقد أناط الاقتراح هذا التحديد بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء على ألّا يقل عن مئة مرّة عن الحدّ الأدنى للأجور.
في السياق نفسه، ورد البند 46 وهو اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدّم من النائب وضّاح الصادق، ويرمي إلى تحديد قيمة الدعاوى التي ممكن أن تخضع للأصول الموجزة أمام القضاء العدلي، وقد أناط الاقتراح هذا التحديد بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء على ألّا يقل عن مئة مرّة عن الحدّ الأدنى للأجور.
وفيما يسجل إيجابا اقتراح تعديل المبلغ المحدد في هذين القانونين تبعا لانهيار العملة الوطنية كما يسجل إيجابا ربطها بالحد الأدنى للأجور تجنّبا لتحرّكات سعر الصرف لاحقا، فإنّنا لا نجد في الأسباب الموجبة للاقتراحيْن تبريرا واضحا عن منح مجلس الوزراء صلاحية تحديد المبالغ الموجبة للأصول المجوزة.
لا نرى مانعا أمام إقرار الاقتراحين بعد إلغاء صلاحية مجلس الوزراء.
البند 47: تسهيل تبليغات إجراءات المحاكمة
يتمثّل البند 47 الوارد على جدول الأعمال باقتراح قانون مقدّم من النائب وضّاح الصادق يرمي إلى تعديل المادة 382 من قانون أصول المحاكمات المدنية، وذلك لجهة إتاحة المجال لحصول التبليغات للمحامين عن طريق رقم الهاتف أو البريد الالكتروني المسجّلين لدى نقابة المحامين، وذلك عوضًا عن حصر إمكانية التبليغ ورقيًا في مكتبه. وقد برّر الصادق اقتراحه بأنّ أحد أهمّ أسباب تأخير البت في القضايا النزاعية يعود إلى تعذّر تبليغ المحامين في مكاتبهم أو تهرّبهم منه كسبًا للوقت، وأنّ آلية التبليغ بالوسائل الحديثة أصبحت طريقة معتمدة في معظم البلدان.
وإذّ يستجيب الاقتراح لحاجة تسهيل تبليغ إجراءات التقاضي، فإن تفعيله يحتاج إلى توفير آليات تنفيذية يصعب أن تحصل في ظلّ اقتراح معجّل مكرّر، مع ضمان حق الدفاع.
ومن هنا، أمكن الأخذ بالاقتراح على أن يربط نفاذه بصدور مرسوم بإرساء آليات تنفيذية فعّالة.
البند 48: فرض مهلة قصوى للمحاكمة
يتمثّل البند 48 الوارد على جدول الأعمال باقتراح قانون مقدّم من النائب وضّاح الصادق يرمي إلى تعديل المادة 455 من قانون أصول المحاكمات المدنية، لجهة منع إطالة أمد المحاكمة لأكثر من سنة قبل صدور الحكم النهائي، مع التشديد على المحكمة بعدم قبول أي عذر غير جدّي أو غير ثابت لإطالة المهل، تحت طائلة مؤاخذتها تأديبيًا في حال تجاوزها مهلة السنة في أيّ ملف.
ويصوّر الاقتراح مسألة طول أمد الدعوى بأنّها مسألة خطأ أو سوء تدبير من القاضي أو المحكمة، بحيث يؤدي أي تجاوز لمدة محددة خطأ تأديبيًا يصحّ مؤاخذة أعضاء المحكمة على أساسه. والواقع أنّ مقاربة طول أمد الدعاوى على هذا الوجه إنّما ينمّ عن نظرة سطحية وغير واقعية للأمور، تتجاهل مجمل عوامل الخلل في تنظيم القضاء ومهنة المحاماة والتي تؤثر بشكل مباشر على حسن سير العمل القضائي. من هذه العوامل، ارتفاع نسبة الشغور في ملاك القضاة (حوالي 33%) وسوء توزيع الملفات القضائية وتعثّر التشكيلات القضائية وكثرة الانتدابات القضائية إلى أكثر من محكمة وإشكالات التبليغ وعدم انخراط نقابات المحامين في محاسبة المماطلة والتسويف في الدعاوى.
ومن هنا، يجدر إسقاط صفة العجلة عن هذا الاقتراح، تمهيدًا لدراسة أكثر واقعية وعمقًا عن أسباب تأخر الدعاوى ووضع سياسات عامة متكاملة لتجاوز هذا التأخير.
البندان 49 و50: فدرلة إنتاج الكهرباء
على جدول أعمال الجلسة، اقتراح قانون معجّل مكرّر (البند 50) مقدّم من نواب كتلة الجمهورية القوية أنطوان حبشي، جورج عدوان، غادة أيوب، فادي كرم، رازي الحاج، وغسّان حاصباني.
يُجيز الاقتراح الترخيص لشركات خاصة بإنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية على كافة الأراضي اللبنانية وتحدد الشركة في طلب الترخيص النطاق الجغرافي الذي ترغب العمل فيه، على أن لا تحصل الشركة الواحدة على ترخيص للعمل بأكثر من ستّة نطاقات جغرافية. ولا يوضح الاقتراح كيفية تقسيم المناطق إلى نطاقات جغرافية، إنما يفرض على الشركة جهدا متوسطا بقدرة 10 ميجاوات وما فوق. ويفهم من ذلك أن الاقتراح يفترض وجود 300 نطاقا جغرافيا على الأكثر. وقد أناط صلاحية النظر في طلبات التراخيص بمجلس الوزراء بعد وضع هيئة الشراء العام تقريرها، وذلك وفقاً لعقود نموذجية ودفاتر شروط تعدّها مؤسسة كهرباء لبنان وتبدي هيئة الشراء العام ملاحظاتها عليها. وتكون مدة هذه التراخيص 10 سنوات.
يتشابه هذا الاقتراح مع الاقتراح المقدّم من قبل النائبين نبيل بدر وعماد الحوت في 14/3/2023 (البند 49) حيث يتشاركان في تقديم حلول مجتزئة منسلخة عن أي خطة شاملة لقطاع الكهرباء. كما يسلّمان بعجز شركة كهرباء لبنان ويقترحان خططًا قائمة على النطاق الجغرافي الضيّق للمناطق بحيث يمهدّان لمنح تراخيص لشركات خاصة تتمتع كل منها في احتكار على المنطقة التي تعمل بها، وإن كان اقتراح بدر - الحوت يفرض حصول ذلك ضمن المؤسسات البلدية.
وإذ يُمكن تسجيل العديد من الملاحظات على الاقتراحيْن (من أهمها الضرر البيئي الناجم عن حلول كهذه من خلال مأسسة موتيرات الأحياء)، فقد أفرد المرصد البرلماني تعليقا مفصّلا حولهما، يمكنكم الاطّلاع عليه على الرابط التالي:
فدرلة إنتاج الكهرباء؟ أو التطبيع مع اللادولة وموتورات الموت
وفي الخلاصة، أمكن القول بوجوب إسقاط صفة العجلة عن هذين الاقتراحين بانتظار وضع خطة متكاملة لإنتاج الطاقة الكهربائية.
البندان 51 و52: اقتراحان لتشديد عقوبة إطلاق النار في الهواء
تقدّم النائبان أديب عبد المسيح (البند 52) وهاغوب ترزيان (البند 51)، باقتراحيْ قانون معجّلين مكررين يرميان إلى تشديد العقوبات المنصوص عليها في القانون رقم 71 الصادر سنة 2016 المتعلّق ب "تجريم إطلاق العيارات الناريّة في الهواء". ويأتي الاقتراحانْ المُسجّلانْ في 30 آب 2023 بعد إصابة الطفلة نايا حنا برصاصة طائشة في الحدت ما أدّى إلى وفاتها، وقد حمل اقتراح النائب أديب عبد المسيح إسمها.
يلتقي الاقتراحان على توسيع نطاق الجرم ليشمل إطلاق النار من سلاح غير حربي بدلًا من حصره باستخدام السلاح الحربي. كما يلتقيان على تشديد عقوبات الجرم وفقًا لما نعرضه أدناه:
- يذهب اقتراح ترزيان إلى جعل الجرم من نوع الجناية مهما كانت نتيجته، أي حتّى في حال لم يؤدّ إلى إلحاق الأذى، بحيث تصبح العقوبة المانعة للحرية تتراوح بين 3 سنوات والأشغال الشاقة المؤبدة، والغرامة بين 10 و25 ضعف الحد الأدنى للأجور.
- أمّا اقتراح عبد المسيح، فبالإضافة إلى الحالة التي يؤدّي فيها إطلاق النار إلى الموت أو إلى تعطيل دائم أو عاهة دائمة (وهي جنايات وفقًا لقانون 2016)، فإنه يصنّف الجرم من نوع الجناية أيضًا في حال تجاوز المرض أو التعطيل مدّة العشرة أيّام، بحيث تصبح العقوبة المانعة للحرية تتراوح بين 3 سنوات والأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن 15 سنة. أمًا أذا لم ينتج أي أذى أو أدّى إلى مرض أو تعطيل لمدّة تقلّ عن 10 أيام، فيبقى الجرم من نوع الجنحة مع تشديد العقوبات لتصبح عقوبة الحبس تتراوح بين سنة و3 سنوات، والغرامة بين 10 إلى 25 ضعف الحد الأدنى للأجور.
بالإضافة إلى ذلك، يتضمن اقتراح ترزيان منع الجاني من الاستفادة من الأسباب التخفيفية. كما ينصّ اقتراح عبد المسيح على معاقبة كل من الفاعل والشريك والمحرض والمسهل للجرم، وهو ما يشمل وفقًا لنصّ الاقتراح "صاحب مكان إطلاق النار - منظّم المناسبة - مالك السّلاح المستعمل - بائع أو مزوّد الفاعل بالطلقات النارية…".
بالاطّلاع على الأسباب الموجبة، يتبيّن أنّه لم يقدّم أيٌّ من الاقتراحيْن أيّ أدلة موثقة قد تدعم ما ورد فيه وتُسهم في تقييم مدى فعالية قانون العام 2016 في الحد من ممارسات إطلاق النار في الهواء أو كيف تعامل القضاء العسكري مع هذه القضايا كونها من صلاحياته. كما لم يقدّم الاقتراحان أي تصوّر جديد لكيفية مواجهة جريمة إطلاق النار في الهواء، بل حصرا الأمر في تشديد عقوباتها استنادًا لمبدأ العقوبة الرادعة. ولم يتوّقف أي منهما أمام مدى فعالية العقوبات التي تم تشديدها في العام 2016 في تحقيق الردع المطلوب.
ووفقًا للمرصد القضائي في "المفكّرة القانونية"، تنظر المحكمة العسكرية في العديد من قضايا إطلاق النار في الهواء في جميع الجلسات التي تعقدها، مما يؤشّر إلى تعدد حالات الملاحقة في هذه الممارسات. وفي الحالات التي لا ينتج عنها أي أذى، غالبًا ما تصدر الأحكام بفرض عقوبة الحبس لمدة شهر على مطلقي النار والغرامة، وذلك بعد تخفيف الحدّ الأدنى الذي ينص عليه القانون وهو الحبس لمدة 6 أشهر. كما غالبًا ما تفرض المحكمة مصادرة السلاح أو الإلزام بتسليمه أو دفع بدل عنه، بالإضافة إلى منع المحكوم عليه من الاستحصال على رخصة سلاح لمدى الحياة.
وعليه، نسأل عن مدى نجاعة تشديد العقوبة في منع هذا النوع من الجرائم، خصوصا مع إطالة أمد إجراءات التحقيق والمحاكمة معهم وإثقال عمل القضاء العسكري وكلفة ملاحقة هذه الجرائم. والتساؤل الأهم يتصل باستشراف الطرق التي يجدر اعتمادها للحدّ من هذه الظاهرة.
وعليه، نوصي بإسقاط صفة العجلة عن هذين الاقتراحين لكي يتم دراستهما في اللجان النيابية بعد إجراء تقييم لمدى فعالية قانون العام 2016 وآليات تطبيقه واستشارة الجهات المعنية بتنفيذه.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل حول هذا الاقتراح:
اقتراحان لتشديد عقوبة إطلاق النار في الهواء: هل الحل هو في التشريع؟
البند 53: إلغاء إعفاء الطوائف من الرسوم والضرائب
نجد هنا أحد أهمّ الاقتراحات لهذه الجلسة، وهو اقتراح القانون المعجل المكرّر المقدّم من النائب بلال عبد الله، والرامي إلى إلغاء القانون رقم 210 الصادر في 26 أيار 2000 والذي تمّّ بموجبه إعفاء الطوائف المعترف بها في لبنان من الضرائب والرسوم. وكان البرلمان قد أقرّ في 2000 هذا القانون الذي ينصّ على أن تستفيد كل طائفة معترف بها قانوناً وكل شخص معنوي ينتمي إليها بحكم القانون، قبل صدور هذا القانون، من الإعفاء من جميع الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرّسوم والعلاوات التي تستفيد منها قانوناً المؤسسات العامة.
وقد أكّدنا في مقال منفصل على كون هذا الاقتراح خطوة ضرورية مطلوب تعميمها على سائر الأوقاف والطوائف عملا بالمساواة. فإذ أصاب الاقتراح في الدعوة إلى إلغاء الامتياز (الإعفاء) الضريبي للأوقاف المسيحية عملا بمبدأ المساواة بين المكلفين في تحمّل الأعباء العامة، فإنه أخطأ في المقابل في إبقاء الأوقاف الإسلامية مستفيدة من هذا الإعفاء من منطلق كونها مؤسسات عامة. فإلغاء إعفاء الأوقاف والطوائف المختلفة بات ضرورة في ظلّ الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه لبنان، والذي يفرض رفد خزينة الدولة بالموارد الممكنة. ولا شك أن المؤسسات الطائفية وأملاكها الواسعة يمكن أن تساهم كسائر المواطنين في تأدية الضرائب والرسوم عملا بمبدأ المساواة خاصة إذا كانت تلك المؤسسات تقوم بنشاط اقتصادي مربح.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل حول هذا الاقتراح:
اقتراح بإخضاع الطوائف للضرائب: من أجل أن تشارك الطوائف في الأعباء العامة
البند 54: تعزيز تبادل المعلومات بين الضمان الاجتماعي والإدارة الضريبية
نجد هنا اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب بلال عبد الله يرمي إلى إلزام الإدارة الضريبية إرسال نسخة عن التصريح الضريبي المقدم من قبل صاحب العمل المتعلق حصراَ بالرواتب والأجور والتعويضات الخاصة بالمستخدمين إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لمقارنتها بالتصاريح المقدمة إلى هذا الصندوق من قبل صاحب العمل، وإبلاغ الإدارة الضريبية فوراً بالتصاريح غير المطابقة.
وفيما يذهب هذا الاقتراح في الاتّجاه الصحيح نحو مكافحة التهرّب الضريبي، فإنّه ورد حرفيا في المادة 92 من قانون موازنة العام 2024، ما يجعله من دون موضوع.
البند 55: اقتراح لوضع الموظفين بالتصرّف لمجرّد الشبهة: عقوبة تأديبية مقنّعة من دون ضمانات الدفاع
نجد هنا اقتراح قانون معجّل مكرّر يرمي إلى وضع الموظفين المدعى عليهم من قبل النيابات العامة بقضايا فساد أو إهمال أو إثراء غير مشروع تتعلق بوظيفتهم وبمعرض ممارستهم لها حكماً بتصرّف رئيسهم التسلسلي أو المرجع المختصّ بتعيينهم لحين صدور قرار يمنع المحاكمة أو بالبراءة من القضاء المختص، مع حفظ حقوقهم في هذه الحالة. وقد تقدّم بهذا الاقتراح مجموعة من نواب "التغيير" وهم بولا يعقوبيان وابراهيم منيمنة ونجاة عون وحليمة القعقور وفراس حمدان وياسين ياسين، مبرّرين في الأسباب الموجبة له أنّ عودة المدّعى عليهم أو الموقوفين المدّعى عليهم بجرائم فساد والمخلى سبيلهم إلى عملهم من شأنه تمكينهم من طمس الأدلّة والتلاعب بها والاستمرار بالممارسات المشتبه بهم ارتكابها.
وقد شرحنا في مقال منفصل الملاحظات العديدة على هذا الاقتراح، بحيث يفرض تدابير بحق موظف عامّ من دون ضمانات كافية لحماية قرينة البراءة وحقّ الدفاع، كأن يتخذ القرار من قبل قاضي تحقيق أو قاضي حكم بعد تمكين الموظف المعني من إبداء دفاعه وأن يعطى في مطلق الأحوال حق الطعن في هذا القرار. كما أنّه يُلحظ أنّ الاقتراح لم يحدّد مدة محددة للتدبير الاحترازيّ. وما يزيد من قابلية هذا الاقتراح للانتقاد هو عدم معالجته لمفهوم الوضع بالتصرّف الإشكالي أصلا.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل حول هذا الاقتراح:
اقتراح لوضع الموظفين بالتصرّف لمجرّد الشبهة: عقوبة تأديبية مقنّعة من دون ضمانات الدفاع
البند 56: منح حصانة للقضاة الشرعيين
ورد على جدول الأعمال اقتراح تقدّم به النائب علي حسن خليل (البند 56) ويرمي إلى إضافة فقرة ثالثة إلى نص المادة 351 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وهي المادة التي تحدد القضاة الذين تطبق عليهم جرائم القضاة الناشئة عن وظائفهم.
وفي التفاصيل، تنصّ المادة 351 كما وردت في القانون الحالي على تطبيق أحكام المواد من 344 الى 350 من قانون المحاكمات الجزائية على جرائم القضاة الناشئة عن وظائفهم، على أن تطبّق جميع هذه الأحكام على قضاة مجلس شورى الدولة وقضاة ديوان المحاسبة والقضاة المتقاعدين في منصب الشرف. ويرمي الاقتراح إلى إضافة فقرة إلى المادة المذكورة بهدف تطبيق أحكام جرائم القضاة الناشئة عن وظائفهم على قضاة الشرع والمتقاعدين منهم في منصب الشرف، ما يعني منح هذه الفئات من القضاة حصانة قضائية.
وقد برر خليل اقتراحه بعدّة اعتبارات، بحسب ما ورد في الأسباب الموجبة، أبرزها:
- ضرورة حفظ ضمانات للقضاة من أجل تأمين استقلال القضاء عموما والشرعي خصوصا، لأن أيّ انتقاص منها يؤدي إلى مخالفة المادة 20 من الدستور، بالأخصّ أنّ القضاء الشرعي يعدّ جزءا من تنظيمات الدولة القضائية. وقد أكّد قانون المحاكم الشرعيّة على استفادة قضاة المحاكم الشرعية السنية و الجعفرية من جميع التعويضات والإضافات على الرواتب التي تقرر لسائر القضاة العدليين، بما يدل على أن المشترع تعامل مع الجميع على قدم المساواة.
- إن أي نقل أو صرف أو إحالة على المجلس التأديبي لا تتمّ إلا بعد موافقة مجلس القضاء الشرعي الأعلى.
- إن رئيس مجلس الوزراء بصفته أعلى مرجع إسلامي في السلطة التنفيذية وهو الذي ترتبط به شؤون القضاة وموظفي المحاكم الشرعية، والذي خوله القانون ممارسة حق الوصاية كوزير مختص من خلال اتخاذ كافة التدابير المتعلقة بهؤلاء، بيد أنه ومع كل هذا فإنه يستلزم لصحة عمله أن يكون هناك موافقة مسبقة من مجلس القضاء الشرعي الأعلى.
- إن التفسير الخاطئ للمادة المطلوب تعديلها من قبل بعض قضاة المحاكم الجزائية أوجب ضبابية لا بدّ من إزالتها بالشكل الحاسم، وإختصاراً لما تقدم فإن المطلوب هو المساواة التامة في الحقوق والواجبات لسائر القضاة اللبنانيين.
وإذ نرى ضرورة في حماية القضاة العاملين نظرا لحساسية مهامهم مع التنبه إلى عدم تحول هذه الحصانة أو الاجراءات الخاصّة للمحاكمة إلى باب للإفلات من المحاسبة، فإننا نرى في الوقت نفسه أن شمول الاقتراح "قضاة الشرف" المتقاعدين هو غير مبرر.
البند 57: إعادة عناصر مسرّحين من الضابطة الجمركية إلى السلك
نجد هنا اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النواب بلال عبدالله، فادي علامة، بلال الحشيمي وأديب عبد المسيح بتاريخ 31/1/2024 ويرمي إلى الإجازة، ولمرّة واحدة فقط، للمجلس الأعلى للجمارك إعادة أفراد (خفراء) ورتباء من الضابطة الجمركية ممن سرّحوا من الخدمة، لأسباب غير تأديبية، إلى السلك بناءً لطلبهم، ودون مباراة ودون خضوعهم لدورة تنشئة جديدة وفق شروط محدّدة ضمن الاقتراح نفسه. يخضع هؤلاء خلال فترة خدمتهم الجديدة لنظام يضعه المجلس الأعلى للجمارك بعد استطلاع رأي مدير الجمارك العام يحدّد فيه حقوقهم وواجباتهم وأوضاعهم من النواحي الإدارية والتنظيمية والوظيفية والمالية والإجتماعية. وأخيراً، تتم إعادة تسريح هؤلاء (أي المعادون إلى الخدمة من الأفراد والرتباء بموجب هذا القانون) حكماً ونهائياً عند حلول أحد أبعد الأجلين الآتيين، إما انقضاء خمس سنوات على مباشرتهم العمل بعد إعادتهم إلى الخدمة بموجب هذا القانون أو عند بلوغهم سن السابعة والخمسين. كما يحق للإدارة تسريحهم في أي وقت بموجب قرار من المجلس الأعلى للجمارك بناء على اقتراح مدير الجمارك العام وذلك لأسباب قاهرة وطارئة، تأديبية أو صحيّة ضمن الأصول والآليات المنصوص عليها في القوانين المرعية.
تبرر الأسباب الموجبة تقديمه بأن "قانون الموزانة العامة للعام 2019 قد منع التوظيف والتطوّع في الوزارات والإدارات العامة والأسلاك الإدارية والأمنية والعسكرية والفنية وسائر القطاع العام الأمر الذي انعكس على الضابطة الجمركية حيث باتت تعاني من نقص حادّ في عديدها المحدّد في ملاكها لا سيما من فئة غير الضباط أي فئة الأفراد (الخفراء) والرتباء".
كما تضيف، أن "الظروف الإجتماعية والإقتصادية والأمنية السائدة في البلاد تستدعي أقصى درجات الجهوزية من قبل جميع الإدارات والأجهزة المعنيّة وبالأخص الضابطة الجمركية التي أناطت بها القوانين والأنظمة أدواراً بالغة الأهمية في الداخل وعلى الحدود، الأمر الذي يستدعي أن تكون الضابطة المذكورة مكتملة العدد بحده الأقصى المتاح قانوناً وعلى أتم الاستعداد للاضطلاع بمهامها".
نشير أن هذا الاقتراح سبق وقدّم مماثلاً ولكن بصفة عادية من قبل النائب بلال عبدالله فقط بتاريخ 16/5/2023. أحيل هذا الاقتراح إلى لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات بتاريخ 28/2/2024 إلا أنه لم يدرس فيها بعد. وعليه يقتضي ضم هذا الاقتراح إلى الاقتراح المذكور. هذا مع العلم أن أي شغور في الوظائف يحلّ من حيث المبدأ بتنظيم مباراة مفتوحة عملا بمبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة عملا بالمادة 12 من الدستور وأن إعادة النظر في حظر التوظيف أقل كلفة من إعادة توظيف من خرجوا من الوظيفة العامة على حساب مبدأ المساواة.
البند 58: إعفاءات ضريبية لمصانع الأدوية
نجد هنا اقتراحا معجّلا مكررا تقدّم به النائبان بلال عبدالله وجورج بوشيكيان ينصّ على إضافة بند رابع إلى المادة الخامسة من المرسوم الاشتراعي رقم 144 تاريخ 12-6-1959 حول استفادة "المؤسسات التي تمارس صناعة الأدوية من حسم ضريبي يعادل 90% من الضريبة المتوجّبة على أرباحها الناتجة عن صناعة الأدوية المرخّصة من وزارة الصحّة العامة، سواء كانت هذه الأرباح ناتجة عن عمليات بيع هذه الأدوية في الداخل أو عن عمليات تصديرها إلى الخارج".
وتعليقًا على اقتراح القانون يقول الدكتور اسماعيل سكرية، إنّ أي حديث عن تشجيع لصناعة الأدوية الوطنية من دون ذكر إعادة إحياء المختبر المركزي وضبط أسعار الدواء هو "حديث شعبوي"، عندما تكون الصناعة الوطنية تحت الرقابة العلمية (عبر المختبر) والرقابة التسعيرية، وضبط مراقبة استمرارية وجود الأدوية في الأسواق اللبنانية بدلًا من تصديرها إلى الخارج، "عندها أتنقل لمناقشة إعفاء المصانع" من الضرائب. ويعتبر سكريّة أنّه في ظل غياب كلّ هذه المعايير ستبقى الصناعة الوطنية من دون ضوابط، وبالتالي سيبقى همّ المصانع تكديس أرباحها، والسعي لتصدير أصنافها إلى الخارج من دون إعارة السوق اللبناني اهتمامًا. ويعطي مثالًا على ذلك، ما حدث خلال الأزمة "كانت الأدوية الوطنية تصدّر إلى العراق وتُقطع عن السوق اللبناني" على حد قول سكريّة.
ويضيف سائلًا: "هل طرح المسؤولون لمرة واحدة لماذا سوق دول الخليج والأردن لا تستورد من لبنان، مفسّرًا أنّ هناك شكّا لدى هذه الدول في تركيبة الدواء اللبناني كون لا مختبر وطنيّ لدينا، إضافة إلى أنّ معظم المصانع اللبنانية تستعمل سياسة إعادة التعليب "بيجيبوا آلاف الحبوب وبيعيدوا تعليبها من جديد وبدهم يصدّروها بدون شهادات وفحوصات، المختبر بيعطي مصداقية وثقة للدواء الوطني بس ممنوع يكون في مختبر لأن ح ينسف كثير أدوية".
للمزيد من التفاصيل حول الدواء الوطني:
الدواء الوطني ليس في متناول الجميع وتحدّيات عدّة لا تزال تعيق تطورّه
البند 59: اقتراح لتسهيل تنفيذ قرارات القضاء الإداري
يتمثّل هذا البند باقتراح تقدّم به النائب إبراهيم منيمنة ويرمي إلى تعديل المادة 93 من نظام مجلس شورى الدولة بهدف وضع آلية فعّالة لتنفيذ أحكام مجلس شورى الدولة الملزمة في مواجهة امتناع الإدارة الاستنسابي عن تطبيقها. وأبرز ما نصّ الاقتراح عليه في هذا الشأن:
- تحديد المهلة المعقولة بمهلة شهرين لتنفيذ "الأحكام المبرمة الصادرة عن مجلس شورى الدولة تحت طائلة المسؤولية"، على أن تعتبر وفق الاقتراح هذه الأحكام نافذة حكما في حال انقضاء هذه المهلة،
- سريان الغرامة الاكراهية حكماً عند انقضاء المهلة تقدّر وتصفّى في آن واحد،
- تخويل المتضرّر ملاحقة الموظّف الممتنع أو المعيق للتنفيذ "من دون أي سبب جدّي ومبرّر أو قوة طارئة" على خلفية إخلاله "بالواجبات الوظيفية وإعاقة تنفيذ القرارات القضائية الملزمة" وفقا لقانون العقوبات، من دون حاجة للحصول على إذن مسبق بالملاحقة.
وفي حين أفرد المرصد البرلماني تعليقا مفصّلا حول الاقتراح، نذكّر هنا بأبرز الملاحظات عليه:
- اقتراح جانبي بالنسبة إلى ورشة إصلاح القضاء الإداري:
أوّل ما يُلحظ بشأن هذا الاقتراح، وبغضّ النظر عن أهميّة مضمونه، هو غياب التنسيق في العمل التشريعي، وبخاصّة في ظلّ وجود اقتراحات ترمي إلى إصلاح شامل للقضاء الإداري ومن ضمنه قابلية أحكامه للتنفيذ. وعليه، يظهر أنّ الاقتراح جاء بمثابة وثبة مجتزأة وجانبية في مجال القضاء الإداري، تتجاهل كل الورشة القائمة لدى اللجنة الفرعية فلا تبني عليها ولا تتفاعل معها ولا تأتي حتى على ذكرها في أسبابها الموجبة.
- أسبقيّة تنفيذ أحكام القضاء الإداري على إصلاحه:
يستدعي الاقتراح التفكير مجددا بمسألة التزام الإدارة العامة بتنفيذ الأحكام الإدارية. ففي حين يجدر التأكيد على نفاذ القرارات القضائية انطلاقا من مبدأ الفصل بين السلطات، فإنّ مبدأ سيادة الدّولة وعدم جواز تنفيذ القرارات قسرًا بحقّها، يبقى بدوره اعتبارا وازنا لا يجوز التسرّع في تجاوزه. وبالواقع، فإن ضرورة التوفيق بين هذين الاعتبارين، يشكل سببا إضافيا لربط مسألة تنفيذ قرارات القضاء الإداري بضرورة إصلاحه وإصلاح أصول المحاكمات أمامه: فبقدر ما تنجح الدولة في بناء قضاء إداري مستقل وكفؤ وعادل يلتزم بشروط المحاكمة العادلة، بقدر ما يصبح من الملائم بل من الضروريّ تبنّي أحكام قانونية ضمانا لتنفيذ قراراته من دون المجازفة بالصالح العام.
للاطلاع على تعليق المرصد البرلماني حول هذا الاقتراح
اقتراح لتسهيل تنفيذ قرارات القضاء الإداري: أفكار مفيدة على هامش ورش الإصلاح القضائي
البندان 60 و61: اقتراحان متصلان بالمناطق التي تسكنها غالبية من الطائفة العلوية
البند 60 : إنشاء حيّ جبل محسن وتعيين مختارين
يرمي هذا الاقتراح المعجل المكرر المقدّم من النائب حيدر ناصر في نيسان 2024 إلى إنشاء حيّ جبل محسن وتعيين مختارين للعناية بشؤون المواطنين من سكان هذا الحيّ. وقد نصّ الاقتراح على أن يكون للحيّ سبعة مختارين وأن يقوم وزير الداخلية ولمرّة واحدة وبصورة استثنائية ولغاية إنشاء سجلات نفوس الحي فور نشر هذا القانون "بتعيين خمسة مختارين من سجل نفوس التبانة ومختارين من سجل نفوس القبة طرابلس بهدف معاونة المحافظة في تكوين قيود سجلات حيّ جبل محسن".
وإذ يفهم من الاقتراح أنّه يسعى إلى تصحيح غياب المخاتير من الطائفة العلوية، إلّا أنّه لا يأتي على ذكر الطائفة العلويّة بشكل صريح بالرغم من أنّ كلّ منطلقاته وأهدافه تصبّ في خدمة صحّة تمثيل سكّان جبل محسن العلويين.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الاقتراح يتعارض مع القانون الصادر سنة 1997 تحت الرقم 665 الذي ينص على أنّ صلاحية زيادة عدد الأحياء وعدد المختارين يتمّ بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخليّة. لكن يبقى أنّه لا يوجد مانع دستوري من قيام مجلس النواب بإنشاء حيّ جبل محسن بقانون وإن كان ذلك سيؤدّي إلى تضارب بين القوانين.
يرمي هذا الاقتراح إلى إلغاء مبدأ الانتخابات لملء مراكز المخاتير المستحدثة واستبداله بالتعيين من قبل السلطة التنفيذية من دون أن يكون هنالك سببٌ جوهري يحتّم هذا التدبير الاستثنائي.
وفي النهاية يشار إلى أن الانتخابات الاختيارية جرت في طرابلس بتاريخ 11 أيار المنصرم ما يعني أن إقرار هذا القانون سيمكن وزير الداخلية من تعيين المختارين في المبدأ لولاية كاملة من ست سنوات، علما أن هذا الاقتراح فقد طابعه المستعجل كون نتيجة الانتخابات الاختيارية في باب التبانة أسفرت هذه المرة عن فوز سبعة مخاتير من الطائفة العلوية على الأقل بسبب كثافة التصويت المواطنين الذين ينتمون إلى الطائفة العلوية. ومن البيّن أن هذا الاقتراح يُضاف إلى جملة من الاقتراحات المتصلة بالانتخابات البلدية والاختيارية والهادفة إلى ضمان تمثيل أقليات ويجدر مناقشته من ضمنها ومعها.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني حول الاقتراح:
الفرز الطائفي في حيّ التبانة - جبل محسن: أو "الأحياء" كباب لتطييف الانتخابات الاختيارية؟
البند 61: اقتراح إنشاء بلدة ضهور الهوا
تقدم النائب حيدر ناصر في نيسان 2024 باقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى استحداث بلديّة في قرية ضهور الهوا في قضاء الكورة ومنح القرية مختارين. ويهدف الاقتراح إلى تعديل الجدول المرفق بالمرسوم الاشتراعي رقم 11 الصادر سنة 1954 الذي يقوم بتعداد القرى ليضيف عليه قرية ضهور الهوا، بغية إفساح المجال أمام إنشاء بلديّة في هذه القرية عملا بأحكام قانون البلديات الصادر سنة 1977. إلّا أنّ الاقتراح أغفل عن التطرّق إلى الإشكاليّة القانونيّة التي باتت تعتري إنشاء البلديّات منذ التعديل الذي طرأ على قانون البلديات سنة 1997 والذي ألغى المادة التي كانت تتيح لوزير الداخلية إنشاء البلديّة بقرار منه بالنسبة للقرى المذكورة في الجدول رقم 11. ونظرًا إلى قيام وزراء الداخليّة المتعاقبين منذ ذاك الحين بإنشاء البلديات بقرارات صادرة عنهم متجاهلين إلغاء النصّ، في ما أصبح ممارسة تفتقر إلى سند قانوني واضح، من الجائز التساؤل عمّا إذا كان الاقتراح في حال إقراره سيؤدي إلى إنشاء البلدية حكما أو أن تدخل وزير الداخلية عبر قرار خاص يظل ضروريا.
فضلًا عن ذلك فإنّ الاقتراح يرمي إلى استحداث بلديّة بخمسة أعضاء خلافا لما ينصّ عليه القانون لجهة أنّ الحدّ الأدنى لأصغر مجلس بلدي يكون 9 أعضاء، هذا فضلا عن أن الاقتراح ألغى فرضيّة القيام بالانتخابات بلديّة لملء المراكز المستحدثة واستعاض عنها بتكليف الوزير تعيين أعضاء المجلس البلدي عبر اختيارهم من جمعيّة معيّنة يسمّيها الاقتراح.
ولا بدّ من الإشارة إلى الهواجس الطائفية التي ينطلق منها الاقتراح والتي تشير اليها الأسباب الموجبة بشكل مضمر عندما تتكلم عن الاستقلال الديمغرافي للقرية ما يحتّم تخصيصها ببلديّة، أي بعبارة أوضح وجود أكثريّة سكّان من الطائفة العلويّة يرمي الاقتراح إلى منحهم القدرة على إدارة شؤونهم بنفسهم واستقلالهم عن القرى المحيطة المختلفة طائفيًا بتركيبتها السكّانيّة.
في النهاية، يجدر التساؤل حول جدوى الاقتراح أو أقلّه طابعه المستعجل نظرًا إلى إتمام العمليّة الانتخابيّة البلديّة في محافظة الشمال ما يعني أن إقرار هذا الاقتراح سيسمح لوزير الداخلية بتعيين الأعضاء لولاية بلدية كاملة من ست سنوات.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني المفصّل حول الاقتراح:
اقتراح إنشاء بلدية جديدة "ضهور الهوا": التشريع كجدار فصل بين الطوائف
البند 62: يراجع البند 15
البند 63: تمرّد نائبيْن على المجلس الدستوري: منطق التسوية والإعفاء الضريبي أولا
أحد أخطر القوانين على جدول أعمال الجلسة، هو اقتراح قانون تقدّم به النائبان علي فياض وجهاد الصمد وهو يرمي إلى إجراء تسوية ضريبية على التكاليف غير المسدّدة المتعلّقة بضريبة الدخل والضريبة على القيمة المضافة المعترض عليها أمام لجان الاعتراض. وفي التفاصيل، تُحدّد التسوية بقيمة 50% من قيمة الضرائب المعترض عليها أمام لجان الاعتراض من قبل المكلّفين، على أن تشمل أعمال عام 2020 وما قبل.
واللافت أن هذا الاقتراح يستعيد بشكل شبه حرفي المادة 87 من من قانون موازنة العام 2024 والتي كان أبطلها المجلس الدستوري في قراره الصادر في تاريخ 4/4/2024، وذلك لتعارضها مع قوة القضية المقضية المتمثلة في قراريه بشأن موازنتيْ 2018 و2022، فضلا عن مخالفة هذه التسوية لمبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية والضريبية. وبذلك، يأتي هذا الاقتراح بمثابة تمرّد على 3 قرارات للمجلس الدستوري صدرت تباعا في 2018 و2022 و2024، بما يخالف تماما المادة 13 من قانون إنشاء المجلس الدستوري التي نصّت على أنّ قرارات المجلس الدستوري ملزمة لجميع السلطات العامة والمراجع القضائية والإدارية، أي أنّها تتمتّع بحجية مطلقة تجاه الجميع.
إن هذا الاقتراح ليس خطرا فقط لتعارض مضمونه مع القوة المقضية لقرارات المجلس الدستوري، بل أيضا لتعارضه مع مبادئ المواطنة والعدالة الضريبية. وهذا ما بيّنه المجلس نفسه تكرارا في قراراته، لجهة أنّ التسوية (المقرة أو المقترحة) تخالف مبدأ المساواة بين من دفع ضريبته من جهة ومن تخلّف عن القيام بموجبه لمصلحة هذا الأخير، "ومن شأنها تشجيع المواطنين على التخلف عن تسديد الضرائب المتوجبة عليهم، وحمل الذين دأبوا على الالتزام بتأدية واجبهم الضريبي، على التهرب من تسديد الضرائب المتوجبة عليهم، أملاً بصدور قوانين إعفاء ضريبي لاحقاً". كما أكّد المجلس في قراراته الثلاثة أنّ هذه المادة تؤدي إلى التفريط بالمال العام.
ونظرا لخطورة الاقتراح، فقد أفردنا تعليقا تفصيليا عليه يُمكنكم الاطّلاع عليه عبر الرابط التالي:
تمرّد نائبيْن على المجلس الدستوري: منطق التسوية والإعفاء الضريبي أولا
البند 64 : تشريع "التدريب العسكري وخدمة العلم"
تقدم النائب حيدر ناصر بتاريخ 8 أيّار 2024 باقتراح معجل مكرر يرمي إلى "تشريع التدريب العسكري وخدمة العلم". وقد نصّ الاقتراح على إلغاء القانون رقم 665 الصادر سنة 2005 الذي يلغي خدمة العلم وإعادة العمل بقانون خدمة العلم رقم 38 تاريخ 06/12/1972 وتعديلاته وكافة القرارات الصادرة عن قيادة الجيش السابقة للقانون 665 (ولا بدّ من الإشارة هنا إلى النقل الخاطئ لتاريخ القانون من قبل الاقتراح إذ أنّه صادر في 06/12/1975).
كذلك نصّت الفقرة الثانية على إعادة العمل "بقانون التدريب العسكري في معاهد التعليم تاريخ 8 كانون الأول 1953" على أن يتم بحسب البند تخفيض "خدمة المواطنين الذين خضعوا لدورات التدريب العسكري المبينة من سنة إلى ستة أشهر". ويفوض الاقتراح في بنده الأخير وزارتيْ الدفاع والتربية الوطنية بإصدار المراسيم التطبيقية لتنظيم خدمة العلم والتدريب العسكري.
لا بدّ أوّلاً من الإشارة إلى اللغط الحاصل في الاقتراح حول القوانين التي يجدر أن تلغى لإعادة إحياء خدمة العلم إذ إن إقرار هذا النصّ سيؤدّي إلى تضارب تشريعي من خلال إحياء قانونين للموضوع نفسه مع ما يحملانه من تناقضات ستجعل من تطبيقهما لا يستقيم قانونًا.
وفيما جاء هذا الاقتراح المقدّم من النائب حيدر ناصر بعد اقتراحين تقدّم بهما بخصوص إنشاء بلديّة ضهور الهوا وإنشاء حيّ جبل محسن المتسمين بطابع طائفي نظرًا للكثافة الديموغرافيّة من العلويين في المنطقتين موضعا الاقتراحين، يأتي الاقتراح الحالي في ما يشبه إعادة التوازن في مبادرة النائب التشريعيّة بين اعتبارات الدفاع عن حقوق الطائفة وحسن تمثيلها وبين نبذ الطائفية والتشرذم في المجتمع اللبناني والدفع إلى تغليب الوحدة الوطنية والتلاقي بين اللبنانيين على اختلاف مشاربهم الطائفية.
وبالتالي، يكمن هدف هذا الاقتراح وفقا لأسبابه الموجبة في توحيد اللبنانيّين من خلال خدمة العلم، مع تكرار الصورة النمطية التي يرددها الخطاب العام حول الجيش ودوره في تعزيز الوعي الوطني كبوتقة للانصهار والتلاقي بين اللبنانيين المختلفين طائفيا، وكأن التنوع الطائفي هي مشكلة تعيق اكتمال المواطنة لا بد من تخطيها عبر "صهر" اللبنانيين ودمجهم قسريا من خلال عسكرة حياة الشباب وإرغامهم على التواجد سويا داخل الجيش.
بالإضافة إلى ذلك، من الملاحظات المعبرة أن خدمة العلم تستهدف أساسا وبشكل إلزامي الذكور من اللبنانيين بينما اللبنانيات عملا بالمادة الرابعة من قانون 1975 (أو 104 من قانون الدفاع الوطني) "يخضعن لهذه الخدمة عند الاقتضاء بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء تحدد فيه شروط ومجال استخدامهن"، ما يعني أن خدمة العلم للبنانيات ليست إلزامية إلا في حال صدور مرسوم بذلك. وهكذا يتبين أن الوحدة الوطنية التي يريد الاقتراح تعزيزها تقتصر على الذكور وكأن المرأة لا دور لها في الحياة العامة.
كما يُشار أخيرًا إلى أنّ الاقتراح لم يلحظ دراسة للأثر المالي لإعادة العمل بخدمة العلم لما فيها من أعباء مالية على خزينة الدولة نتيجة النفقات المترتبة على التعويضات و"التغذية والسكن واللباس" التي ستزداد بشكل كبير من دون معرفة مدى توفر الإمكانية المادية في ظل الأزمة المالية الكبيرة التي تعاني منها كافة مؤسسات الدولة ومن بينها الجيش. هذا فضلا عن أنه لم يلحظ إمكانية القيام بخدمة مدنية.
من دون التقليل من أهمية إعادة التفكير في مبدأ خدمة العلم ولو في مجالات مدنية، فإن هذا الأمر يستدعي نقاشا يوجب إسقاط صفة العجلة عن الاقتراح.
للاطلاع على تقرير المرصد البرلماني المفصّل حول الاقتراح
اقتراح إحياء خدمة العلم والتدريب العسكري: الانصهار الوطنيّ في ظل حراك لمأسسة الطائفة العلوية
البند 65: اقتراح لردع سلفات الخزينة المخالفة للأصول
على جدول أعمال الهيئة العامة، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم النواب بولا يعقوبيان وياسين ياسين وابراهيم منيمنة وفراس حمدان. يرمي الاقتراح إلى تحميل كل من يخالف أصول منح سلفات الخزينة مسؤولية تسديدها من أمواله الخاصة. وفي تفاصيل الاقتراح، فإنّه يرمي إلى إضافة فقرة إلى المادة 213 من قانون المحاسبة العمومية، تُعيد التّذكير بوجوب التقيّد بأصول منح سلفات الخزينة المنصوص عنها في المواد 203 إلى 212، قبل أن تفرض العقوبة المذكورة أعلاه على من يخالفها.
وللتذكير، فإنّ المادة نفسها قد أقرّها المجلس النيابي في قانون موازنة 2024، قبل أن يُبطلها المجلس الدستوري في قراره على أساس أنّها من فرسان الموازنة، وذلك لأنّها تحمل طابعاً عقابياً أكثر ممّا هو مالي. وعليه، عاد النواب وتقدّموا بالاقتراح بالمضمون نفسه تبعا لكون إبطال المجلس الدستوري كان وفق معيار شكلي حصرا لجهة عدم جواز إيراد هكذا مادّة في الموازنة، وليس لعدم دستورية المادة بحدّ ذاتها، وهو ما أكّده مقدّمو الاقتراح في أسبابه الموجبة.
يذهب إقرار هذا الاقتراح في الاتجاه الصحيح لضمان احترام قانون المحاسبة العمومية ومكافحة الممارسات المخلة به.
ونظرا لأهمّية الاقتراح، فقد أفردنا تعليقا تفصيليا عليه:
اقتراح لردع سلفات الخزينة المخالفة للأصول
البند 66: اقتراح لتسديد الضرائب عبر الحسابات المصرفية القديمة: إطفاء خسائر المصارف عبر تحميلها للدولة
أحد أخطر الاقتراحات على جدول أعمال الجلسة، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من نواب كتلة الجمهورية القوية جورج عدوان وغسّان حاصباني وجورج عقيص وغادة أيوب ورازي الحاج، يرمي إلى السماح للمكلّفين بالضريبة على الأرباح والأصول الثابتة والأملاك المبنية تسديد المبالغ المترتّبة عليهم من أموال حساباتهم المصرفية المودعة قبل 17/10/2019 بالليرة اللبنانية أو بالعملة الأجنبية حيث يُحتسب المبلغ بالليرة اللبنانية على أساس سعر الصرف المحدّد من قبل مصرف لبنان. وقد وضع الاقتراح حدّا أقصى للدفع سنويا بهذه الطريقة وهو 5 مليارات ليرة سنويا، وعلى أن يسري الاقتراح لمدّة 5 سنوات من تاريخ صدوره.
ونظرا لخطورة هذا الاقتراح، أعدّينا تعليقا منفصلا حول الملاحظات عليه، حيث وبنتيجة هذا الاقتراح سيتم تقليص المطلوبات من المصارف على حساب الدولة، كما ويحصر الاقتراح هذا الامتياز بأصحاب رؤوس الأموال لا الأجراء.
وفي جميع الأحوال، يشكّل هذا الاقتراح استباقا لمشروع قانون الحكومة بشأن كيفية معالجة الفجوة المالية وخسارة الودائع. وعليه، يجدر ردّ هذا الاقتراح لعدم ملاءمته.
للاطّلاع على تعليق المرصد البرلماني حول هذا الاقتراح:
اقتراح لتسديد الضرائب عبر الحسابات المصرفية القديمة: إطفاء خسائر المصارف عبر تحميلها للدولة
البند 67 : اقتراح إلغاء المهلة الزمنيّة لاستعادة الجنسيّة اللبنانيّة
تقدم عشرة نوّاب من كتل نيابيّة مختلفة هم نعمة افرام ونديم الجميل وميشال معوض وميشال ضاهر ومارك ضو وأشرف ريفي وبيار بو عاصي وشوقي الدكاش وآلان عون بتاريخ 23 أيار 2024 باقتراح قانون يرمي إلى تعديل القانون رقم 41 الصادر بتاريخ 26 تشرين الثاني 2015 حول شروط استعادة الجنسية اللبنانية. ويهدف الاقتراح إلى إلغاء مهلة العشر سنوات التي تُسقط الحق في طلب الجنسية والتي تسري من تاريخ نفاذ القانون، علمًا أنّها تنتهي في 26 تشرين الثاني 2025 كون القانون قد نشر في العدد 48 من الجريدة الرسميّة بتاريخ 26 تشرين الثاني 2015.
وقد برّر مقدّمو الاقتراح إلغاء المهلة المنصوص عنها في القانون بسببيْن أساسييْن: الأول مبدئيّ ومفاده أنّ استعادة الجنسيّة هو "حق سيادي ودستوري مقدّس، وهو حق لا يمكن أن يكون محصورا بزمن"، والثانيّ ظرفي ومفاده أنّ مهلة العشر سنوات قد شابتها "سلسلة هائلة من المعوقات، حالت دون إقدام أصحاب الحق بتقديم طلباتهم لاستعادة جنسيتهم الأم". وقد شملت الأسباب الموجبة في تعدادها لهذه الظروف جائحة كورونا والأوضاع الاقتصادية والأمنية التي مرّ بها لبنان وانعكاس ذلك على عمل سفارات وقنصليات لبنان "ومعها المؤسسات الوطنية الروحية والمدنية المتواجدة في بلاد الانتشار، ومن مهامها مجتمعة تعميم القانون ونشره وحثّ المنتشرين على استعادة جنسيتهم" والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان و"الحرب الدائرة على أرض الجنوب الحبيب منذ أواخر العام 2023".
ومن الملاحظ أن الاقتراح لم يستند إلى دراسة تظهر مدى فاعلية القانون رقم 41 لجهة عدد الذين استفادوا منه منذ نفاذه، بل اكتفى بالتشديد على أهمية الجنسية والحق باستعادتها علما أن استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني ليست مسألة حقوقية بل هي تنبع من صلاحيات الدولة وحقها السيادي بتنظيم منح جنسيتها وفقا لاعتبارات تخضع لتقديرها.
ويسجّل أيضًا على الاقتراح استمراره في حرمان المتحدرين من أم لبنانية من الحق في استعادة الجنسية ما يشكل خرقا لمبدأ المساواة بين المواطنين المكرس في المادة السابعة من الدستور وتمييزا غير مبرر ضد المرأة. ويجدر التذكير بأن القانون رقم 41 في فقرته "أ" حصر صراحة إمكانية استعادة الجنسية لمن أدرج اسمه أو "إسم أحد أصوله الذكور لأبيه أو اقاربه الذكور لأبيه" في سجلات الإحصاء المذكورة في القانون.
علمًا أنّ هذا القانون ترافق عند اقراره سنة 2015 مع تسوية سياسية بين الكتل النيابية لديها أبعاد طائفية قضت بإقرار توصية بإعطاء الأمّ اللبنانيّة المتزوّجة من غير لبناني الحقّ في إعطاء الجنسيّة لأولادها، علما أنه بعد مضي كل هذه السنوات لم يتم تنفيذ هذه التوصية حتى اليوم.
للاطّلاع على تقرير المرصد البرلماني المفصّل حول الاقتراح
البند 68: يراجع البند 10
البندان 69 و70: معالجة تداعيات الحرب على لبنان
البندان 69 و70 الواردان على جدول الأعمال يتعلّقان بتداعيات الحرب على لبنان لجهة إعفاء المتضررين من بعض الضرائب والرسوم. وتمثّل البند 69 باقتراح مقدّم من النائب قاسم هاشم ويرمي إلى إعفاء المدن والبلدات والقرى في محافظتي النبطية والجنوب والتي تعرّضت للاعتداءات الإسرائيلية وما زالت والتي طالت الأماكن السكنية والمؤسسات التجارية والزراعية والصناعية من كافة رسوم المياه والكهرباء والغرامات المتوجبة عليها وإعفاء المؤسسات من كافة الضرائب والرسوم أيّاً كانت في مرحلة العدوان وذلك لعامي 2023-2024. والافت أنّ هذا الاقتراح ورد على جدول أعمال الجلسة التشريعية السابقة المنعقدة في تاريخ 24/4/2025، وقد أسقط المجلس النيابي صفة العجلة عنه. وبدل أن يحال إلى اللجان أعيد وضعه على جدول أعمال الهيئة العامة.
أمّا البند 70، فهو الاقتراح المقدّم من النواب حسن فضل الله، إبراهيم الموسوي، حسن عز الدين، علي حسن خليل، جهاد الصمد والياس جرادة، والرامي إلى منح الأشخاص الطبيعيين والمعنويين والأماكن السكنية المتضررين بشكل مادي مباشر نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان اعتبارا من 8/10/2023 إعفاءات من بعض الضرائب والرسوم وإعفاء ورثة الشهداء اللبنانيين الذين استشهدوا أو يستشهدون نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية.
وعليه، نظرا لإسقاط صفة العجلة في الجلسة الأخيرة عن الاقتراحات المتعلّقة بتداعيات الحرب بناء على طلب من رئيس الحكومة الذي أكّد أن الحكومة بصدد ارسال مشروع شامل في هذا الشأن، نرى وجوب إسقاط صفة العجلة عن هذين البندين أيضا.
البند 71: اقتراح لإخضاع MEA والكازينو لقانون الشراء العامّ
على جدول أعمال الهيئة العامة، نجد اقتراح قانون معجّل مكرّر من النائب جورج عدوان يرمي إلى إخضاع كل من شركة كازينو لبنان وإدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية وشركة طيران الشرق الأوسط لأحكام قانون الشراء العام ورقابة ديوان المحاسبة. وقد برّر عدوان اقتراحه في الأسباب الموجبة له بأنّ هذه الجهات تقوم بعمليات تؤثّر على المالية العامة، وأنّ نصوص تنظيم ديوان المحاسبة وقانون الشراء العام أتت شاملة لتطال رقابتها هذه الجهات، وأنّ الاقتراح يأتي ليمنع أيّ التباس أو تناقض في التفسير.
وفيما يذهب هذا الاقتراح في الاتجاه الصحيح أي في اتجاه فرض قواعد الشراء العام على هذه المؤسسات المملوكة من القطاع العام بعد ظهور لغط في هذا الشأن، كان من الأفضل معالجة هذا اللغط من خلال ضبط القاعدة العامّة الواردة في قانون الشراء العام والتي تحدد الشركات الخاضعة له.
ونظرا لأهمّية الاقتراح وضرورة إقراره، فقد أفردنا له تعليقا منفصلا يمكنكم الاطّلاع عليه عبر الرابط التالي:
اقتراح لإخضاع MEA والكازينو لقانون الشراء العامّ: التشريع بقواعد فردية وإسمية؟
البند 72: ضمان وإيفاء الودائع وتعويض المودعين وخاصة مالكي حسابات بالليرة اللبنانية
على جدول أعمال الجلسة، اقتراح قانون مقدّم من النائبيْن شربل مسعد والياس جرادة يرمي إلى ضمان وإيفــاء الودائع بقيمتها، لا بل تعويض المودعين وخاصة مالكي الحسابات بالليرة اللبنانية حيث تلتزم الدولة اللبنانية بالتعويض عليهم. لا بل يذهب الاقتراح إلى إبطال جميع تعاميم مصرف لبنان بعد 17 تشرين الأول 2019.
وعليه، يتبيّن أنّه لا يُمكن مناقشة اقتراح يرتب نتائج مالية كبيرة جدا بصيغة المعجل المكرّر، بل يقتضي كما اقتراح كتلة الوفاء للمقاومة دراسته في ضوء المشاريع الحكومية المتعلّقة بالقطاع المصرفي.
البند 73: اقتراح لإضافة درجات لبعض الأساتذة: "مكافأة" ب 7 دولارات
على جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس النيابي، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب إيهاب حمادة، يرمي إلى إعطاء درجات تدرّج إضافيّة للمعلمين والأساتذة في الملاك (درجتان لحملة الماجستير وأربعة لحملة الدكتوراه) وزيادة قيمة الساعة للمتعاقدين في التعليم الرسمي، من حملة شهادات الماجستير والدكتوراه اللبنانيتين أو ما يعادلها.
ينصّ الاقتراح الذي جاء في مادة واحدة على أن يُعطى المعلمون في ملاك التعليم الأساسي والأساتذة في التعليم الثانوي ممّن يحملون شهادة الماجستير اللبنانية أو ما يعادلها، درجتين مضافتين إلى درجاتهم المحققة شرط أن تكون المادة التي يدرّسونها هي موضوع الشهادة .
كما نصّ على أن يُعطى المعلمون في ملاك التعليم الأساسي والأساتذة في التعليم الثانوي ممن يحملون شهادة الدكتوراه (دولة) أو ما يعادلها PHD أو فئة ثالثة، أربع درجات مضافة إلى درجاتهم شرط أن تكون المادة التي يدرسونها هي موضوع الشهادة أو شهادة دكتوراه في العلوم التربوية.
ولحظ نصّ الاقتراح الأساتذة والمعلمين المتعاقدين في التعليم الأساسي والثانوي، فنصّ على إعطاء من يحمل منهم شهادة الماجستير اللبنانية أو ما يعادلها 10% من قيمة أجر الساعة شرط أن تكون المادة التي يدرّسها موضوع شهادة الماجستير. كما نصّ على إعطاء من يحمل من هؤلاء شهادة الدكتوراه (دولة) أو ما يعادلها PHD أو فئة ثالثة 20% من قيمة أجر الساعة على أن تكون المادة التي يدرّسها موضوع شهادة الدكتوراه أو شهادة دكتوراه في العلوم التربوية.
ويؤكّد من تواصلت معهم المفكرة من أساتذة ونقابيين على أنّ ما ينصّ عليه الاقتراح هو مطلب قديم ومحقّ للأساتذة ولكنّ تحقيقه من دون إصلاحات ترتبط بقيمة رواتبهم تُفرغه من مضمونه وتحول دون تحقيق الأهداف المرجوّة منه ولا سيّما تعزيز الارتباط بالمدرسة الرسميّة.
ويُشار إلى أنّ اقتراح قانون معجّل مكرّر للهدف نفسه كان قدّم في العام 2022 من النائبين فادي علامة ومحمد نصرالله، شمل حينها التعليم المهني والتقني واستثنى المتعاقدين ولم يعرض هذا القانون على الهيئة العامة ولم يُناقش حتى في اللجان.
ونظرا لأهمّية الاقتراح، فقد أفرد له المرصد البرلماني تعليقا مفصّلا يُمكنكم الاطّلاع عليه على الرابط التالي:
اقتراح لإضافة درجات لبعض الأساتذة: "مكافأة" ب 7 دولارات
البند 74: تعديل العتبات المالية لرقابة ديوان المحاسبة
على جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس النيابي، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدم من النواب حسن فضل الله وبلال عبد الله وإبراهيم كنعان ومحمد خواجة وجهاد الصمد وعلي حسن خليل، يرمي إلى تعديل العتبات المالية لرقابة ديوان المحاسبة، وزيادة الغرامات التي يُمكن للديوان فرضها عند ارتكاب المخالفات.
وقد سبق أن أقرّ اقتراح مشابه في هذا الصدد في جلسة 28/11/2024 التشريعية ما يجعل الاقتراح من دون موضوع.
البند 75: تأجيل دفع الضريبة على القيمة المضافة لمدة سنة للمؤسسات الصناعية والمنشأة حديثا
على جدول أعمال الجلسة التشريعية، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائبيْن ميشال ضاهر وأمين شرّي، يرمي إلى تأجيل دفع الضريبة على القيمة المضافة لمدة سنة للمؤسسات الصناعية المنشأة حديثاً. ويحصر الاقتراح هذه الإعفاءات على استيراد الآلات والمعدّات من الخارج اللازمة على أن تؤدّى الضريبة بعد سنة وذلك، بعد الحصول على موافقة كلّ من وزارة الصناعة ووزارة المالية.
يبدو هذا الاقتراح منافيا لمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة وبخاصة أن الضريبة على القيمة المضافة تستوفى من المستهلكين ولا يوجد سبب لتأخير تسديدها إلى الدولة. ولا تتوفر فيه بأية حال صفة الاستعجال وبخاصة في ظل عدم تحديد أثره المالي على الخزينة العامة.
البند 76: تعزيز الحقوق الاجتماعية لعناصر الدفاع المدني
نجد هنا اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدم من النائبان جهاد الصمد وبلال عبدالله يرمي إلى تعديل نظام وتنظيم الدفاع المدني (المرسوم الاشتراعي رقم 50 تاريخ 5 آب 1967).
تفصيلاً، يعمد الاقتراح إلى إضافة مادة جديدة (20 مكرّر)، بحيث تستفيد عوائل العناصر المتوفين في المديرية العامة للدفاع المدني (المنصوص عنهم في المادة 18 من هذا القانونٍ) من رواتب التقاعد وتعويضات الصرف، بنفس الشروط المعمول بها في قانون الدفاع الوطني، على ألّا يقل الراتب الشهري عن الحد الأدنى الرسمي للأجور. وتُؤمن التكاليف المالية لتغطية مستحقات عام 2024 من احتياطي الموازنة وتدرج للأعوام المقبلة الأموال المقدّرة لتغطية هذه التكاليف في موازنة وزارة الداخلية والبلديات- المديرية العامة للدفاع المدني.
نظرا للانعكاسات المالية لهذا الاقتراح، نرى من الأنسب إسقاط صفة العجلة عنه، على أن يتمّ درسه على حدة.
البند 77: تصحيح درجة ورواتب مرفعيّن في الجامعة اللبنانية
نجد هنا اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدّم من النائب بلال عبدالله بتاريخ 11/9/2024 والرامي إلى تصحيح رواتب بعض موظفي الفئة الثالثة في الجامعة اللبنانية الناجحين في المباراة المحصورة تنفيذاً للقانون رقم 241/2014.
تفصيلاً يعمد الاقتراح إلى تعيين موظفي الفئة الثالثة في ملاك الجامعة اللبنانية المرفّعين بموجب المرسوم 3532 تاريخ 19/5/2016 في درجة تساوي أعلى درجة من سلّم درجات الفئة الثالثة التي استفاد منها أجير أو متعاقد جرى تعيينه في ملاك الجامعة اللبنانية بموجب ذات المراسيم، وتسوّى رواتبهم على أساس هذه الدرجة الجديدة بمفعول رجعي اعتباراً من تاريخ مباشرة العمل في الفئة الثالثة.
هذا الاقتراح يشكل حلا ترقيعيا فضلا عن أنه لا يتضمن أي تبرير لتجاوز مبدأ المساواة.
البند 78: يراجع البند 30
البند 79: منح تعويض للمتضررين من انهيار سعر النقد الوطني
على جدول أعمال الجلسة، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب إيهاب مطر، يرمي إلى منح تعويض للمتضررين من انهيار سعر النقد الوطني. ويرمي الاقتراح إلى منح "الفريق حسن النية"، تعويضا عادلا عن الضرر على أساس معدّل انهيار العملة ما بين تاريخ قيام الموجب وتاريخ استحقاقه في حال الإيفاء.
وعليه يتبيّن أنّ الاقتراح جاء خاليا من أيّ آليات تنفيذية ويعتريه الغموض في أحكامه فضلا عن عدم واقعيته، ما يستوجب ردّه.
البند 80: يراجع البند 13
البند 81: إعفاء بعض رخص البناء من الرسوم وفقاً لتصاميم نموذجية
على جدول أعمال الهيئة العامة، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من "كتلة الاعتدال الوطني" يرمي إلى التمديد لمدة خمس سنوات وإضافة بنود على القانون 294/2022 الذي يجيز إعفاء بعض رسوم البناء من الرسوم وفقًا لتصاميم نموذجية. وكان قد صدر هذا القانون آنذاك رغم معارضة جهات وازنة عدة منها نقابة المهندسين في بيروت، وتأتي نسخة اقتراح القانون الحالي وبصيغة المعجّل المكرّر تحت حجّة "العدوان الإسرائيلي الواسع على المناطق اللبنانية" وتسبّبه في "تدمير أعداد كبيرة جدًا من المباني والوحدات السكنية"، بحسب أسبابه الموجبة.
القانون المقترح لا يمكن وصفه إلّا أنّه حلّ مجتزأ ومعالجة خجولة وغير كافية لمواكبة الظروف الطارئة وتأثيراتها على المجتمع ككلّ. ولذلك، أفردنا له وبالتعاون مع استوديو أشغال عامّة تعليقًا مفصّلا يستعرض أبرز الملاحظات عليه. إذ أنّ الاقتراح "يُشرعن" البناء، ويسرّعه، ويزيده في المناطق غير المنظّمة على اختلافاتها، ما قد يؤدّي حتمًا إلى تحريك ونموّ القطاعات المرتبطة بالبناء من جهة، وأبرزها المقالع والكسّارات المرخّصة وغير المرخّصة، ومن جهة أخرى تدمير الطابع المميّز للمناطق عبر السماح بتمدّد البناء، وبشكل عام تسريع تدهور سبل العيش والمعالم البيئية الطبيعية، في وقت تحتاج فيه هذه المناطق أوّلّا إلى التنظيم عبر إصدار مراسيم وتصاميم توجيهية وتفصيلية تحافظ على مقوّمات المناطق الطبيعية والاجتماعية – الاقتصادية، وتحقّق التنمية فيها عبر العودة إلى الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية وبالتالي الحدّ من النزوح من المناطق الريفية.
للاطّلاع على التعليق المفصّل على هذا الاقتراح:
حلول لمواكبة ظروف الحرب: ترقيع يحجب ضرورة إصلاح قوانين الملكية والبناء
البند 82: اقتراح قانون للانضمام إلى المحكمة الدولية الجنائية
يرمي الاقتراح المقدّم من النواب بولا يعقوبيان وابراهيم منيمنه ونجاة عون وياسين ياسين، إلى الموافقة على انضمام لبنان إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1)، وعلى الموافقة على إعلان قبول اختصاص المحكمة فيما يتعلّق بجميع الجرائم الإسرائيلية المرتكبة على الأراضي اللبنانية والداخلة في ولايتها القضائية منذ تاريخ نفاذ النظام المذكور في 1 تموز 2002 (2) وتقديم إعلان إلى مسجل المحكمة في هذا الشأن.
وقد سجّل المرصد البرلماني ملاحظاته التفصيليّة حول هذا الاقتراح، نورد أبرزها أدناه:
- أولا، في صحة التشريع بناء على مبادرة برلمانية في الشؤون الدولية: من المعلوم أن الانضمام إلى اتفاقية دولية يدخل وفق المادة 52 ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية التي تتولى عموما تقديم مشاريع قوانين للإجازة لها بالانضمام إليها، وهذا ما أكّده الأستاذ الجامعي وسام اللحام في مقالِ خصّصه لهذه الغاية تبعا لتقديم الاقتراح. وقد خلص اللحّام إلى عدم جواز إيكال التفاوض مع الخارج إلى هيئة جماعيّة كمجلس النواب، وأنّ هذه الممارسة تجاوز لصلاحيّات السلطة التنفيذية، ما يشكل مخالفة دستورية جسيمة. وما ينطبق على الانضمام إلى الاتفاقية ينطبق من باب أولى على إعلان قبول اختصاص المحكمة بصورة رجعية.
- ثانيا، فوائد الانضمام إلى اتفاقية روما: لئن يؤدي الانضمام إلى نظام المحكمة إلى جعلها مختصّة للنظر في جرائم المستقبل، فإن الاقتراح أضاف إلى الانضمام الموافقة على إعلان قبول اختصاصها بالنسبة إلى الجرائم الإسرائيلية المرتكبة منذ دخول نظامها حيز التنفيذ في 2002. ومن المعلوم أن الإعلان في حال تقديمه، فإنه لا يقتصر على الجرائم التي تريد الدولة ملاحقتها إنما يشمل جميع الجرائم المتّصلة بها والمُرتكبة خلال المدة المذكورة. ومن المهمّ هنا التّأكيد على أنّ الفائدة من الانضمام إلى هذه الاتّفاقيّة لا تقتصر على تحصين لبنان من الناحية القانونيّة في مواجهة الاعتداءات الخارجيّة من خلال جعل المحكمة الدولية مختصّة للنظر في أيّ تجاوزات للقانون الدولي، إنما أيضا تتّسع لتحصّنه داخليا. إذ أنّ من شأن الانخراط في نظام روما أن يشكّل على الصعيد اللبنانيّ التسليم الأول بالمعايير المعتمدة دوليا في تصنيف الجرائم وفق خطورتها، وفي مقدمتها جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
- ثالثا، ومن دون التقليل من فوائد الانضمام إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة، يبقى أنّ ثمة محاذير عدّة ناجمة عن أمرين اثنين: الأول، ثبوت تعرض المحكمة لضغوط وتهديدات سرية وعلنية من دون أي إجراءات لحماية استقلاليّتها واستقلالية أعضائها؛ والثاني تردّد دول أوروبية وازنة في الالتزام بتنفيذ مذكرات نتانياهو وغالانت.
بالخلاصة، نؤيد مبدأ الانضمام إلى اتفاقية روما.
للإطلاع على تعليقات المرصد البرلماني المفصّلة حول هذا الاقتراح
ظاهرة المبادرة البرلمانية في مجال المعاهدات الدوليّة: كي لا تتحول مخالفة دستورية إلى ممارسة مقبولة
اقتراح قانون للانضمام إلى المحكمة الدولية الجنائية: فوائد ومحاذير وعوائق
البند 83: يراجع البند 30.